انتصارات حلب الأخيرة والتعافي البادي على الدولة السورية

تحليلات 18:00 04.12.2016

 بالتزامن مع الانتصارات الميدانية التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه على جبهة الأحياء الشرقية لمدينة حلب وتحرير نحو 40% من مساحة هذه الأحياء خلال فترة قصيرة نسبياً، بدأت تدرك جميع القوى المنخرطة بالحرب على سوريا أن معركة الجيش السوري وحلفائه والرامية إلى تحرير محافظة حلب بشكل عام واحيائها الشرقية بشكل خاص ستكون لها الكلمة الفصل بأي حديث مقبل عن تسويات بمسارات الحرب على الدولة السورية وتغيير كامل ومطلق بشروط التفاوض المقبلة بين جميع الأطراف.

فالمعركة بالطبع لن تتوقف عند حدود احياء حلب الشرقية بل ستمتد إلى الريف الشرقي والجنوبي والشمالي وستكون لها تداعيات كبيرة على عموم ملفات الميدان العسكري السوري. وفي المقابل فإن الانهيار الذي أصاب الجماعات الارهابية المسلحة سيواصل تأثيراته على بقية الجبهات، وسيدفع القوى الداعمة لها بإعادة النظر في خططها المرسومة لسوريا والتي لم تفلح حتى اليوم بتحقيق هدفها بإسقاط النظام السوري.

مشهد التقدم الميداني للجيش السوري في حلب، حمل العديد من الدلالات سواء على الصعيد الداخلي أو الاقليمي التي تجلت بشكل واضح في صورة التعافي الذي بدأ يظهر على الدولة السورية ومؤسساتها، وذلك بعد 5 سنوات من الحرب الكونية المفروضة عليها، وما رافقها من تداعيات سلبية على البنية التحتية وقطاعات الدولة المخلتفة.

التعافي من الناحية الخدماتية برز بشكل واضح في مدينة حلب، التي سارعت الجهات المختصة بعد تحرير منطقة سليمان الحلبي إلى صيانة وإطلاق المضخات الموجودة فيها والمسؤولة عن إيصال المياه لكافة أحياء المدينة، بعد أن كانت خاضعة لرحمة المسلحين الذي ظلوا يمارسوا الابتزاز على السكان بماء شربهم طوال السنوات الأربع الماضية، كما تولى الجيش السوري ومحافظة مدينة حلب تأمين كافة احتياجات النازحين من المناطق الشرقية وإيوائهم في مساكن مؤقتة ريثما يتم إعادتهم إلى مناطقهم.

أما من الناحية العسكرية، فقد جاءت انتصارات الجيش في حلب بالزامن مع الاعلان عن تشكيل الفيلق الخامس-اقتحام والأنباء عن بدء تسريح دورة الاحتياط الأقدم (المحتفظ بهم بعد الخدمة الإلزامية) في الجيش، كمؤشر واضح على التحسن الملحوظ في أداء وهيكلية المؤسسة العسكرية السورية. فمشاهد الترحيب بالجيش السوري من قبل النازحين من المناطق الشرقية لحلب والذين كانوا محتجزين لدى المجموعات المسلحة،  عبرت بشكل لا يقبل الشك بمدى الاحتضان والثقة الذي يحظى به الجيش السوري لدى الشعب السوري، وعن مكانة الجيش المتنامية في الوجدان السوري.

فالجيش السوري وبعد خمس سنوات من الحرب على سوريا، مازال قادراً على ارسال رسائل رادعة في أكثر من اتجاه، والغارات التي نفذها على عناصر الجيش التركي المتوغلة في الريف الشمالي لحلب، كانت كافية للجم تقدم هذه القوات نحو مدينة الباب الاستراتيجية، والتي يبدو أنها ستكون المحطة القادمة للجيش وحلفائه بعد تطهير بقية مناطق شرق حلب وطرد المسلحين منها. فتركيا التي تُعتبر المتلقي الأول لرسائل حلب الإقليمية بفعل قربها الجغرافي والأهمية الاستراتيجية لهذه المدينة في معادلاتها، فهمت الرسالة السورية جيداً ولاشك بأن الزيارة المفاجئة التي قام بها كل من وزير الخارجية التركي "جاويش أوغلو" ورئيس المخابرات "هاكان ديفان" إلى طهران، في محاولة لإعادة رسم خطوط حمراء تجنبها التصادم المباشر مع الجيش السوري.

ومن شأن هذا التعافي الملحوظ في بنية الدولة السورية ومؤسساتها لا سيما المؤسسة العسكرية، تسريع وتيرة المصالحات في المناطق الساخنة، والتي بدأت تشهد انفراجات على أكثر من جهة في دمشق وحمص وغيرها. وبالتأكيد فإن هذه الظروف ستشكل مكسباً كبيراً وورقة رابحة للدولة السورية وحلفائها في المفاضات المقبلة مع كبار اللاعبين الدوليين المنخرطين بالحرب على سوريا، إذ أنها تعزز مكانة النظام السوري في المعادلات الداخلية والإقليمية على السواء.

سيناريوهات الجماعات المسلحة وداعميهم

هذه المتغيرات الميدانية في معركة حلب قد تدفع الدول المنخرطة في الحرب على سوريا لتغيير استراتيجيتهم من سيناريو الحرب المباشرة والسيطرة على المناطق، إلى سيناريو ضرب أمن البلاد من خلال الدعم والتخطيط للعمليات الارهابية كالتفجيرات والاغتيالات، سواء في سوريا أو في الدول الحليفة، وذلك في محاولة لإشغال محور المقاومة بالهاجس الأمني، وإبعاده عن دائرة التأثير في المعادلات الإقليمية والدولية.

ومن ناحية أخرى سيتواصل التصعيد السياسي والاعلامي للدول الداعمة للمسلحين، للغطية  على الهزائم الميدانية، حيث شهدت الفترات الماضية تصعيداً أمريكياً وغربياً كبيراً على خلفية تحضيرات الجيش السوري لمعركة حلب، بدءاً من قرار مجلس النواب الأمريكي فرض عقوبات على النظام السوري والدول الداعمة له بما فيها إيران وروسيا، مروراً بمبادرة المبعوث الدولي دي ميستورا منح الحكم الذاتي للمسلحين في أحياء حلب الشرقية، وصولاً إلى  إدراج أسماء 12 ضابطاً سورياً على لائحة العقوبات واتهامهم بشن هجمات على أهداف مدنية وتعذيب معارضين، هذا ما عدا الحملات الاعلامية المغرضة التي تشنها وسائل الاعلام الخليجية على رأسها الجزيرة القطرية ضد النظام السوري، واختلاق أكاذيب ضرب المستشفيات والمدارس والعمل على إثارة القضايا الإنسانية من أجل استصدار قرارات أممية ضد سوريا، علماً أن الجماعات المسلحة في الأحياء الشرقية والتي تحتجز المدنيين دروعاً بشرية هي التي ضربت المدارس في الأحياء الغربية لحلب واستخدمت قذائف تحتوي غازات سامة في هجماتها على مواقع الجيش السوري.

مايزال أمام الجيش السوري وحلفائه تحرير بقية المناطق الشرقية لمدينة حلب، وعندها ستدخل الأوضاع في سوريا منحى جديداً، وسيأتي دور معارك الرقة وإدلب ودير الزور وجسر الشغور، والتي ستخوضها الدولة السورية في ظروف أكثر تماسكاً وتعافياً.

 

خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...

أحدث الأخبار

دبي تعتمد استراتيجية جودة الحياة في الإمارة
18:00 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في جنوب القوقاز علي أذربيجان؟
17:26 16.05.2024
خبير سياسي : الإتحاد الأوروبي لن يساعد أرمينيا
16:00 16.05.2024
خبير سياسي : الغرب يسعي إشعال حرب بين جورجيا وروسيا
15:59 16.05.2024
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
14:52 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في دول الجوار علي أذربيجان؟ أومود ميرزايف يجيب
13:52 16.05.2024
فيسبوك تحذف منشورات عن لقاء رئيس وزراء ماليزيا وإسماعيل هنية
12:45 16.05.2024
فرنسا تنشر الجيش لضمان أمن مرافئ ومطار كاليدونيا الجديدة
12:30 16.05.2024
مخيمات غزة تعاني ظروفاً مهينة للإنسانية
12:15 16.05.2024
مصر تتسلم 14 مليار دولار من الإمارات قيمة الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة
12:00 16.05.2024
مقتل 12 جندياً إسرائيلياً في عملية بمخيم جباليا
11:45 16.05.2024
طهران تعلن تسوية نصف القضايا العالقة مع الذرية الدولية
11:30 16.05.2024
زيلينسكي يلغي زيارته لأسبانيا والبرتغال بسبب تدهور الوضع في خاركيف
11:15 16.05.2024
فارض اسماعيل زاده: مشكلة المياه واحدة من أخطر المشاكل في أذربيجان
10:53 16.05.2024
الهند تقلّل من أهمية عقوبات واشنطن إثر اتفاقها لتطوير ميناء تشابهار الإيراني
10:30 16.05.2024
أردوغان إسرائيل قد تضع عينها على الأناضول بعد غزة
10:15 16.05.2024
العالم عند مفترق طرق
10:00 16.05.2024
الرئيس الفرنسي يعلن حالة الطورائ في كاليدونيا الجديدة
09:45 16.05.2024
الحكومة التركية تبذل قصارى جهدها لخفض معدل التضخم
09:30 16.05.2024
إطلاق نار على رئيس وزراء سلوفاكيا ونقله إلى المستشفى
09:15 16.05.2024
أردوغان يتهم حركة جولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة
09:00 16.05.2024
الأمم المتحدة تفتح تحقيقاً بمقتل أول موظف دولي في رفح
17:30 15.05.2024
خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...
16:45 15.05.2024
علييف : فرنسا تربك المجتمع الدولي
16:00 15.05.2024
خبير سياسي : أرمينيا لن تنضم للاتحاد الأوروبي
15:00 15.05.2024
بوريل: عملية رفح ستؤثر بقوة على علاقات أوروبا مع إسرائيل
14:00 15.05.2024
طائرة ترامب تتعرض لحادث في فلوريدا
13:00 15.05.2024
هل منطقة جنوب القوقاز علي مشارف حرب أوكرانية ثانية؟
12:19 15.05.2024
تحذيرات إسرائيلية من انسحاب مصر من الوساطة في مفاوضات غزة
12:00 15.05.2024
بوتين العلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا والصين تتطور بسرعة
11:30 15.05.2024
قبيل استضافتها للقمة العربية.. كيف تعاملت البحرين مع الحرب في غزة؟
11:15 15.05.2024
زلازل إثيوبيا تثير مخاوف مصرية من انهيار سد النهضة
11:00 15.05.2024
مستوطنون يقتحمون الأقصى ملوحين بالأعلام الإسرائيلية
10:45 15.05.2024
واشنطن تزيد الرسوم الجمركية على منتجات صينية بقيمة 18 مليار دولار
10:30 15.05.2024
حظر تجول في كاليدونيا الجديدة بعد احتجاجات عنيفة على تعديلات دستورية
10:15 15.05.2024
حزب الله اللبناني يعلن تدمير منطاد تجسس إسرائيلي
10:00 15.05.2024
إيران تحض الهند على علاقات طويلة المدى
09:46 15.05.2024
أوبك تبقي على توقعاتها للطلب العالمي على النفط عند 2.2 مليون برميل يوميا
09:30 15.05.2024
النزاعات والكوارث تتسبب في نزوح 76 مليون شخص نهاية 2023
09:15 15.05.2024
القسام تقتل 7 جنود إسرائيليين شرق جباليا بشمال قطاع غزة
09:00 15.05.2024
جميع الأخبار