الحوار مع مدير المعهد الدولي للدول الحديثة (موسكو) أليكسي مارتينوف.
- جاء في تقرير أعده مركز الأبحاث الأمريكي بجامعة سيدني: "لقد فقدت واشنطن التفوق العسكري في منطقة المحيطين الهادئ والهندي ، وخسرت في وجه بكين". هل هذا صحيح؟
- تتراجع الولايات المتحدة في عدد من المواقف في وجه الصين في هذه المنطقة منذ فترة طويلة. بصراحة، لا يوجد شيء جديد في هذا التقرير، إلا أن الوثيقة التي صيغت في هذه النغمة المثيرة للقلق تحتوي على حقائق معروفة. يأتي هذا التقرير من فئة الدعم للسياسة الجديدة للسلطات الأمريكية بالانسحاب من عدد من الاتفاقيات الأساسية التي يعتمد هيكل الأمن الدولي عليها، والذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية والذي تم تحديده أخيراً في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي في شكل معاهدات ذات صلة للحد من إنتاج أسلحة الدمار الشامل الصواريخ الاستراتيجية والرؤوس النووية واستخدامها.
تتلخص استراتيجية الولايات المتحدة الراهنة في حقيقة وبتحديد أنها تدمر بنية الأمن الدولي القائمة وتشترك في سباق تسلح جديد، وتكرر بوضوح الأخطاء التي ارتكبها الاتحاد السوفيتي في حينه. إذن، ما الذي أدى إلى انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991؟ سباق التسلح الذي فرضته واشنطن على موسكو، والذي مزق الاقتصاد السوفيتي في نهاية المطاف. واليوم، فإن الولايات المتحدة تخطو على نفس الاتجاه.
عندئذ، يجب التأكيد على أن سباق التسلح الجديد ، بشكل عام، لا يهدد روسيا بأي شيء، لأن موسكو قد تفوقت على خصومها من خلال التحول إلى استخدام التقنيات العسكرية من المستوى القادم بشكل أساسي. أعني أسلحة تفوق سرعة الصوت وإلخ.
- ما مدى صحة بيان مؤلفي التقرير بأن ميزانية الدفاع الأمريكية في العقد الماضي تعاني من التأخير وعدم التبصر في التمويل؟ يؤكد الباحثون الأستراليون أنه على مدار عشرين عاماً ماضية، شاركت واشنطن باستمرار في العمليات العسكرية في الشرق الأوسط والتي تحول الأموال التي يمكن إنفاقها عن الحفاظ على الاستعداد لصراع محتمل مع القوى العظمى الأخرى.
- لا أعتقد أن الميزانية العسكرية الأمريكية تعاني من شيء ما، وهو مبلغ ضخم غير مسبوق - 716 مليار دولار. حسناً، ربما كانوا يعانون من شيء ما، لكن الأرقام مثيرة للإعجاب لدرجة أنها تحبس الأنفاس.
- تفيد التقارير الصادرة عن البنتاغون عن اختبارات صاروخ كروز الأرضي الخاضع لمعاهدة الحد على الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى في 18 أغسطس في جزيرة سان نيكولاس في كاليفورنيا. ويشار إلى أن الصاروخ أصاب الهدف بنجاح وأنه يغطي مسافة تزيد عن 500 كيلومتر.
- يشير كل هذا إلى أن الولايات المتحدة كانت تنتهك أحكام معاهدة الحد على الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى وتواصل العمل على تصميم وتصنيع الأسلحة المحظورة في هذه الوثيقة. والآن، بعد أقل من شهرين من إعلانها عن خططها للانسحاب من معاهدة الحد على الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، تجري واشنطن التجارب. لكن خلال فترة قصيرة من الزمن، كما نعرف، من المستحيل إنجاز مثل هذه التجارب. وهذا هو الدليل على انتهاك المعارهدة ومواصلة الولايات المتحدة لتطوير إمكاناتها الصاروخية في نفس الوقت الذي قيدت معاهدة الحد على الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى روسيا في أعمالها.
من ناحية أخرى، كان هناك أيضاً خلل معين يعود إلى أن هذا المعاهدة لا ينطبق على الصواريخ البحرية التي كان البنتاغون يركز على استخدامها بالضبط. عندما ملأت روسيا هذه الفجوة من خلال تبنيها استحدام صاروخ "كليبر" قبل بضع سنوات، نقص توفق واشنطن في هذا الشأن إلى الصفر. لذلك، تحول البيت الأبيض إلى طريق تدمير القاعدة التعاقدية الحالية بهدف إطلاق يديه في النهاية والمضي قدماً باستخدام سباق التسلح.
- تفسر واشنطن رغبتها في ترك معاهدة الحد على الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى من خلال الحقيقة أن الصين تواصل خارج نطاق الوثيقة تطوير إمكاناتها الصاروخية للا قيود، وعلى الولايات المتحدة أن تحد من أعمالها.
- هذا صحيح. أما بالنسبة لمنطق الأمريكيين هذا، فهو غير مفهوم وبمقلوب. في الواقع، على مدى السنوات العشر الماضية، على الأرجح، اقترحت موسكو بعناد يحسد عليه إجراء مفاوضات ثلاثية بشأن هذه القصية. دعت روسيا إلى زيادة عدد الأطراف في معاهدة الحد من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، واقترحت ربط الصين بها، وبالتالي إزالة التوتر. وهذه هي صيغة حل المشكلة الحالية التي اقترحها الكرملين بهدف تحقيق السلام.
في الولايات المتحدة الأمريكية، كما تعلمون، الأنصار الأقوياء جداً للمجمع الصناعي العسكري وتمكنوا من فرض موقفهم ومصالحهم على القيادة الأمريكية. ونتيجة لذلك، بدأت واشنطن في تصعيد التوترات، باختيار طريق يفضل حل المشكلة بواسطة الحرب. من المهم للغاية أن نفهم أنه كلما زادت خطورة الأسلحة الموجودة في العالم، تزيد فرصة نشوب الصراع العولمي وتدمير ثلاثة أرباع الأراضي الأساسية على الأرض. بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها، مهما كانت تبرز شجاعتها في هذا الصدد.
يجعل توفير الأسلحة المختلفة من جيل جديد، بما في ذلك الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، أي مركز صناعي وإداري أمريكي في ظروف الصراع العالمي معرضاً للخطر على الإطلاق. وموقف روسيا ليس تهديد أي جهة بهذه التقنيات، بل على العكس من ذلك أنها تشجع للمفاوضات لحل الخلافات والمشاكل القائمة. لسوء الحظ، فإن الأميركيين يسيرون الآن في الاتجاه المعاكس. كيف سينتهي هذا، أنا لا أعرف. الصين لديها الآن أيضا التكنولوجيا العسكرية الأكثر تقدماً. إذا أصبح الصراع العولمي، لا سمح الله، في الحقيقة، سيؤثر هذا على الجميع دون استثناء.
- تعتبر الصين اليوم دولة ناجحة في التنمية وقادرة على حل محل الولايات المتحدة الأمريكية في القيادة الاقتصادية العالمية في المستقبل. ومع ذلك، يجادل بعض الخبراء بأن الصين هي عملاق مع أقدام من الطين، وربما ينتظر مصير الاتحاد السوفياتي.
ولكن، عليكم أن تعرفوا، يمكنكم إقناع أنفسكم بقدر ما ترغبون في أن تنهار الصين يوماً ما مثل الاتحاد السوفيتي. لكن الصين موجودة منذ آلاف السنين. نعم، مرت الفترات المختلفة في تاريخها ولكن لاتزال هي موجودة وستكون موجودة. وما سيحدث للولايات المتحدة نفسها يصعب تخيله. إذا افترضنا أن الصين عملاق ذو أقدام من الطين، فإن الولايات المتحدة لا تملك أقدام طينية، ولكنها مصنوعة من مواد مشكوك فيها أكثر. لذلك ، يبدو لي أن مثل هذه الممارسة الخطيرة المتمثلة في الخداع الذاتي والتنويم المغناطيسي الذاتي والرضا عن الذات تؤدي فقط إلى تكاثر الأخطاء الخطيرة. (Oxu.Az)
الترجمة من الروسية: د. ذاكر قاسموف