الأمم المتحدة وضرورة إصلاح هيكلي يتجاوز "الخمس الكبار"(مقال تحليلي)

للبروفيسور طارق أوغوزلو، عضو قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة "بيليم" في أنطاليا التركية

تحليلات 14:12 23.09.2017

بعدما تأسست منظمة الأمم المتحدة، عام 1945، دخلت السياسة العالمية حقبة جديدة، حيث أصبحت القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية (1939-1945) في وضع مكنها من المساعدة في إيجاد معايير وقيم ومؤسسات خاصة بالعلاقات الدولية لعقود قادمة.

ووضعت الولايات المتحدة، بشراكة مع حلفائها في زمن الحرب وكذلك ألمانيا واليابان، نسيج ما يسمى بالنظام العالمي الليبرالي، وباتت الأمم المتحدة، وما يتبعها من صناديق وبرامج ووكالات وإدارات، تحتل مركز الصدارة في هذا المسعى.

وحتى يومنا هذا، يعمل لدى الأمم المتحدة حوالى 40 ألف موظف، في مختلف أجهزة المنظمة الدولية بجميع أنحاء العالم، في ظل ميزانية سنوية تبلغ حوالي 40 مليار دولار.
وهذه الأرقام متواضعة بالمقارنة مع العديد من المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى المسؤولة عن مهام ومسؤوليات أقل بكثير.

وتدير الأمم المتحدة العديد من عمليات حفظ السلام فى مختلف المناطق التى مزقتها النزاعات، حيث تتولى قيادة حوالي 100 ألف جندي.

ورغم أن ميثاق الأمم المتحدة لا يشمل عمليات حفظ السلام بين واجباته، فقد اضطلعت المنظمة الدولية بالعديد من هذه العمليات، منذ النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي.

وبالمقارنة مع فترة الحرب الباردة (1947-1991)، شهدت السنوات الـ25 الماضية زيادة حادة في عدد عمليات حفظ السلام، نظرا لحجم التوتر بين القوتين الكبريين (الولايات المتحدة وروسيا)، وتزايد التحديات داخل الدول، وانعاكاسات ذلك على الأمن الدولي.

وفي سبتمبر/أيلول من كل عام، يجتمع أعضاء الأمم المتحدة في نيويورك في إطار الجمعية العامة للمنظمة الدولية لمناقشة القضايا العالمية المثيرة للقلق، فضلا عن تبادل الأفكار حول كيفية إعادة هيكلة الأمم المتحدة، لجعلها أكثر استجابة للديناميات الحالية للسياسة العالمية.

وتتيح مؤتمرات هذه القمة السنوية أيضا للقادة فرصة الاختلاط مع بعضهم البعض، على هامش التجمعات الرسمية.

وتلقى العديد من المحادثات الثنائية غير الرسمية بين ممثلي دولتين ما على هامش تلك الاجتماعات، وكذلك الخطب التي يدلي بها زعماء أقوى أعضاء الأمم المتحدة على منصة الجمعية العامة، اهتماما خاصا من جانب الجمهور العالمي.

وقد كان للأمم المتحدة أسس واقعية وليبرالية في تأسيسها، ويشكل حفظ السلم والأمن الدوليين وتحسين حقوق الإنسان، وظائفها الرئيسية.

ومن المهام الأساسية أيضا، المساعدة في الحفاظ على النظام والأمن بين أعضائها، وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وحماية البيئة العالمية، والحد من الفقر والجوع.

وفي حين أن مجلس الأمن، الذي يضم (خمسة) أعضاء دائمين لهم حق النقض (الفيتو)، يتمتع بمركز متميز، يعكس المنطق الواقعي لآلية الأمم المتحدة، فإن الجمعية العامة، مع عضويتها المتساوية، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومحكمة العدل الدولية، تجسد الروح الليبرالية للمنظمة.

ويتولى الأمين العام للأمم المتحدة مسؤولية النظام البيروقراطي للمنظمة الدولية بأكملها، ويتحمل المسؤولية الرئيسية عن تحقيق التوازن الصحيح بين الخصائص الواقعية والليبرالية للمنظمة.

إن الهدف الواقعي المتمثل في تحقيق السلم والأمن على أساس مبدأي المساواة في السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، كان دائما في تضاد مع الهدف الليبرالي، المتمثل في تحسين حقوق الإنسان على أساس مبادئ تحقيق المعايير العالمية و"المسؤولية عن الحماية".

وفشل الأمم المتحدة في سد الفجوة بين هذين الهدفين أصبح أكثر وضوحا في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت الأولوية، التي تُمنح للقوى الغربية، محل نزاع متزايد من قبل القوى غير الغربية المتزايدة في نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.

ولوصف مهمة إيجاد الحلول الأنسب لمختلف التحديات، التي تواجه القدرة المؤسسية للأمم المتحدة، فضلا عن الحفاظ على التماسك بين الأعضاء، يتعين على المرء أن يؤكد على أن "الأمم المتحدة لم تُنشأ لجلبنا إلى السماء، ولكن من أجل إنقاذنا من الجحيم".

وأدلى داغ همرشولد، الأمين العام للأمم المتحدة الأسطوري (1953 و1961) بهذا البيان في مواجهة الحرب الباردة بين الكتلتين الغربية والشرقية.

ويوحي هذا بأن جميع الجهود، التي يتعين الاضطلاع بها لمواجهة التحديات الواقعة على عتبة الأمم المتحدة، تعكس درجة عالية من التواضع.

إن الأمم المتحدة، على ما يبدو، لم ولن تكون أبدا منظمة يمكن أن تضع حدا للتناحر والصراعات بين الدول، أو تضمن تحرر البشر من كل أنواع الظلم والعوائق والقيود، التي تحد من حريتهم وكرامتهم.

ومع ذلك، ينبغي أن تتمثل المهمة الأساسية للأمم المتحدة في المساعدة على تمهيد السبيل أمام بيئة دولية معينة يمكن فيها إيجاد الحلول العالمية للمشاكل العالمية بسهولة وفعالية.

ولكي يحدث ذلك، ينبغي اتخاذ بعض الخطوات دون أي تأخير.

أولا، يجب أن تحافظ القوة العالمية الرائدة والممول الرئيسي لمنظومة الأمم المتحدة، وهي الولايات المتحدة، على التزامها بروح المنظمة الدولية متعددة الأطراف والموجهة نحو توافق الآراء.

ومع وجود (الرئيس الجمهوري) دونالد ترامب حاليا في البيت الأبيض، فإن الالتزام الأمريكي بآليات الأمم المتحدة متعددة الأطراف لم يعد من الممكن اعتباره أمرا مفروغا منه.

وقد أثبتت عقلية "أمريكا أولا" التي يتبناها ترامب بالفعل تأثيرها الضار على قضية الاحتباس الحراري العالمي والتجارة الحرة، فقراره بسحب بلاده من "اتفاق باريس" بشأن المناخ والشراكة عبر المحيط الهادئ لا يبشر بالخير لمستقبل الالتزام الأمريكي بالإرث المؤسسي متعدد الأطراف للأمم المتحدة.

على كل الأعضاء الأغنياء في الأمم المتحدة، وليس فقط الولايات المتحدة، أن يساهموا بشكل أكبر في ميزانية الأمم المتحدة.

ثانيا، يجب ألا يرى الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن (الولايات المتحدة، وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين) الأمم المتحدة كمنبر يمكنهم من خلاله حماية مصالحهم الأمنية الحقيقية ومجال النفوذ في جميع أنحاء العالم بعقلية خالصة.

ولكي تبقى شرعية الأمم المتحدة، ينبغي احترام صفاتها الليبرالية ومتعددة الأطراف، خاصة من قبل الدول الكبرى (الخمس الكبار) المتمتعة بحق النقض.

ثالثا، ينبغي إعادة تصميم مختلف أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها بطريقة تسمح بإفساح المجال أمام القوى الناشئة أو الصاعدة غير الغربية في العالم.

وينبغي للأمم المتحدة أن تعكس ديناميات القوى الناشئة في عالم اليوم.

لماذا ما تزال المملكة المتحدة (بريطانيا) وفرنسا تحتفظان بحق "الفيتو" داخل مجلس الأمن في حين أن ألمانيا والهند واليابان والبرازيل وتركيا وغيرها من القوى الصاعدة يمكن أن تنضم إلى مجلس الأمن فقط كأعضاء مؤقتين لمدة سنتين، بانتظار انتخابهم من قبل الجمعية العامة ؟.

وينبغي أيضا منح القوى غير الغربية المزيد من حقوق التصويت في الهيئات الدولية الأخرى التابعة للأمم المتحدة، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وينبغي تعيين مواطنيها في وظائف أكثر تأثيرا داخل بيروقراطية الأمم المتحدة.

وكما يقول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في كثير من الأحيان: "العالم أكبر من خمسة"، في إشارة إلى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن.

 
خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...

أحدث الأخبار

دبي تعتمد استراتيجية جودة الحياة في الإمارة
18:00 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في جنوب القوقاز علي أذربيجان؟
17:26 16.05.2024
خبير سياسي : الإتحاد الأوروبي لن يساعد أرمينيا
16:00 16.05.2024
خبير سياسي : الغرب يسعي إشعال حرب بين جورجيا وروسيا
15:59 16.05.2024
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
14:52 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في دول الجوار علي أذربيجان؟ أومود ميرزايف يجيب
13:52 16.05.2024
فيسبوك تحذف منشورات عن لقاء رئيس وزراء ماليزيا وإسماعيل هنية
12:45 16.05.2024
فرنسا تنشر الجيش لضمان أمن مرافئ ومطار كاليدونيا الجديدة
12:30 16.05.2024
مخيمات غزة تعاني ظروفاً مهينة للإنسانية
12:15 16.05.2024
مصر تتسلم 14 مليار دولار من الإمارات قيمة الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة
12:00 16.05.2024
مقتل 12 جندياً إسرائيلياً في عملية بمخيم جباليا
11:45 16.05.2024
طهران تعلن تسوية نصف القضايا العالقة مع الذرية الدولية
11:30 16.05.2024
زيلينسكي يلغي زيارته لأسبانيا والبرتغال بسبب تدهور الوضع في خاركيف
11:15 16.05.2024
فارض اسماعيل زاده: مشكلة المياه واحدة من أخطر المشاكل في أذربيجان
10:53 16.05.2024
الهند تقلّل من أهمية عقوبات واشنطن إثر اتفاقها لتطوير ميناء تشابهار الإيراني
10:30 16.05.2024
أردوغان إسرائيل قد تضع عينها على الأناضول بعد غزة
10:15 16.05.2024
العالم عند مفترق طرق
10:00 16.05.2024
الرئيس الفرنسي يعلن حالة الطورائ في كاليدونيا الجديدة
09:45 16.05.2024
الحكومة التركية تبذل قصارى جهدها لخفض معدل التضخم
09:30 16.05.2024
إطلاق نار على رئيس وزراء سلوفاكيا ونقله إلى المستشفى
09:15 16.05.2024
أردوغان يتهم حركة جولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة
09:00 16.05.2024
الأمم المتحدة تفتح تحقيقاً بمقتل أول موظف دولي في رفح
17:30 15.05.2024
خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...
16:45 15.05.2024
علييف : فرنسا تربك المجتمع الدولي
16:00 15.05.2024
خبير سياسي : أرمينيا لن تنضم للاتحاد الأوروبي
15:00 15.05.2024
بوريل: عملية رفح ستؤثر بقوة على علاقات أوروبا مع إسرائيل
14:00 15.05.2024
طائرة ترامب تتعرض لحادث في فلوريدا
13:00 15.05.2024
هل منطقة جنوب القوقاز علي مشارف حرب أوكرانية ثانية؟
12:19 15.05.2024
تحذيرات إسرائيلية من انسحاب مصر من الوساطة في مفاوضات غزة
12:00 15.05.2024
بوتين العلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا والصين تتطور بسرعة
11:30 15.05.2024
قبيل استضافتها للقمة العربية.. كيف تعاملت البحرين مع الحرب في غزة؟
11:15 15.05.2024
زلازل إثيوبيا تثير مخاوف مصرية من انهيار سد النهضة
11:00 15.05.2024
مستوطنون يقتحمون الأقصى ملوحين بالأعلام الإسرائيلية
10:45 15.05.2024
واشنطن تزيد الرسوم الجمركية على منتجات صينية بقيمة 18 مليار دولار
10:30 15.05.2024
حظر تجول في كاليدونيا الجديدة بعد احتجاجات عنيفة على تعديلات دستورية
10:15 15.05.2024
حزب الله اللبناني يعلن تدمير منطاد تجسس إسرائيلي
10:00 15.05.2024
إيران تحض الهند على علاقات طويلة المدى
09:46 15.05.2024
أوبك تبقي على توقعاتها للطلب العالمي على النفط عند 2.2 مليون برميل يوميا
09:30 15.05.2024
النزاعات والكوارث تتسبب في نزوح 76 مليون شخص نهاية 2023
09:15 15.05.2024
القسام تقتل 7 جنود إسرائيليين شرق جباليا بشمال قطاع غزة
09:00 15.05.2024
جميع الأخبار