أعلنت وكالة الفضاء اليابانية عن نجاح مسبارها "سليم" في الهبوط على سطح القمر "بدقة غير مسبوقة"، مشيرة إلى أن مركبة قناص القمر تواجه مشكلة في ألواحها الشمسية. وتهدف المهمة التي تسعى طوكيو من خلالها لإبراز حضورها في الفضاء، إلى إجراء أبحاث حول نشأة القمر والأرض، وكذا الموارد المائية للجرم السماوي الصخري، وهي مسألة حيوية لبناء قواعد مأهولة على سطحه مستقبلا.
وكانت وحدة "سليم" اسم مكوّن من الأحرف الأولى لعبارة بالإنكليزية تعني "مركبة الهبوط الذكية لاستكشاف القمر"، تدور حول الجرم السماوي الصخري منذ نهاية ديسمبر. وقد بدأت هبوطها قبل حوالي عشرين دقيقة من الموعد المتوقع بسرعة تناهز 1700 متر في الثانية.
وأكدت وكالة جاكسا أن المسبار الفضائي سليم هبط وتم إجراء اتصال معه منذ ذلك الحين. ولفتت إلى أن ألواح المسبار الشمسية لا تنتج الطاقة حاليا، لكن هيتوشي كونيناكا أحد مسؤوليها قال في مؤتمر صحافي إنه من الممكن أن تعمل مجددا عندما تتغير زاوية الشمس.
وأضاف كونيناكا: تعمل المركبة سليم باستخدام البطاريات الموجودة على متنها. ويتم تخزين البيانات التي تم الحصول عليها أثناء عملية الهبوط ونعمل على تحقيق أقصى قدر من النتائج العلمية من خلال نقل هذه البيانات إلى الأرض أولا. وأن المركبة تنقل بنجاح بيانات القياس عن بعد إلى الأرض. وهذا يعني أن المعدات الموجودة على متنها في حالة جيدة بشكل عام.
ولم يكن يتعين على هذه المركبة الفضائية الصغيرة غير المأهولة طولها 2,4 متر وعرضها 1,7 متر وارتفاعها 2,7 متر أن تهبط فحسب، بل يجب أيضا أن تهبط ضمن دائرة نصف قطرها 100 متر من هدفها، وهو نصف قطر ينطوي على درجة عالية من الدقة. ومن هنا لقبها "قناص القمر". وغالبا ما تهبط المركبات القمرية على بعد كيلومترات عدة من هدفها، ما قد يعقّد مهامها الاستكشافية. وينطوي الهبوط على سطح القمر على صعوبة أكبر من الهبوط على الكويكبات الذي سبق أن حققته وكالات دول عدة، من بينها "جاكسا"، نظراً إلى ان الجاذبية أقوى على القمر مما هي على الأجرام السماوية الصغيرة.
في هذا الشأن، أوضحت مديرة مركز أستروكامبوس (Astrocampus) في جامعة يورك إميلي برونسدن بأن الهبوط على سطح القمر بدقة يشكل تحديا كبيرا لـ "سليم". إلا أن تحقيق هذا الإنجاز "بالغ الصعوبة من الناحية التكنولوجية، منبّهة إلى أن "أدنى خطأ يمكن أن يؤدي إلى فشل المهمة إذ عادة ما تتوافر فرصة واحدة فحسب". وكان على مركبة "سليم" أن تهبط في حفرة صغيرة يقل قطرها عن 300 متر تسمى شيولي، حيث يمكنها إجراء تحليلات للصخور التي يُعتقد أنها تأتي من الوشاح القمري، وهو البنية الداخلية للقمر. ولا تتوافر بعد معطيات كثيرة عن هذا الوشاح القمري.
ولا يزال الوصول إلى القمر تحديا تكنولوجيا كبيرا حتى بالنسبة للقوى الفضائية الكبرى، إذ فُقِد الخميس أثرُ مركبة هبوط قمرية تابعة لشركة أمريكية كانت قد أخفقت في مهمتها بعد تعرضها لتسرب وقود، ويُحتمل أن تكون تفككت لدى دخولها الغلاف الجوي للأرض، على ما أعلنت شركة "أستروبوتيك" الناشئة التي صممتها. وما لبثت وكالة ناسا أن أعلنت بعد ساعات أنها أخّرت نحو سنة المهمتين المقبلتين من برنامجها الكبير للعودة إلى القمر "أرتيميس". فمهمة "أرتيميس 2" التي تحمل أربعة رواد فضاء يدورون بمركبتهم حول القمر من دون الهبوط على سطحه، أُرجئت من نهاية 2024 إلى سبتمبر 2025.
أما بالنسبة إلى "أرتيميس 3" التي يُفترض أن تكون أول مهمة تهبط برواد فضاء على سطح القمر منذ انتهاء برنامج "أبولو" عام 1972، فقد أرجئت من نهاية 2025 إلى سبتمبر 2026.