أدلى الدبلوماسي والسفير المفوض فوق العادة لأذربيجان في كل من جورجيا (2006-2011) ومولدافيا (2011-2016) الدكتور في القانون والبروفيسور نامق علييف بتصريحات حصرية ليوميات أورأسيا بخصوص الوثيقة التاريخية فريدة النوع التي ألقت الأضواء على تاريخ منطقة القوقاز، عن خطة السلام بين أذربيجان وأرمينيا والنزاع في قاراباغ الجبلية.
يوميات أورأسيا: كما نعلم قد عثرتم على تقرير الإدارة العسكرية في تبيليسي حول رغبة الأرمن المقيمين في منطقة سلماست في بلاد فارس (إيران) واستعدادهم للأنتقال إلى التبعية الروسية والتعاون مع روسيا ضد بلاد فارس. يمكن أن نعرف، كيف حصلتم على هذه الوثيقة؟
نامق علييف: أثناء عملي في تبيليسي أقمت العلاقات الوثيقة والجيدة جداً مع العلماء والمؤرخين والباحثين في مجال العلوم الإنسانية. كما تمكنت من ممارسة العمل في الأرشيف الوطني لتبيليسي حيث اطلعت على العديد من الوثائق التاريخية ومن بينها هذا التقرير للحاكم العسكري لمدينة تبيليسي عن طلب التاجر الأرميني أنتون غريكوروف الذي يكشف فيه عن رغبته في التعاون مع الروس والحصول على التبعية الروسية. لهذه الوثيقة أهمية تاريخية كبيرة حيث أنها مؤرخة في القرن التاسع عشر أو بالأحرى في عام 1824. تدل هذه الوثيقة والوثائق لأخرى مثيلتها على مكانة الأرشيف الوطني في تبيليسي لدراسة وقائع التاريخ. وأن هذه الوثائع تلقى الأضواء على الجوانب الغامضة للتاريخ ولاسيما على كيفية انتقال الخانات (الإمارات) الأذربيجانية إلى السيادة الروسية في ذلك الوقت وكيفية تقسيمها بين بلاد فارس وروسيا وعموماً على ما جرى في هذه الفترة التاريخية الهامة.
يوميات أورأسيا: ما هي القيمة التاريخية لهذه الوثيقة؟
نامق علييف: كما قلت إن هذه الوثيقة تثبت رغبة الأرمن ليخدموا روسيا لاحتلال أراضي أذربيجان وهذه الرغبة هي التي نتحدث عنها دائماً ونحاول إثباتها للمجتمع الدولي. كما جاء في النص أن التاجر الأرميني غريكورف يؤكد على استعداده لخدمة روسيا بشرط أنها ستمنحه نفس الامتيازات التي يتمتع بها في الدولتين الفارسية والعثمانية. وتجدر الإشارة إلى أنهم يريدون الامتيازات نفسها أو أفضل منها وفي نفس الوقت مستعدون لخيانة الدولة التي يعيشون فيها بغية الحصول على امتيازات ما في روسيا وهي عبارة عن الاستيلاء على الأراضي الأذربيجانية واستيطانها فيما بعد.
يوميات أورأسيا: هل تساعد هذه الوثيقة في إزاحة اللثام عن المعلومات الكاذبة لبعض المؤرخين؟
نامق علييف: لا شك فيه. تعتبر هذه الوثيقة الواردة في الأرشيف الوطني لتبيليسي ونسختها الإلكترونية في أرشيفنا شأن خاص باللحاكم العسكري وديوانه ومن المستحيل عدم تصديق صحتها أو رفضها كأنها غير حقيقية. تدل هذه الوثيقة على خيانة الأرمن للفرس والأتراك بغية الانتقال إلى التبعية الروسية للتوصل إلى هدفهم وهو الاستيلاء على أراضي أذربيجان. وجاء في خطاب التاجر الأرميني إلى الحاكم العسكري الروسي أنه يتنمنى للحاكم النجاحات في إتمام احتلال أذربيجان.
يوميات أورأسيا: السيد علييف، نريد نعرف رأيكم بكونكم الرجل الذي قضى وقتاً طويلاً في الخدمة الدبلوماسية وبكونكم كاتباً ما رأيكم في حل قضية قاراباغ الجبلية؟ هل في رأيكم أن عملية المفاوضات وقعت في المأزق؟
نامق علييف: في رأيي كل شيء هنا واضح وجلي. هناك عدد من العوامل الهامة أولها أن الجانب الأرميني غير راغب في إجراء مفاوضات السلام التي منطقياً يجب أن تؤدي إلى تحرير الأراضي المحتلة. وهذا هو السبب الرئيسي. وفي هذه الحالة يخاطب أحد طرفي النزاع الوسطاء للتوسط في إيجاد الحل للقضية وعلى المجتمع الدولي أن يتخذ الإجراءات الضرورية لمعالجة القضية. وأخذت مجموعة منسك هذه المهمة على عاتقها وعملياً أنها منشغلة بهذه القضية منذ 25 سنة دون الحصول على أي نتيجة.
لماذ لم تنجح جميع المساعي؟ قد أعرب الجانب الأذربيجاني عن استعداده للحل السلمي وأنه يبذل كل ما في وسعه لإيجاد الحل السلمي دون اللجوء إلى القوة. لا أعرف رجل الدولة الذي أبدي بهذا القدرمن الصبر والحكمة والمرونة مثل السيد الرئيس إلهام علييف.
ماذا نعمل لإثبات مساعينا السلمية؟ ولا يمكن أن يظل الوضع هكذا. لإيجاد الحل للنزاع يجب النظر في جذوره ومعرفة أسبابه. ودون معرفة أسباب النزاع لا يمكن فهم جوهره. ولذلك تعمل مجموعة منسك لحل النزاع ولكن دون النجاح.
قبل كل شيء يجب تقدير ما يحدث تقديراً حقوقياً. يجب تسمية كل شيء باسمه: هناك الاعتداء وهناك الاحتلال. لإقرار السلام طويل الأمد في المنطقة والسلام المستقر والعادل يجب العودة إلى الحدود الإدارية للجمهوريات السوفيتية السابقة المعترف بها من قبل المجتمع الدولي وهي الحدود التي كانت قائمة عند انهيار الاتحاد السوفيتي وقبل نشوب النزاع.
يمكن إيجاد الحل للنزاع بالعودة إلى هذه الحدود فقط. طالما يبقى الجنود الأرمن في الأراضي الأذربيجانية لا يمكن الحديث عن الحل السلمي. وعلى المعتدي أن ينسحب من الأراضي المحتلة وهذا هو الحل العادل فقط. ولكن دون إزالة أسباب النزاع لا يمكن توقع حله. كما لا يمكن حله لدة طويلة دون اندلاعه قريباً. ويدرك المجتمع الدولي هذه الحقيقة وتبقى الرغبة السياسية في حل القضية.
يوميات أورأسيا: بمبادرة رجال المجتمع والثقافة من البلدين طرحت فكرة االسلام بواسطة خطة السلام بين أرمينا وأذربيجان وذلك منذ عدة أشهر. سؤالنا حول رأيكم في هذه الخطة؟ هل تتمكن الخطة من التوصل إلى نتائج مطلوبة؟
نامق علييف: أرى أنه من المهم جداً أن المجتمع الأرميني يفهم أنه من المستحيل استمرار الوضع هكذا. كان الناس في الماضي يخافون أن يوافقوا على هذه الحقيقة والآن تغير الوقت وقد نشأ الجيل الجديد الذي بدأ بالحديث عن المشكلة وبدأ الناس بالانضمام تدريجياً إلى هذه الخطة ويمكنون من تطويرها.
وهذا هو الموقف الواضح والسليم للذين لا يريدون الحرب والذين يدركون جوهر قضية قاراباغ. لا يمكن أن الناس الراغبين في استمرار الوضع هكذا أن يحرزوا السلام. لا يمكن التوصل إلى السلام دون تغيير الأوضاع. وقد يكون التغير خطوة إيجابية وبناءة من قبل أرمينيا. ومع زيادة هذه خطوات قد تنضم أرمينيا نفسها إلى هذه الخطة. من المهم جداً أن ينضم إلى الخطة المؤرخون والعلماء السياسيون ورجال المجتمع لتعزيز موقف هذه الخطة.
وهذا يعني أن القوى السليمة الخالية من الازدواجية قد تتجه نحو إقرار السلام وحل النزاعات. للأسف أن الوقت محدود جداً ومضت 25 سنة وأنها ليست قليلة وأنها لا تخدم مصلحة السلام. يريد الدبلوماسيون زيادة المجتمع الوطني قوة لكي تنجح جهود السلام أخيراً.
أجرى الحديث: الصحفي سيران عباس زاده
الصورة: قربان بكير زاده وسمير صديقوف
الترجمة من الروسية: د. ذاكر قاسموف.