تلفزيون"المستقبل" اللبناني: أزمة محطة أم أزمة الحريري؟

الازمة التي تواجه مجمل مؤسسات الحريري لها علاقة بتراجع الدعم السعودي للحريري

تحليلات 15:00 11.08.2019

ليس من السهل أن يكون رب عملك وخصمك هو رئيس وزراء. "دخيلك نحن مش قدو"، هكذا كان موقف معظم موظفي تلفزيون "المستقبل" الذين تواصلنا معهم للحديث عن إضرابهم المستمر منذ نهاية الشهر الماضي.

لا يريد الكثيرون منهم الحديث للإعلام، إما حرصاً على أي إمكانية لتحصيل حقوقهم مستقبلا، أو التزاما بنصيحة محام أو حتى وفاء لمحطة شكلَت بالنسبة لبعض العاملين فيها، أكثر من مجرَد وظيفة، بل قضية سياسية.

يقول أحد الموظفين: "حتى هؤلاء الملتزمون سياسيا الذين رفضوا في السابق مجاراة باقي الموظفين في أي عمل تصعيدي، انضموا إلينا اليوم" وأضاف: "باتت الأمور صعبة للغاية على الجميع ولذلك هناك اليوم التزام كامل بهذا الإضراب".

بدأت أزمة تلفزيون المستقبل منذ نحو خمس سنوات عندما باتت الإدارة تتأخر في دفع أجور الموظفين، ثم توقفت كليا عن الدفع لأشهر عديدة، لتعود وتدفع نصف الأجور وتعد بإيجاد حلول للمشاكل المادية التي تواجه المحطة، لم يتحقق شيء أبداً.

أًجبر كثيرون على البحث عن وظائف أخرى أو التفاوض مع المصارف لإعادة جدولة ديونهم، وبعضهم اضطروا لبيع أثاثهم، حسب ما أخبرنا عاملون في القناة.

وحول تأثير هذه الأزمة على العاملين في المحطة، أوضح أحد الصحفيين: "كلَفت هذه الأزمة العديد من الزملاء زواجهم. فهناك انفصالات عديدة حدثت بسبب الضائقة المالية".

انتظر الموظفون حتى نهاية الشهر الماضي وعندما لم تُدفع أجورهم، قرروا الاضراب. في 30 يوليو /تموز توقف الموظفون عن تحضير وتقديم نشرات الأخبار ومن ثم لحق بهم قسم البرامج، فباتت المحطة تعتمد في ساعات بثها كلها على الإعادات والبرامج القديمة.

"في اليوم الذي توقفنا فيه عن الهواء، كنّا مقهورين جداً ولكننا تفاجأنا أن الإدارة لم تكترث أبدا" حسب وصف أحد الصحفيين.

وتوقع الموظفون أن تستدعيهم الإدارة أو تتحاور معهم، لكنَ شيئاً من ذلك لم يحدث، بحسب ما أخبرونا. انتظر البعض صدور بيان أو إعلان يكشف خطة الإدارة للتعامل مع الأزمة، وحتى ذلك لم يحدث بعد.

تلفزيون المستقبل

تلفزيون المستقبل كان يمثل الصوت المعتدل لسنة لبنان

من رفيق إلى سعد

تأسست قناة المستقبل عام ١٩٩٣ بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية وتزامناً مع تولي رفيق الحريري رئاسة الحكومة، حاملاً معه مشاريع إعادة الاعمار والنهوض بالبلاد. وكان يريد تأسيس محطة تترجم نظرته للبنان الذي تولى إعادة بنائه.

"صحيح أنه كان يمتلك إمكانيات مالية كبيرة وكانت لديه علاقات جيدة مع كل الاعلام وكان قادراً على التأثير عليه، ولكنه أراد محطة له تقدم مشاريعه ورؤيته" حسب قول الاعلامية نجاة شرف الدين التي كانت من بين فريق المؤسسين للمحطة وأحد أبرز وجوهها.

وبسرعة أثبتت "المستقبل" نفسها بين المحطات اللبنانية ونجحت في خلق هوية خاصة بها وصورة مميزة لها، وباتت تحمل شعارات الحريري مثل: "المسقبل إلك" و"البلد ماشي".

لكن كل شيء تغيّر بعد مقتل الحريري عام ٢٠٠٥. وانقسمت البلاد سياسياً وطائفياً و"ضاعت هوية القناة وباتت تواجه صعوبة في المحافظة على المستوى الذي كانت عليه أيام الحريري الأب" حسب شرف الدين.

وأضافت: "التلفزيون بحاجة إلى قوة دفع سياسية ومالية ورؤية وهذا كله اختل. ربما لم تعد هناك اليوم حاجة قوية لتلفزيون المستقبل بعد أن تراجعت حالة التجييش السياسي مع تراجع قوة فريق ما كان يُعرف بالرابع عشر من آذار الذي شكّل رأس حربة المعارضة ضد سوريا وحزب الله بعد اغتيال الحريري الأب. وبالتالي، قد يكون تلفزيون المستقبل تحوّل إلى عبء على الحريري الابن".

لا شك أن أبرز وجوه الاختلال كان ذلك المتعلق بالجانب المالي والذي عكس أزمة مادية وسياسية للحريري وهي مرتبطة إلى حد بعيد بتراجع علاقاته مع العربية السعودية.

فتلفزيون المستقبل كغيره من العديد من المحطات التلفزيونية اعتمد بشكل أساسي على المال السياسي، وبالدرجة الأولى المال السعودي. وبالتالي قد تكون أزمة التلفزيون ليس سوى حلقة في سلسلة أزمات تمر بها مؤسسات الحريري نتيجة تراجع الدعم السعودي له، من صحيفة "المستقبل" التي أُقفلت نسختها الورقية إلى مؤسسة "سعودي أوجيه للبناء" التي شكلت أساس الإمبراطورية المالية للحريري وتم تصفيتها، واليوم تلفزيون "المستقبل" الذي يمر بأسوأ أزماته المالية.

تيار المستقبل

تيار المستقبل السياسي الذي أسسه الحريري الأب تراجع وزنه في عهد الأبن

إعلام المال السياسي

قد تكون أزمة تلفزيون المستقبل هي الأبرز في المشهد الإعلامي ولكنها بالتأكيد ليست الوحيدة. فقد شهد لبنان في الآونة الأخيرة إقفال عدد من الصحف مثل صحيفة "السفير"، بينما توقف صدور النسخة الورقية من صحيفة "المستقبل" في نهاية العام الماضي. كما أقفلت صحيفة "الحياة" مكتبها الرئيسي في بيروت، وصرفت صحيفة "النهار" عدداً كبيراً من موظفيها، وغيرها من المشاكل التي تواجه عدداً من وسائل الإعلام التقليدية.

تعكس كل هذه الأزمات مشكلة أساسية مرتبطة بمنظومة الاعلام في لبنان القائم على المال السياسي.

فحسب أيمن مهنا، مدير مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية "سكايز"، إن "النموذج الاقتصادي للإعلام اللبناني غير مبني على المبيعات أو الإعلانات بل على الدعم المالي السياسي المباشر من رجال أعمال أو قوى سياسية ومالية أو دول. هذا النموذج يمر اليوم بأزمة لأن الدول التي كانت تدعمه لم تعد تقوم بذلك بنفس الزخم. ويتبدى ذلك بشكل واضح في أزمة تلفزيون المستقبل لارتباطه المباشر بالرئيس الحريري وبالأزمة المالية التي يمر بها مع المملكة العربية السعودية".

عرفت الكثير من وسائل الاعلام اللبنانية سابقا ضخا للأموال من جانب القادة العرب أمثال صدام حسين ومعمر القذافي، أو الزعماء الخليجيين وغيرهم، لكن اليوم تبدّل كل المشهد الاعلامي مع ظهور محطات خليجية وعربية قوية، فضلا عن تراجع تأثير الإعلام التقليدي نسبياً.

أي مستقبل للمستقبل؟

عندما أعطيت الرخص للإعلام بعد الحرب الأهلية اللبنانية، كان واضحاً وإن لم يكن بشكل رسمي، أن تلك الرخص قد منحت على أساس طائفي إلى حدد كبير، وارتبط ذلك بالزعامات السياسية الأساسية التي كانت تحكم لبنان في التسعينيات، وبالتالي كان تلفزيون المستقبل يعكس الى حد ما نبض الشارع السني في البلاد.

ولكن "القوى السنية تمر اليوم بأزمة مرتبطة باغتيال رفيق الحريري عام ٢٠٠٥ وبعدم قدرة نجله، سعد الحريري، على تأمين دعم شعبي وسياسي شبيه بما تمتع به والده، وكذلك بأزمته مع السعودية والصعود القوي للقوى المرتبطة بحزب الله. كل ذلك خلق حالة إحباط سياسي لدى الطائفة السنية" حسب وصف مهنا.

وأضاف: "بغياب منصة إعلامية تعبر عن خطاب اعتدال لدى السنة - إذا ما أُقفلت "المسقبل"- قد يُفتح المجال عبر وسائل التواصل الاجتماعي لخطاب متطرف ليس له ترجمة في الإعلام التقليدي".

رفيق الحريري

إغتيال الحريري عام 2005 أدخل لبنان في أزمة كبيرة لم يتعاف منها حتى الآن

حتى اللحظة لا يُعرف الاتجاه الذي ستسلكه أزمة التلفزيون. تتقاطع مصادر على أن الاحتمالين المطروحان الآن هما إما الإقفال النهائي أو التقليص الدراماتيكي لحجم التلفزيون وعدد موظفيه، لكن لم يحسم شيء حتى الآن، ولا يزال الموظفون ينتظرون أي موقف أو قرار من الحريري نفسه.

ففي عام ٢٠١٦، وفي خضم الأزمة المالية التي كان يمر بها التلفزيون، قام الحريري بزيار يتيمة إلى القناة وأعرب عن تقديره لتضحية موظفيها، واعداً بالخير. صفَق له الموظفون يومها وتهافتوا على التقاط صور "سلفي" معه.

أجواء مختلفة

اختلف الجو اليوم، لا أحد يتحدث عنه بالسوء علناً، لكن كثيرين يتساءلون عما يعتمد عليه أو يخطط له، مشككين أصلاً بوجود رغبة لديه في حل الأزمة أو امتلاكه تصوراً لذلك، خصوصا وأن أي اقفال للتلفزيون سيكون مكلفاً للغاية من الناحية المالية بسبب المستحقات وتعويضات الصرف لنحو ثلاثمائة وخمسن موظفاً.

"بالنسبة لنا كموظفين٫ قد يكون الحل الأنسب هو في إقفال المؤسسة ودفع مستحقاتنا. أما إذا كانوا سيعاودون العمل فيها ويستمرون في التأخير في دفع الأجور والتغاضي عن أموالنا المستحقة، فسيكون ذلك كارثيا" بحسب أحد الموظفين.

ودفع استمرار الأزمة لسنوات طويلة عدداً كبيراً من الموظفين إلى البحث عن وظائف بديلة. لكن ذلك لا يقلل من حجم خسارتهم ومن كون أزمة المستقبل هي في أحد أوجهها تعبير عن الأزمة الاقتصادية الأكبر في البلاد، والتي تبين أرقام إدارة الإحصاء المركزي لعام ٢٠١٨ أن نسبة البطالة وصلت إلى ٣٦ في المئة.

أما مصير أزمة المستقبل، فقد يكون مرتبطاً إلى حد بعيد بمصير المستقبل السياسي للحريري نفسه وبالاتجاه الذي سيسلكه.

 

 

الشيخ علي جمعة يحذر العالم من خطر يأجوج ومأجوج القادم من أرمينيا

أحدث الأخبار

رسالة للناتو أم بداية معركة جديدة.. ماذا يعني إعلان روسيا الحرب بأوكرانيا بدلاً من العملية الخاصة؟
17:15 29.03.2024
مهمة الإتحاد الاوروبي في جنوب القوقاز من وجهة نظر أرمينية
16:42 29.03.2024
كيف ستؤثر زيارة وفد الإتحاد الأوروبي علي عملية السلام بين أذربيجان وأرمينيا؟
15:58 29.03.2024
ميرزايف: زيارة وفد الإتحاد الأوروبي للمنطقة يهدف إلي الهيمنة عليها
15:00 29.03.2024
الولايات المتحدة الأمريكية تنشئ تحالفًا جديدًا... - تحليلات
14:00 29.03.2024
لماذا تقوم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتسليح أرمينيا؟
13:00 29.03.2024
هولوكوست بدون يهود
12:00 29.03.2024
من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبنان؟
11:45 29.03.2024
أناتولي أنتونوف : العلاقات مع الولايات المتحدة لن تتحسن
11:40 29.03.2024
مصر تسجل أقل معدل نمو زيادة سكانية خلال نصف قرن
11:30 29.03.2024
ما لم يقال عن زيارة وفد الاتحاد الأوروبي إلى جنوب القوقاز
11:25 29.03.2024
حكمت حاجييف: أذربيجان هي حلقة الوصل بين آسيا الوسطى وأوروبا
11:20 29.03.2024
محكمة العدل الدولية تمهل إسرائيل شهرا لإرسال تقريرها حول مجازر غزة
11:15 29.03.2024
روسيا تمنع التجديد لمراقبي العقوبات على كوريا الشمالية
11:00 29.03.2024
أرمينيا توقف بث برنامج سولوفيوف
10:57 29.03.2024
انتخاب السعودية لرئاسة لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة
10:45 29.03.2024
أرمينيا : سيتم إعادة هذه القري إلي أذربيجان
10:44 29.03.2024
العدل الدولية تأمر إسرائيل بإجراءات لإيصال المساعدات إلى غزة
10:30 29.03.2024
السجن 25 عاماً لملك العملات المشفرة بتهمة سرقة 8 مليارات دولار
10:15 29.03.2024
الأمين العام لأوبك حاجة العالم للنفط ستستمر لسنوات وعقود
10:00 29.03.2024
إعصار في مدغشقر يودي بـ11 شخصاً
09:45 29.03.2024
إسرائيل تتخذ خطوات فعلية لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم التحذيرات الدولية
09:30 29.03.2024
إثيوبيا تتوقع الانتهاء من مشروع سد النهضة العام المقبل
09:15 29.03.2024
إبراهيم تراوري يمدد حربه على الإرهاب في بوركينا فاسو
09:00 29.03.2024
تدشين اتحاد عمال مستقل في مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
18:30 28.03.2024
هل يتم التوقيع على اتفاقية سلام بين أذربيجان وأرمينيا؟
17:33 28.03.2024
إلمان مصطفى زاده: لا يمكن المساس بكرامة الأذربيجانيين
16:12 28.03.2024
علي ناغيف: فرنسا تحرض أرمينيا على حرب جديدة
16:02 28.03.2024
وساطة أفريقية لحل الصراع المسلح في الكونغو الديمقراطية
13:45 28.03.2024
المعارض ديوماي يفوز بانتخابات الرئاسة السنغالية
13:30 28.03.2024
قائد كتائب القسام يحث العرب والمسلمين على الزحف نحو فلسطين
13:15 28.03.2024
هل تبدأ الحرب العالمية الثالثة ؟
12:53 28.03.2024
حالة من الفوضي تعم مطار باريس
12:28 28.03.2024
مستقبلات إسرائيل على ضوء الحرب الراهنة
12:15 28.03.2024
وكالة الإغاثة التركية تقدم سفينتين لنقل المساعدات مباشرة إلى غزة
12:00 28.03.2024
ذكري تأسيس الأجهزة الأمنية في أذربيجان
11:53 28.03.2024
واشنطن لا تدعم مشروع خط أنابيب الغاز بين باكستان وإيران
11:45 28.03.2024
مؤسسة دولية تتوقع انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار بنهاية 2024
11:30 28.03.2024
مصر: مفاوضات سد النهضة استنزاف للوقت.. وإثيوبيا ستدفع الثمن
11:15 28.03.2024
محطة الضبعة النووية ستوفر لمصر 7.7 مليار متر مكعب غاز سنوياً
11:00 28.03.2024
جميع الأخبار