تدافع إسرائيل عن نفسها أمام محكمة العدل الدولية ضد الاتهامات بأنها ترتكب إبادة جماعية في غزة.
ورفعت جنوب أفريقيا الدعوى قائلة إن إسرائيل تنتهك اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية من خلال قتل الفلسطينيين في غزة، وإلحاق الأذى الجسدي والعقلي الخطير بهم، وإخضاعهم لظروف معيشية تهدف إلى تدميرهم جسدياً، مع المطالبة بالوقف العاجل للحملة العسكرية التي تشنها إسرائيل.
وستعقد محكمة العدل الدولية في لاهاي، المعروفة أيضاً باسم المحكمة العالمية، جلسات استماع في قضية رفعت في نهاية شهر ديسمبر وتتهم إسرائيل بعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية المتعلقة بالإبادة الجماعية لعام 1948.
وجنوب أفريقيا وإسرائيل طرفان في اتفاقية الإبادة الجماعية، التي تلزمهما بعدم ارتكاب جرائم الإبادة، وكذلك منعها والمعاقبة عليها.
تعرّف المعاهدة الإبادة الجماعية بأنها الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لمجموعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية. وقد اعتمدت الأمم المتحدة مصطلح الإبادة الجماعية بعد وقت قصير من إنشائها في عام 1945، مع اعتماد اتفاقية محددة بشأنها في عام 1948. وتشمل الأمثلة:
- قتل أعضاء مجموعة.
- التسبب في ضرر جسدي أو عقلي خطير لأعضاء مجموعة.
- إخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية تهدف إلى تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.
- فرض إجراءات تهدف إلى منع الولادات داخل الجماعة.
- نقل أطفال المجموعة قسراً إلى مجموعة أخرى.
وقد تم إنشاؤها في أعقاب الهولوكوست، التي قتل فيها النازيون ما يقرب من ستة ملايين يهودي بين عامي 1941 و1945، كجزء من التزام المجتمع الدولي بعدم تكرار ذلك أبداً. ومنذ إنشائها، لم تكن هناك سوى ثلاث حالات مؤكدة للإبادة الجماعية بموجب تعريف الأمم المتحدة: قتل الخمير الحمر للأقليات الكمبودية في السبعينات؛ ومذبحة سربرنيتسا للمسلمين في البوسنة عام 1995؛ ومقتل التوتسي في رواندا عام 1994.
تحدد وثيقة المحكمة المكونة من 84 صفحة قضية جنوب أفريقيا، والتي تنص على أن أفعال إسرائيل... في أعقاب هجمات 7 أكتوبر 2023... هي إبادة جماعية بطبيعتها. وتشرح أن السبب في ذلك هو أنها «تهدف إلى تدمير جزء كبير من المجموعة الوطنية والعنصرية والإثنية الفلسطينية، التي هي جزء من المجموعة الفلسطينية في قطاع غزة.
وتقول جنوب أفريقيا إن إسرائيل تفشل في منع الإبادة الجماعية وترتكب إبادة جماعية في حربها مع حماس. وفي وثائق المحكمة، المرفوعة في 29 ديسمبر، يتم الاعتراف أيضاً بالاستهداف المباشر للمدنيين الإسرائيليين وغيرهم من المواطنين واحتجاز الرهائن من قبل حماس في 7 أكتوبر وبعده، وهو ما قد يشكل انتهاكاً للقانون الدولي. وبما أن جنوب أفريقيا وإسرائيل من الدول الموقعة على اتفاقية عام 1948، فإنها ترى أن المحكمة تتمتع بالسلطة القضائية لوقف الهجوم العسكري الإسرائيلي الذي يقتل الفلسطينيين في غزة. كما أن القضية تقارن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بفترة الفصل العنصري الخاصة بها. وتتمتع جنوب أفريقيا بعلاقة صداقة طويلة الأمد مع الشعب الفلسطيني.
بعد إطلاق سراح نيلسون مانديلا من السجن وأصبح رئيساً لجنوب أفريقيا، قال: نعلم جيداً أن حريتنا غير مكتملة من دون حرية الفلسطينيين، وارتدى لاحقاً الكوفية التقليدية في حدث بالجزائر عام 1990. وأدان رئيس جنوب أفريقيا الحالي سيريل رامافوزا الهجوم الإسرائيلي على غزة منذ البداية.
تاريخياً، رفضت إسرائيل التعامل مع المحاكم الدولية، لكنها سترسل فريقاً قانونياً للدفاع عن نفسها في لاهاي هذه المرة. ووصفت جنوب أفريقيا بأنها منافقة والدعوى القضائية بأنها تشهير دموي وهو مصطلح يستخدم للادعاءات الكاذبة المعادية للسامية ضد الشعب اليهودي، ويعود أصوله إلى العصور الوسطى.
تتمتع محكمة العدل الدولية بسلطة إصدار تدابير مؤقتة -أوامر محكمة ملزمة قانوناً- والتي تستمر طوال مدة القضية. وتريد جنوب أفريقيا أن تستخدمها لتعليق فوري للعمليات العسكرية في غزة وضدها. وعلى الرغم من أنها ملزمة قانوناً، فإنه لا يتم الالتزام بها دائماً. فعلى سبيل المثال، أدت قضية مشتركة ضد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022 إلى اتخاذ تدابير مؤقتة لموسكو لسحب قواتها، لكن الكرملين تجاهلها. ومن المرجح أن تستمر هذه القضية، مثل غيرها من القضايا التي سبقتها، لسنوات، حيث إن إثبات النية لارتكاب أعمال إبادة جماعية هو عملية صعبة وطويلة.
وشنت القوات الإسرائيلية هجومها بعد أن نفذ مقاتلون من قطاع غزة الذي تديره حماس عملية عبر الحدود في السابع من أكتوبر، والتي قالت إسرائيل إنها أسفرت عن مقتل 1200 شخص وخطف 240 آخرين. ومنذ ذلك الحين، تسبب الرد الإسرائيلي في تدمير جزء كبير من غزة، ونزوح جميع سكان القطاع تقريباً البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة ولو لمرة واحدة على الأقل، مما نجم عنه كارثة إنسانية.