لم يأتي اختيار إندونيسيا عضواً ودولة مضيفة لقمة العشرين المقرر عقدها في شهر نوفمبر2022، مجرد صدفة أو مجاملة لها، فإندونيسيا أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان الذي يتجاوز ربع مليار نسمة، وهي مرشحة بحسب دراسات اقتصادية عالمية لأن تكون من الدول الأكثر نمواً في عام 2030، لم تتميز بها من مقومات سياسية واقتصادية.
تمتلك إندونيسيا الكثير من العوامل التي تؤهلها تماماً لدخول نادي الكبار قريباً، حيث تملك عوامل ديناميكية تجعل منها أكثر مرونة لمواجهة التحديات الإقليمية والعالمية حتي لا تؤثر علي خططها الإقتصادية الطموحة، كما أن إندونيسيا ترتبط بعلاقات قوية مع اقتصادات دول آسيا وخصوصا دول شرق وجنوب شرق القارة الآسيوية العملاقة، وهذا ما يؤهلها ويجعل منها الدولة الأكثر نمواً، ولديها القدرة علي النجاح في الوصول إلى مرحلة القدرة على تطوير اقتصادها بفاعلية كبيرة.
الطموح والحضور الإندونيسي الفاعل والنشط وتأثيره في الإقتصاد العالمي جعلها جديرة بتوجيه الدعوة لها لحضور قمة السبع، التي تضم أكبر سبع اقتصاديات في العالم، فقد فرض النموذج الإندونيسي احترامه علي أكبر القوي العالمية، ولذلك لم تشأ قمة السبع توجيه رسائل للضغط على إندونيسيا لوقف التعاون الاقتصادي مع روسيا بسبب حربها ضد أوكرانيا، لأن القوي الكبري تعلم جيداً أن القرار السياسي الإندونيسي هو أكثر استقلالية، ولن يخضع لأي املاءات خارجية، وأن ما يحكم القرار الإندونيسي هو المصالح العليا للبلاد، ولذلك فقد تجنبت مجموعة السبع السير في هذا الاتجاه، وفضلت اتخاذ طريق الحوار لحل للتوصل إلى اتفاقيات تعمل علي ايجاد مصالح مشتركة بينها وبين إندونيسيا، حيث أن تلك المصالح هي السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف المشتركة، ومن ثم فقد اقترحت الدول السبع إقامة مشاريع بيئية ومشاريع لإنتاج الغذاء مع أندونيسيا باعتبارها دولة مهمة وعدد سكانها كبير جداً، ولذلك فإن التعامل مع دولة بحجم إندونيسيا عن طريق الضغط سيأتي بنتائج سلبية.
لقد أثارت بعض الدول الأعضاء في مجموعة العشرين دعوات تتحدث عن مقاطعة قمة العشرين المقرر عقدها في إندونيسيا بسبب مشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيها، ولكن تم الترادع عن تلك الدعوات، وقررت الدول الصناعية السبع حضور القمة حتي لا تسمح للرئيس بوتين أن يملي عليها حضور القمة، وهذا ما يعد نجاحاً في حد ذاته لإندونيسيا التي رفضت من قبل دعوات من الدول الغربية بعدم توجيه الدعوة للرئيس بوتين لحضور قمة العشرين، ولكن إندونيسيا أصرت علي أن من حق روسيا المشاركة في القمة.
أحمد عبده طرابيك
باحث في شئون آسيا