احتشد آلاف المتظاهرين المناهضين للعنصرية في أنحاء المملكة المتحدة احتجاجا على الموجة الأخيرة من أعمال العنف التي تجتاح مدنا في إنجلترا وأيرلندا الشمالية. واستهدف مثيرو الشغب مساجد ومرافق إسكان المهاجرين منذ مقتل ثلاثة أطفال في 29 يوليو/تموز. وتتأهب الشرطة البريطانية لمزيد من أعمال الشغب المناهضة للمسلمين.
وتعيش بريطانيا على وقع سلسلة من أعمال الشغب، اندلعت في وقت مبكر من الأسبوع الماضي بعد مقتل 3 فتيات صغيرات في هجوم بسكين في ساوثبورت، شمال غرب إنجلترا. وانتشرت شائعات على وسائل التواصل الاجتماعي أفادت بأن منفذ الهجوم طالب لجوء مسلم. لكن تم التعريف عن المشتبه به لاحقا على أنه أكسيل روداكوبانا المولود في ويلز. وذكر الإعلام البريطاني أن أصوله من رواندا.
وشارك آلاف النشطاء المناهضين للعنصرية في تظاهرات جرت في مدن إنجليزية عدة بما في ذلك لندن وبرمنغهام وبريستول وليفربول ونيوكاسل، تنديدا بتظاهرات نظمها اليمين المتطرف في الأيام الأخيرة .
ووضعت الحكومة ستة آلاف عنصر من الوحدات الخاصة في الشرطة في جهوزية للتعامل مع نحو مئة تظاهرة لنشطاء اليمين المتطرف ولتظاهرات مضادة دعي إليها. وبدأت محاكم إصدار أحكام بالسجن بحق مخالفين مع سعي السلطات إلى منع مزيد من الاضطرابات.
وتعد هذه أسوأ اضطرابات تشهدها بريطانيا منذ أعمال شغب وقعت في لندن في 2011. وقد أوقف نحو 430 شخصا وتم توجيه تهم لـ120 على الأقل، مع تحذير دول عدة رعاياها من خطورة السفر إلى المملكة المتحدة. وتخّلل أعمال الشغب إلقاء متظاهرين حجارة وقنابل حارقة على ضباط الشرطة، وإحراق سيارات .
حذّر رئيس الوزراء كير ستارمر من أن أيّ شخص متورط في الشغب سيواجه "القانون بكل قوته"، بما في ذلك الأشخاص الذين يحرضون على العنف عبر الإنترنت.
وتعهد ستارمر الذي كان مدعيا عاما، بأن تصدر أحكام بحق مثيري الشغب.فيما مثُل عشرات المتهمين من بينهم مراهقون، أمام القضاة، وصدر حكم بسجن رجل ثلاث سنوات بعدما أقر بذنبه في التسبب باضطرابات عنيفة ومهاجمة شرطي في ساوثبورت. كما صدرت أحكام بسجن رجلين آخرين 20 و30 شهرا بسبب مشاركتهما في أعمال العنف في ليفربول السبت.
وقال المدعي العام جوناثان إيجان إن "الرجال الثلاثة الذين صدرت أحكام بحقهم اليوم ليسوا سوى حفنة صغيرة ... وبداية لما ستكون عملية صعبة جدا بالنسبة لكثيرين اختاروا بحماقة التورط في الاضطرابات العنيفة".
وحملت الشرطة شخصيات على صلة بـ"رابطة الدفاع الإنكليزية" المنحلة، وهي منظمة يمينية متشددة مناهضة للإسلام تأسست قبل 15 عاما، مسؤولية الاضطرابات، علما بأن أنصارها متهمون بالتورط في أعمال شغب مرتبطة بكرة القدم.
واتهمت السلطات مؤسس "رابطة الدفاع الإنكليزية" تومي روبنسون بإثارة التوتر. وأعلنت الشرطة في قبرص حيث ذكرت تقارير بأنه يقضي عطلته بأنها على استعداد لمساعدة الشرطة البريطانية إذا لزم الأمر. لكن روبنسون كتب لاحقا على منصة "إكس" من حظي أنني لست في قبرص إذا.
واتهم مشرعون بريطانيون مواقع التواصل الاجتماعي بتأجيج العنف. وأثار الملياردير إيلون ماسك حفيظة الحكومة عبر سلسلة تغريدات استفزازية قال في إحداها إن اندلاع "حرب أهلية (في بريطانيا) أمر لا مفر منه.
وفي واشنطن، أعربت الإدارة الأمريكية عن دعمها للسلطات البريطانية في التصدي لمثيري الشغب. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر خلال مؤتمر صحافي إن الولايات المتحدة تدعم الحق في التظاهر لكن ذلك لا يبرر بأي حال من الأحوال العنف أو أعمال الشغب. وأن السلطات البريطانية لديها كل الحق في استخدام كل الأدوات القانونية المتاحة أمامها لمحاسبة المتورطين في أنشطة العنف.