منح الجنسية الهندية على أساس الدين اغتصاب لروح الهند

احتجاجات ضد قانون جنسية هندي ـ"تمييزي ضد المسلمين"ـ

تحليلات 16:30 26.12.2019
لا يعتبر الظلم والتمييز والعنف من الأمور غير الشائعة في الهند. ولكن بات يتم تطبيع ذلك كله والسماح به وحتى التشجيع على ممارسته بمساعدة الدولة - التي باتت في عهد رئيس الوزراء ناريندرا مودي تروِّج لشكل عدواني من قومية هندوسية، يبدو على نحو متزايد مثل حكم الغوغائيين. تحليل البروفيسورة الهندية جياتي غوش من نيودلهي.


ومن أجل منع الاضطرابات فقد قامت الحكومة بنشر آلاف الجنود الإضافيين 
في جامو وكشمير قبل إعلانها عن التغييرات. ومن ثم وضعت تحت الإقامة الجبرية السياسيين المحليين البارزين، ومن بينهم أيضًا الحلفاءُ السابقون لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، وفرضت حظر التجول على السكَّان، وقيَّدت حرِّية التنقُّل والسفر داخل المنطقة وإلى المناطق المجاورة، وفرضت كذلك حظرًا على وسائل الإعلام والاتِّصالات.

كشمير في حالة حصار

مضى على ذلك شهور ولا يزال معظم أهالي كشمير من دون إنترنت. وعلى الرغم من هذا التعتيم فإنَّ هناك تقارير متقطعة ترسم صورة قاتمة عن القمع من قبل القوَّات المسلحة الهندية. وبحسب ما تذكره التقارير فقد تعرَّض الكثير من المدنيين لإصابات خطيرة جراء تكتيكات السيطرة على الحشود (مثل استخدام الغاز المسيل للدموع وبنادق ضغط الهواء)، وتم سجن آلاف من السكَّان المحليين - من بينهم أيضًا أطفال تبدأ أعمارهم من تسعة أعوام.

ولكن مع ذلك، بدلًا من حمايتها حقوق المواطنين الكشميريين، فقد أجَّلت المحكمة العليا الهندية جلسات الاستماع الخاصة بدعاوى لها علاقة بذلك. أمَّا بالنسبة لبقية سكَّان الهند، فقد تجاهلوا أو قبلوا أو أشادوا بالهجوم على جامو وكشمير.

وفي ولاية آسام الشمالية الشرقية تنكشف أعمال وحشية أخرى. ففي شهر آب/أغسطس (2019)، نشرت السلطات السجل الوطني لمواطني هذه الولاية، الذي استبعد نحو مليوني شخص لم يتمكَّنوا من إثبات أنَّ أسماءهم أو أسماء آبائهم كانت مُسجَّلة في قوائم السجل الانتخابي قبل الرابع والعشرين من شهر آذار/مارس 1971. هذا تاريخ تعسُّفي يهدف في الأساس إلى تحديد المهاجرين المسلمين. وتم إرسال الكثير من هؤلاء الأشخاص عديمي الجنسية الآن إلى معسكرات اعتقال، يعيشون فيها في ظروف كارثية.

استهداف المسلمين والمهاجرين البنغاليين

لقد كشف مهندس هذا المشروع، وهو وزير الداخلية أميت شاه، عن أهدافه المعادية للأجانب من خلال وصفه هؤلاء الأشخاص - الذين وُلِدَ الكثيرون منهم في آسام أو تعيش عائلاتهم هناك منذ عقود - بـ"النمل الأبيض"، وهذا مصطلحه للمهاجرين غير النظاميين القادمين من بنغلاديش. وقد وعد أيضًا حكومة حزب بهاراتيا جاناتا "باعتقال المُتَسللين واحدًا تلو الآخر ورميهم في خليج البنغال". 

وفي هذه القضية، شجَّعت المحكمة العليا الهندية هذه العملية ودعمتها بنشاط، بدلًا من معارضتها. تراقب المحكمة العليا الآن كيف تقوم حكومة حزب بهاراتيا جاناتا ببناء معسكرات اعتقال في جميع أنحاء الهند، استعدادًا لتنفيذ البرنامج في كلّ الهند - وهذه عملية من المحتمل أن تكون أكثر عدوانية ضدَّ المسلمين.

احتجاجات ضد قانون الجنسية الجديد "التمييزي ضد المسلمين" في الهند 16 / 12 / 2019.  (photo: AP/Manish Swarup)

استثناء المسلمين: وافق مجلس الشيوخ الهندي يوم الأربعاء 11 / 12 / 2019 على قانون يسمح لمئات الآلاف من المهاجرين في الهند بالحصول على الجنسية الهندية، ويستثني الأقلية المسلمة. ولذلك تستمر الاحتجاجات ضدَّ قانون الجنسية المثير للجدل في جميع أنحاء الهند. أرسلت السلطات آلافًا من القوَّات شبه العسكرية إلى شمال شرق البلاد وحجبت الإنترنت في الهواتف المحمولة. وأطلقت الشرطة طلقات تحذيرية على المتظاهرين الذين عارضوا حظر التجول.

في حين يستهدف السجل المدني المسلمين بشكل ضمني، فقد أصبح أيضًا بعض الهندوس عرضة للخطر. ولذلك سعت الحكومة بجد ونشاط إلى إقرار تعديل جديد في قانون الجنسية، يمنح الحقَّ في الحصول على الجنسية الهندية للاجئين الهندوسيين واليانيين والبوذيين والسيخ والبارسيين (الزرادشتيين) والمسيحيين القادمين من أفغانستان وبنغلاديش وباكستان. ولكنه يستثني المسلمين. 

وعلى الرغم من أنَّ مشروع قانون الجنسية غير دستوري بشكل صارخ، فقد تم اعتماده في كلّ من الـ"لوك سابها" (مجلس الشعب) ويبدو أنَّه يحظى بتأييد واسع لدى المواطنين -بالرغم من خروج احتجاجات متزايدة على مشروع هذا القانون- ثم تم الانتظار لتتم الموافقة عليه من قِبَل الـ"راجيا سابها" (مجلس الشيوخ) لكي يصبح قانونًا ساري المفعول. [خرجت مظاهرات حاشدة إلى الشوارع الهندية احتجاجاً على إقرار البرلمان لقانون الجنسية الجديد في 11 ديسمبر / كانون الأول 2019.]

إقصاء "الداليت"

لا يعتبر المسلمون المجموعةَ الوحيدة المعرَّضة للتمييز والعنف في الهند اليوم. فقد استهدف القوميون الهندوس أيضًا مجموعة الداليت المُهَمَّشين منذ زمن طويل، وهي المجموعة الأقل مرتبة في نظام الطبقات الصلب في الهند.

ففي عام 2016 وحده، تم الإبلاغ عن أكثر من أربعين ألف جريمة ارتُكبت ضدَّ أعضاء طبقات مجتمعية أدنى. ولكن مع ذلك فقد أثارت في العام الماضي (2018) المحكمةُ العليا الهندية احتجاجات كبيرة من خلال إضعافها قانون حماية المجموعات التابعة لطبقات منخفضة، المعروف باسم "قانون جدولة الطبقات وجدولة القبائل (الوقاية من الأعمال الوحشية)".

ضحايا العنف الجنسي

وعلاوة على ذلك تستمر الهند في تخليها عن نسائها اللواتي يواجهن معدَّلات مرتفعة من العنف الجنسي. كثيرًا ما تتعرَّض الضحايا اللواتي يبلغن عن جرائم ارتكبت بحقِّهن عقوبات أشد من الجناة - بما فيها المضايقات وفقدان وضائفهن والمزيد من العنف وحتى الموت.

الإجراءات القانونية تسير ببطء. والسلطات كثيرًا ما تعامل الضحايا معاملة سيِّئة، ونادرًا ما يتم تحقيق العدالة، خاصةً عندما يكون المُشتكى عليه شخصًا قويًا أو لديه علاقات جيدة.

 

تعرَّضت في الشهر الماضي [تشرين الثاني/نوفمبر 2019] في ولاية أوتار براديش امرأةٌ عمرها ثلاثة وعشرون عامًا، كانت قد أبلغت عن تعرُّضها للاغتصاب الجماعي في العام الماضي 2018، للحرق وهي في طريقها إلى جلسة استماع في المحكمة. ومن بين المعتدين الذين هاجموها كان يوجد اثنان من المشتبه بهم الخمسة، الذين تم إطلاق سراحهم بكفالة. ماتت هذه المرأة بعد بضعة أيَّام. ومنذ ذلك الحين، تم قتل ضحيَّتين من ضحايا الاغتصاب في ولاية أوتار براديش.

إعدامات خارج نطاق القضاء

وحتى عندما تتم معاقبة الجناة، فقد يبدو الأمر أشبه بعدالة الغوغاء منه بتطبيق القانون بشكل رسمي. وأوضح مثال على ذلك هو الاغتصاب الجماعي لطبيبة بيطرية شابة وقتلها بالقرب من مدينة حيدر أباد في جنوب الهند.

في البداية خذلت الشرطة المحلية هذه الضحية من خلال عدم الاهتمام واللامبالاة. وعندما حاولت عائلتها تقديم بلاغ عن فقدان ابنتهم، رفضت الشرطة في البداية فعل أي شيء قبل أن ترسل العائلة إلى مركز شرطة آخر، لأنَّ آخر موقع معروف تواجدت فيه الضحية يقع ضمن منطقة اختصاص مركز الشرطة الآخر. وهكذا مضت عدة ساعات قبل أن يبدأ البحث.

ولكن بعد اتِّهام أربعة رجال باغتصاب هذه الشابة وقتلها، حدثت ضجة كبيرة لدى الرأي العام، شملت دعوات من قِبَل نساء بارزات إلى إعدام المغتصبين. وتحت مثل هذا الضغط، ألقت الشرطة القبض بسرعة على المتَّهمين وأخذتهم إلى جسر وقتلتهم تحته رميًا بالرصاص. (ادّعت الشرطة أنَّ الرجال حاولوا أخذ أسلحتهم، بحيث أنَّهم كانوا مضطرين إلى إطلاق النار).

ومثل هذه الإعدامات المطبَّقة خارج نطاق القضاء تجد في الهند ترحيبًا واسعًا. وعلى ما يبدو فإنَّ الإجراءات القانونية وسيادة القانون ليست مُرْضِية مثل الانتقام السريع.

وفي الوقت نفسه لا أحد يفعل شيئًا حيال افتقار النساء للأمن أو عدم معاقبة المغتصبين الآخرين المعترفين، الذين يملكون قدرًا أكبر من السلطة السياسية.

من المعروف أنَّ انحدار الهند السريع إلى كراهية الأجانب والعنف واللاعقلانية - تمامًا مثل دعم القادة الشعبويين ومطالبهم في أماكن أخرى - له بعد اقتصادي مهم. لقد أدَّى تراجع الطلب والعمالة والاستهلاك إلى شعور الكثيرين في الهند بعدم الأمان والإحباط.

وفي المقابل عمل السياسيون على توجيه هذه المشاعر إلى القومية وتشجيع القوميين على ارتكاب العنف. والآن بعد أن فعل حزب بهاراتيا جاناتا ذلك، هل هو قادر على طرد العديد من الشياطين التي أطلقها - أو مستعد لطردها؟

جياتي غوش

 


ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

أسرار استهداف إيران لأذربيجان
17:16 19.04.2024
في يومها الأخير جلسات الاستماع في الدعوي الارمينية ضد أذربيجان
16:00 19.04.2024
كواليس انسحاب قوات حفظ السلام الروسية من قراباغ
15:00 19.04.2024
زرادشت علي زاده : الولايات المتحدة لا تريد أن يتم فتح طريق زانجيزور في ظل هذه الظروف
14:00 19.04.2024
ما تأثير انسحاب قوات حفظ السلام من قراباغ؟
13:00 19.04.2024
اشتباكات بين الدفاع الجوي الإيراني وطائرات إسرائيلية بطهران
12:00 19.04.2024
جوتيريش العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح ستفاقم الأوضاع الإنسانية
11:45 19.04.2024
صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبقى النمو في الشرق الأوسط مكبوحاً
11:30 19.04.2024
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة وورلد برس فوتو لعام 2024
11:15 19.04.2024
فيضانات نيجيريا تزيد من نقص محصول الكاكاو
11:00 19.04.2024
قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة
10:45 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
10:30 19.04.2024
اليونيسف طفل يصاب أو يموت كل 10 دقائق في غزة
10:15 19.04.2024
الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
10:00 19.04.2024
المياه تغمر نحو 18 ألف منزل في روسيا بسبب الفيضانات العارمة
09:45 19.04.2024
الحرس الثوري الإيراني يعلن تحديد مواقع المنشآت النووية الإسرائيلية ويحذر تل أبيب
09:30 19.04.2024
أجندة واسعة لزيارة إردوغان للعراق
09:15 19.04.2024
السفير الأمريكي في أذربيجان يزور أغدام
09:00 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
01:00 19.04.2024
ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
تركيا تتهم نتانياهو بـدفع المنطقة إلى الحرب للبقاء في السلطة
10:30 18.04.2024
ترقب في مجلس الأمن للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة
10:15 18.04.2024
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب
10:00 18.04.2024
الاتحاد الأوروبي يتجه لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية
09:45 18.04.2024
ملكا الأردن والبحرين يرفضان كل ما يؤدي إلى الهجمات البرية على رفح
09:30 18.04.2024
الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا
09:17 18.04.2024
الكرملين يؤكد الانسحاب من منطقة قراباغ
09:04 18.04.2024
إيقاد شعلة أولمبياد باريس في أولمبيا القديمة
19:00 17.04.2024
أفضل 30 وجهة سفر عالمية لعام 2024
18:00 17.04.2024
سياسي أرميني يوجه نقدًا لاذعًا إلي محكمة العدل الدولية
17:00 17.04.2024
سيلين سينوكاك : فرنسا تشن حملة دبلوماسية لزعزعة الاستقرار في المنطقة
16:00 17.04.2024
جميع الأخبار