شهدت جامعات أمريكية عدة موجة واسعة من الاشتباكات والعنف بين قوات الشرطة ومتظاهرين داعمين للفلسطينيين يطالبون بوقف الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة ويدعون لتوقف بعض الجامعات عن الاستثمار في شركات مرتبطة بإسرائيل.
وبلغت حصيلة الموقوفين من قبل السلطات في ولايات أمريكية عدة، ما بين 1300 إلى 1400 شخص. واقتحمت قوات شرطة نيويورك جامعة كولومبيا. وحاولت قوات الشرطة إخلاء مبنى في الحرم الجامعي الذي سيطر عليه المتظاهرون المؤيدون للفلسطينيين.
وعلى الجانب الآخر تدخلت شرطة لوس أنجليس لقمع الاشتباكات بين المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين والداعمين لإسرائيل في جامعة كاليفورنيا، وتم اعتقال عشرات الأشخاص في كل من جامعتي: كولومبيا، وكاليفورنيا، وسط مخاوف من تزايد أعمال العنف واشتعال المظاهرات في جامعات أخري.
وشهدت الجامعات في ولايات: يوتا، وفيرجينيا، وأريزونا، ونورث كارولاينا، وفلوريدا، اعتقال مئات الطلاب المتظاهرين، لكن المشاهد الأكثر عنفاً كانت في جامعات كولومبيا بنيويورك، وكاليفورنيا بولاية كاليفورنيا. وفي جامعة كولومبيا، تحصن المتظاهرون داخل قاعات مبني هاميلتون، وأطلقوا عليه اسم مبني هند، في إشارة إلى الطفلة الفلسطينية، هند رجب، التي عثر عليها مقتولة إلى جوار أسرتها في فبراير الماضي في غزة، وكانت إلى جانبها جثث مسعفين أتوا لإنقاذها، وراجت استغاثتها المسجلة على نحو واسع.
واستدعت رئيسة الجامعة، نعمت شفيق، قوات شرطة نيويورك لمكافحة الشغب، واتهمت المتظاهرين بأنهم اختاروا التصعيد إلى وضع مثير للقلق لا يمكن الدفاع عنه، وهو تخريب الممتلكات. وطالبت الشرطة بالبقاء حتى 17 من مايو الحالي لمنع محاولات الطلبة من العودة للتظاهر مرة أخرى داخل الحرم الجامعي. وانتشرت لقطات أظهرت ضباطاً يرتدون معدات مكافحة الشغب وهم يدخلون مبني هاميلتون هاوس الشهير في جامعة كولومبيا من خلال نوافذ المبني. وندد البيت الأبيض باستيلاء الطلاب على مبنى هاميلتون هول، ووصفه بأنه نهج خاطئ تماماً وليس مثالاً على الاحتجاج السلمي. وأصدر البيت الأبيض ما يعد أقوى إدانة له حتى الآن للمظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في الحرم الجامعي.
وصف بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي استيلاء الطلبة على مبنى هاميلتون في جامعة كولومبيا بأنه تمرد، وهو مصطلح قانوني لوصف انتفاضة عنيفة واحتجاج ينطوي على محاولات لتفكيك السلطات الحكومية، واستخدمت قناة فوكس نيوز المصطلح نفسه في تقاريرها عن الطلاب المتظاهرين. وعلى النهج نفسه جاء تعامل ضباط الشرطة في جامعة كاليفورنيا، إذ أعلنت الشرطة أن مخيم المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين غير قانوني، وقالت ماري أوساكو، نائبة رئيس جامعة كاليفورنيا للاتصالات الاستراتيجية: وقعت أعمال عنف مروعة في المخيم الليلة وقمنا على الفور باستدعاء سلطات إنفاذ القانون لدعم المساعدة المتبادلة.
وكانت جامعة براون بولاية رود آيلاند، الاستثناء الوحيد في الصورة المؤلمة التي رسمتها الجامعات الأخرى في الاستعانة بالشرطة في مواجهة الطلبة المتظاهرين، حيث قام المتظاهرون بحل الاعتصام وفك المخيمات بعد أن تعهدت الجامعة بالتصويت على سحب الاستثمارات من الشركات المرتبطة بالحرب الإسرائيلية. ونجح الطلبة في التفاوض مع سلطات الجامعة، ما أنهى الاعتصام دون مشكلات.
من جانبه، أعرب الرئيس السابق دونالد ترمب، عن أسفه على معاملة المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا بشكل أكثر تساهلاً من مثيري الشغب الذين اقتحموا مبنى الكابيتول الأمريكي في عام 2021، وفق قوله. وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، الذي حث رئيسة جامعة كولومبيا على الاستقالة بسبب ما يقول إنه فشل في وقف معاداة السامية في الحرم الجامعي، إنه سيفكر في سحب الأموال الفيدرالية من الكليات التي تنظم احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين. وقال جونسون: إننا نتطلع بجدية شديدة إلى خفض أو إلغاء أي تمويل فيدرالي على الإطلاق للجامعات التي لا تستطيع الحفاظ على السلامة والأمن الأساسيين للطلاب اليهود، وسنحاسب الجامعات على فشلها في حماية الطلبة اليهود في الحرم الجامعي.
ومنحت جلسات الاستماع في مجلس النواب مع رؤساء الجامعات، في ديسمبر الماضي، فرصاً ذهبية للجمهوريين للتنديد بالجامعات، بوصفها بؤراً لمعاداة السامية. وناضل رؤساء الجامعات للإجابة عن أسئلة محددة حول ما إذا كانت الدعوة إلى الإبادة الجماعية لليهود تنتهك قواعد السلوك الخاصة بكل جامعة. ومن دون دعم الديمقراطيين في الكونجرس المنقسم، ليس من الواضح ما العقوبات التشريعية التي يمكن أن ينفذها الجمهوريون في مجلس النواب فعلياً.