نقاشات ساخنة، واجتماعات هنا وهناك، وجهود توعوية؛ وأفئدة تحن إلى مرابعها الأول، ويمنعها خطر محدق يتربص بها هو الألغام.
إنه حال أذربيجان في شقيها الرسمي وغير الرسمي، وهي تكابد لتزيل مئات آلاف الألغام التي خلفها الأرمن بعدهم بعد هزيمتهم الماحقة في إقليم كاراباخ؛ سبيلا إلى إعادة النازحين إلى ديارهم التي أجبروا على مغادرتها بفعل الاحتلال الأرمني.
ومنذ نهاية حرب كاراباخ الثانية -التي استعر أوارها في سبتمبر/أيلول من العام 2020 وتوقفت في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه- مسفرة عما يوصف بأنه انتصار مدو لأذربيجان، بعد استعادتها العديد من القرى والمدن في هذا الإقليم؛ أبطلت الحكومة مفعول عشرات آلاف الألغام والذخيرة العسكرية غير المنفجرة في الأراضي المحررة. وتقول إن من المحتمل أن هناك أكثر من مليون لغم ما تزال في باطن الأرض، خصوصا بمناطق ترتر وأغدام وشوشا وخوجاوند وفضولي وقبادلي وجبرائيل وزنكيلان.
وتسابق الحكومة الأذربيجانية وأذرعها السياسية والأمنية والإدارية الزمن، ويوم أمس الاثنين، أعلن مسؤولو الوكالة الحكومية الأذربيجانية لإزالة الألغام الحكومية (أناما) أن جهود “العودة الكبرى” للإقليم مستمرة، وعلى أكثر من صعيد.
جاء ذلك خلال حفل للإعلان عن تصميم جديد لشعار الوكالة، حضره ممثلو المنظمات الدولية والسفارات الأجنبية، والعديد من رؤساء منظمات المجتمع المدني.
وقال رئيس مجلس إدارة وكالة مكافحة الألغام (ANAMA)، فوغار سليمانوف خلال الحفل إنه تم حتى الآن “بعد الحرب الوطنية، تم تطهير أكثر من 50 ألف هكتار من الألغام”.
وأشار إلى أن موظفي وزارتي الدفاع وحالات الطوارئ يشاركون إلى جانب وكالته في الكشف عن الألغام، وأنه “حتى الآن تم إزالة 67 ألف لغم وأسلحة وذخائر غير منفجرة، ويتواصل العمل في هذا الاتجاه”.
وفي تصريح لمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان، على هامش الاحتفال، قال فوغار سليمانوف، إن الحكومة تقوم حاليا بتنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية في أراضي كاراباخ المحتلة سابقًا. وبشأن بطء إجراءات العودة قال إنها لا يمكن أن تتم قبل ذلك، وقبل إزالة الألغام، “لضمان أمن وسلامة الأشخاص ورفاههم”.
وأشار إلى إعلان وقعه رئيس جمهورية أذربيجان، إلهام عالييف، مؤخرا حول “تطوير أساليب الرفاه الاجتماعي والاقتصادي” بعد حرب كاراباخ الثانية.
وأثنى رئيس منظمة أوراسيا الدولية للصحافة، أمود ميرزاييف -في كلمة في الحفل- على جهود “أناما” في إزالة الألغام منذ اليوم الأول، وأحيانا بالقرب من خط النار “لقد شاهدت ذلك بأم عيني”.
كما تنشط الحكومة وأذرعها التعليمية والإرشادية في حملات توعية لا تتوقف للتحذير من الألغام والتنبيه على خطرها المحدق في مناطق الصراع السابقة.
الجنود مقابل خرائط الألغام
وسلمت باكو في الآونة الأخيرة “”مسترشدة بمبادئ الإنسانية” يريفان 10 أسرى أرمن لديها مقابل خرائط عن حقول الألغام، وذلك بواسطة روسية.
وبموازاة مع الجهود الحكومية تنشط منظمات المجتمع المدني في تلك الجهود، وقد التأم قبل يومين بمقر مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة اجتماع ضم أغلب تلك المنظمات، وشهد حوارات ساخنة بشأن جهود الحكومة وبطء إجراءات إزالة الألغام.
وتحظر اتفاقية الذخائر العنقودية لعام 2008، التي صادقت عليها 110 دول، الذخائر العنقودية بشكل شامل، وتلزم بإزالة مخلفات الذخائر العنقودية وبمساعدة ضحاياها.
