قدمت تركيا، طلبا رسميا للانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في ديسمبر العام الماضي. وقالت وزارة الخارجية إن الطلب الذي قُدّم إلى المحكمة في لاهاي، أُعد بطريقة مفصلة للغاية استنادا إلى المادة 63 من نظامها الأساسي.
وكان وزير الخارجية هاكان فيدان أعلن في مطلع مايو الماضي أن أنقرة قررت الانضمام إلى دعوى جنوب أفريقيا، ثم أرسلت السفارة التركية في لاهاي مذكرة إلى العدل الدولية في 31 من الشهر نفسه، توضح فيها نية تركيا تقديم هذا الطلب مما مثل الخطوة الرسمية الأولى في عملية الانضمام.
وقال رئيس اللجنة القانونية للبرلمان التركي، جنيد يوكسال، إن الرئيس رجب طيب أردوغان قرر التدخل في القضية وذكر أنه جرى بدء الدراسات اللازمة بناء على هذا القرار. فيما أكد وزير العدل، يلماز تونج، أن الملف الذي قدمته أنقرة إلى العدل الدولية يتضمن كافة الأدلة والبراهين التي تثبت انتهاك إسرائيل لاتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بجريمة الإبادة الجماعية.
تسعى الدول للانضمام إلى القضايا المرفوعة أمام العدل الدولية من خلال المادتين الأساسيتين 62 و63 من نظام المحكمة الأساسي.
المادة 62: تتيح للدول التي تعتقد بوجود مصلحة قانونية محتملة لديها في القضية تقديم طلب للانضمام، شرط أن توافق المحكمة على الطلب. ويتطلب ذلك تقديم أدلة تثبت وجود مصلحة قانونية قد تتأثر بنتائج القضية، وفي حال الموافقة، يُسمح للدولة المنضمّة بالمشاركة في الجلسات، وتقديم مداخلات كتابية وشفوية، وإبداء التعليقات على النقاط القانونية.
المادة 63: تمنح الدول حقا غير مشروط للانضمام، حيث تقوم المحكمة بدراسة بيانات الأطراف الراغبة في الانضمام قبل أن تقرر الموافقة أو الرفض. وفي حال اعتبرت المحكمة أن البيان المقدَّم لاستخدام حق الانضمام متوافِق مع الشروط والمعايير المطلوبة، فإن قرارها في القضية يصبح ملزِما أيضا للدولة المنضمة، مما يضفي على هذا الحق أهمية قانونية ودولية كبيرة.
وأعلنت تركيا عن نيتها الانضمام إلى القضية الحالية بموجب المادة 63، وهو ما يمنحها فرصة لإبداء رأيها حول تفسير اتفاقية الإبادة الجماعية التي تُعد محور النزاع.
وتبرز أهمية تفسيرات أنقرة نظرا لدورها كقوة إقليمية مؤثرة، وقدرتها على التأثير في مداولات قضاة العدل الدولية. وتحتفظ أيضا بحق التقدم بطلب الانضمام بموجب المادة 62 في مراحل لاحقة، مما يمكنها من لعب دور أكثر فاعلية في النقاشات القانونية وتعزيز قدرتها على التأثير في نتائج القضية.
وصرح مصدر مطلع على تفاصيل الطلب -فضل عدم الكشف عن هويته- بأن اللجنة عملت بشكل استباقي على تفنيد جميع الحجج والأعذار التي قد تقدمها إسرائيل أمام المحكمة بشأن هذه القضية. وأوضح أن الحقوقيين الإسرائيليين قد يحاولون الادعاء بأن المجازر التي وقعت في قطاع غزة خلال الأشهر العشرة الماضية كانت حوادث فردية وأن حكومة الاحتلال "تسعى لمكافحة مثل هذه الأفعال ولا تشجع عليها".
ووفق المصدر ذاته، فإن الإسرائيليين قد يستشهدون بأحداث معتقل سدي تيمان الأخيرة لدعم موقفهم. ومع ذلك، فإن اللجنة فندت هذه الادعاءات وقدمت أدلة تثبت تورط الحكومة الإسرائيلية في هذه المجازر، مما يعزز من قوة الطلب التركي أمام المحكمة.
وأضاف أن الطلب التركي يشدد على الحاجة الملحة لتنفيذ الإجراءات الاحترازية المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية دون تأخير، والتي تشمل وقف الهجمات الإسرائيلية على غزة وفتح معبر رفح الحدودي بشكل عاجل أمام المساعدات الإنسانية.