"هو نفسه عنوان لشرف أمة" ذلك القائد الشجاع, الذي قاد جيشاً لم يرد الإستسلام, ذلك القائد الذي لا يزال يقف في وسط دمشق يحرسها. اليوم يذكرنا بهذا البطل الاستاذ بلقسم حمدان العربي , الذي يروي لنا الأنطباعات القابعة في ذهنه عن لمحة تاريخية عن معركة ميسلون
لا أعرف فجأة ذاكراتي عادت بي إلى الوراء وبدون سابق تفكير مرت علي ومضة تاريخية لأول وزير دفاع عربي وهو في منصبه ، ربما قد يكون الأخير ، الذي يسقط في ميدان المعركة وهو يتصدى للقوات الغازية على رأس قوات من المتطوعين. أنه الوزير الدفاع العربي التاريخي الشهيد يوسف العظمة...
وأول مشكلة واجهتني و أنا أكتب في هذا الموضوع عن عنوانه المناسب . جربت عدة عناوين وكل عنوان كنت أراه غير مناسب و لا يليق بمقام يوسف العظمة ، الذي هو نفسه عنوان لشرف أمة ...
يوسف العظمة ، الذي رفض القبول بالإنذار الجنرال الفرنسي بحل وتسريح الجيش العربي السوري لأنه كان مدرك أن المحتل من شيمه الغدر ، لكن للأسف نصيحة يوسف العظمة لم تلقى قبولا لدى القيادة السياسية التي كانت على رأس البلد...
وكانت تظن هذه الزعامة أنها ستحافظ على كرسي السلطة بقبول الإنذار لكن الذي حصل بعد تفكيك الجيش و الخضوع لمحتوى الإنذار جهز العدو قواته و انقض على البلاد ، بحجة أن القبول الإنذار جاء متأخر بثلاثين دقيقة ...
ولو تم الآخذ بنصيحة العظمة و أبقي على الجيش و معداته لكان الجيش الفرنسي مصيره غير نهاية معركة ميسلون الغير المتكافئة بين الطرفين...
قوات نظامية تدعمها الأسلحة الثقيلة و السلاح الجو مقابل بضعة الآلف من المتطوعين ( حوالي 3.000) يقودهم وزير الدفاع بنفسه الشهيد يوسف العظمة وكان الأجدر أن يسمى "يوسف العظيم"...
ومع ذلك تنقل المصادر التاريخية أن يوسف العظمة لم يقتل من الأمام ، بمعنى من نيران العدو، وإنما من الخلف من العملاء الذين استعان بهم قائد الحملة الفرنسي بعد تأكده من بسالة المواجهة وتأكد أن خسائر قواته ستكون باهظة ...
وتنقل تلك المصادر التاريخية ، بعد انتهاء المعركة و مرور القوات الغازية على جثث الشهداء عُثر على جثة الشهيد يوسف العظمة حافي القدمين لأن العملاء سرقوا منه حذاءه العسكري...
هؤلاء العملاء اصطفوا على حواشي الطرقات لتحية قائد الحملة الذي نزل من سيارته و ركوبه عربة مكشوفة تجرها الخيول ليستمتع أكثر بنشوة النصر ممزوج بحرارة الترحاب...
الأقبح من ذلك ، كما تشير المصادر المذكورة ، بعض من هؤلاء العملاء وصلت بهم درجة "الخساسة"، أن فكوا الخيول عن العربة ليجروها هم بأنفسهم بدل الخيول تعبيرا عن فرحتهم النابعة من درجة انحطاطهم ...
مع ذلك ، القائد الفرنسي المنتصر لم يحترم هؤلاء ، لكنه احترم يوسف العظمة. لأن العملاء و الخونة و الذين يخونون ويبيعون أوطانهم لا يثق فيهم أحد ...
يوسف العظمة ، سيبقى رمز من رموز التي أنجبتهم هذه الأمة وهو دليل أنها ليست عاقرا و يمكن لها أن تنجب عظماء آخرين ليغيروا مجرى "ملحمة مسيلون"..