كم يتبقى من عمر السيسي؟

الاكتشاف المبكر للسرطان السيساوي، يمثل أهم عوامل الشفاء، لأن الزمن له دور مهم في وقف انتشار المرض داخل الخلايا المخدوعة.

تحليلات 10:00 05.09.2017
(1)

يتصرف السيسي كما لو أنه سيحكم أبداً، وتبدو نتائج قرراته وتصرفاته كما لو أنه سيسقط غداً، وبين الاحتمالين المتطرفين تدور التكهنات وتتبلور الصراعات وتنتعش بورصة التخمينات، لكن المنطق والوقائع المتصاعدة في الفترة الأخيرة ترجح أن نهاية السيسي بسكتة مفاجئة، وليس بمرض سياسي طويل، وأعتقد أن الفريق الداعم، بل السيسي نفسه، من أهم العوامل التي تساعد على التعجيل بهذه النهاية الدرامية المفاجئة، لأنهم يتعمدون عدم قراءة مؤشرات الخطر في نظام حكم الرجل الذي خدع الجميع، حتى وصل إلى خداع نفسه، وصدق رؤيا السيف والساعة الأوميغا وعشق ترمب لجزمته الحلوة!

(2)

من يطالع تقرير مجلة "فوربس" الذي يطالب إدارة ترمب بالتخلي عن دعم السيسي، لن يجد فيه معلومة قاطعة منسوبة إلى مسؤول أمريكي بارز، ولن يجد تاريخا محددا لتدخل أمريكي ضد نظام القمع في مصر، لكنه سيجد خيطا من التشابه بين أمنيات المعارضين المصريين، وبين اتجاه التفكير في عدد من المؤسسات الأمريكية المشاركة في صناعة القرار، وفي صناعة الرأي العام الأمريكي، وهي تشابهات كافية جدا لإثبات اتجاه مشترك يقول بوضوح أن استمرار السيسي في الحكم ليس مقبولا ولا مطلوباً، وبالتالي يصبح السؤال: متى وكيف يمكن الإطاحة به؟

(3)

هذا السؤال العملي جدا، لا ينبغي الإجابة عليه بنزوات المراهقين الذين يجهلون لعبة الشطرنج السياسي، فيتصورون أن موت الملك يمكن أن يحدث بدون تحريك القطع اللازمة، وتصنيع وضع يؤدي إلى هذه "الموتة"، فالأمر ليس بالقدرة على نزع الملك من الرقعة، لكن وضعه في "خانة الموت الفعلي" حتى لو بقى واقفا على الرقعة، ومن هنا فإن تحليل الموقف، ومدى تعرضه لحالة "كش ملك" تصبح إشارات مهمة عن قوة أو ضعف الوضع الذي أصبح عليه الملك، ولهذا يجب ألا نهمل المؤشرات التي تكشف عن هشاشة وضع السيسي على الرقعة، ولا يجب أن ننخدع باللغة الفارغة التي تسعى لإثبات قوته وتفوقه في التمكين لحكمه، لأن أربع سنوات من التمكين لن تكون محصلتها بأي حال أكثر من حصيلة السنوات الثلاثين التي سعى فيها مبارك لتمكين عرشه الذي سقط في أيام. فالسيسي يبدو منذ البداية أنه يكسب بالضعف والخداع، وليس بالقوة والمواجهة، أي أن قوته (مثل أي فيروس) تكمن في قدرته على التخفي وإيهام الخلايا السليمة أنه منها ويعمل لصالحها، وعندما تقبل به وتحتويه، يبدأ في وضع شيفراته الخبيثة ليسيطر ويتحكم، لكن هذه اللحظة نفسها لا تعني انتصاره النهائي، بقدر ما تعني بداية المواجهة النابعة من وعي جديد، يتمحور بالأساس على فكرة اكتشاف الخدعة

(4)

هذا الاكتشاف المبكر للسرطان السيساوي، يمثل أهم عوامل الشفاء، لأن الزمن له دور مهم في وقف انتشار المرض داخل الخلايا المخدوعة، وانتباهها إلى ضرورة المواجهة الوقاومة للفيروس الخبيث، ولذلك فإن تعجل السيسي في الانتقال من التسلل الناعم وشيفرات "نور عينينا" إلى النهش المباشر (انتو هتاكلوا مصر!) قد ساعد على انكشاف حقيقة الفيروس، وحتى لو أدى هذا الكشف إلى حالة من الصدمة والارتباك، إلا أن ذلك الاهتزاز النفسي لن يستمر طويلا، وعاجلا أو آجلا لابد من الذهاب إلى مرحلة العلاج ومواجهة المرض.

(5)

هذا عن العامل الشعبي في الداخل، حيث تؤكد المؤشرات أن قطاعات كبيرة اكتشفت الفيروس، فهل يجوز لنا أن نطبق هذا الفهم على نظرة الخارج للسيسي؟ بالطبع لا، لأن الخارج لايعنيه خطر الفيروس السيساوي على مصر، بل يهتم بتوظيف هذا الفيروس لتحقيق مصالح ومباديء تسعد الناخب الأمريكي والغربي، أو بمعاقبة ذلك الفيروس والحد من خطورته، إذا كان لذلك تأثير سلبي على علاقة الإدارات الغربية بناخبيها ومواطنيها.

 وإذا تتبعنا هذه الإشارات، فسوف نكتشف أن مؤشر العلاقة مع إدارة بوتين التي هلل لها إعلام السيسي بعد لقاء سوتشي وجاكت النجمة الشيوعية الحمراء، انتهت إلى أزمة تقترب من الحصار الاقتصادي ووقف رحلات الطيران لأجل غير مسمى، واستخدام روسي للسيسي من طرف واحد، كما أن العلاقة مع الحليف الإيطالي القوي انتهت إلى أزمة في الضمير الشعبي وتحفظ مؤسساتي معلن بعد فضيحة مقتل ريجيني الذي تحتمل الكثير من المخاطر والمفاجآت في المستقبل، وكذلك الفتور الذي انتهت إليه العلاقة مع الصين والتي حاول إعلام الكذب (الأبوهشيمي) أن يقدم للناس دعوة مصر على هامش اجتماع دول "بريكس الخمس" باعتباره تقدير صيني لمكانة مصر، بينما تمت دعوة رئيسها ضمن دول السوق لتتمكن الدول الأعضاء (البرازيل/الهند/ روسيا/جنوب أفريقيا/ والصين) من فتح أسواق جديدة في دول استهلاكية تعصر مواطنيها لتشتري أي شيء تقربا من أنظمة الدول الكبيرة!

وهذه الإشارات تعيدنا إلى دلالة تقرير فوربس، وما سبقه من مداولات في الكونغرس، وداخل مراكز بحثية شبه رسمية في امريكا، ومعظمها يرفع صوته ليقول بوضوح ان دعم الإدارة الأمريكية لنظام السيسي بات أمراً كريها ويؤثر سلبيا على صورة كل من يتعاون معه، لانتهاكه الحريات بشكل فاضح، واستخدامه التشريعات ضد حقوق الإنسان، لكن هذا الكلام اللطيف لا يمكن أن يخفي حقيقة نعرفها، ويعرفها الكثيرون في الخارج ايضا، وهي أن الخارج يتعامل مع حكام العالم الثالث بنظرية صحية تشبه استخدام المناديل الورقية (استخدم وارم في الزبالة) فقد تم دعم السيسي لتمرير حزمة طلبات صعبة تتعلق بترتيب المنطقة، وقد تغابى الرجل المشتاق، فتعجل بتنفيذ المطلوب منه بسرعة، حتى اتسخ وتشبعت الفوطة بالقاذروات، وأصبح من المنطقي والحتمي أن يتم التخلص من هذه "الفوطة" لاستخدامات أخرى لا تثير الحساسيات والمنغصات في الداخل وفي الخارج، وأظن أن مؤشر خصم المعونة العسكرية، وتصاعد لغة المؤسسات الغربية في الحديث ضد النظام المصري، وتراجع أصوات العباسيين المطالبين بتعديل الدستور، ليست إلا مقدمة لتهيئة الأجواء لإلقاء الفوطة في الزبالة، وأعتقد أن مسألة تهيئة الأجواء داخليا من أخطر العوامل التي تساعد في التخلص من "النظام المستعمل"، فهل ننتبه؟

أتمنى.      

عن الكاتب

جمال الجمل
كاتب عربي

 

سامي الحاج: "أذربيجان ستكون إحدى الدول الرائدة في العالم"

أحدث الأخبار

بيان صحفي: ديمقراطية من؟ برلمان الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة ينظم فعالية في مكتب الأمم المتحدة
16:15 10.10.2024
تركيا تعلن توقيف عميل للموساد
19:00 04.09.2024
منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع تاريخية في السودان
18:00 04.09.2024
ممر زانجازور يعكر صفو التحالف الروسي ــ الإيراني
17:30 04.09.2024
فيلادلفيا... رد مصري حاد يزيد الضغط على نتنياهو
17:00 04.09.2024
بزشكيان يتحدث عن حاجة إيران إلى جراحات كثيرة
15:00 04.09.2024
رئاسة كوب 29 تطلق منصة للشفافية لدعم الدول النامية في مواجهة تغير المناخ
14:00 04.09.2024
تضامن خليجي مع مصر ضد استفزازات إسرائيل
13:00 04.09.2024
استقالات بالجملة في أوكرانيا تمهيداً لتعديل وزاري واسع
12:00 04.09.2024
بوتين في منغوليا متحديًا الجنائية الدولية
11:00 04.09.2024
السيسي يزور تركيا في أول زيارة له منذ توليه الحكم في مصر
10:00 04.09.2024
طالبان تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية
20:30 03.09.2024
زعماء أفارقة إلى الصين بحثاً عن استثمارات
20:00 03.09.2024
أونروا: تطعيم 87 ألف طفل ضد شلل الأطفال في مخيمات وسط غزة
19:30 03.09.2024
اليابان تحتج بعد دخول سفينة صينية مياهها الإقليمية
19:00 03.09.2024
الشيخة حسينة من رئيسة وزراء بنغلادش الى معضلة دبلوماسية للهند
18:30 03.09.2024
السعودية وقبرص تبحثان تعزيز التعاون في النقل والخدمات اللوجيستية
18:00 03.09.2024
التضخم السنوي في تركيا يسجل تراجعاً كبيراً في أغسطس
17:00 03.09.2024
الأمم المتحدة ستواصل التعامل مع طالبان في أفغانستان
17:00 03.09.2024
فنزويلا تفرج عن عشرات المراهقين الذين اعتقلوا خلال مظاهرات
16:00 03.09.2024
لماذا تشكل مدينة بوكروفسك الأوكرانية أهمية استراتيجية؟
15:00 03.09.2024
ماليزيا ونيوزيلندا تدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
14:00 03.09.2024
إصابة سفينتين تجاريتين بهجومين قبالة سواحل اليمن
13:00 03.09.2024
ارتفاع بورصات الخليج الرئيسية بفضل آمال خفض الفائدة
12:00 03.09.2024
اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين سوريا وإيران
11:00 03.09.2024
بوتاش التركية اتفقت مع شل على توريد الغاز المسال لمدة 10 سنوات
10:00 03.09.2024
مصر تؤكد لمجلس الأمن رفض السياسات الأحادية الإثيوبية حول سد النهضة
09:16 03.09.2024
روسيا تحيي ذكرى مرور 20 عاما على مجزرة بيسلان
19:00 02.09.2024
بولندا إحياء الذكرى 85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية
18:00 02.09.2024
الجيش الصومالي يعلن سيطرته على منطقة هلجن الحدودية مع إثيوبيا
17:30 02.09.2024
إسرائيل تشهد إضراباً شاملاً تضامناً مع أهالي المحتجزين في غزة
17:00 02.09.2024
إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز معاهدة حظر الانتشار
16:30 02.09.2024
قطر للطاقة تشيد مجمعا عالميا لإنتاج سماد اليوريا
16:00 02.09.2024
تأكيد سعودي- قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب
15:30 02.09.2024
خمسة مشاريع ضمن طرق الحرير الجديدة في أفريقيا
15:00 02.09.2024
الرئيس المكسيكي يختتم ولايته بإصلاح قضائي يثير التوتر مع واشنطن
14:00 02.09.2024
التحقيق النهائي في مروحية رئيسي يؤكد سقوطها لسوء الأحوال الجوية
13:00 02.09.2024
الإمارات تهنئ أوزبكستان بذكرى استقلالها
12:00 02.09.2024
مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن سد النهضة
10:00 02.09.2024
أردوغان يؤكد مضي تركيا قدما في تطوير مشروع القبة الفولاذية
21:00 01.09.2024
جميع الأخبار