على الرغم من التعهدات السابقة من قبل رؤساء الدول الإفريقية بالقضاء على الجوع، إلا أن معدلات الجوع بالقارة ما زالت في ارتفاع مقلق، وتؤشر لتشكل أزمة تحتم توحيد الجهود لمواجهتها والتقليل من تداعياتها المعقدة عبر ترحك عاجل وتنسيق مشترك، بالإضافة إلى تعاون بين المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية للتصدي لهذه المخاطر بسرعة ونجاعة.
وتعيش القارة الإفريقية مفارقة غريبة لم يجد المحللون لها تفسيرات موضوعية، وتبريرات مقنعة، حيث تتمتع بلدات المنطقة بموارد طبيعية ومائية كبيرة، وطاقات عاملة شابة بأعداد كافية، إلا أن منتجاتها الزراعية والغذائية لا تكفي لإطعام جميع سكانها المقدر عددهم بنحو مليار ونصف الميار نسمة.
وأشار تقرير مشترك صادر عن منظمة الأغذية والزراعة العالمية الفاو وبرنامج الأغذية العالمي التابعين للأمم المتحدة، إلى أن ما يقرب من 55 مليون شخص في غرب ووسط إفريقيا سيكافحون من أجل إطعام أنفسهم في الفترة من يونيو إلى أغسطس المقبلين، مؤكدا أن هذا العدد يشكل زيادة قدرها أربعة ملايين شخصا عن أولئك الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي مقارنة بتوقعات نوفمبر 2023.
وأشار إلى وجود تحديات اقتصادية مثل انخفاض قيمة العملة، وارتفاع معدلات التضخم، وركود الإنتاج، والحواجز التجارية، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الغذائية، منوها إلى تواصل ارتفاع أسعار الحبوب الأساسية الرئيسية في جميع أنحاء المنطقة من 10% إلى أكثر من 100%، مقارنة بمتوسط الخمس سنوات مدفوعة بتضخم العملة، وتكاليف الوقود، والنقل، والعقوبات التي فرضتها الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، والقيود المفروضة على تدفقات المنتجات الزراعية الرعوية. كما حذر التقرير الأممي من أن معدلات سوء التغذية في غرب ووسط إفريقيا ترتفع بشكل مثير للقلق، حيث يعانى 16.7 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، فضلا على أن أكثر من أسرتين عن كل ثلاث أصبحت غير قادرة على تحمل تكاليف وجباتها الغذائية الصحية، بالإضافة إلى أن 8 من كل 10 أطفال تتراوح أعمارهم بين 6 و23 شهرا لا يستهلكون الحد الأدنى من الأطعمة اللازمة للنمو والتطور الأمثل.
وينبه العديد من المراقبين والمختصين في تأمين الاحتياجات الغذائية من أن التحديات في القارة الإفريقية ستبقى ماثلة إلى أن توضع أسس مستدامة لمعالجة معمقة وجذرية لأزمة الغذاء، منوهين إلى أن الحلول الناجعة تكمن في إقامة مشروعات علمية إنتاجية تستقطب رؤوس الأموال والتجارة والصناعة والتكنولوجيا المتطورة في مختلف مجالات الإنتاج الزراعي والصناعي.