الحوار مع العالم في العلوم السياسية والأستاذ بالجامعة الغربية القزوينية فكرت صديقوف.
- اليوم ، تعد المنافسة الأمريكية الإيرانية من أحد أكثر التطورات الجيوسياسية التي تجذب الرأي العام الدولي. رغم تهديدات البيت الأبيض بفرض عقوبات على الدول التي تشتري موارد الطاقة الإيرانية، تواصل طهران بيع نفطها. في الآونة الأخيرة، يكاد الوضع في مضيق هرمز أن يتسبب في مواجهة عسكرية مفتوحة، واليوم نتحدث عن حوار محتمل بين دونالد ترامب وحسن روحاني. كيف نفسر تغير مثل هذا التغير في المشهد؟
- نبدأ من أن زعيم الصين ماو تسي تونج وصف واشنطن وصفاً دقيقاً بأنها "نمر ورقي". أي أنه خلال المواجهات مع الدول الرائدة، كانت الولايات المتحدة في كثير من الأحيان تكتفي بالتهديدات والعقوبات والحصار. كقاعدة عامة، لم تتجاوز هذا الحد. في رأيي أن التاريخ يتكرر بشكل ما. ربما، بالفعل في صيغة جديدة.
إذن، في السنوات الأخيرة فرضت واشنطن عقوبات ضد كوريا الشمالية وروسيا وفنزويلا والعديد من الدول الأخرى، والتي تهدف بالطبع إلى إضعاف الاقتصاد لهذه البلدان التي تواجه بعض المشاكل نتيجة للضغوط الممارسة عليها. علاوة على ذلك، هدد البيت الأبيض باللجوء إلى ضغوط عسكرية وسياسية خطيرة للغاية ضد هذه البلدان. ومع ذلك، تتبين أن ممارسة مثل هذه الضغوط تؤدي في نهاية المطاف إلى عقد الاجتماعات والمفاوضات، كما حدث بين دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون. واليوم، يدعو الرئيس الأمريكي إلى تحويل مجموعة السبع إلى مجموعة الثماني، متمنياً لروسيا العودة إلى مجموعة أقوى الدول.
لذلك، أعتقد أن طهران تتفهم هذا جيداً، وعلى الأرجح، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق الدقيقة والخفايا، تنتظر وتراقب الموقف، مع الثقة في أن القمة ستعقد عاجلاً أم آجلاً.
- تختلف السياسة الخارجية التي ينتهجها الرئيس ترامب اليوم اختلافاً جذرياً عن السياسة الخارجية التي اتبعها أسلافه - أوباما وكلينتون وبوش الأب وابنه الذين حققوا أهدافهم بالوسائل العسكرية. يراهن الصاحب الحالي للبيت الأبيض على السياسة الداخلية. قام بتخفيض الضرائب، الأمر الذي أدى إلى تطوير الأعمال في البلاد، فيما يتعلق باحتمالية انتخابه لفترة رئاسية ثانية فانها تقدر عالية جدًا. هل من الممكن في هذه الحالة افتراض أنه، إذا فاز ترامب، ستستمر سياسة واشنطن "السلمية" في السنوات القادمة؟
- يعمل ترامب اليوم كل ما في وسعه لإعادة انتخابه للولاية الرئاسية الثانية. هذه هي مهمته الرئيسية اليوم، ويتم تحقيق هذا الهدف من خلال خطواته في السياسة الداخلية وإجراءات السياسة الخارجية. لكن في حينه، ، تصرف أوباما وبوشالأكبر والأصغر وكلينتون في الواقع بحزم ونشاط في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ولكن كان الأمر يتعلق بالبلدان التي كان من السهل التغلب عليها وإخضاعها ومن ثم السيطرة عليها أيضاً.
وكوريا الشمالية بلد يمتلك قدرات نووية. بالنسبة لإيران، كل شيء جاهز لتخصيب اليورانيوم. لقد أظهر التاريخ أن الولايات المتحدة أعلنت عن فرض الحصار والعقوبات على بيونج يانج طهران وتتمكن بسهولة من إرسال حاملاتها للطائرات إلى الخليج الفارسي/ العربي. ومع ذلك، يمثل شن عمليات عسكرية ضد بلد يمتلك أسلحة نووية أو بلد قادر على إبداء المقاومة الحازمة وتوجيه الضربات على حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين تهديداً خطيراً للمصالح الاستراتيجية للبيت الأبيض. في واشنطن، يقومون بتحليل كل هذا ويتجنبون عن اتخاذ خطوات عسكرية محددة ، لأنهم يفهمون نوع الرد الذي قد يأتي من الدول التي يخطط لاستخدام القوة ضدها.
- لم تحارب الولايات المتحدة علناً إيران التي لا تمتلك أسلحة نووية.
- من الصعب محاربةد طهران. إيران ليست بالعراق وليس ليبيا. طهران قادرة على الدفاع عن سلامة أراضيها ومصالحها، وهذا ما تفهمه الولايات المتحدة. نعم، ليس لدى إيران أسلحة نووية بعد، لكن لديها أنظمة صاروخية معينة تستخدم ضد إسرائيل وفي سوريا. نقصد تبادل الضربات.
إذا فهم العراقيون على الفور خطورة الموقف وقرروا عدم المقاومة، ولكن إيران تختلف. هنا لن يوافق أحد على العدوان واستخدام القوة العسكرية ضد بلده. لدى إيران وحدات عسكرية قوية وصواريخ ذات إمكانات قوية بما فيه الكفاية وقوى وجماعات عسكرية سياسية متشددة. لا أعتقد أن البيت الأبيض لا يعرف هذا. لذلك فإن الإطاحة بالنظام في طهران ليست مهمة سهلة. لن تنجح واشنطن في احتلال إيران على عجل وتوجيه ضربة قوية ، ولن تنجح واشنطن في الإطاحة بالنظام الحاكم في إيران.
النظام الحاكم الإيراني قوي بما فيه الكفاية، بالنظر إلى وجود معارضة قوية هناك. ومع ذلك، في حالة وجود خطر على الدولة الإيرانية والسلامة الإقليمية والأضرار التي تلحق بمصالحها الوطنية ، تتوحد جميع القوى السياسية في إيران ضد عدو مشترك.
الترجمة: د. ذاكر قاسموف