دعت السلطات الصحية في دول أوروبية إلى اليقظة والتلقيح بعد انتشار حالات لمرض السعال الديكي الناجم عن بكتيريا تتسبب بالتهابات قد تكون حادة في الجهاز التنفسي. ويرى علماء أن هذه الزيادة في الإصابات ناتجة، كما بالنسبة إلى جراثيم أخرى، عن التوقف عن اتخاذ إجراءات الوقاية من جائحة كوفيد-19. وسجلت أكثر من 32 ألف حالة إصابة بالسعال الديكي في 30 دولة أوروبية في الأشهر الثلاث الأولى من سنة 2024، ويفوق هذا الرقم بكثير ما كان عليه عام 2023 بأكمله (أكثر من 25 ألف حالة).
يحدث السعال الديكي أو الشاهوق بسبب نوع من البكتيريا تسمى اﻟﺒوردﻴﺘﻴﻟﺔ اﻟﺸﺎﻫوﻗﻴﺔ، تسبب التهابا تنفسيا شديد العدوى ويدوم طويلا. وتعد نوبات السعال المتكررة والمطولة العارض الرئيسي للمرض. وتنتقل العدوى من طريق الهواء بسهولة شديدة، ويسري المرض من شخص لآخر بواسطة استنشاق القطيرات المصابة بعدوى. أي الرذاذ الصادر عن المريض، ويحصل ذلك داخل الأسرة أو في الأماكن التي يجتمع فيها عدد من الأفراد. ويتسبب كل مريض بنقل العدوى إلى ما معدله نحو 15 شخصا آخر. وتستمر فترة الحضانة في المتوسط من 9 إلى 10 أيام، ثم تبدأ الأعراض السريرية للمرض بطور نزلي يتلوه سعال انتيابي، وينتهي بسعال مستديم وشهقة. وقد يشكل السعال الديكي خطرا على الرضع، إذ قد يترافق النوع الحاد منه مع ضيق تنفس وتدهور عضو واحد أو أكثر. ويعد الأشخاص الضعفاء (مرضى الجهاز التنفسي المزمنون، والأشخاص الذين يعانون ضعف المناعة، والنساء الحوامل) عرضة للخطر أكثر من سواهم. وقلما يؤدي السعال الديكي إلى وفيات، لكنها قد تحدث خصوصا في صفوف الرضع غير المطعمين.
يشكل التطعيم أفضل طريقة للحماية. والفئات الأكثر عرضة للخطر هم الرضع ما دون الشهرين الذين لا يمكن بعد تحصينهم بسبب صغر سنهم، والمراهقون والبالغون الذين فقدوا الحماية الناتجة عن اللقاح، غالبا بسبب عدم توافر المعززات، أو بفعل المرض. ومع أن عدد حالات السعال الديكي انخفض بشكل ملحوظ منذ اعتماد اللقاح، فإن التطعيم، كما المرض، لا يوفر حماية مدى الحياة ضد العدوى.
ويشدد المتخصصون على أن تطعيم النساء الحوامل أمر بالغ الأهمية لحماية أطفالهن في المستقبل. وبما أن اللقاح لا يحمي بشكل كامل من انتقال العدوى، فمن الممكن أن يكون الشخص حاملا البكتيريا، من دون ظهور أعراض عليه، وأن ينقل المرض تاليا. ومن هنا ضرورة اليقظة عند الوجود بالقرب من الأطفال الصغار.
بعد تشخيص الإصابة بالسعال الديكي، أحيانا بواسطة فحص تفاعل البوليميراز المتسلسل ("بي سي آر")، تهدف معالجة الشاهوق إلى استئصال جرثومة الشاهوق، وتتألف من إعطاء الصادات باكرا ما أمكن، بحسب منظمة الصحة العالمية، وخصوصا المضادات الحيوية الماكروليدية. ويهدف ذلك إلى الحد بسرعة من احتمالات نقل العدوى، وتمكين المريض من العودة إلى المجتمع بعد بضعة أيام من العلاج.