يتواصل النزاع بين أرمينيا وأذربيجان منذ أكثر من 30 عاماً. الحرب الأولى وثم الهدنة وربع قرن من المفاوضات الفاشلة. لقد نجح الدبلوماسيون والسياسيون بالفعل في التقدم في العمر، وفي تمثيل عملية الوساطة وكسب الكفلاء لعملية التفاوض أنفسهم جميع المكاسب السياسية التي يمكن تصورها وخلقوا صورة "لحفظة السلام".
وهكذا، كل شيء الآن هناك كما كان. وفي الوقت نفسه، فإن ويتضاعف ثمن النزاع الذي لم يتم حله: ينفق الطرفان مليارات الدولارات على سباق التسلح ويسفك الجنود الدماء على خط التماس ودموع الأمهات الذين يشيعونهم، ويولد المزيد من الأطفال بعيداً عن أرضي أبائهم وقبور أجدادهم ولا تزال الكراهية المتبادلة تسمم النفوس .
طالما نعلق أنفسنا بالماضي فإن العالم يغير نفسه ويدخل حقبة جديدة. على خلفية الديناميات العالمية المتغيرة بسرعة والتحديات والفرص الجديدة يبدو أن الصراع في قاره باغ هو من بقايا فترة ما قبل التاريخ والأعصاب التي تمنع شعوبنا من اللحاق بخطى التنمية العالمية. أذربيجان، مع ذلك، لديها الموارد للتعويض عن هذا التأخير، وبالنسبة لأرمينيا يمكن أن تصبح قاتلة. من المستحيل أن تعيش إلى الأبد على قروض دولية وبدعم الشتات وفي عزلة جغرافية ودون استثمارات حقيقية وعلاقات اقتصادية خارجية كاملة. وتجهد لسحب حقيبة دون مقبض ومسماة ب"جمهورية قاره باغ الجبلية ". الركود الآن وفي المستقبل: التدهور والانقراض. لا يوجد مستقبل ...
من الضروري استخلاص النتائج. فيما يلي استنتاجاتي الشخصية في صيغة الأطروحات:
لا أحد غيرنا قادر على تحقيق السلام.
- السلام بيننا هو مسؤوليتنا المشتركة. يجب علينا نحن أنفسنا أن نحقق ذلك ونبدأ العمل.
- كل الناس اعتباراً من قادة الدولة إلى الناس العاديين خارج السياسة، على جانبي الحدود علينا بإعداد الأرضية النفسية والعملية لإنهاء النزاع والتحرك نحو السلام وبذل قصارى جهودنا للتغلب على المأزق الحالي.
هذا يعني أنه علينا التحدث والتفاوض بصورة مباشرة. منذ سنوات عديدة أكرر هذه الحقيقة بلا كلل: لا خيار آخر ، ولن يكون هناك.
ولكن فقط مع من نتحدث ونتفاوض؟ هناك حاجة إلى شرح الواقعة. في الواقع، هذا السؤال الذي دفعني إلى هذا كتابة النص.
منذ عقدين من الزمن، كانت الطائفة القاره باغية تسيطر على أرمينيا. لم يكن قادتها قابلاً للتفاوض، أولاً بسبب مسؤوليتهم عن بدء الحرب والتطهير العرقي وجرائم الحرب الأخرى دون فرض قيود. اعتبر "حزب الحرب" أرمينيا أنها أرض محتلة وفي الواقع وكأنها قامت بخصخصتها وزرعت فكرة "الحصن المحاصر" في المجتمع.
أدت الأحداث الدراماتيكية لعام 2018 إلى تغيير النظام في أرمينيا. أدى وصول القيادة الجديدة إلى السلطة إلى إثارة الأمل ليس فقط داخل البلاد، ولكن في الخارج أيضاً. بما في ذلك في أذربيجان التي تأمل في أن تساعد واقعية الزعماء الجدد الذين لم يشوهوا أنفسهم في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية على تحريك عملية التسوية عن نقطة ميتة.
لقد مر عام منذ ذلك الحين. حان الوقت لتقييم الوضع ليس بالكلمات بل بالأفعال. لكن حتى الآن، هناك فقط أقوال وأصوات. علاوة على ذلك، فإن الخطاب الأخير الصادر عن قيادة أرمينيا وأقصد التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء نيكول باشينيان يعيد عملية التسوية مرة أخرى.. جوهرها: أرمينيا لن تعيد الأراضي المحتلة لأذربيجان ؛ علاوة على ذلك، لم تستبعد إمكانية الاستيلاء على أراض جديدة لتشارك في التفاوض من موقع القوة وكأمر واقع. بالإضافة إلى ذلك، صرح رئيس الوزراء بالحاجة إلى العودة إلى عملية التفاوض لممثلي ما يسمى ب"جمهورية قاره باغ الجبلية" غير المعترف بها.
يمكنك اعتبار هذا الخطاب بمثابة الخطابي الشعبوي الذي يعكس التصور غير الكافي للواقع السائد والتوازن العسكري لأطراف النزاع. لكن السيد باشينيان ليس بأي حال من الأحوال هواة يترقون بالخطأ إلى قمة الموجة السياسية. يكفي أن نتذكر كيف لعب مع فريقه مجموعة متعددة الحيل، مما تحول، بعد أن بدأ من نقطة بعيدة عن أقوى منصب، إلى أن يصبح قائداً لأرمينيا. لذلك، بغض النظر عن الدوافع، فإن هذه العبارات لا تأتي بنتائج عكسية فحسب، بل خطيرة أيضاً. بما في ذلك لأرمينيا نفسها. بيانات حول الاستيلاء على أراض أجنبية من أجل تعزيز مواقفها التفاوضية أو الابتزاز أو مبادلتها للسلام، مع تجاهل الحقائق العسكرية والسياسية السائدة، هذا هو السخرية والخداع وعدم الكفاءة في أنبوب واحد. وفي الواقع - "كازوس بيلي" أي ذريعة للحرب.
تأثرت خصوصاً بهذا الجانب للقضية. ما ه، في رأي نيكول باشينيان، و مصير سكان المناطق التي ينوي الاستيلاء عليها مقابل التبادل اللاحق للسلام؟ في حساباته الاستراتيجية، لا يؤخذ في الاعتبار معنى ما يقوله على الإطلاق. يمكن أن يكون البعد بين التصريحات غير المسؤولة والإفلات عن العقاب، كما يتضح من الممارسات المحزنة للعقود الماضية من البوسنة إلى رواندا، قصيراً للغاية. ومدينة لاهاي يمكن أن تكون وجهتها النهائية.
لأكون صادقًا، في البداية ، قبلت وصول الساسة الجدد إلى السلطة في أرمينيا إيجابياً، والذين حلوا محل النظام الجنائي العسكري لعصابة كوتشاريان وساركيان التي كانت مسؤولة عن الجرائم ضد الإنسانية، وفي المقام الأول التطهير العرقي للأراضي المحتلة. أعتقد أن باشينيان الذي حصل على تفويض من المجتمع الأرمني بالثقة، وبدأ بالفعل في تنظيف "إسطبلات خيول أوغيين" التي تركها له "عشيرة قاره باغ" ، سيأخذ مساراً جديداً في مسألة حل النزاع مع أذربيجان فيما يخص للمفاوضات حول قاره باغ الجبلية غير المعترف بها. أليست هذه الخدعة لترجمة مسألة العدوان الفعلي المعترف به دولياً إلى مستوى حقوق "الأقلية المضطهدة" في تقرير المصير الوطني؟ هل ظهور ممثلي قاره باغ من الأرمن على طاولة المفاوضات قادر على إخفاء حقيقة العدوان الأرمني؟ ماذا سيكون وضع ممثلي "دولة" زائفة غير معترف بها؟ قام أرمن قاره باغ وهم مواطنون لأذربيجان بانتفاضة مسلحة ضد الدولة ولا يمكن أن يكونوا طرفًا ثالثاً في المفاوضات الدولية بين أذربيجان وأرمينيا. لا يمكن اللعب بهذه البطاقة من يريفان. لماذا إذاً وضعنا في جدول الأعمال أفكاراً غير قابلة للتحقيق عمداً؟ وبالمناسبة، سؤال آخر في هذا الصدد. حسب باشينيان، إذا كان ينبغي لأرمن قاره باغ أن يصبحوا مشاركين متساوين في العملية، فلماذا يتم تجاهل المشاركة المماثلة لممثلي المجتمع الأذربيجاني؟ لا كلمة عنهم.
اتضح أن قادة أرمينيا الجدد لم ينضجوا بعد كشركاء في المفاوضات. هناك العديد من الأسباب، بما في ذلك الموقف الداخلي غير مستقر والضغط من المجلس العسكري الميداني من عساكر جمهورية قاره باغ الجبلية والشتات والباحثين عن الانتقام من النظام السابقوكل هذا أغلق مجالاً للمناورات. يبدو أن القيادة السابقة لأرمينيا كانت قادرة على التسوية، ولكن لم يكن لديها الرغبة. وفي الوقت الحاضر - لديه الرغبة (على الأقل، وأود أن نأمل ذلك)، ولكن لم يكن لديها فرصة.
لكن أذربيجان لا يمكن أن تكون رهينة إلى الأبد للمشاكل الداخلية لأرمينيا! الوقت الذي كان فيه موضوع النزاع، لا رجعة فيه إلى الماضي؛ الآن هو فاعل، وهذه الحقيقة الثابتة وعلى ما يبدو، لم يتم قبوله من قبل النخبة الأرمنية. وعبثا! لا يمكننا الانتظار إلى الأبد!
وهنا تتبين المعضلتان: الواحدة لأرمينيا والآخر لأذربيجان.
يجب على أرمينيا التغلب على خلافاتها الداخلية والدخول في مفاوضات حقيقية (غير تقليدية) لحل النزاع. أو تكون مستعدة للجولة الثانية التي تتمتع أذربيجان بتفويض من القانون الدولي.
ستضطر أذربيجان، بدورها، في حالة غياب خطوات متقابلة من جانب أرمينيا، إلى الاختيار بين الأسوأ والأسوأ. السيناريو السيئ هو استعادة السيادة والسلامة الإقليمية بالقوة (بالضبط بالطريقة التي داست بها أرمينيا قبل ربع قرن). أسوأ سيناريو هو الحفاظ على الوضع الراهن. من الواضح، أن أياً سيناريوهات سيتم اعتماده في حالة غياب التقدم في التسوية السياسية للصراع ، زمن يتحمل المسئولية عن هذا الشكل للتطورات.
وكلما أسرع الطرفان في شق طريقهما لحل المشكلة، يكان ذلك أفضل. يجب ألا يفوتوا فرصتهم المشتركة المتواصلة لحل المشكلة والانتقال من العداء إلى التعايش السلمي والتفاعل. ينبغي على أرمينيا أن تنتزع عن احتلال قاره باغ وعلىأذربيجان ضمان حقوق الجالية الأرمنية والمساواة والأمن والازدهار غي إطار دولة واحدة.
والبديل لهذا هو حرب قاره باغ الثانية. الوضع الراهن غير المستقر ولم يكن أبدياً، إنه سينهار عند أول صوت للمدفع وستظل هناك عواقب وخيمة على الأجيال القادمة.
الترجمة: ذاكر قاسموف
Zakir Qasımov