في ذكرى رحيل "القذافي"... ابن الصحراء

تحليلات 15:00 22.10.2017

اعتبره بعض الناس نسخة أخرى من "سبارتاكوس" محرر العبيد، ورآه آخرون مجرد قائد عسكري "عصبي المزاج" حاد الطباع، وفسر بعضهم أسلوبه في إدارة البلاد على أنه نموذج إذا تم تعميمه لصارت للأوطان نكهات أخرى.اختلفوا حوله كثيراً، ولكن حتى وفاته في مثل هذا اليوم منذ 6 سنوات، لم يجرؤ شخص واحد على أن يتهمه بالتفريط أو خيانة الوطن، كما حدث مع آخرين.

اليوم، 20 أكتوبر/ تشرين الأول، الذكرى السادسة لوفاة العقيد معمر القذافي، الرجل الذي وضعت رصاصة من مجهول، حداً ونهاية لفترة حكمه، التي دامت 43 عاماً، وهو أيضاً الرجل الذي رحل عن دنيانا ولكنه ترك من خلفه إرثاً سياسياً يحاول الكثيرون إخفاءه، ولكنه عنيد كصاحبه الراحل، يأبى إلا أن يظل على السطح باقياً.

لم يكن معمر القذافي بالرجل العادي في أعين الجميع، فالبعض تصوروه مجنوناً، وآخرون اعتبروه رمزاً للحرية والمقاومة في وجه قوى الاستعمار، التي دائما ما تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، التي دائماً أيضاً ما كان يصفها بأنها أكبر القوى الإمبريالية في العالم، ويدعو المجتمع الدولي طوال الوقت إلى عدم الانصياع لرغباتها، أملاً في أن يكون العالم مكاناً أجمل. 

تبكيك الشعوب المستضعفة التي أدت صلاة الغائب على روحك في أماكن كثيرة من إفريقيا و آسيا و كردستان و ايرلندا الشمالية  20-10-2011

معمر محمد عبد السلام القذافي، ابن واحدة من أفقر الأسر البدوية…تربى في صحراء قاحلة، لا تقيم أوده وأود أخواته البنات وأمه سوى شاتين "ماعز"، تحلب البنات لبنها ليأكلوا مما عملته أيديهم، ورغم فقره كان طموحاً، دائم الثورة من الداخل، فتربى على كتابات وأفكار كبار الكتاب — أغلبهم من الروس- في الاشتراكية، وقرأ عن الثورة، ولكن جذوتها لم تشتعل في قلبه إلا بعد انفصال مصر عن سوريا، وتفكك الجمهورية العربية المتحدة.

بعد ثورة الفاتح، التي قادها القذافي، شغل منصب رئيس مجلس قيادة الثورة في الجمهورية العربية الليبية، منذ عام 1969 إلى 1977، بعدها صار "الأخ قائد الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية، وهو المنصب الذي استمر فيه منذ 1977  حتى مقتله في 20 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2011.

كان القذافي قومياً، يميل إلى توحيد أبعاده العربية والإسلامية والأفريقية، وقد وجد في توجهه نحو أفريقيا هذه الأبعاد الثلاثة، لأن القارة السمراء توحد بعض دولها هذه الأمور الثلاثة، ورغم نفور كثير من الدول — خصوصا العربية — من فكرته، إلا أنه سعى في اكتمالها، وفي عام 2008 عقد اجتماعا لزعماء أفريقيا ومنحوه لقب "ملك ملوك أفريقيا".

خلال حديث دار بيني وبين المحلل السياسي الليبي المقرب من أسرة الزعيم الراحل، عبد الباسط بن هامل، منذ عام، قال لي إن سعي القذافي إلى تشكيل جيش أفريقي واحد، وعملة أفريقية موحدة، وكيان قوي ينطلق من قلب القارة السوداء، هو ما جعل الغرب يدرك خطورته، ويضع على وجه السرعة مخططاً محكماً للإطاحة به وقتله.

وأصر بن هامل على أن المستهدف مما أسموه "ثورة ربيع عربي" كان رأس القذافي ونظامه، لأن الرجل كان في نظر قادة وزعماء القارة الأفريقية مدافعاً رئيسياً عن فكرة الولايات المتحدة الأفريقية، وليس أدل على ذلك من توليه منصب رئيس الاتحاد الأفريقي في الفترة من 2 فبراير/ شباط 2009 إلى 31 يناير/ كانون الثاني 2010، حينها كان مثالاً واضحاً لصفات القائد والزعيم — وليس الرئيس- كما أنه كان أكثر من يفهم طبيعة ليبيا، التي يعجز قادتها الآن عن السيطرة عليها، حسب بن هامل.

استبدل القذافي الدستور الليبي، المعمول به منذ عام 1951، بقوانين، استنادا إلى عقيدة سياسية سميت بـ"النظرية العالمية الثالثة"، ونشرت في الكتاب الأخضر، وبعد تأسيس الجماهيرية في عام 1977، استقال رسمياً من منصبه. وبعد ذلك كان له دور رمزي إلى حد كبير في اللجنة الشعبية العامة.

ولكن ما حافظ على زعامته للدولة، كان التقدم المادي الذي تحرزه ليبيا كل يوم، فارتفاع أسعار النفط، وتمكن ليبيا من استخراج كميات ضخمة، تسببت في زيادة إيرادات الدولة، فارتفع معدل نصيب الفرد من الدخل القومي، بجانب عمله على إنشاء الرعاية الاجتماعية، التي جعلت ليبيا الأفضل في أفريقيا، ولم تكن مدينة داخلياً أو خارجياً.

نذ اللحظة التي امتلكت فيها ليبيا أسلحة كيماوية، في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، أدرك أن تحركات الغرب — وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية — ضده لن تهدأ، وقد تسعى أمريكا إلى إعلان حرب غير مباشرة عليه، لسحق نظامه الذي حافظ على اتزانه، على الرغم من الأزمات المالية الكبرى التي ضربت العالم أكثر من مرة في الأعوام الأخيرة.

بعد ثورة الفاتح، كان قرار القذافي الأول هو إجلاء القواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية من ليبيا، وبعد أقل من سنة كانت القواعد والمطارات الليبية مفتوحة أمام الطائرات الحربية المصرية، كمطارات بديلة، كي لا تطولها الطائرات الإسرائيلية، التي كانت تحاول دك المطارات المصرية بعد حرب 1967. كما وضع إمكانيات بلاده المادية والبشرية تحت تصرف مصر، حيث اشترت ليبيا — قبل حرب أكتوبر 1973، أسطولا من طائرات الميراج الفرنسية، ومئات الزوارق المقاتلة البحرية، والسيارات المصفحة، وقدمتها للجيش المصري كهدية.

الواقعة التي لا ينساها المصريون أبداً للقذافي، والتي تحكى في أروقة السياسة على سبيل الترحم والطرافة في الوقت نفسه، وقعت بعد ثورة الفاتح بأشهر قليلة، عندما أرسل القذافي مبعوثاً إلى الزعيم جمال عبد الناصر، أيقظه من نومه بعد منتصف الليل، قائلاً إن الأمر عاجل جدا ولا يحتمل التأجيل، فالتقى عبد الناصر المبعوث الليبي عند الفجر، وكانت المفاجأة أن القذافي أرسل أموالاً طائلة، طالباً من الرئيس عبد الناصر شراء قنبلة نووية، لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية، وهو ما رد عليه "ناصر" قائلا: يجب أن يكون لدينا مفاعل نووي أولا… وإلا فأين سنضعها، وعندما تحدث مع القذافي هاتفياً، طلب منه الزعيم أن يستغل هذه الأموال في إنشاء المفاعل النووي.

يختلف الكثيرون مع القذافي وأسلوبه في إدارة ليبيا، حتى وفاته، ولكنهم لا يختلفون حوله، خاصة بعدما تحولت ليبيا الآن إلى قطع من الأرض المتنازع عليها، وأدرك الجميع أن وجوده كان ضرورياً للحفاظ على الأرض والهوية، وعلى الاقتصاد ووحدة كيان الدولة.

أحمد بدر

أحمد بدر

صحفي وكاتب متخصص في الشأن العربي والدولي. عمل بعدد كبير من الصحف العربية والأجنبية، وله عديد من المقالات والتقارير المترجمة إلى اللغات الأجنبية، بخلاف التحقيقات الاستقصائية. وأجرى لقاءات مع مسؤولين عرب وأجانب.

 

سامي الحاج: "أذربيجان ستكون إحدى الدول الرائدة في العالم"

أحدث الأخبار

بيان صحفي: ديمقراطية من؟ برلمان الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة ينظم فعالية في مكتب الأمم المتحدة
16:15 10.10.2024
تركيا تعلن توقيف عميل للموساد
19:00 04.09.2024
منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع تاريخية في السودان
18:00 04.09.2024
ممر زانجازور يعكر صفو التحالف الروسي ــ الإيراني
17:30 04.09.2024
فيلادلفيا... رد مصري حاد يزيد الضغط على نتنياهو
17:00 04.09.2024
بزشكيان يتحدث عن حاجة إيران إلى جراحات كثيرة
15:00 04.09.2024
رئاسة كوب 29 تطلق منصة للشفافية لدعم الدول النامية في مواجهة تغير المناخ
14:00 04.09.2024
تضامن خليجي مع مصر ضد استفزازات إسرائيل
13:00 04.09.2024
استقالات بالجملة في أوكرانيا تمهيداً لتعديل وزاري واسع
12:00 04.09.2024
بوتين في منغوليا متحديًا الجنائية الدولية
11:00 04.09.2024
السيسي يزور تركيا في أول زيارة له منذ توليه الحكم في مصر
10:00 04.09.2024
طالبان تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية
20:30 03.09.2024
زعماء أفارقة إلى الصين بحثاً عن استثمارات
20:00 03.09.2024
أونروا: تطعيم 87 ألف طفل ضد شلل الأطفال في مخيمات وسط غزة
19:30 03.09.2024
اليابان تحتج بعد دخول سفينة صينية مياهها الإقليمية
19:00 03.09.2024
الشيخة حسينة من رئيسة وزراء بنغلادش الى معضلة دبلوماسية للهند
18:30 03.09.2024
السعودية وقبرص تبحثان تعزيز التعاون في النقل والخدمات اللوجيستية
18:00 03.09.2024
التضخم السنوي في تركيا يسجل تراجعاً كبيراً في أغسطس
17:00 03.09.2024
الأمم المتحدة ستواصل التعامل مع طالبان في أفغانستان
17:00 03.09.2024
فنزويلا تفرج عن عشرات المراهقين الذين اعتقلوا خلال مظاهرات
16:00 03.09.2024
لماذا تشكل مدينة بوكروفسك الأوكرانية أهمية استراتيجية؟
15:00 03.09.2024
ماليزيا ونيوزيلندا تدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
14:00 03.09.2024
إصابة سفينتين تجاريتين بهجومين قبالة سواحل اليمن
13:00 03.09.2024
ارتفاع بورصات الخليج الرئيسية بفضل آمال خفض الفائدة
12:00 03.09.2024
اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين سوريا وإيران
11:00 03.09.2024
بوتاش التركية اتفقت مع شل على توريد الغاز المسال لمدة 10 سنوات
10:00 03.09.2024
مصر تؤكد لمجلس الأمن رفض السياسات الأحادية الإثيوبية حول سد النهضة
09:16 03.09.2024
روسيا تحيي ذكرى مرور 20 عاما على مجزرة بيسلان
19:00 02.09.2024
بولندا إحياء الذكرى 85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية
18:00 02.09.2024
الجيش الصومالي يعلن سيطرته على منطقة هلجن الحدودية مع إثيوبيا
17:30 02.09.2024
إسرائيل تشهد إضراباً شاملاً تضامناً مع أهالي المحتجزين في غزة
17:00 02.09.2024
إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز معاهدة حظر الانتشار
16:30 02.09.2024
قطر للطاقة تشيد مجمعا عالميا لإنتاج سماد اليوريا
16:00 02.09.2024
تأكيد سعودي- قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب
15:30 02.09.2024
خمسة مشاريع ضمن طرق الحرير الجديدة في أفريقيا
15:00 02.09.2024
الرئيس المكسيكي يختتم ولايته بإصلاح قضائي يثير التوتر مع واشنطن
14:00 02.09.2024
التحقيق النهائي في مروحية رئيسي يؤكد سقوطها لسوء الأحوال الجوية
13:00 02.09.2024
الإمارات تهنئ أوزبكستان بذكرى استقلالها
12:00 02.09.2024
مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن سد النهضة
10:00 02.09.2024
أردوغان يؤكد مضي تركيا قدما في تطوير مشروع القبة الفولاذية
21:00 01.09.2024
جميع الأخبار