أبرمت وزارة النقل العراقية، اتفاقاً مع إيران لتنفيذ خط للسكك الحديدية لنقل المسافرين بين مدينتي البصرة السلامية الإيرانية وذكرت وزارة النقل، في بيان، أن مشروع خط السكك الحديدية يُعد من المشاريع الحيوية التي تربط البلدين، ومن المشاريع الاستراتيجية والمستقبلية للسكك الحديدية العراقية والإيرانية.
وتعليقًا علي هذا القرار كان هذا الحوار مع الدكتور حسين العسكري المتخصص في شؤون اللوجستيات والنقل ونائب رئيس معهد الحزام والطريق في السويد.
س: ما أهمية هذا الخط الحديدي بين البلدين؟
ج: يعتبر مشروع سكة حديد الشلامجة البصرة من المشاريع المهمة للترابط بين البنى التحتية بين العراق وايران للتنمية الاقتصادية والتجارة والسياحة. والخطة موجودة منذ عقود لكن الحروب والحصار الاقتصادي والأوضاع الأمنية السيئة حالت دون بناءه لليوم. علما أن ما تم الاعلان عنه مؤخرا هو فقط بناء خط قطارات لنقل المسافرين. لكن هذا لن يمنع من توسيع استخداماته للتجارة. كما أن هذا المشروع سيكون امتدادا للربط السككي الاقليمي ليشمل دول جوار العراق مثل تركيا وسوريا والاردن والسعودية والكويت. لكن هناك مشاكل كثيرة يجب حلها اولا بخصوص الوضع الاقتصادي في العراق لتكون هذه المشاريع فعالة.
س: هل لهذا الخط تأثير على دول المنطقة؟
ج: أولا ربط البنى التحتية بين الدول المتجاورة دائما فيه فائدة للجميع مثلما هو معروف من متابعة تطورات البنى التحتية في الاتحاد الاوربي مثلا، او بين الصين ودول الجوار. لكن توجد عقدة كبرى تخص الوضع العراقي والسياسة العراقية سوف تجعل العراق الخاسر الاكبر من الربط السككي مع دول الجوار. بعد ثلاثة عشر سنة من الحصار الاقتصادي الفتاك المفروض على العراق من عام 1991 الى 2003، الذي ادى الى انهاك معظم الامكانيات الصناعية والزراعية والبنى التحتية العراقية، جاء الغزو الامريكي البريطاني في عام 2003 وقضى على ما تبقى من الاقتصاد العراقي الحقيقي، وخاصة البنى التحتية لانتاج الطاقة والنقل والمياه. مما أدي بدوره الى تدمير كامل للصناعة والزراعة. وبعد 20 عام من الادارة الانجلوامريكية للبلد لم يتم اعادة بناء أي شيء من هذا، واصبح العراق بلدا استهلاكيا محضا، حيث يبيع النفط ويشتري جميع احتياجاته من الخارج. بهذه الطريقة اصبح العراق سوقا لمنتجات دول الجوار والمنتجين العالميين. وأصبح من الصعب جدا تخصيص أي أموال لبناء البنى التحتية والصناعة والزراعة، لأن كل موارد العراق تتوجه نحو الاستيراد من الخارج. في عام 2019 قامت حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي بابرام اتفاق اطاري مع الصين لمقايضة جزء بسيط من نفط العراق (مئة الف برميل من النفط يوميا) مقابل مشاريع اعمار تنجزها الشركات الصينية. كان من شأن هذا الاتفاق ان يحيي الاقتصاد العراقي. لكن تم الانقلاب على تلك الحكومة ووقعت تحت ضغوط داخلية واقليمية ودولية غربية للاستقالة. وتم تجميد الاتفاق مع الصين. لذلك فان ما تقوم باطلاقه الحكومة العراقية من مشاريع للربط مع دول الجوار بأموال عراقية سوف يثبت موقع العراق باعتباره مجرد سوق لدول الجوار ومجرد معبر لمنتجاتها دون أن يلمس الشعب العراقي أية فوائد من ذلك الربط السككي أو الطرقي. عدا ذلك لا اعتقد أن أي من دول المنطقة ستتأثر من هذا المشروع سلبا.
س: هل يعتبر هذا الخط الحديدي جزءا من المشروع الدولي العملاق "الحزام والطريق"؟
ج: نعم ولو أن هذا المشروع أقدم من المبادرة، لكن يمكن ادراجه ضمن مجموعة من الممرات البرية الرئيسية لمبادرة الحزام والطريق. يرد في النص الرسمي الذي اطلقته اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح ووزارة الخارجية وزارة التجارة الصينية في عام 2015 بعنوان "الرؤية والتحرك للدفع بالتشارك في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين"، مجموعة من الممرات الأساسية للمبادرة. ويخص احدها دول غرب اسيا، وهو "ممر الصين- منطقة الخليج والبحر الأبيض المتوسط عبر آسيا الوسطى وغربي آسيا". وكما هو معروف فإن دول غرب آسيا تشمل ايران والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين والاردن ودول الخليج واليمن. كما ان ارتباط دول الخليج بدول القوقاز وتركيا نحو شمال وشرق أوروبا سيكون محورا حيويا للتجارة والتنمية والتبادل الاقتصادي والثقافي لشعوب هذه الاقاليم.
لقمان يونس