يواجه أكثر من نصف سكان السودان مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وهو وضع فاقمته الحرب المدمرّة في البلاد، وفق ما أفاد تقرير أوردته الأمم المتحدة.
يشهد السودان حربا منذ أبريل 2023 عندما اندلع القتال بين القوات الموالية لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو. أودت الحرب في شمال شرق الدولة الإفريقية التي تعد 48 مليون نسمة بعشرات الآلاف ودفعت الملايين للنزوح وتسببت بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وأفاد التقرير بأنه بعد 14 شهرا من النزاع، يواجه السودان أسوأ مستويات من انعدام الأمن الغذائي الحاد الذي يسجّله التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي IPC. وأن الأزمة قد تؤثر على حوالى 25,6 مليون شخص، بينهم 755 ألفا في ظروف مجاعة و8,5 ملايين آخرين يواجهون أوضاعا طارئة.
وأشار إلى تدهور صارخ وسريع في وضع الأمن الغذائي" مقارنة بالأرقام السابقة التي نشرت في ديسمبر الماضي مع زيادة بنسبة 45% في عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وأن النزاع لم يتسبب فقط في نزوح جماعي وتعطيل طرق الإمداد بل أدى أيضًا إلى تقييد شديد لإمكان الوصول إلى المساعدات الإنسانية الأساسية، مما أدى إلى تفاقم الوضع المتردي بالفعل. تحدث التقرير أيضا عن اختلال كبير في الخدمات الصحية وتلوث المياه وسوء الصرف الصحي وظروف النظافة.
يأتي تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي بعد يوم على اتّهام خبراء في الأمم المتحدة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع باستخدام التجويع سلاحا في الحرب. وقال الخبراء، وبينهم المقرر الخاص المعني بالحق في الوصول إلى الغذاء، إن كلا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع يستخدم الغذاء سلاحا لتجويع المدنيين. وأن الحكومات الأجنبية التي تقدّم دعما عسكريا للطرفين في النزاع متواطئة في جرائم الحرب.
وتعد المناطق التي تشمل الفاشر المحاصرة في شمال دارفور وأجزاء من العاصمة الخرطوم ومراكز رئيسية للنازحين في دارفور وجنوب كردفان، الأكثر تأثّرا بالقتال المباشر. تخضع بعضها، بما فيها جزيرة توتي وسط الخرطوم لحصار من قبل الطرفين منذ أكثر من عام.
وحذّرت هيئات إغاثية والأمم المتحدة مرارا من أن الأزمة الإنسانية الحادة يمكن أن تتدهور أكثر بكثير مع اتساع رقعة القتال، ما سيدفع المزيد من السكان إلى النزوح.
وأفادت مديرة منظمة Mercy Corps الإنسانية تجادا دوين ماكينا بأن التقرير يؤكّد ما يعرفه الافرقاء الإنسانيون والمدنيون على الأرض: المجاعة على الأبواب. وأن التاريخ أظهر بأنه بحلول موعد الإعلان الرسمي عن مجاعة، يكون الناس يموتون بالفعل بوتيرة مروّعة.
لطالما حذّر العاملون في مجال الإغاثة من أن صعوبة الوصول إلى البيانات منعت الإعلان عن مجاعة شاملة، لكن الجوع يحصد الأرواح بالفعل في أنحاء البلاد. حتى في بورت سودان، العاصمة الجديدة بحكم الأمر الواقع الخاضعة لسيطرة الجيش، تكتظ مراكز النزوح برضّع أذرعهم بنحف العصي تظهر عليهم مستويات عالية بشكل خطير من سوء التغذية، وفق ما أفاد برنامج الأغذية العالمي.
وبحسب مدير برنامج الأغذية العالمي في السودان إيدي رو، ما زال من الممكن تجنّب مجاعة مباشرة إذا حصلت الوكالات على ضمان الوصول من دون قيود والتمويل المناسب. وبحلول يونيو، لم تموّل خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية في السودان التي تبلغ قيمتها بالمجموع 2,7 مليار دولار، إلا بنسبة 17,3%.