ديمتري سولونيكوف، العالم الروسي في الدراسات السياسية ومدير معهد تنمية الدولة المعاصرة، حصرياً ليوميات أوراسيا.
ينبغي النظر في جميع البيانات المتعلقة بالقضية السورية في سياق السياسة الخارجية والداخلية الروسية على حد سواء.
قد انتهت العملية العسكرية نفسها. وهذه حقيقة لا جدال فيها. قد نفذت مهمة تدمير داعش التي وضعت قبل بضع سنوات. يجب فهم التنفيذ بمعنى أنه لا توجد الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم ولا يوجد إنتاج النفط الإضافي ونقله إلى الأسواق الدولية ولا توجد البنية التحتية للنقل وما إلى ذلك. والواقع أن القوات المسلحة أنجزت هذا الجزء من مهمتها.
ولكن هل دمرت الدولة الإسلامية تماما؟
بالطبع لا.
ولا تزال الخلايا الإرهابية مع المسلحين المتورطين فيها موجودة في سوريا نفسها وفي الشرق الأوسط بأسره، وكذلك في أوروبا وأمريكا. وتعتير مكافحتها مهمة للقوات الخاصة وليست لوحدات الجيش. وهذا يعني أن المواجهة مستمرة في بلدان مختلفة بشداد مختلفة مع إشراك حلفاء مختلفين فيها. وتتواصل المشاركة الروسية في هذه المعركة بعد.
وفي الوقت نفسه، هناك منظمات إرهابية أخرى في سوريا، على سبيل المثال، "جبهة النصرة". ولا يزال يتعين علينا التعامل معها، ولم يتم بعد تحديد دور روسيا في هذه الجبهة.
والأهم من كل ذلك في سوريا، الآن هي عملية معقدة لاستعادة الحياة السلمية وتحقيق الوئام الوطني وتطوير أشكال الإدارة الحكومية الجديدة في فترة ما بعد الحرب. كل هذا ممكن فقط بشرط إقامة الحوار المعقد جداً داخل المجتمع السوري في أشكاله المختلفة ومشاركة الأطراف المختلفة.
وقد بذلت الدول الضامنة: روسيا وتركيا وإيران، الكثير من الجهود لضمان تحقيق نتائج حقيقية في هذا الحوار. ولكن إذا كانت حتى الآن تتمثل المهمة الرئيسية في إنشاء المناطق مخلوعة السلاح في إطار العمليات العسكرية الحقيقية والآن من الواجب التوصل إلى الاتفاقات المختلفة. والآن لا نحتاج إلى الحديث عن كيفية وقف إراقة الدماء في بعض المناطق، بل عن كيفية بناء هيكل الحياة المستقرة بعد الحرب.
لكن سوريا ليست بمنطقة وحيدة يشملها الاهتمام الروسي. وهناك أيضا علاقات استراتيجية مع تركيا وإيران ومصر والمملكة العربية السعودية وإسرائيل وغيرها.
وعند اتخاذ القرار بإعلان انتهاء العملية العسكرية في سوريا، لا شك أن روسيا تنظر إلى هذه الخطوة في سياق العلاقات مع جميع دول المنطقة.
كل هذا هو موضع الاهتمام الزائد لمسار السياسة الخارجية الروسية في الشرق الأوسط. وعلينا أن ننتظررؤبة شكل وجود روسيا في سوريا مع الأخذ بعين الاعتبار كل ما سبق . لا ننسى أن هذا ليس أول إعلان عن تخفيض أو سحب القوات. يختلف التنفيذ النهائي لهذه الإعلانات، حتى الآن إلى حد ما عما كان في البداية.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك أيضا بقية العالم ...
على وسيا زيادة الترکيز الآن علی نقاط التوتر الأخرى، خاصة أن سوريا لم تعد تجتاج إلى مثل ھذا الجهود الكبيرة والاهتمام الزائد.
وكل ذلك يزيد الاهتمام بالأجندة السياسية المحلية. وهذا، أولا وقبل كل شيء الانتخابات الرئاسية في روسيا.
أعلن فلاديمير بوتين مشاركته فيها، والآن يحتاج إلى إظهار للناخبين ما لديها من مبررات لإعادة انتخابه.
ومن هذه الناحية تواصل المرحلة العسكرية من الصراع السوري لم يكن مفيداً لروسيا. إن ذكرى أفغانستان قوية جداً. فمن المهم تثبيت نتائج الانتصارات في الوقت المناسب وترك اللعبة بشكل جميل. على الأقل، علناً وبهذه الطريقة.
وعلاوة على ذلك، يمكن بالفعل إثبات الانتصار وتسجيله. أي أن تم تحقيق النصر الذي لم تتمكن الولايات المتحدة وحلفاؤها منه اليوم في أفغانستان أو العراق. ولا المملكة العربية السعودية في اليمن، ولا المجتمع الدولي في ليبيا أو الصومال.
والواقع أن هذا هو المثال الوحيد في التاريخ الحديث للانتهاء الناجح للعملية العسكرية الدولية لمكافحة الإرهاب.
من المهم إثبات وترجيحه داخل روسيا.
ومن المهم إثبات ذلك وترجيحه للعالم أجمع.
ويتم القيام بذلك.