جولة ابن سلمان العربية.. "تلميع" الصورة قبل بوينس آيرس

الجزء الأول من جولته العربية عكس نوعا من الرغبة لدى ولي العهد للظهور أمام قادة العالم في بوينس آيرس، بالشكل الذي يوحي لهم بأنه لا يزال يلعب دورا محوريا في بناء التحالفات والشراكات في المنطقة.

تحليلات 13:00 02.12.2018

البيان السعودي الذي أعلن عن جولة ولي العهد العربية، قبيل قمة الأرجنتين، لم يكن مفصلا بما فيه الكفاية لمحطات جولته أو المواضيع التي ستتناولها، ما ترك الباب مفتوحا لتكهنات المراقبين وما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام حول أهدافها، دون الاستناد إلى مصادر رسمية في غالب الأحيان. 

وتوحي صيغة البيان التي أشارت إلى أن جولة ولي العهد، محمد بن سلمان، جاءت بتوجيه من الملك سلمان بن عبد العزيز، بأن الهدف هو التأكيد على وحدة صف الأسرة الحاكمة، وتمسُّك الملك بابنه ودعمه الشخصي له وثقته العالية بسياساته. 

قد لا تبدو الإشارات التي بعثها بيان الديوان الملكي تعكس واقع الداخل السعودي الذي يسير باتجاه تبلور تيار راغب بإجراء تغيير حقيقي في الإدارات العامة ذات الصلة بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، لضمان عدم تكرار ذلك مرة أخرى، وإعادة صياغة عملية اتخاذ القرار وفق آليات مغايرة، تستند إلى ما عرفت به الدولة السعودية طيلة عقود من الارتكاز إلى دائرة واسعة من المستشارين ذوي الكفاءة والخبرة، بعد الأخطاء الكارثية التي تسبب بها مستشارون لولي العهد، مثل سعود القحطاني. 

ففي 22 نوفمبر/تشرين الثاني، أصدر الديوان الملكي بيانا تحدث عن توجيه العاهل السعودي وحرصه على "تعزيز علاقات المملكة إقليميا ودوليا، واستمرار التعاون والتواصل مع الدول الشقيقة في المجالات كافة"، واستجابة للدعوات المقدمة من بعض الدول، غادر ولي العهد المملكة في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 لزيارة عدد من الدول العربية الشقيقة. 

إلا أن تقارير إعلامية تحدثت عن أن جولة ولي العهد السعودي ستشمل ست دول عربية، الإمارات والبحرين ومصر وتونس، ثم (تشمل بعد مشاركته في قمة الارجنتين) الجزائر وموريتانيا، فيما لم يتم تأكيد تقارير أخرى تتحدث عن احتمالات زيارة الأردن في ختام جولته العربية بعد عودته من العاصمة الأرجنتينية. 

في محطته الأولى في دولة الإمارات، أظهر كلٌ من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وحليفه الأوثق ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد حميمية واضحة في العلاقات بينهما، عكستها زيارات عدة للأسواق وسباق الجائزة الكبرى للفورمولا واحد في أبي ظبي التي على هامشها تم تصويره مع ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس والرئيس الشيشاني رمضان قديروف وآخرين. 

وفي محطته الثانية في مملكة البحرين، بحث ولي العهد السعودي مع نظيره البحريني، الاثنين 26 نوفمبر/تشرين الثاني، فرص تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات ومسائل ذات اهتمام مشترك. 

ودشن الملك حمد بن عيسى آل خليفة وولي العهد السعودي محمد بن سلمان خط أنابيب النفط الجديد، بمعدل ضخ يصل إلى 220 ألف برميل نفط يوميا من المؤمل بلوغها 350 ألف برميل يوميا، عبر أنابيب يبلغ طولها 110 كيلومترا، تربط معامل بقيق السعودية بمصفاة باكو البحرينية. 

في القاهرة محطته الثالثة، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال زيارة استمرت يومين، غادرها إلى تونس محطته العربية الرابعة التي مكث فيها ساعات قبل مغادرته إلى الأرجنتين لحضور قمة العشرين المقرر انعقادها يومي الجمعة والسبت هذا الأسبوع. 

بدت محطة القاهرة الأكثر أهمية من المحطات العربية الثلاث الأخرى في إطار جولة ولي العهد السعودي الأولى خارج السعودية منذ حادثة مقتل جمال خاشقجي. 

بحسب البيانات الرسمية، ركزت مباحثات الطرفين على "تسيير الاتفاقيات العالقة بين البلدين"، ومواجهة التدخلات الإيرانية في المنطقة، والتزام مصر بأمن الخليج، وجددا التمسك بالشروط التي وضعتها الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) وعدم التنازل عنها لإنهاء المقاطعة على قطر. 

ورحبت تونس على الصعيد الرسمي بزيارة ولي العهد، محطته العربية الرابعة، خلافا لموجة احتجاجات شعبية ساخطة ورافضة للزيارة، على خلفية ما تشير إليه شعارات المحتجين حول "جرائم حرب" في اليمن ومسؤولية ولي العهد عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. 

وفي تونس الدولة الوحيدة في جولته خارج التحالف الرباعي ضد دولة قطر، قررت مجموعة من خمسين محاميا تكليف نشطاء في المجتمع المدني وصحفيين بتقديم شكوى قضائية لدى المحاكم التونسية لمنع ولي العهد السعودي من زيارة تونس. 

ولم يتوان النشطاء التونسيون في رفع شعارات تحاكي شعارات جماعة الحوثي اليمنية في إطلاق (الموت لأمريكا والموت لإسرائيل واللعنة على آل سعود) في استجابة رمزية لرفض ما يعتقده هؤلاء النشطاء بارتكاب جرائم حرب ضد اليمنيين. 

اللجنة الثورية العليا في اليمن التي يرأسها محمد علي الحوثي أصدرت بيانا بشأن ما أسمته "الرفض العربي لزيارة ولي العهد السعودي" توجهت فيه "بالشكر والتقدير إلى الأحرار ممن أصدروا تلك المواقف في الدول العربية كتونس ومصر والجزائر وموريتانيا وغيرها، في دلالة على حرية أصحابها ويقظتهم". 

لم تشهد زيارته لدولة الإمارات والبحرين، أي احتجاجات لافتة أو انتقادات علنية خلافا لما شهدته زيارته لمصر التي قوبلت برفض من بعض منظمات المجتمع المدني وعشرات الصحفيين. 

أما الشوارع التونسية فقد شهدت نشاطات واسعة احتجاجا على زيارة ولي العهد السعودي نظمتها نقابات مهنية ومحامون وناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي وصحفيون. 

تقارير نقلت عن مصادر دبلوماسية "مطلعة" أن محمد بن سلمان سيزور العاصمة الموريتانية في الثاني من ديسمبر/كانون الأول، أي في طريق عودته من العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس التي وصلها مساء الأربعاء 28 نوفمبر/تشرين الثاني. 

وقبيل زيارة ولي العهد السعودي، انقسم الشارع الموريتاني بين "مرحب" بالزيارة ورافض لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي يغلب على خطابها العام الرفض القاطع للزيارة. 

وزيارة ولي العهد هي الأولى لمسؤول سعودي رفيع المستوى منذ زيارة الملك فيصل بن عبد العزيز عام 1972، أي بعد 12 سنة من استقلال موريتانيا. 

واستبقت الحكومة الجزائرية زيارة ولي العهد السعودي بموقف رسمي عبر عن "ثقتها بالعدالة السعودية"، في ذات الوقت الذي أدانت فيه "اغتيال المواطن السعودي جمال خاشقجي"، حيث تربط الجزائر مع المملكة العربية السعودية "علاقات متينة وتتقاسم معها مصيرا مشتركا". 

ويرى مراقبون أن جولة ولي العهد على الدول الست تأتي في سياق مساعيه لـ"تلميع صورته" التي اهتزت بعد إشارات إلى "تورطه" بمقتل الصحفي جمال خاشقجي. 

آخرون يرون أن السعودية تحاول شراء تأييد الدول محدودة الموارد، ومنها موريتانيا، والضغط عليها لمسايرة سياسات المملكة في المنطقة في قضايا خلافية تتعلق بالمقاطعة المفروضة على دولة قطر والحرب في اليمن والتطبيع مع إسرائيل وقضايا أخرى. 

من بين قلة من الدول العربية، تبنت موريتانيا قرار دول الرباعية في مقاطعة دولة قطر وقطع جميع أنواع العلاقات معها، واتخاذ قرارات إجرائية تضمنت إغلاق الحكومة الموريتانية للعديد من المنصات والمنابر والمنظمات والمدارس المحسوبة على الإسلام السياسي. 

ومن المنتظر أن يواجه ولي العهد خلال زيارته المرتقبة إلى موريتانيا حملة رفض واسعة في الشارع الموريتاني. 

ومن الواضح أن الجولة الخارجية لولي العهد - التي سبقتها جولات داخل المملكة رافق خلالها الملك سلمان بن عيد العزيز - تهدف إلى إعادة بناء صورة ولي العهد وتعزيز العلاقات مع الدول العربية الحليفة، وضم دول أخرى إلى ما يشبه المحور الذي ينوي ولي العهد تشكيله من دول عربية، لتفادي تداعيات مقتل جمال خاشقجي والحرب في اليمن على سمعة المملكة وصورة ولي العهد. 

كما أن جولته الخارجية يراد منها بعث الطمأنينة في رسالة مزدوجة إلى الدول الحليفة، والداخل السعودي، بصلابة نظام الأسرة الحاكمة وتماسكها ردا على تقارير تحدثت عن حالة من عدم الانسجام بين ولي العهد وأمراء آخرين يتخوفون أن تؤدي سياساته إلى تقويض حكم آل سعود. 

الجزء الأول من جولته العربية عكس في محطاته الأربع والتغطية الإعلامية المصاحبة له نوعا من الرغبة لدى ولي العهد للظهور أمام قادة العالم في بوينس أيرس بالشكل الذي يوحي لهم بأنه لا يزال يلعب دورا محوريا في بناء التحالفات والشراكات في المنطقة، وقدرته على إدارة البلاد والتعاطي مع ملفات المنطقة من موقع صاحب القرار الأول بالمملكة. 

 
خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...

أحدث الأخبار

دبي تعتمد استراتيجية جودة الحياة في الإمارة
18:00 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في جنوب القوقاز علي أذربيجان؟
17:26 16.05.2024
خبير سياسي : الإتحاد الأوروبي لن يساعد أرمينيا
16:00 16.05.2024
خبير سياسي : الغرب يسعي إشعال حرب بين جورجيا وروسيا
15:59 16.05.2024
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
14:52 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في دول الجوار علي أذربيجان؟ أومود ميرزايف يجيب
13:52 16.05.2024
فيسبوك تحذف منشورات عن لقاء رئيس وزراء ماليزيا وإسماعيل هنية
12:45 16.05.2024
فرنسا تنشر الجيش لضمان أمن مرافئ ومطار كاليدونيا الجديدة
12:30 16.05.2024
مخيمات غزة تعاني ظروفاً مهينة للإنسانية
12:15 16.05.2024
مصر تتسلم 14 مليار دولار من الإمارات قيمة الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة
12:00 16.05.2024
مقتل 12 جندياً إسرائيلياً في عملية بمخيم جباليا
11:45 16.05.2024
طهران تعلن تسوية نصف القضايا العالقة مع الذرية الدولية
11:30 16.05.2024
زيلينسكي يلغي زيارته لأسبانيا والبرتغال بسبب تدهور الوضع في خاركيف
11:15 16.05.2024
فارض اسماعيل زاده: مشكلة المياه واحدة من أخطر المشاكل في أذربيجان
10:53 16.05.2024
الهند تقلّل من أهمية عقوبات واشنطن إثر اتفاقها لتطوير ميناء تشابهار الإيراني
10:30 16.05.2024
أردوغان إسرائيل قد تضع عينها على الأناضول بعد غزة
10:15 16.05.2024
العالم عند مفترق طرق
10:00 16.05.2024
الرئيس الفرنسي يعلن حالة الطورائ في كاليدونيا الجديدة
09:45 16.05.2024
الحكومة التركية تبذل قصارى جهدها لخفض معدل التضخم
09:30 16.05.2024
إطلاق نار على رئيس وزراء سلوفاكيا ونقله إلى المستشفى
09:15 16.05.2024
أردوغان يتهم حركة جولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة
09:00 16.05.2024
الأمم المتحدة تفتح تحقيقاً بمقتل أول موظف دولي في رفح
17:30 15.05.2024
خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...
16:45 15.05.2024
علييف : فرنسا تربك المجتمع الدولي
16:00 15.05.2024
خبير سياسي : أرمينيا لن تنضم للاتحاد الأوروبي
15:00 15.05.2024
بوريل: عملية رفح ستؤثر بقوة على علاقات أوروبا مع إسرائيل
14:00 15.05.2024
طائرة ترامب تتعرض لحادث في فلوريدا
13:00 15.05.2024
هل منطقة جنوب القوقاز علي مشارف حرب أوكرانية ثانية؟
12:19 15.05.2024
تحذيرات إسرائيلية من انسحاب مصر من الوساطة في مفاوضات غزة
12:00 15.05.2024
بوتين العلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا والصين تتطور بسرعة
11:30 15.05.2024
قبيل استضافتها للقمة العربية.. كيف تعاملت البحرين مع الحرب في غزة؟
11:15 15.05.2024
زلازل إثيوبيا تثير مخاوف مصرية من انهيار سد النهضة
11:00 15.05.2024
مستوطنون يقتحمون الأقصى ملوحين بالأعلام الإسرائيلية
10:45 15.05.2024
واشنطن تزيد الرسوم الجمركية على منتجات صينية بقيمة 18 مليار دولار
10:30 15.05.2024
حظر تجول في كاليدونيا الجديدة بعد احتجاجات عنيفة على تعديلات دستورية
10:15 15.05.2024
حزب الله اللبناني يعلن تدمير منطاد تجسس إسرائيلي
10:00 15.05.2024
إيران تحض الهند على علاقات طويلة المدى
09:46 15.05.2024
أوبك تبقي على توقعاتها للطلب العالمي على النفط عند 2.2 مليون برميل يوميا
09:30 15.05.2024
النزاعات والكوارث تتسبب في نزوح 76 مليون شخص نهاية 2023
09:15 15.05.2024
القسام تقتل 7 جنود إسرائيليين شرق جباليا بشمال قطاع غزة
09:00 15.05.2024
جميع الأخبار