تعد كازاخستان من بين الدول القليلة ذات الأغلبية المسلمة التي فرضت حظرا على ارتداء طالبات المدارس الحجاب.
وفرض حظر الحجاب في عام 2016، لكنه لا يزال موضع جدل حتى الآن، إذ يحاول بعض الآباء المتدينين الدفاع عن حق أطفالهم الدستوري في التعليم. ويعكس هذا الجدل مسألة البحث عن الهوية في كازاخستان: فرغم أن قيادات البلاد تظهر التزامها بالإسلام، فإنها لا تزال غير راغبة في تخفيف الضوابط المفروضة على الدين، التي تعود إلى حقبة الاتحاد السوفيتي.
يقطن كازاخستان أغلبية سكانية مسلمة. إذ إن 69% منهم يعدون أنفسهم مسلمين، بحسب تعداد عام 2022، على الرغم من أن دراسات أخرى تفيد بأن أقل من ثلث الكازاخ المتدينين يعتبرون أنفسهم ملتزمين بشدة. ويعرب الرئيس قاسم جومارت توقايف صراحة عن التزامه بالإسلام: إذ إنه أدى فريضة الحج في مكة في عام 2022، واستضاف بعض المسؤولين والشخصيات العامة على الإفطار في رمضان في مقر إقامته في الربيع الماضي. لكن كازاخستان من الناحية الدستورية تعد دولة علمانية.
وفي عام 2016، أصدرت وزارة التعليم توجيها ينص على ألا يسمح بإدراج عناصر الزي الديني من أي طائفة في الزي المدرسي. وبالنسبة للآباء والمدافعين عن حقوق الإنسان، فمن غير المقبول أن يعطي مسؤولو المدارس الأولوية للتوجيهات الوزارية فوق الدستور الكازاخستاني، الذي يضمن للمواطنين الحق في التعليم المجاني في المؤسسات العامة.
مثل هذه الحالات، التي يُعاقب فيها الآباء على ارتداء بناتهم للحجاب، ترجع إلى سنوات مضت وتغطي البلاد بأكملها. ففي عام 2018، غرم بعض الآباء في منطقة أكتوبي بسبب عدم الالتزام بمتطلبات الزي المدرسي، وشكلت في منطقة أكمولا لجنة في إدارة المنطقة لمعالجة قضية مماثلة في نفس العام.
وصرح الرئيس توكاييف في أكتوبر علينا أن نتذكر دائما أن المدرسة هي في المقام الأول مؤسسة تعليمية يأتي إليها الأطفال لاكتساب المعرفة. أعتقد أنه من الأفضل للأطفال أن يتخذوا خياراتهم بمجرد أن يكبروا ويصبح لديهم رؤيتهم الخاصة للعالم.
فرضت عدة دول قيودا على ارتداء أنواع معينة من ملابس النساء المسلمات في الأماكن العامة. وعادة ما ينطبق ذلك على النقاب الذي يغطي الوجه، ولا تشمل الحجاب الذي يغطي الرأس. ومن النادر أن تفرض الدول ذات الأغلبية المسلمة مثل هذا الحظر، ومن هذه الدول جيران كازاخستان، دولتا الاتحاد السوفيتي السابق، أوزبكستان وطاجيكستان. واستمرت ممارسة سيطرة الدولة على الدين في كازاخستان منذ حقبة الاتحاد السوفيتي. وكانت جمهوريات آسيا الوسطى الخمس، في ذلك الوقت، تخضع لإشراف الإدارة الروحية لمسلمي آسيا الوسطى (سادوم)، التي تأسست في عام 1943، وأنشئت خصيصا لقمع الحركات الدينية. وبعد الاستقلال، توقفت السلطات الكازاخستانية عن اضطهاد المتدينين. وازدهرت الجمعيات الدينية، وبدأ بناء المساجد، فبعد أن كان عددها بضع عشرات في العهد السوفيتي، أصبحت الآن تقارب 3000 مسجد. لكن تلك الإدارة الروحية (سادوم) اختفت وحلت محلها الإدارة الروحية لمسلمي كازاخستان- وهي هيئة تدعمها الدولة ومهمتها الترويج لنسخة تقليدية من الإسلام تتماشى مع الثقافة الكازاخستانية ومبادئ الدولة العلمانية. وتعد السيطرة على الدين، بالنسبة إلى الحكومة الكازاخستانية، مسألة تتعلق بالأمن القومي. ومنذ عام 2005، وتحت تأثير الحركات الإسلامية في شمال القوقاز ومنطقة أفغانستان وباكستان، وكذلك سوريا والعراق، تزايدت حوادث العنف من قبل المتطرفين الدينيين في البلاد. وفي عام 2011، شهدت كازاخستان أول تفجير انتحاري يحدث فيها، وفي عام 2016، قُتل 25 شخصا في هجمات مسلحة على متاجر أسلحة وقاعدة عسكرية. وأعلن الرئيس نور سلطان نزاربايف أن المهاجمين من أتباع المذهب السلفي الأصولي. وفي السنوات التالية، نفذت الحكومة قيودا مختلفة في المجال الديني، بما في ذلك الالتزام القانوني بتسجيل الطوائف الدينية لدى الدولة وحظر إقامة الخدمات الدينية في المنازل الخاصة.
وبينما تبرر الحكومة مثل هذه التدابير بحماية البلاد من الأفكار الدينية المتطرفة، فإن نشطاء حقوق الإنسان يقولون إن القوانين تحد من حقوق المتدينين- وتسمح للدولة بالسيطرة الصارمة على الجمعيات الدينية. وفي أكتوبر الماضي، أعلنت الحكومة أنها تعتزم إصدار قانون لمكافحة الترويج للإرهاب والتطرف الديني. وسيحظر القانون، بحسب ما قالته عايدة بالاييفا، وزيرة الثقافة والإعلام، ارتداء النقاب وأغطية الوجه الأخرى في الأماكن العامة، من أجل ضمان إمكانية التعرف على الأفراد. لكنها قالت إنه لا توجد نية لحظر الحجاب. وفي أجزاء أخرى من البلاد، توجد مدارس خاصة للفتيات، لكن تكلفتها تصل إلى 700 ألف تنجي سنويا، أي أكثر من 1500 دولار. ويوجد في كازاخستان أيضا تسع مدارس- مراكز تعليمية إسلامية - ولكن لا تقبل جميعها الإناث.