كاراباخ – أذربيجان – محمود سعد دياب
استبقت أذربيجان عملية تسليم خرائط الألغام المزروعة في إقليم كاراباخ من جارتها أرمينيا، باستكشاف مئات الآلاف من الألغام بنفسها وتطهير مناطق الإقليم وما حوله منها وذلك بالطرق اليدوية، حيث رافق موقع «النيل نيوز» فرق تطهير الألغام التابعة للجيش الأذربيجاني، وعايشت عمليات التطهير منذ لحظات البحث حتى تفجيرها في النهاية بعد اكتشافها، وذلك في أول تواجد للصحفيين من خارج أذربيجان بتلك المناطق.
كانت قد نشبت حرب بين أذربيجان وأرمينيا في سبتمبر الماضي، انتهت باتفاقية سلام تم توقيعها بين الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشنيان برعاية روسية وحضور الرئيس فلاديمير بوتين، وبموجب تلك الاتفاقية تقرر وقف إطلاق النار ثم استعادت أذربيجان المحافظات المحتلة تباعًا التي كانت تحت الاحتلال الأرميني، ومؤخرًا توصلت المفاوضات بين الأطراف الثلاثة، إلى تسليم أذربيجان الأسرى الأرمن مقابل منح أرمينيا خرائط الألغام في ثلاثة محافظات فقط هي أغدام وفضولي وزنجيلان، ومن المتوقع أن تتواصل المفاوضات لاستكمال تسليم باقي الخرائط.
في محافظة جبرائيل قرب الحدود الجنوبية بين أذربيجان وإيران، وعلى طول نهر أراز الذي يفصل بين الدولتين، تسابق باكو الزمن لإزالة الألغام بالمنطقة العازلة التي كانت تفصل بين الجانبين الأذربيجاني والأرميني، وذلك من خلال فرق بحث تعمل على اكتشاف الألغام بالوسائل اليدوية مثل الكلاب البوليسية المدربة والحبال، ووسائل أخرى تكنولوجية متقدمة، وتستهدف الخطة تطهير المنطقة لتدشين خط سكك حديدية يربط بين المدن التي استعادتها أذربيجان وباقي المدن الأخرى.
يقول أفلاطون رضا جولييف مدير فرق تطهير الألغام، إن الخطة تتضمن في مرحلتها الأولى تطهير 1800 متر بطول طريق يتم تدشينه حاليًا لإقامة خط سكك حديدية عليه، فضلًا عن طريق سريع للسيارات بإجمالي عرض 60 متر، موضحًا أن بلاده قررت أن تكون المساحات المستهدفة في عمليات التطهير قصيرة وصغيرة نسبيًا، لأن الطرق غير ممهدة بما يسهل وصول سيارات الإسعاف أو الحماية المدنية في حالة انفجار أي لغم في أفراد فرق البحث.
ويضيف أنهم نجحوا في تطهير ما يزيد عن 44 ألف متر في كامل الأراضي التي تم استعادتها، بنفس الطريقة، وذلك لتطهير وإزالة ما يزيد عن 90 ألف لغم مزروعة في محافظة جبرائيل فقط، فيما تتخطى بعض المحافظات الأخرى هذا الرقم، مشيرًا إلى أن الألغام مزروعة في عشرة خطوط متوازية وسط مزارع العنب الضخمة التي تنتشر بالمكان والتي لم تطأها قدم منذ بدء النزاع الأذربيجاني الأرميني عقب إعلان كل منهما استقلاله بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وأن المتبقي حوالي 129 ألف لغم جاري العمل على استكشافها.
وتستهدف أذربيجان تطوير المناطق المستعادة، وإعادة الحياة لها مرة أخرى وإعادة المواطنين المهجرين منها بسبب النزاع إلى أراضيهم لكي يواصلوا زراعتها، وإعادة بناء المنازل التي تم هدمها، خصوصًا وأن الأرقام الرسمية الأذربيجانية تقول إن قرابة مليون شخص خرجوا من كاراباخ والمحافظات المجاورة له منذ بدء النزاع مطلع التسعينيات.