في أحد إصداراتها لعام 2018، وصفت مجلة فورين بوليسي السياسة الخارجية للصين بأنها دبلوماسية "الذئب المفترس"، كما توصف الدبلوماسية الهجومية التي تتبعها تركيا بنشاط في السنوات الأخيرة أيضاً بنفس الاسم، حيث يعد هذا النهج أكثر فعالية أيضاً في تفسير السياسة التركية، لأن الذئب، أو بتعبير أدق، الذئب الرمادي هو حيوان له مكانة خاصة في الأساطير التركية ويرمز إلى العالم التركي، فلطالما سميت السياسة الخارجية لروسيا "بسياسة الدب"، وهذا يرجع إلى حقيقة أنه في الأساطير الروسية يتم تقديم القمر كصديق للناس، ووضع القيصر الروسي إيفان الرابع القمر رمزاً للدولة.
في وقت سابق، وتعليقاً علي الانتخابات البرلمانية والبلدية الروسية الأخيرة، قالت وزارة الخارجية التركية أن انتخابات مجلس الدوما الروسي في شبه جزيرة القرم غير معترفبها، لأن تركيا لا تعترف باحتلال شبه جزيرة القرم بشكل عام، وأن القرم هي أراضي أوكرانية.
جهت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا تهديداً خفيفاً لتركيا، أو بالأصح يمكن أن نسميه "لوماً روسيا لتركيا"، وذلك عندما قالت: لن نتجاهل بيان وزارة الخارجية التركية بشأن الانتخابات في شبه جزيرة القرم، كما سيكون لموقف تركيا من الانتخابات في القرم تأثير سلبي على العلاقات بين البلدين.
في الوقت الذي تشير فيه روسيا بأصابع الاتهام والتهديد لتركيا. يعقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سلسلة من الاجتماعات في نيويورك، حيث يشارك في اجتماعات اللأمم المتحدة، ومن المقرر أن يعقد عدد من الاجتماعات مع بعض زعماء العالم، أحد هذه الاجتماعات مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبعد الاجتماع مع بايدن، ستتوجه طائرة أردوغان إلى موسكو، حيث سيشرب الشاي مع بوتين في سوتشي، وفي كلا الاجتماعين، ستكون الخريطة على مكتب أردوغان بمثابة خريطة لسوريا.
تركيا تهاجم روسيا بسبب شبه جزيرة القرم. لماذا؟ لأن أوكرانيا حليف طبيعي لتركيا، وتركيا بدورها تجني ثمار التحالف مع أوكرانيا لتعزيز نفوذها في البحر الأسود وتصدير المنتجات العسكرية لها، وتخطط تركيا، التي تصدر طائرات بايراقدار إلى أوكرانيا بعد أذربيجان، لتحديث البحرية الأوكرانية في المستقبل على أساس مشروع ملغام. ولذلك تدعم أنقرة أوكرانيا، رغم احتجاجات روسيا، حتى لا تفقد صورة الحليف الموثوق به في أعين كييف.
ترد موسكو على كل هجوم دبلوماسي من جانب أنقرة على القرم بهجمات صاروخية على إدلب في سوريا، ويدرك بوتين أن مئات الآلاف من السوريين سيتدفقون إلى تركيا من إدلب بعد الهجوم الأول الواسع النطاق، والذي قد يشكل تهديداً خطيراً لمسيرة أردوغان السياسية، لذلك، يستخدم إدلب كأداة لمحاصرة أردوغان، ويقدم أردوغان باستمرار الأساليب والمشاريع الدبلوماسية لإيجاد حل سياسي لمشكلة إدلب، وعلى الرغم من أن تركيا وروسيا تواجهان أحياناً قضايا مختلفة من حيث المنطقة التي توجدان فيها، إلا أن البلدين بحاجة إلى بعضهما البعض بنفس القدر، خاصة في الوقت الذي تبدأ فيه الولايات المتحدة مغادرة الشرق الأوسط، فإن تركيا لديها حاجة أكبر للتعاون مع روسيا، وبالمثل، فإن وجود تركيا في سوريا مهم بالنسبة لروسيا مثله مثل الهواء والماء لموازنة نفوذ إيران في المنطقة، وفي هذا الصدد، ليس من المتوقع أن يتصادم الطرفان مع بعضهما البعض على إدلب أو شبه جزيرة القرم، ومع ذلك، لا يبدو أن إبرام اتفاق لمرة واحدة بين البلدين بشأن القرم وقراباغ وإدلب وقضايا أخرى ممكن.
يجب الاستناد إلي Ednews (يوميات أوراسيا) في حالة استخدام المادة الإخبارية من الموقع