لا يزال محمد سلام، وهو اسم مستعار لصحافي يمني، يعاني من نوبات اكتئاب حادة تدفعه إلى التفكير بالانتحار، رغم حرصه على اتباع تعليمات الأطباء وتناول الأدوية في أوقاتها، ومراقبة عائلته لحالته باستمرار، وإبلاغ الطبيب الأقرب لها بأي تطورات.
وعانى سلام من اضطرابات نفسية عديدة، وصلت به إلى حد الهلاوس السمعية والشكوك بمن حوله، وذلك بعد تعرضه للاختطاف والتعذيب لدى الجماعة الحوثية أثناء محاولته تغطية الحرب لصحيفة دولية في محافظة البيضاء منذ أعوام عدة، وكان قد اختار هذه المحافظة لاعتقاده أنه سيكون فيها بعيداً عن أنظار الجماعة.
وذكرت منظمة العمل ضد الجوع (AAH)، في تقرير حديث لها، أن ما أكثر من 8 ملايين يمني، يواجهون اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة والفصام.
وبحسب الدراسات الاستقصائية التي أجرتها المنظمة والبيانات التي جمعتها، فإن استمرار الصراع والنزوح القسري وتدهور الوضع الاقتصادي والفقر ونقص الغذاء يؤدي إلى تفاقم الاضطرابات النفسية، التي تؤثر على جميع المجتمعات والفئات الاجتماعية في البلاد.
أشارت المنظمة إلى أن ضعف الرعاية الصحية في البلاد يعد أحد عوامل مضاعفة هذه الاضطرابات، خصوصاً في جانب الرعاية النفسية، فإلى جانب حجم أزمة الصحة العامة؛ لا يوجد برنامج وطني للصحة النفسية في اليمن، و10 في المائة من مرافق الرعاية الصحية الأولية في البلاد فقط تمتلك كوادر مؤهلة لتحديد الاضطرابات النفسية أو علاجها.
وطبقاً للتقرير، فإن خوف العائلات على سمعتها من وصم أفرادها المصابين باضطرابات نفسية بالجنون، يتسبب في إعاقة وتأخير علاجهم في الوقت المناسب قبل تفاقم حالاتهم، إضافة إلى عدم الاهتمام بالصحة النفسية أو الثقة بالمهن ذات الصلة بقضايا الصحة العقلية، وهو ما يقلل من رغبة الطلاب في دراسة الطب النفسي والعقلي.
ودعت المنظمة إلى العمل من أجل أن يتمتع اليمنيون بحق الصحة النفسية بوصفها حقاً إنسانياً عالمياً، خصوصاً مع زيادة عدد الأشخاص المحتاجين ومحدودية الخدمات المقدمة في هذا الجانب.