بعد الهجمات الصاروخية وقذائف الهاون التي شنتها داعش خلال عام 2016 إلى كيليس وغيرها من المدن الواقعة على الحدود السورية، بدأت تركيا عملية تسمى ب"عملية درع الفرات" في سوريا مع الجيش السوري الحر في أغسطس 2016، وصلت إلى الباب في مارس 2017 وأعلنت النهاية من العملية عند هذه النقطة بعد تطهير المنطقة من مقاتلي داعش.
كان السبب في تمديد عملية "درع الفرات" إلى الباب هو الاستيلاء على المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية وكسر اتصال داعش مع الرقعة من أجل إضعاف قوة التنظيم الإرهابي وتدميره. ومن ناحية أخرى، فإن السبب في عدم قدرة تركيا على المضي قدما في المنطقة رغم رغبتها، هو الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لوحدات حماية الشعب. ولذلك، خططت القوات المسلحة التركية لدخول مدينة منبيج التي كانت تحت سيطرة وحدات حماية الشعب قبل الاستيلاء على الباب ولكن اضطرت إلى التراجع بسبب الدعم العسكري المقدم إلى وحدات حماية الشعب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في هذه المنطقة. وحقيقة أن أفكار وخطط تركيا والولايات المتحدة لا تتفق في هذا الصدد قد تخلق أزمة بين الجانبين. نفذت الولايات المتحدة الأمريكية عملية "الرقعة" بدعم من قوات سوريا الديمقراطية بقيادة وحدة حماية الشعب، وليس مع تركيا.وغلى الرغم من أن تركيا، وهي حليفة للولايات المتحدة الأمريكية، واعتبرت ذلك خطأ كبيرا. وقد أثارت الأسلحة المقدمة إلى وحدات حماية الشعب من قبل الولايات المتحدة في عملية الرقعة أيضا ردود الفعل الغاضبة من تركيا.
خريطة سوريا قبل عملية درع الفرات. المصدر: suriyegundemi.com
ويعتبرالتدخل العسكري التركي في المنطقة سبب آخر، وربما رئيسي في لاعتبار وحدات حماية الشعب خطرا كبيرا على أراضيها، لأن هذه الوحدات المسلحة الكردية تقع على الحدود التركية تعتبر تهديدا لأمنها القومي الذي تعبر عنه عبارة "البقاء على قيد الحياة".
خريطة سورية إلى 1 يوليو 2017. المصدر: suriyegundemi.com
والسبب الثاني لبدء عملية الفرات هومنع الاتصال بين كانتون عفرين، التي أعلنتها وحدات حماية الشعب في غرب سوريا، والتي لم تعترف بها الحكومة السورية، وكانتون كوباني والجزيرة الواقعين في الشرق. ويبدو أن هذه الخطة تحققت مع عملية "درع الفرات" إلى حين آذار / مارس 2017.
في الأيام الأخيرة، نشرت التأكيدات على عملية جديدة في عفرين من قبل تركيا.
وتعتزم تركيا، التي قصفت مؤخرا لمواقع وحدات حماية الشعب في عفرين، بتنظيم عملية عسكرية جديدة مع الجيش السوري الحر في هذه المنطقة.
ويعتبر السبب الرئيسي للعملية منع هجمات مسلحي وحدات حماية الشعب الذين دخلوا تركيا مؤخرا من عفرين ، الآن وفي المستقبل،.
كما أن هجوم وحدات حماية الشعب تجاه الجيش السوري الحر في هذه المنطقة يزعج تركيا.
من ناحية أخرى، قبل حوالي أسبوع، ادعت صحف "ملييت" أن معظم القوات الروسية انسحبت من عفرين.
وعلى الرغم من أن الجانب الروسي لم يوافق رسميا على هذه المعلومات ، إلا أن بعض المصادر من وسائل الإعلام الروسية نشرتها استناداً إلى صحيفة "ملييت". ووفقا لتقرير "ملييت"، ترك جزء كبير من القوات الروسية عفرين وانسحبت إلى مدينة نوبل الشيعية تحت سيطرة الحكومة السورية، وستغادر مجموعة صغيرة من ضباط المخابرات المنطقة عندما ستبدأ العملية.
من جهة أخرى، أفاد "المصدر" أن 150 جنديا روسيا قد تم نشرهم في عفرين في 3 يوليو / تموز. وتزامن وصول الجنود الروس إلى المدينة مع الاحتفال الذي أقيم في المنطقة التي أطلقت وحدات حماية الشعب عليها اسم "مقبرة الشهداء".
المصدر: "المصدر"
ماذا يفعل الجيش الروسي في عفرين؟
وقال المتحدث باسم وحدات حماية الشعب ريدور خليل إنهم وقعوا في 20 آذار / مارس اتفاقا مع روسيا وبموجب الاتفاق أنها ستنشر في عفرين وحداتها العسكرية لتوفير تدريبات عسكرية لمقاتلي وحدات حماية الشعب. وبالإضافة إلى ذلك، ذكر خليل أنه لا توجد علاقات مباشرة مع روسيا.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطابه يوم 15 مايو / أيار إنهم لا يحتاجون إلى تسليح الأكراد السوريين ولكنهم سيواصلون التعامل مع الأكراد.
وبطبيعة الحال، إذا انطلقنا من هذين البيانين المرتبطين، فإنه من الصعب أن تقوم روسيا بكسر علاقتها مع وحدات حماية الشعب. في الواقع، ذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زهاروفا أمس: " يجب أن تقرر هذه الشعوب مرة أخرى شكل النظام السوري القادم . يجب اعتماد الدستور السوري الجديد بالاتفاق. في هذه العملية، تعتبر الأقلية الكردية في سوريا من العوامل المهمة. ولذلك، يجب أن تؤخذ وجهة نظرهم في الاعتبار ".
وعلى الرغم من هذا الموقف من روسيا تجاه وحدات حماية الشعب، فمن المحتمل جدا أن تطلق تركيا عملية عفرين على أساس مبدأ "البقاء على قيد الحياة".
ما هي التنازلات التي قد تقدمعا روسيا في عفرين؟
أولا، روسيا، على عكس تركيا، تتبع استراتيجية التحالف المرن في سوريا. وبشكل أكثر تحديدا، تشترك روسيا مع دول مثل تركيا وإيران، التي لهما مصالح في المنطقة، وحكومة الأسد في نفس الوقت. وعلاوة على ذلك، كما ذكرنا أعلاه، تدعم روسيا وحدات حماية الشعب في بعض القضايا. وإذا أخذنا المسألة من هذا المنظور، يمكننا أن نتصور أن روسيا يمكنها تقديم تنازلات ل حليفتها الصغيرة - حماية الشعب في هذه المنطقة حتى لا تفقد حليفتها الأكبر حجما. إذا تمكن من تصنيف الإمكانيات بتفاصيلها:
· وأفادت روسيا أنه تم التوصل إلى المصالحة بشأن عقد تسليم منظومات الدفاع الصاروخي من طراز S-400 إلى تركيا، ولكن لا يوجد اتفاق حتى الآن على مقدار الائتمان. وسيكون من الأهمية بمكان التحرك معا في سوريا لضمان هذا الاتفاق.
· إن الغاز الطبيعي، الذي سيتم نقله من روسيا إلى تركيا عبر البحر الأسود في إطار المشروع السيل التركي، له أهمية كبيرة في هذا التحالف.
· قرار مناطق تخفيف التصعيد في سوريا، الذي تم التوصل غليه في إطار مفاوضات أستانا منذ يناير 2017، وفي هذا السياق مسألة نشر القوات الروسية والتركية في إدلب.
· قد اعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالين قبل اسبوعين عن هذه الخطة.
· وبصرف النظر عن هذه الأسباب، هناك موقف روسيا تجاه الولايات المتحدة. في الواقع، أطلقت الولايات المتحدة الشهر الماضي النار على طائرة سورية، وسوريا حليفة رئيسية لروسيا، وردت روسيا بقسوة. ومن الممكن أيضا أن تترك روسيا وحدات حماية الشعب في عفرين وحدها ، وبالتعاون مع الولايات المتحدة لهذا السبب.
مير على مير هاشملي
الترجمة إلى العربية : د. ذاكر قاسموف