(COVID-19) الجهد العالمي لمكافحة جائحة فيروس كورونا الجديد
تجربة جمهورية أذربيجان
د. عوضية محمد أحمد يحيي
باكو- أذربيجان
تقع جمهورية أذربيجان في منطقة القوقاز في أوراسيا في مفترق الطرق بين أوروبا الشرقية وأسيا الغربية، ويحدها بحر قزوين من ناحية الشرق ، وروسيا من الشمال، وجورجيا من الشمال الغربي ، وأرمينيا من الناحية الغربية ، وإيران من ناحية الجنوب. موقع أذربيجان الجغرافي وهي جارة لجمهورية إيران والتي تعتبر من الدول التي إنتشر فيها فيروس كورونا بشكل سريع حتي أضحت في مصاف الدول الأعلي إنتشاراً لهذا الفيروس اللعين ، وضعها في موقف كان من الممكن أن يكون كارثيا لولا سرعة الإجراءات الإحترازية التي إتبعتها الدولة وتجاوب معها المواطنين.
نشرت وسائل الإعلام الأذربيجانية بتاريخ 31 مارس 2020م ، مقالا موسعا كتبه السيد إيمان ناصروف النائب البرلماني وسكرتير لجنة العلاقات الدولية في الحزب الحاكم "حزب أذربيجان الجديدة" "إينيي" والدكتور في العلوم السياسية والبروفسور بعنوان "الكفاح العالمي ضد جائحة فيروس الكورونا الجديد: تجربة أذربيجان" لخص فيه تجربة أذربيجان في الحد من سرعة إنتشار فيروس كورونا الجائح ، وقد لخص فيها تجربة جمهورية أذربيجان في هذا الصدد، ونحسب أنها تجربة جديرة بالوقوف عندها والإستفادة منها بقدر الإمكان في وطننا الحبيب عفاه الله وأبعد عنه الوباء المميت.
بمجرد إعلان منظمة الصحة العالمية، أمر تفشي فيروس كورونا "وباء عالمي"، بادرت جمهورية أذربيجان باتخاذ مبادرات من شأنها مكافحة تفشي المرض، متبعة الإجراءات الاحترازية التي أعلنت عنها منظمة الصحة العالمية.
من جانبه، قال إلمان نصيروف إن الواجب الإنساني يحتم ضرورة مشاركة تجربة بلاده في مكافحة الفيروس وسبل تأمين الوضع الصحي والاجتماعي للمواطنين.
وأوضح أن خطوات الحكومة الأذربيجانية بدأت قبل نهاية شهر فبراير الماضي، بإنشاء مقر تنفيذي لإدراة الأزمات تحت إشراف مجلس الوزراء. ويعمل هذا المقر على مدار 24 ساعة ويقوم بإبلاغ المواطنين بجميع الإجراءات الإحترازية المؤقتة، وتكثيف العلاقات مع منظمة الصحة العالمية ، وإغلاق جميع الحدود البرية على الفور، وتعليق الدراسة في كافة المؤسسات التعليمية والتربوية (الرياض- المدارس- الجامعات) وتـأمين نشاطهم عن طريق النظام الالكتروني وعبر القنوات الفضائية الاذربيجانية، وإجلاء المواطنين الأذربيجانيين في الخارج، حيث أعيد عشرة آلاف مواطن أذربيجاني إلى وطنهم عن طريق طائرات خاصة.
وأضاف أن الحكومة بدأت بتنفيذ إجراءات العزلة الاجتماعية، من خلال عدة تحركات مهمة، وهي تأجيل جميع الأنشطة الاجتماعية والتجمعات في جميع أنحاء الدولة، وإغلاق جيمع دور السينما والمتاحف والمسارح ومراكز الترفيه والصالات الرياضية في جميع أنحاء البلاد، وحظر إقامة جميع الأعراس ، وحظر مراسم الحداد في القاعات والخيام وغيرها من الأماكن المغلقة باستثناء مراسم الدفن، وتعليق دوام المطاعم والمقاهي من ناحية الخدمة المباشرة ولكن في نفس الوقت سمحت بخدمة التوصيل والطلب أونلاين، وتعليق جميع مراكز الترفيه ومراكز التسوق العاملة في البلاد.
وأضاف أن التحركات شملت أن تعمل الصيدليات والمحلات التجارية والأسواق بشكل رسمي على مدار 24 ساعة، وأن تعمل جميع أنشطة النقل العام وفقًا للقواعد والتعليمات الموجهة من قبل الجهات الحكومية ذات الصلة، مع منع زيارة المرضى المعالجين في المؤسسات الطبية بشكل تام، وتحويل أنشطة الجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة والبنوك والمطاعم وغيرها من المؤسسات إلى النظام الإلكتروني (أونلاين) خلال هذه الفترة، واتخاذ إجراءات امنية مشددة بحق المخالفين للقواعد والتعليمات، ومحاكمة كل من يسعى إلى تضليل الجمهور ونشر معلومات غير صحيحة عمدا،( وقد تم بالفعل محاكمة من خالف هذه القوانين) ، وتعليق إصدار التأشيرات الإلكترونية للمتقدمين إليها من كافة أنحاء العالم.
بالإضافة إلى ذلك تضمنت التحركات على المستوى الطبي، شراء 4 مختبرات في فترة زمنية قصيرة ووصل عددها إلى 10 لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة، وتخصيص 10 مستشفيات في العاصمة الاذربيجانية باكو والمحافظات في وضع خاص لإستقبال المصابين وتوفير الحجر الصحي، كما وقع الرئيس إلهام علييف مرسوم رئاسي هام بتاريخ 19/3/2020 بخصوص زيادة رواتب الأطقم الطبية العاملة في مجال المكافحة والتصدي للوباء بمقدار 3 : 5 أضعاف راتبهم الشهري، وذلك من أجل تعزيز الضمان الاجتماعي لهم، مع منع خروج المسنين من عمر 65 سنة فيما فوق نظرا لأنهم الفئة الأكثر عرضة للإصابة.
وأضاف النائب البرلماني إلمان نصيروف ، أن الإجراءات الاحترازية شملت تأسيس صندوق دعم لمكافحة فيروس "كوفيد -19" بموجب مرسوم من الرئيس إلهام علييف في 19/3/2020، وبموجب هذا المرسوم تم على الفور تخصيص 20 مليون مانات (12 مليون دولار) من صندوق احتياطي الرئيس لصندق دعم مكافحة الفيروس، كما تم تخصيص 10 مليون مانات (6 مليون دولار) للمقر التنفيذي لإدارة الأزمات، وتخصيص مليار مانات (590 مليون دولار) من الميزانية الأذربيجانية لمجلس الوزراء لتأمين مكافحة الفيروس وتعزيز الضمان الاجتماعي للمواطن.
وأشار إلى أن الرئيس إلهام علييف والنائب الأول للرئيس السيدة مهربان علييفا، قدما مثالا رائعا حيث تبرعا براتبيهما السنوي للصندوق، في خطوة تشجيعية للمجتمع الأذربيجاني ورجال الأعمال على المساهمة في مكافحة هذا الوباء، مشيرًا إلى أنه قد انضمت العديد من المنظمات والمؤسسات والشركات التجارية والشخصيات العامة والمثقفين إلى العملية بشكل تطوعي وإرادي وبحماس كبير، مشددًا على أن هذه الفترة يجب أن يكون الشعب متضامنا بكل أطيافه ودياناته حيث بلغ مجموع تبرعات الشركات التجارية 90 مليون منات، كما بدأ 2500 متطوع من الجامعات والمنظمات غير الحكومية بحملة (مساعدة المسنين والعجائز) حيث تم إنشاء مركز إتصالات يتلقى جميع طلبات وإحتياجات المسنين وإيصال متلطباتهم إلى بيوتهم من مواد غذائية وطبية وغيرها.
ولفت النائب الأذربيجاني إلمان نصيروف سكرتير لجنة العلاقات الدولية في حزب أذربيجان الجديدة، إلى أن الإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها في بلاده، تضمنت تقييد حركة السيارات والمواصلات ووسائل النقل من الدخول والخروج إلى العاصمة الاذربيجانية باكو ومدينة سومغيت ومحافظة أبشيرون، باستثناء السيارات ذات الأغراض الخاصة (الشرطة –الاسعاف- الطوارئ)، وتقييد حركة قارط الأنفاق (المترو) وتأمين نشاطها تزامنا مع نظام العمل للخاص للموظفين، وحظر تجمع الأشخاص في الأماكن العامة، بما في ذلك الشوارع والجادات والحدائق وغيرها من الأماكن، كما تم تكليف وزارة الداخلية بالبلاد بمراقبة تنفيذ متطلبات نظام الحجر الصحي الخاص.
وأوضح نصيروف، أنه تم الأخذ في الاعتبار دعم القطاع الخاص بهدف الحد من التأثير السلبي لوباء فيروس كورونا (COVID-19) على العمالة والموظفين وكافة العاملين في القطاع الخاص، بالإضافة إلى رجال الأعمال وسبل حماية الشركات في الدولة، مضيفًا أنه تم اتخاذ إجراءات للحد من نتائج التقلبات الحادة في أسواق الطاقة والأسهم العالمية وتأثيرها على اقتصاد جمهورية أذربيجان، وذلك بهدف تأمين الاستقرار الاقتصاد الكلي وتنظيم المشاريع، حيث تم إنشاء أربع فرق عمل وفقا للمرسوم الذي وقعه رئيس الوزراء الأذربيجاني علي أسدوف.
وأضاف أن فرق العمل الأربعة التي تضمنتها قرارات رئيس الوزراء، كانت عبارة عن فريق اقتصادي يترأسه وزير الاقتصاد لتقييم أثر وباء فيروس كورونا (COVID-19) على اقتصاد جمهورية أذربيجان وتحديد قائمة بمجالات النشاط الاقتصادي والمؤسسات القانونية العاملة والتي من المحتمل أن تتأثر بالوباء. بالإضافة إلى فريق مالي يترأسه وزير المالية لإعداد المقترحات ذات الصلة لتقوم الدولة بدعم الشركات العاملة في جمهورية أذربيجان المتضررة من وباء فيروس كورونا (COVID-19)، وفريق اجتماعي يترأسه وزير العمل والضمان الاجتماعي لوضع مقترحات مناسبة لمعالجة مشاكل العمالة والمشاكل الاجتماعية التي قد تنشأ في الدولة بسبب الأثر السلبي المحتمل للفيروس على اقتصاد المواطن وكذلك تحضير قائمة بالمواطنين العاملين في أنشطة ذات نظام أجور يومية "العمالة المؤقتة"، وفريق مصرفي يترأسه رئيس البنك المركزي لإعداد مقترحات لاتخاذ إجراءات إضافية للحفاظ على استقرار الاقتصاد وتقييم الآثار السلبية المحتملة للوباء على القطاع المصرفي الأذربيجاني وبيئة الاقتصاد الكلي، ودعم سعر الصرف العملة الاذربيجانية (المانات) وأسعار المستهلكين.
وأكد إلمان نصيروف، أن تلك الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بقيادة الرئيس إلهام علييف، كانت سببًا في عدم تفاقم الوضع في أذربيجان، حيث لم يتخط عدد المصابين عن 209 إصابة وفقًا لأخر أرقام صادرة يوم 29 مارس الجاري، وأربعة حالات وفيات فقط
وفي نهاية حديثه ، إستشهد نصيروف بتغريدة النائبة الأولي للرئيس السيدة مهربان علييفا حيث قالت: "مما لا شك فيه أن التعاطف والرعاية والتعاطف المتبادل يجعلنا أقوياء في مواجهة هذا المرض واللامبالاة وعدم المسؤولية "تصب الماء في طاحونة العدو – الفيروس" لذا يجب ان نقوي مناعتنا ضد اللامبالاة".
ختاماً نسأل العلي القدير أن يحفظ بلادنا ومواطنينا وسائر بلاد المسلمين والإنسانية جمعاء من مخاطر هذا الوباء الفتاك.