جددت مصر تأكيد موقفها الرافض لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى أراضيها. وفي أول تعليق رسمي على وثيقة مسربة من وزارة الاستخبارات الإسرائيلية بشأن توطين فلسطيني قطاع غزة في مصر، وصف وزير الخارجية المصري سامح شكري الوثيقة بأنها مثيرة للسخرية.
في غضون ذلك، يتواصل الحشد الإعلامي، وعبر منصات التواصل الاجتماعي، لرفض الإجراءات الإسرائيلية بحق سكان غزة لدفعهم إلى النزوح نحو سيناء، وسط حديث عن حملات ضد القاهرة بسبب رفض السلطات المصرية تصفية القضية الفلسطينية والقبول بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
وقال شكري في مقابلة مع شبكة سي إن إن الأمريكية، إن وثيقة وزارة الاستخبارات الإسرائيلية المسربة التي تقترح نقل ملايين الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء في مصر اقتراح مثير للسخرية. وأكد شكري أنه لم يتحدث إلى إسرائيل حول الخطة، مضيفاً: لا أعتقد أننا سنتحدث مع إسرائيل، أو أي طرف سيثير مثل هذا الاقتراح السخيف. وذكر أن الدول ذات سيادة وهي محددة بشكل جيد من خلال حدودها، من خلال سكانها. ومسألة النزوح في حد ذاتها هي مسألة تتعارض مع القانون الإنساني الدولي. لذا أعتقد أن لا أحد سيقوم بنشاط غير قانوني.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نشرت وثيقة منسوبة لوزارة الاستخبارات الإسرائيلية، صادرة في 13 أكتوبر الماضي. تقترح الوثيقة، التي قلل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أهميتها في وقت سابق، نقل السكان المدنيين في غزة إلى شمال سيناء، بدعوى أن مثل هذه الخطة ستكون الأفضل لأمن إسرائيل على المدى الطويل.
ورفضت مصر في مناسبات عدة أي مساعٍ لتهجير الفلسطينيين قسرياً إلى الأراضي المصرية. وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي مراراً أن مصر لم ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، مشدداً على أن حماية الأمن القومي لبلاده لا تهاون فيها، وأن مصر دولة قوية لا تُمس.
وأعرب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، عن امتنانه للدور الذي قامت به مصر في تسهيل آلية خروج المواطنين الأمريكيين وغيرهم من الرعايا الأجانب من غزة، مؤكداً في تغريدة له أننا نركز بشدة على حل الدولتين ونرفض الترحيل القسري للفلسطينيين خارج قطاع غزة.
وهذه المرة الثانية التي تبدي فيها الإدارة الأمريكية موقفاً رافضاً لتهجير الفلسطينيين، إذ سبق أن ناقش الرئيس جو بايدن خلال اتصال هاتفي مع نظيره المصري في 29 أكتوبر الماضي، أهمية حماية حياة المدنيين، واحترام القانون الإنساني الدولي، وضمان عدم دفع فلسطينيي غزة إلى النزوح إلى مصر أو أي دولة أخرى، وفق بيان صادر عن البيت الأبيض، وخلال الاتصال أكد الرئيس الأمريكي رفض الولايات المتحدة نزوح الفلسطينيين خارج أراضيهم، حسب بيان للمتحدث باسم الرئاسة المصرية.
ولا تزال المخاوف من تصعيد الهجمات الإسرائيلية في غزة، بما يدفع سكان القطاع إلى النزوح الجماعي نحو الأراضي المصرية، تثير تفاعلاً على منصات التواصل الاجتماعي، كما تحظى باهتمام مكثف في وسائل الإعلام المصرية التي تفرد مساحات بارزة من تغطياتها لتأكيد الموقف المصري الرافض رسمياً وشعبياً لأي إجراءات لتهجير سكان قطاع غزة.
فيما أشادت تدوينات أخرى لمواطنين مصريين بموقف وزير الخارجية المصري بشأن وثيقة الاستخبارات الإسرائيلية، وسط إشادة بحكمة التعامل المصري مع الموقف والقدرة على إدارة الأزمة.
من جانبه، أشار عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير رخا أحمد حسن، إلى أن وصف وزير الخارجية المصري للوثيقة الإسرائيلية بشأن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء بأنها هزلية يأتي إدراكاً لحالة التخبط التي تعانيها الحكومة الإسرائيلية حالياً، لافتاً إلى أن السلطات الإسرائيلية لا تمتلك تصوراً واضحاً عما تريده بعد انتهاء الحرب، وأن الأصوات التي تدعو إلى تهجير الفلسطينيين إلى مصر هي جزء من حالة التخبط الإسرائيلية التي أعقبت الصدمة الشديدة بعد 7 أكتوبر الماضي.
وأوضح حسن أن الإدارة الأمريكية نفسها وعبر مسؤولين موجودين حالياً في تل أبيب لا يجدون رؤية إسرائيلية متماسكة تجاه المرحلة التالية لانتهاء الحرب، مشيراً إلى أن الموقف المصري من رفض مشروعات تهجير الفلسطينيين إلى سيناء ليس جديداً، ومؤكداً أنه كان الرد المتكرر في كل المرات التي طُرحت فيها هذه الأفكار، لكنه أضاف أن غرور القوة الذي ينتاب الإسرائيليين في الفترة الراهنة، بسبب الدعم الأمريكي الغربي غير المحدود، يدفعهم إلى تصور إمكانية تنفيذ هذا المشروع القديم، مشدداً على أن التعامل المصري الذي وصفه بالواقعي يقف عقبة أمام تلك المشروعات الإسرائيلية.