عندما ودّع الحراس الأمريكيون صدام حسين تحليل

لم يهتم صدام حسين كثيرا بالتهم الموجهة له ويبدو أنه كان شبه متأكد من الحكم عليه بالاعدام

تحليلات 10:00 01.01.2019

خلال صيف عام 2006 لم تكن الوحدة 515 التابعة للشرطة العسكرية الأمريكية في العراق تقوم بمهام تذكر سوى حراسة أحد المستشفيات في المنطقة الخضراء أو مرافقة بعض القوافل من حين إلى آخر. لكن الأمور اتخذت منحى آخر تماما بنهاية العام، وباتت الوحدة مكلفة بحراسة "معتقل مهم جدا"، لم يكن سوى الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. هذا بعض مما جاء في كتاب الضابط في الجيش الأمريكي، ويل باردنويربر، الذي يحمل عنوان "صدام حسين وحراسه الأمريكيون، سجين قصره".

"لقاء رمز الشر"

حدق أحد عناصر الحراسة في وجه صدام حسين بتمعن بينما كان الأخير يغط في نوم عميق عندما شاهده لأول مرة وجها لوجه، رغم أنه يعرفه تماما بسبب العدد اللامتناهي من الأخبار التي تناولته وصوره على صفحات المجلات والصحف.

خلال تلك الفترة كانت تجري محاكمة صدام أمام محكمة عراقية أنشأتها الولايات المتحدة الأمريكية وكان يتم نقله من المعتقل والذي كان داخل قصر له على ضفاف نهر دجلة، إلى مقر المحكمة وكانت الوحدة 515 مسؤولة عن ذلك والحفاظ على حياته وضمان سلامته.

أطلق عناصر الحماية على أنفسهم مجموعة "سوبر 12" وكانت مهمتهم السهر على راحة "رمز محور الشر" حسب تصنيف الولايات المتحدة وقتذاك، وكانت واشنطن حريصة جدا على الحفاظ على حياته وضمان محاكمته لأن ذلك سيظهرها حريصة على تطبيق العدالة وليس الإنتقام.

زنزانة صدام حسين

كانت الزنزانة التي سجن فيها صدام داخل أحد قصوره

في الأيام الأولى لم تكن هناك جلسات محاكمة، فكان الوقت يمضي بطيئاً مملاً، إذ لم يكن الكثير من الأشياء التي يمكن القيام بها.

ومع مرور الوقت نشأت بعض الألفة بين الحراس وصدام الذي لم تكن تبدو عليه علامات "الشر" حسب قول أحد الحراس. وتطورت العلاقة بين بعض الحراس وصدام الى نوع من الصداقة خلال فترة قصيرة.

استغرب الحراس رضا صدام عن ظروف اعتقاله في زنزانة صغيرة بدلاً عن قصوره الفارهة العديدة. كان يستمتع كثيراً بالجلوس على كرسي صغير خارج الزنزانة وأمامه مائدة صغيرة عليهاعلم عراقي صغير، يكتب عليها ويدخن سيجار كوهيبا الكوبي الفاخر الذي كان حريصا على تخزينه في علب خاصة للحفاظ على رطوبة السيجار.

"افتح ياسمسم"

كان صدام يهتم كثيراً بطعامه، يتناول فطوره على مراحل، في البداية يتناول العجة وبعدها قطعة حلوى وفي الأخير الفاكهة. كان يرفض تناول العجة إذا لم تعجبه.

كان يستمع إلى الراديو ويتوقف عن البحث عن محطة راديو أخرى لدى سماعه المطربة الأمريكية ماري بليج. كما كان يحب ركوب الدراجة الهوائية التي كان يسميها "المهرة" وكان يمازح الحراس ويقول إنه غزال يقوي سيقانه عبر ممارسة الرياضة كي يتمكن لاحقا من القفز فوق أسوار السجن.

وضحك صدام عندما سمع الحراس يقولون إن زميلاً لهم يشبه شخصية دراكولا في مسلسل الرسوم المتحركة "افتح يا سمسم".

كما كان يبدي اهتماما بالحياة الخاصة للحراس ويسألهم عن أفراد أسرهم إلى درجة أنه كتب قصيدة لزوجة أحدهم.

القصر الذي سجن فيه صدام

القصر الذي سجن فيه صدام اثناء جلسات المحاكمة

وكان العديد من الحراس متزوجين ولديهم أطفال فكان يتبادل الأحاديث معهم عن المشاكل التي يواجهها الآباء مع الأبناء وبعض الحوادث الطريفة التي عايشها.

غضب شديد

تحدث صدام عن قيام ابنه عدي باطلاق النار على رواد أحد النوادي الليلية في بغداد فقتل وأصاب العشرات وهو ما أثار غضبه ونقل الحراس عنه قوله : كنت غاضبا جدا أضرمت النار بكل سياراته"، يذكر أن عدي كان يمتلك العديد من السيارات الفارهة مثل رولز رويس وفيراري وبورش وغيرها.

وأضاف صدام: وقفت استمتع بالنظر إلى النيران وهي تأتي على سيارات عدي.

وقال حارس آخر إن صدام كان يتمتع بأفضل ما يمكن أن يحصل عليه سجين وكنت على قناعة بأنه لو استطاع أنصاره الوصول إليه من أجل تحريره فلن يلحق بنا الأذى فقد كنا على علاقة جيدة معه.

كان صدام خلال جلسات المحاكمة شخصية أخرى، وكان غير معني بالدفاع عن نفسه ، بل كان يتحدث وكأنه يوجه كلامه لمن سيكتب التاريخ لاحقا ويلقي الضوء على الأرث الذي تركه.

وكانت نتيجة المحاكمة شبه محسومة والكل كان على يقين تقريبا بأنه يواجه الموت. لكن عندما كان يعود من جلسات المحاكمة كان يعود إلى شخصيته المعهودة ويتصرف كأنه بمثابة جد للحراس.

ماري بليج

كان يصدام يستمع إلى المطربة ماري بليج عبر الراديو

لحظة قاسية

ويقول مؤلف الكتاب ويل باردنوربر إن الحراس الأثني عشر قاموا بواجبهم بمهنية وإنسانية رغم الظروف الفظيعة التي كانت سائدة وقتها و"رغم أن هؤلاء الشبان لم يتلقوا أي تدريبات للتعامل مع سجين من هذا النوع، بل تلقوا تدريبات مثل غيرهم من عناصر الشرطة العسكرية حول طريقة التعامل مع السجناء من العسكريين وليس رئيس دولة سابق".

ويوضح الكاتب أنه مهما كانت التحديات والمشاكل التي واجهها الحراس اثناء حراسة صدام "لكن اللحظة الأقسى كانت في نهاية مهمتهم، فالإحساس بأنك لعبت دوراً في موت شخص تعرفت عليه وعايشته لفترة أشد وطأة من إطلاق النار على شخص لا تعرفه من مسافة بعيدة، لا أقول إن إطلاق النار على شخص أمر سهل لكنه حتما يختلف عن معايشة شخص على مدار الساعة مثل هؤلاء الحراس وفي النهاية تسلمه إلى الآخرين كي يقتلوه".

كانت اللحظات الأخيرة لمرافقة الحراس الأمريكيين لصدام يوم تنفيذ حكم الإعدام فيه. عانق صدام الحراس الذين سلموه إلى القائمين على تنفيذ حكم الإعدام، في النهاية هذا شأن عراقي داخلي حسبما يقول الكاتب. لم ير الحراس عملية الإعدام لكنهم شاهدوا الظلال وصرير فتح الباب الذي كان يقف عليه صدام و سقوطه وطقطقة خلع رقبته.

كان أصغر الحراس عمراً الجندي آدم روجرسون. كان في الثانية والعشرين من العمر. تحدث روجرسون في مقابلة معه بداية 2018 عن اللحظات الأخيرة التي سبقت عملية الإعدام وقال: كان يوما حزيناً. بعد توقف الضجيج والصخب عرفنا إننا في المنطقة المحصنة الآمنة وأنه لن يأتي أحد لأخذ صدام. وقبل أن يسير إلى غرفة الإعدام توجه إلينا وودعنا وقال: كنتم جميعا بمثابة أصدقاء. بكى بعض الحراس أما هو فقد كان حزينا. كانت لحظات غريبة، تعاركت مع الآخرين ونجوت من العبوات الناسفة، لكن لم أكن مهيأً لمواجهة وضع كهذا".

صدام حسين

ودع صدام حراسه الأمريكيين وبكى بعض الحراس

لحظات مشحونة

وأضاف : بعد دخوله سمعنا بعض الضجيج وتلاه صراخ بعدها سمعنا صوت سقوط شيء على الأرض. بعدها شاهدته محمولا على الأكتاف. كما قام البعض بالبصق عليه وركله وسمعنا صوت إطلاق نار. كانت لحظات مشحونة للغاية. كانت مهمتنا حماية شخص وجرى تدريبنا على ذلك وبعدها تقوم بتسليم الشخص الذي كنت تحميه كي يقتله الآخرون ويتعرض للركل ويبصق عليه بعد موته. شعرت بالإحترام نحوه بعد موته".

وأضاف لقد جرت محاكمة صدام على الجرائم التي اقترفها وصدر الحكم عليه ولا اعتراض لدي على ذلك ولا أقول إنه لم يستحق ذلك الحكم، لكن الأمر ليس سهلا بالنسبة لشخص في الثانية والعشرين من العمر فقط ،ربما لم أكن مهيئاً لذلك. ورغم أنني لم أكن الشخص الذي ارتطمت جثته بالأرض، لكن أحيانا أتخيل نفسي أعيش نفس التجربة حتى الآن".

 
خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...

أحدث الأخبار

دبي تعتمد استراتيجية جودة الحياة في الإمارة
18:00 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في جنوب القوقاز علي أذربيجان؟
17:26 16.05.2024
خبير سياسي : الإتحاد الأوروبي لن يساعد أرمينيا
16:00 16.05.2024
خبير سياسي : الغرب يسعي إشعال حرب بين جورجيا وروسيا
15:59 16.05.2024
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
14:52 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في دول الجوار علي أذربيجان؟ أومود ميرزايف يجيب
13:52 16.05.2024
فيسبوك تحذف منشورات عن لقاء رئيس وزراء ماليزيا وإسماعيل هنية
12:45 16.05.2024
فرنسا تنشر الجيش لضمان أمن مرافئ ومطار كاليدونيا الجديدة
12:30 16.05.2024
مخيمات غزة تعاني ظروفاً مهينة للإنسانية
12:15 16.05.2024
مصر تتسلم 14 مليار دولار من الإمارات قيمة الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة
12:00 16.05.2024
مقتل 12 جندياً إسرائيلياً في عملية بمخيم جباليا
11:45 16.05.2024
طهران تعلن تسوية نصف القضايا العالقة مع الذرية الدولية
11:30 16.05.2024
زيلينسكي يلغي زيارته لأسبانيا والبرتغال بسبب تدهور الوضع في خاركيف
11:15 16.05.2024
فارض اسماعيل زاده: مشكلة المياه واحدة من أخطر المشاكل في أذربيجان
10:53 16.05.2024
الهند تقلّل من أهمية عقوبات واشنطن إثر اتفاقها لتطوير ميناء تشابهار الإيراني
10:30 16.05.2024
أردوغان إسرائيل قد تضع عينها على الأناضول بعد غزة
10:15 16.05.2024
العالم عند مفترق طرق
10:00 16.05.2024
الرئيس الفرنسي يعلن حالة الطورائ في كاليدونيا الجديدة
09:45 16.05.2024
الحكومة التركية تبذل قصارى جهدها لخفض معدل التضخم
09:30 16.05.2024
إطلاق نار على رئيس وزراء سلوفاكيا ونقله إلى المستشفى
09:15 16.05.2024
أردوغان يتهم حركة جولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة
09:00 16.05.2024
الأمم المتحدة تفتح تحقيقاً بمقتل أول موظف دولي في رفح
17:30 15.05.2024
خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...
16:45 15.05.2024
علييف : فرنسا تربك المجتمع الدولي
16:00 15.05.2024
خبير سياسي : أرمينيا لن تنضم للاتحاد الأوروبي
15:00 15.05.2024
بوريل: عملية رفح ستؤثر بقوة على علاقات أوروبا مع إسرائيل
14:00 15.05.2024
طائرة ترامب تتعرض لحادث في فلوريدا
13:00 15.05.2024
هل منطقة جنوب القوقاز علي مشارف حرب أوكرانية ثانية؟
12:19 15.05.2024
تحذيرات إسرائيلية من انسحاب مصر من الوساطة في مفاوضات غزة
12:00 15.05.2024
بوتين العلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا والصين تتطور بسرعة
11:30 15.05.2024
قبيل استضافتها للقمة العربية.. كيف تعاملت البحرين مع الحرب في غزة؟
11:15 15.05.2024
زلازل إثيوبيا تثير مخاوف مصرية من انهيار سد النهضة
11:00 15.05.2024
مستوطنون يقتحمون الأقصى ملوحين بالأعلام الإسرائيلية
10:45 15.05.2024
واشنطن تزيد الرسوم الجمركية على منتجات صينية بقيمة 18 مليار دولار
10:30 15.05.2024
حظر تجول في كاليدونيا الجديدة بعد احتجاجات عنيفة على تعديلات دستورية
10:15 15.05.2024
حزب الله اللبناني يعلن تدمير منطاد تجسس إسرائيلي
10:00 15.05.2024
إيران تحض الهند على علاقات طويلة المدى
09:46 15.05.2024
أوبك تبقي على توقعاتها للطلب العالمي على النفط عند 2.2 مليون برميل يوميا
09:30 15.05.2024
النزاعات والكوارث تتسبب في نزوح 76 مليون شخص نهاية 2023
09:15 15.05.2024
القسام تقتل 7 جنود إسرائيليين شرق جباليا بشمال قطاع غزة
09:00 15.05.2024
جميع الأخبار