الإسلام السياسي.....والخديعة الكبرى......!؟ حصري

تحليلات 19:00 02.12.2018

ضمن الخدائع المؤسسة للإسلام السياسي ثمة خديعة ذائعة الصيت تزعم وجود مؤامرة كونية هدفها الأول والأخير هو القضاء على الإسلام. بحيث تلجأ معظم فصائل الإسلام السياسي إلى توظيف تلك الخديعة كآلية من آليات التأثير على الجمهور.

وإن كان التأثير السياسي حقا من حقوق كل الفاعلين السياسيين، إلا أن الإفراط في التأثير على الانفعالات، والمراهنة على إثارة الحمية والعصبية مقابل تغييب العقول، كل ذلك يعد خرقا سافرا لقواعد السياسة. بل عادة ما ينتهي الأمر إلى تدمير الشرط السياسي، ومن ثمة تشتعل الفتن.

لقد شحن الإسلام السياسي النفوس بشعارات تدّعي أن إسلامنا في خطر محدق، وأن أعداءنا يتربصون بنا من كل الجهات، وأن ديننا يوشك على الضياع من أيدينا، وأن الله أكبر، مما أفضى في آخر المطاف إلى امتلاء النفوس بمشاعر الخوف والغضب والحقد والتوجس، ومن ثمة توفرت الجاهزية النفسية لدى غالبية الشعوب لكي تستسلم لغواية الإسلام السياسي، وترى فيه المنقذ من الضلال، وحامي بيضة الإسلام وشوكة المسلمين! تشكلت ملامح تلك الخديعة في العديد من النصوص الأساسية للإسلام السياسي، من ضمنها على سبيل المثال كتاب “المؤامرة على الإسلام”، لأنور الجندي، الصادر عام 1977.

تعدّ نظرية المؤامرة آلية أساسية من آليات التواصل السياسي بالنسبة لتيارات الإسلام السياسي. بل لا يتعلق الأمر بالتواصل، وإنما هو الاتصال بمعناه العمودي السلطوي، حيث هناك صوت الخطيب (الداعية، الشيخ، المرشد،)، وهناك في المقابل آذان المستمعين (الجمهور، المريدون، المصلون).

والأدهى أن الإسلام السياسي يتعمد تسمية الأعداء بمسميات قد تعني كل شيء، وقد لا تعني أي شيء، بحيث يكرس ثقافة الغموض في آخر المطاف. وبلا شك، يحيل الغموض إلى انعدام المسؤولية، وربما انعدام المروءة في بعض الأحيان.

كان عبدالإله بن كيران ينعت خصومه بـ”الأشباح والعفاريت”، وكان محمد مرسي ينعتهم بـ”الفلول”، وينعتهم رجب طيب أردوغان بـ”الدولة الموازية”. فضلا عن كل ذلك يصبح غياب الأدلة على المؤامرة دليلا على حبكة المؤامرة، فيما يشبه الحلقة المفرغة.

تبعا لهوس المؤامرة على الإسلام، يتم اختزال كل مشاكلنا في عامل واحد ووحيد: تآمر أعداء الإسلام. حتى مشاكل “الضعف الجنسي” تُنسبُ أحيانا إلى المخططات السرية لأعداء الإسلام والذين يخططون لضرب القدرات التناسلية لدى المسلمين! في كل هذا يكون الإسلام هو الدين الوحيد على وجه البسيطة الذي يستهدفه “الأشرار”، دون سائر أديان الشرق التي وراء بعضِها، ويا للمصادفة، اقتصاديات صاعدة بقوة وبالفعل (البوذية، الهندوسية).

وكذلك نتذكر كيف خوّن الإخوان والسلفيون منافسيهم من القوى الوطنية واعتبروهم أداة للغرب، قبل أن يقوموا بإقصائهم من لجنة صياغة الدستور. لكن لم يتأخر الوقت لكي يدفعوا ثمن مناوراتهم ضمن مآل مأساوي في الحساب الأخير. عموما، إذا كنا ننتقد البنى الاستبدادية التقليدية في أوطاننا، فمن الواجب أن نعيد التأكيد بنحو لا لبس فيه بأن الإسلام السياسي يعيد تشكيل نفس البنى الاستبدادية بنحو أشد خطورة كما تشهد على ذلك التجربة الإيرانية والتجربة السودانية، بل وكما تشهد على ذلك الفتنة المشتعلة في الكثير من المجتمعات ذات الغالبية المسلمة. الإسلام السياسي يصر على أن يصدع رؤوسنا بنفس الأسطوانة المشروخة بأن الإسلام في خطر، وبأن المسلمين مستضعفين في الأرض. سواء كان العدو خارجيا ممثلا في “الاستكبار العالمي”، أو داخليا ممثلا في “حكم الطاغوت”، فإنّ الإفراط في استعمال خديعة المؤامرة على الإسلام ليكشف لنا عن مستويين من الضعف داخل تنظيمات الإسلام السياسي:

أولهما: أن تلك التنظيمات لا يحركها مشروع حضاري واضح المعالم لغاية التنمية وتوفير الخدمات الاجتماعية، بقدر ما يحركها هاجس التمكين والسيطرة على السلطة. فما إن يصدق الشعب بأن هناك مؤامرة على الإسلام حتى يمنح صوته لمن ينصبون أنفسهم حماة لبيضة الإسلام. ثانيهما: يُعتبر التآمر على الإسلام أفضل مبرر لردع أي معارضة لحكومة يتزعمها منتحلو صفة الناطقين باسم الله، ممن يطلقون على أنفسهم “جند الله” و”حزب الله” و”أنصار الله”، و”أنصار الشريعة”.

وكما لا يخفى، فلولا اصطدامهم بقوة المجتمع المدني في تونس، ولولا سوء منقلبهم في مصر، ولولا عدم تحكمهم في كل شيء بالمغرب، لكانت المنطقة بأسرها قد وقعت في دوامة لا يعلم مداها إلا الله. حرص الإسلام السياسي منذ ظهوره في النصف الأول من القرن العشرين على صياغة نظرية المؤامرة وفق النمط النازي تحديدا.

ذلك أن هتلر، هو أول حاكم يتسلط على رقاب شعبه بدعوى وجود مؤامرة يهودية على وطنه، وعلى العالم بأسره. لقد أعاد الإسلام السياسي صياغة نفس الرؤية انطلاقا من المتن الفقهي هذه المرة. فقد اعتبر المؤامرة على الإسلام ناجمة عن معاندة أهل الباطل لأهل الحق. وذلك هو التصور الذي كرسه سيد قطب. لكن سرعان ما أصبحت المؤامرة على الإسلام مؤامرة على الإسلام السياسي تحديدا، ولا سيما بعد أن انتحل الإسلام السياسي صفة المدافع الرسمي عن الإسلام.

أمام المؤامرة الكونية ضد الإسلام يلعب الإسلام السياسي دور المظلوميّة، حتى لو قُدمت إليه كل التنازلات الممكنة على طبق من ذهب، حتى ولو كان شريكاً في الحكم كما هو الحال في المغرب، بل حتى ولو كان ينفرد بالحكم كما هو الحال في تركيا. يمارس دور الضحية في كل أحواله، سواء طاردته أميركا في جبال قندهار كما تفعل في بعض الأحوال، أو أغدقت عليه بالأموال كما تفعل في أحوال أخرى، سواء حشرته الأنظمة في السجون كما الحال في سوريا الأسد أو مكنته من الوصول إلى دواليب البلاط كما الحال في قطر.

وكمثال من أرض المغرب يمكننا ملاحظة أن مجمل البنية الخطابية لرئيس الحكومة الحالي سعدالدين العثماني، وكذلك لرئيس الحكومة السابق عبدالإله بن كيران، يقوم على أساس منطق المظلومية على طريقة “لا نستطيع فعل ما يجب فعله لأننا مغلوبون على أمرنا”. يتعلق الأمر بحيلة سخيفة تقوم على ما يلي: إذا لم يكن لديك تصور واضح للعمل الذي يجب عليك القيام به فقل للناس، إن بعض الناس لا يتركونني أعمل، أو لا يوفرون لي البيئة المناسبة لكي أعمل صالحا، أو يرفضون التعاون معي لكي أعمل مثقال ذرة، وما إلى ذلك من بكائيات الفاشلين. إنها الحيلة نفسها التي رأيناها في تونس إبان حكم الترويكا، وفي المغرب خلال حكم حزب العدالة والتنمية. في عالم اليوم الذي يصفه أتباع الأخوين قطب بـ”جاهلية القرن العشرين”، هناك أكثر من ثلاثة ملايين مسجد في مختلف أنحاء العالم، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب.

حتى في فرنسا العلمانية فإن عدد المساجد يتزايد وعدد الكنائس يتراجع في المقابل. وتبقى الدعوة الدينية الإسلامية حرة بمختلف توجهاتها العقدية. رغم ذلك، يصر الإسلام السياسي على أن يصدع رؤوسنا بنفس الأسطوانة المشروخة بأن الإسلام في خطر، وبأن المسلمين مستضعفين في الأرض.

رئيس المركز الدولي لحوار الحضارات والأديان والتعايش السلمي الشيخ الزيتوني لطفي بن محمود الشندرلي

 
 
 
خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...

أحدث الأخبار

النمسا ستستأنف تمويل الأونروا
15:00 19.05.2024
الحزب الشيوعي الفيتنامي يختار تاو لام ليصبح رئيسا جديدا للبلاد
14:00 19.05.2024
الأونروا عدم فتح المعابر ينذر باستمرار الظروف الكارثية في غزة
13:00 19.05.2024
مئات الآلاف أجبروا على الفرار من رفح
12:00 19.05.2024
عشرات القتلى في فيضانات جديدة ضربت أفغانستان
11:00 19.05.2024
4.4 مليار دولار فائض الميزان التجاري لسلطنة عمان بنهاية فبراير
10:00 19.05.2024
إسطنبول تستضيف قمة تركية عربية اقتصادية في يونيو
09:00 19.05.2024
كتائب القسام تعلن قتلها 15 جندياً إسرائيلياً شرق رفح
15:00 18.05.2024
جنوب إفريقيا نرفض الاتهامات الإسرائيلية للمؤسسات الأممية
14:00 18.05.2024
أرمينيا تؤكد التزامها بالسلام الدائم والمستقر في القوقاز
13:00 18.05.2024
تشاد تحديات عديدة أمام ديبي بعد انتخابه رئيسا للبلاد
12:00 18.05.2024
بوتين يسعى إلى تعاون أكبر في مجال الطاقة مع الصين
11:00 18.05.2024
المركزي التركي يتوقع تراجع التضخم وسعر الصرف
10:00 18.05.2024
أردوغان يصدر عفواً صحياً عن جنرالات انقلاب 28 فبراير
09:00 18.05.2024
نضال سليم : سبب مشكلة الجفاف العالمية هي زيادة الطلب علي المياه
17:33 17.05.2024
ماذا يحدث في جنوب القوقاز؟
17:00 17.05.2024
خبير سياسي : الاتحاد الأوروبي يسعي إلي السيطرة علي المنطقة
16:00 17.05.2024
خبير سياسي : "الغرب يستخدم أرمينيا ضد روسيا"
13:00 17.05.2024
رئيس الوزراء السنغالي ينتقد تواجد القواعد العسكرية في بلاده
12:00 17.05.2024
كاليدونيا الجديدة... طوارئ ومطالب بالاستقلال عن فرنسا
11:46 17.05.2024
صندوق النقد يتوقع نمو الاقتصاد العراقي 1.4 % في 2024 و5.3 % في 2025
11:30 17.05.2024
روسيا والصين تعملان معاً من أجل خلق نظام عالمي عادل
11:15 17.05.2024
حماس ترحب بإعلان قمة البحرين وتوجه دعوة للدول العربية
11:00 17.05.2024
بطريرك القدس للاتين يزور مدينة غزة
10:45 17.05.2024
الهند المعارضة تتهم مودي بإصدار تصريحات تشهّر بالمسلمين
09:30 17.05.2024
الرئيس الموريتاني السابق يغادر السجن لتقديم ملف ترشحه للرئاسية
09:15 17.05.2024
مصر ترفض مقترحاً إسرائيلياً حول معبر رفح
09:00 17.05.2024
دبي تعتمد استراتيجية جودة الحياة في الإمارة
18:00 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في جنوب القوقاز علي أذربيجان؟
17:26 16.05.2024
خبير سياسي : الإتحاد الأوروبي لن يساعد أرمينيا
16:00 16.05.2024
خبير سياسي : الغرب يسعي إشعال حرب بين جورجيا وروسيا
15:59 16.05.2024
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
14:52 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في دول الجوار علي أذربيجان؟ أومود ميرزايف يجيب
13:52 16.05.2024
فيسبوك تحذف منشورات عن لقاء رئيس وزراء ماليزيا وإسماعيل هنية
12:45 16.05.2024
فرنسا تنشر الجيش لضمان أمن مرافئ ومطار كاليدونيا الجديدة
12:30 16.05.2024
مخيمات غزة تعاني ظروفاً مهينة للإنسانية
12:15 16.05.2024
مصر تتسلم 14 مليار دولار من الإمارات قيمة الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة
12:00 16.05.2024
مقتل 12 جندياً إسرائيلياً في عملية بمخيم جباليا
11:45 16.05.2024
طهران تعلن تسوية نصف القضايا العالقة مع الذرية الدولية
11:30 16.05.2024
زيلينسكي يلغي زيارته لأسبانيا والبرتغال بسبب تدهور الوضع في خاركيف
11:15 16.05.2024
جميع الأخبار