تسعى الحكومة في كازاخستان إلى إقرار قانون جديد لمعاقبة الذين يعتدون على زوجاتهم أو يمارسون العنف المنزلي ضدهن، وذلك على خلفية مقتل امرأة شابة تدعى سلطنة نوكينوفا في نوفمبر بعد أن تعرضت إلى ضرب مبرح من قبل زوجها.
صور صادمة التقطتها كاميرات المراقبة الأمنية، تظهر فيها السيدة سلطنة نوكينوفا أثناء تعرضها لضرب مبرح من قبل زوجها، وهو يمسكها من الشعر ويجرها على الأرض. وتوفيت هذه المرأة البالغة 31 عاما بعد ساعات قليلة فقط من إصابتها في الرأس، ما أثار سخطا كبيرا في كازاخستان. وزوجها، كوانديك بيشيمبايف، رجل أعمال ووزير اقتصاد سابق، تم توقيفه بتهمة القتل والتعذيب إضافة إلى ارتكاب جرائم خطيرة ومتكررة.
تسبب حادث مقتل سلطنة نوكينوفا بهزة اجتماعية في هذا البلد المسلم، ما جعل الرئيس قاسم جومارت توقايف يوقع على قانون جديد ينص على تعزيز حماية النساء ضد العنف، مؤكدا أن القانون يجب أن يطبق على الجميع. وفي 2017، كان البرلمان قد ألغى من القانون الجنائي جميع المواد المتعلقة بإلحاق الضرر بشكل متعمد بالنساء وبالضرب المبرح وقام بتحويلها إلى القانون الإداري، فأصبح مقتل النساء لا يعاقب عليه سوى بدفع غرامة مالية أو بالسجن لمدة قصيرة.
تحصى السلطات الكازاخستانية أكثر من 80 حادث قتل للنساء في كل عام، فيما تشير أرقام الأمم المتحدة إلى وقوع أكثر من 400 حالة قتل سنويا. ومن المتوقع أن تدخل بعض الأحكام الجديدة المتعلقة بحماية النساء من القتل من قبل أزواجهن حيز التنفيذ قريبا. بعضها ربما في يونيو وأخرى في مطلع العام 2025. وتجرم القوانين الجديدة قتل النساء والتعدي بشكل متعمد عليهن. كما تنص أيضا على عقوبات أشد وتلغي إمكانية التصالح بين الطرفين.
من جهة أخرى، يتوجب على الشرطة من الآن فصاعدا أن تتدخل في أي عمل عنف يستهدف النساء في المنازل، بما في ذلك الحالات التي يتحدث عنها الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. أكثر من هذا، فحتى إن لم ترفع الضحية شكوى أمام القضاء، فالشرطة مطالبة بالتدخل. ووفقا لتقرير نشرته جريدة آسيا تايمز، أقل من ثلث النساء اللواتي تعرضن للعنف الزوجي طلبن مساعدة الشرطة. وعلى الرغم من بعض التقدم الذي تم إحرازه، إلا أن بعض الجمعيات الحقوقية مثل منظمة هيومن رايتس ووتش أعلنت عن أسفها لعدم اعتبار القانون الجديد قتل النساء على أنه جريمة قائمة بحد ذاتها.
وقالت المنظمة في 23 أبريل في بيان: القانون الجديد يعكس التقدم الواضح في مجال معاقبة العنف الزوجي لكنه في نفس الوقت ناقص كونه لا يصف بوضوح بأن العنف الزوجي والمنزلي هي جريمة وفق القانون الجنائي"، مضيفا أن "القانون الدولي لحقوق الإنسان يفرض علينا الاعتراف بأن قتل النساء جريمة خطيرة ترتكب ضد الناس والمجتمع على حد سواء.
وتشير الاحصائيات أن 60,2% من نساء كازاخستان التي تتراوح أعمارهن ما بين 15 إلى 49 عاما تعرضن إلى العنف الزوجي مرة واحدة على الأقل في حياتهن. كما تخشى النساء إبعادهن من عائلتهن والبقاء دون الأموال الضرورية للعيش. فهن يعانين من التبعية المالية والاقتصادية المفروضة من أزواجهن، ما يجعلهن لا ينددن بالعنف الممارس ضدهن ويفضلن الصمت بدلا من رفع دعاوىً قضائية. إضافة إلى كل هذه الصعوبات، فكازاخستان تدافع عن القيم العائلية التقليدية ولا تنظر كثيرا إلى العنف المنزلي المرتكب من قبل الأزواج. فغالبا ما تتسامح مع الرجال الذين يمارسون العنف. فعلى سبيل المثال، انتقد مذيعو برنامج بثته القناة الوطنية أخبار تي في امرأة هربت من منزلها بسبب العنف الزوجي الذي استمر 20 عاما، وجعلوها تشعر بالذنب بحجة أنها لم تهتم بزوجها جيدا ودفعته لإدمان الكحول، وأنها لم تتكفل بالمهمات المنزلية. في نهاية المطاف، قررت السلطات وقف البرنامج نهائيا.
ويشير تقرير للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة أن أكثر من 93% من سكان كازاخستان، سواء كانوا رجالا أم نساء، يملكون أفكارا مسبقة وتمييزية إزاء النساء. في 2023، حصلت الشرطة على 99 ألف شكوى لها علاقة بالعنف المنزلي فيما حكم القضاء على 67200 شخص بعقوبات إدارية وفق وزارة الداخلية.