يحيي حلف شمال الأطلسي الناتو في واشنطن الذكرى 75 لتأسيسه، لكن القمة المقررة التي كان يفترض أن تعكس صورة تحالف عسكري أقوى وأكبر، تعقد في ظل غموض بشأن أوكرانيا، وبلبلة سياسية من جانبي المحيط الأطلسي.
وفي هذه المناسبة سيحوّل الرئيس الأمريكي جو بايدن اهتمامه عن الحملة الانتخابية العسيرة التي يخوضها بعد أدائه الكارثي في مناظرة تلفزيونية مع خصمه الرئيس السابق دونالد ترمب، ليستقبل قادة دول الحلف 32 لثلاثة أيام بداية من الخميس. كما يحضر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القمة بعد زلزال سياسي شهدته بلاده مع صعود اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها.
وتتجه الأنظار أيضاً إلى رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي يتولى حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، بعد الجدل الذي أثاره، بقيامه الجمعة بزيارة إلى موسكو التقى خلالها الرئيس فلاديمير بوتين. وتلقي هذه السلسلة من الأحداث بظلالها على المحادثات بين قادة الحلف الأطلسي خلال جلسات العمل ومأدبة العشاء الرسمية واللقاءات الثنائية على هامش القمة. وقال مسؤول أوروبي الأسبوع الماضي طالباً عدم كشف اسمه: هناك الكثير من الأحاديث والشكوك على خلفية الأوضاع الداخلية لكل بلد، وسيكون هدف القمة تبديد هذه الهواجس.
ويلوّح قادة الحلف إلى احتمال انضمام كييف مستقبلاً، وذلك منذ قمة فيلنيوس العام الماضي التي لم يحصل زيلينسكي خلالها على التزام حازم بهذا الشأن. غير أنهم غير مستعدين لإصدار دعوة فعلية للانضمام ما دام أن أوكرانيا في حرب مع روسيا.
ومن القرارات المرتقبة تولي الحلف الأطلسي تنسيق المساعدة العسكرية الغربية لأوكرانيا، وهي مهمة تتكفل بها الولايات المتحدة حالياً. وستكون هذه سابقة بعدما أبدى الحلفاء حتى الآن تحفظات حول كل ما يمكن أن يفسر على أنه تصعيد مع روسيا. كما يفترض أن يقر الحلف رسمياً دعماً عسكرياً لأوكرانيا بقيمة 40 مليار يورو في السنة وإمدادها بوسائل دفاع جوي جديدة، وفق ما أورد دبلوماسيون.
ويدعو الأمين العام المنتهية ولايته للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرج الذي سيخلفه الهولندي مارك روته في أكتوبر، إلى إضفاء طابع مؤسساتي على دعم الحلف. والهدف أيضاً هو حماية الحلف من المتغيرات السياسية في ضفتي الأطلسي، في وقت يتخوف الحلفاء الأوروبيون من احتمال عودة ترمب إلى البيت الأبيض، وهو المعروف بمواقفه التي لا يمكن التكهن بها. واستجاب الأوروبيون في هذه الأثناء للدعوات إلى زيادة إنفاقهم العسكري، وهو ما سيشدد عليه الحلف الأسبوع الحالي.
والموضوع الآخر الكبير المطروح سيكون اليد الممدودة للدول الشريكة في منطقة آسيا والمحيط الهادي، مع دعوة قادة اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا للمشاركة في القمة الخميس إلى جانب الاتحاد الأوروبي. ويحصر الحلف الأطلسي نطاق عمله جغرافياً بمنطقة أوروبا والمحيط الأطلسي، لكن الولايات المتحدة دعت مراراً الحلف للتصدي لتصاعد النفوذ الصيني.
وترى دول مثل فرنسا ألا دخل للحلف في هذه المنطقة، لكنها تدعوه إلى توسيع تعاونه من خلال الانخراط أكثر في مجالات مثل الإنترنت والفضاء التكنولوجيا. ومن المتوقع أن تصدر القمة إدانة حازمة للدعم الصيني لروسيا، الذي يسمح برأي الدول الغربية لموسكو بالاستمرار في مجهودها الحربي.