يفكر الأرمن بعقلية عقيمة تقود إلي الانتحار، فالذين وقعوا على وثيقة الاستسلام بعد الهزيمة الساحقة في حرب قره باغ العام الماضي، منشغلون بإحياء الصورة الأسطورية الخيالية لـ "الأرميني الذي لا يقهر". ففي مجتمع يتم فيه تدمير الجيش بالكامل، هناك حديث عن إعادة بناء الجيش والانتقام. على الرغم من أن الحكماء يقولون إن هذا الانتقام ليس له مستقبل، هناك الكثير ممن يؤمنون بما يطلقون عليه "الروح الأرمنية"، وكل تلك الأفكار ما هي إلا أساطير وخيالات الهدف من ورائها هو تبرير الهزيمة للاستمرار في السلطة.
توصلت المحللة الأرمينية هراتشيا أرزومانيان من هذه التعليقات إلى استنتاج مفاده أن الأسلحة والمعدات العسكرية الحديثة لم تلعب دوراً حاسماً في هزيمة أرمينيا في الحرب، والسبب في ذلك هو القيادة العسكرية السياسية العليا لأرمينيا، التي "لم تكن تريد القتال والانتصار". لكنها كانت "إرادة وهدف المقاتل الأرمني في ساحة المعركة". ومع ذلك ، لم تشرح هراتشيا أرزومانيان كيف تم تشكيل 10 آلاف هارب في الجيش الأرمني.
هذه التصريحات التي أدلت بها هراتشيا أرزومانيان، التي كانت تعيش في خانكيندي قبل الحرب العام الماضي، ليست الأولي التي يطلقها الأرمن، فقد أدلي المتحدث السابق باسم وزارة الدفاع الأرمينية آرتسرون هوفهانيسيان بتصريحات مماثلة. وقال إن الجيش الأرمني سينتصر، لكنه انتقل إلى يريفان قبل 10 أيام من استسلام أرمينيا.
عن أسباب هزيمة الأرمن في حرب قره باغ 2020، قال الخبير العسكري الروسي أليكسي خلوبوتوف: "انتصر الجيش الأذربيجاني في حرب قره باغ التي استمرت 44 يوما بفضل إرادته وروحه القتالية العالية. أما في أرمينيا، فقد كان هناك الشعور بالهزيمة، لأنهم أدركوا بأنهم لن يكونوا قادرين على مقاومة هجوم القوات المسلحة الأذربيجانية بدون دعم الدول الغربية.
يبدي خلوبوتوف دهشته من مطالب أرمينيا الآن بالانتقام من هزيمتها في الحرب، وأنهم سوف يكونون قادرين علي بناء جيش قوي حديث خلال فترة ما بين خمس إلي عشر سنوات لبناء، وأن هذا الجيش سيكون قادر علي الانتقام، لكن هذا غير ممكن، فأرمينيا بحاجة إلي بناء الاقتصاد أولاً، وبما أن الجيش هو بناء فوقي، فلابد أولاً من إقامة الدولة، تلك الدولة التي تقوم على الاقتصاد، لكنها ببساطة غير موجودة في أرمينيا.
أرمينيا لديها موارد محدودة، لذلك سيكون من الأفضل لها التوصل إلى اتفاق بشأن التعاون الدولي والتجارة والعبور، لكن يريفان لم توقع اتفاقيات سلام وليست مستعدة لإنشاء بنية تحتية جديدة من شأنها أن تساعد علي النمو الاقتصادي في البلاد.
طالما أن تفويض قوات حفظ السلام الروسية ما يزال سارياً، سيحاول الجانب الأرميني استعادة الإمكانات والقدرة القتالية لجيشه إلى حد ما، لكن مرة أخرى، لن يستطيع التغلب على الجيش الأذربيجاني ولن يكون قادراً على مقاومة القوات المسلحة الأذربيجانية التي تزادا قوتها ومهاراتها القتالية.
قد تقوم أرمينيا، في حالة ما إذا استطاعت إعادة بناء جيشها، باستفزازات عسكرية لتقديم نفسها كضحية، ولكن هذه الأعمال سيكون لها نتيجة سلبية على الجانب الأرمني، ولا شك في أن أذربيجان ستستعيد سيطرتها على كامل أراضي قره باغ. ولذلك، فإن الكلام عن الانتقام في أرمينيا والاستفزازات والضغط على الهياكل الدولية لا تؤدي إلا إلى فقدان الدولة الأرمينية ذاتها.