القمة المزمع عقدها في السعودية منتصف يوليو الجاري والتي تضم قادة دول الخليج العربي بالإضافة إلى مصر والأردن والعراق بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن، ستناقش عدد من الموضوعات، خاصة ما تردد عن إمكانية تشكيل حلف عسكري في الشرق الأوسط على غرار حلف الناتو والذي قد يضم إسرائيل إلى جانب عدد من الدول العربية.
زيارة الرئيس الأمريكي للشرق الاوسط قد تنطوي على 'قطبة مخفية' في ضوء فشل تشكيل تحالف عسكري شرق أوسطي في ما مضى يُذكّر بفشل 'حلف بغداد' في خمسينيات القرن الماضي، إلا إنّ الولايات المتحدة قد تعيد الكرّة لحاجة إسرائيل إلى مثل هذا الحلف في ضوء تنامي القدرات العسكرية الإيرانية، وبالتالي لإضعاف القضية الفلسطينية، ومطالبة بعض 'أعراب' الخليج ليس بتجميد البرنامج النووي الإيراني، بل القضاء على البرنامج الصاروخي الإيراني، ومنهم 'الأعراب' من يخشى تسليم المنطقة من جديد لإيران".
وحول إنشاء الحلف، يشدد الكاتب على أن واشنطن "عقدت قمة لمسؤولين كبار من إسرائيل والدول العربية لمناقشة التنسيق ضدّ الصواريخ والطائرات المُسيّرة الإيرانية. وشارك في هذه الاجتماعات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي ونظراؤه في بعض الدولة العربية، وهي المرة الأولى التي يلتقي فيها ضباط رفيعو المستوى من إسرائيل والدول العربية بإشراف أمريكي".
القاهرة تعلم أن أيّ ترتيبات جماعية في المنطقة بخصوص الحلف العسكري لن يكتب لها النجاح دون مشاركتها، وإن لم تستطع وقفها فهي تملك من المقومات ما يساعد على تفشيلها. ولذلك بدت قاسما مشتركا في غالبية التحركات منذ الإعلان عن جولة بايدن في المنطقة، وانخرطت في حوارات عدة مع الجهات المعنيّة بقمة جدة، باعتبارها جهة وازنة لترجيح الكفة أو كسرها.
تعلم القاهرة أن القبول بتحالف عسكري في الوقت الراهن يضم إسرائيل يضعها أيضا في مواجهة مع إيران، وهي التي حرصت دوما على تجنب الصدام معها، وربما تكون زيارة الرئيس السيسي إلى سلطنة عمان الاثنين تنطوي على رسالة طمأنة تقوم مسقط بتوصيلها إلى طهران وتفيد في استمرار المبدأ الذي رسّخته مصر في السنوات الماضية ويعتمد على صيغة قوامها 'لا ضرر ولا ضرار ' مع إيران".
اختيار بعض الدول العربية العمل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي تحت مظلة ناتو شرق أوسطي لن تنتج إلا رسماً على الرمال.
لا يخفى على أحد أن العلاقات الأمريكية-الخليجية تواجه لحظة الحقيقة منذ فترة ليست بالقصيرة، نتيجة معاكسة إدارة بايدن تعامل إدارات سابقيه في عدد من الملفات المهمة في المنطقة، غير أن الحرب الأوكرانية دفعت الإدارة الأمريكية إلى تصويب بوصلتها مجدداً.
المصالح الأمريكية وراء حرص إدارة بايدن على هذه الزيارة التي يسعى من ورائها إلى تضييق فجوة وجهات النظر المتباينة حول عدد من الملفات الإقليمية والدولية، فضلاً عن محاولاته كبح الزيادات غير المسبوقة في أسعار الطاقة في الداخل الأمريكي تحت وطأة الحرب الروسية-الأوكرانية.
بات واضحا ما تريد واشنطن من الرياض، وهو التحكم بصنبور وسعر النفط السعودي الذي بات بمثابة القشة التي ستنقذ اقتصادات كل من أوروبا وأمريكا ,الغريقتين في بحر قرارات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتداعيات حربه على أوكرانيا، كذلك إضعاف جبهة حلف روسيا-الصين قبل أن يشتدّ عوده ويقوى على حلف الناتو.
بايدن يدخل الرياض من موقع ضعف وليس قوّة على عكس سلفه دونالد ترامب الذي دخلها دخول السلاطين وأخذ منها الجزية مقابل الحماية".
السعودية اليوم هي من ستقول 'لا فطائر مجانية' أو بالأحرى لا نفط مجاني؛ فزمن الخوف الذي خلقته إدارة ترامب وما سبقها قد ولّى، ولم تعد إيران ذاك 'البعبع' الذي يخيف السعودية ودول الخليج العربي".