تحت رعاية رئيس جمهورية أذربيجان فخامة إلهام علييف، سوف تستضيف باكو المنتدى العالمي الرابع للحوار بين الحضارات في 5-6 مايو 2017. موضوع منتدى هذا العام هو: "تعزيز الحوار بين الحضارات: سبل جديدة للإنسان الأمن والسلام والتنمية المستدامة "؛ ويجري تنظيمه بالتعاون مع اليونسكو، وتحالف الأمم المتحدة للحضارات وغيرهما من المنظمات الدولية المرموقة.
ما دام سيزور العديد من الوفود الدولية المتنفذة العاصمة الأذربيجانية باكو؛ عليهم أن يقوموا بزيارة إلى اقليم أذربيجان الواقعة في أقصى غربها وهي جمهورية ناخشيفان المتمتعة بالحكم الذاتي وذلك عقب الاحتفال الختامي للمنتدى الرابع. وتمثل المعالم الأثرية للإقليم في ذاتها مرحلة هامة وفريدة من مراحل التطور لتاريخ البشرية وأنها تعبر عن المستوى الرفيع للحوار بين الحضارات في أراضي القارة الأوروبية الآسيوية وما خارجها. وفي حين أن ناخشيفان تواجه حصاراً اقتصادياً ثقيلاً من قبل أرمينيا منذ أكثر من عقدين، فإن حكومتها بقيادة رئيس المجلس الأعلى لجمهورية ناخشيفان، السيد واصف طالبوف، تمكنت من إحراز إنجازات هامة نحو استعادة الآثار التاريخية والثقافية في هذه المنطقة الأذربيجانية. في الواقع، وفور وصولهم، سيقتنع أصحاب المقامات الرفيعة على الصعيد الدوليأ ن ناخشيفان تستحق للزيارة، و خاصة بعد أن يشهدوا الآثار المهيبة مثل ضريح مؤمنة خاتون ومقبرة قاراباغلار وقبر يوسف بن قصير.
يعتبر ضريح مؤمنة خاتون من الأنصاب التاريخية والمعمارية التي بنيت في مدينة ناخشيفان من قبل المعماري أجامي أبوبكر الناخشيفاني، مؤسس المدرسة الأذربيجانية للهندسة المعمارية والمعماري المؤثر والمعروف في مختلف المدارس المعمارية الأوروبية.
كما يمثل ضريح مؤمنة خاتون نصباً تذكارياً رائعاً من العمارة الوطنية الأذربيجانية ولؤلؤة الآثار الثقافية والمعمارية الشرقية. تم بناؤه في الجزء الغربي من ناخشيفان في عام 1186 بأمر مؤسس ولاية أتابايين لأذربيجان شمس الدين إلداكيز كضريح على مقبرة زوجته، مؤمنة خاتون. أنجز بنائه من قبل محمد جهان بهلوان، ابن الحاكم، في أبريل 1186.
في الجزء العلوي من هذا النصب كتب بالخط الكوفي: "إننا نغادر ونترك الرياح فقط وراءنا. بينما نموت، يبقى العمل فقط كهدية ". يبلغ الارتفاع العام للنصب 34 مترا، في وقت لاحق تم تدمير سقفه بارتقاع 8 أمتار. ويتكون هذا الضريح من القبو تحت الأرض الذي له الجدران المرتفعة المغاطاة بنقوش فنية نادرة. وتجعل كثرة الألوان الزرقاء الزاهية هذا النصب الثقافي تحفة معمارية حيث يتشابك الحوار الحضاري والكنوز التاريخية في هدوء.
كما قال المؤرخ المعروف للفن ميخائيل ألباتوف: "إن ضريح مؤمنة خاتون في ناخشيفان هو نصب نادر الجمال"، وهو يعكس الموضوع الأساسي لقصة الشاعر نظامي كنجاوي بعنوان "ليلى ومجنون" بشكل عميق.
تمثل مقبرة قاراباغلار نصباً تاريخياً ومعمارياً للقرون الوسطى وتقع في قرية قاراباغلار في منطقة كانغارلي لناخشوان، وهو كنز ثقافي لاثمن له وتم ترميمها وصقله مؤخراً، بالإضافة إلى المقبرة هناك بقايا مئذنة مزدوجة ومبنى ديني في الفناء القريب.
بدأ بناء هيكل المئذنة المزدوجة في نهاية القرن الثاني عشر وانتهى في بداية القرن الثالث عشر؛ ومع ذلك أضيف القوس الرئيسي المرتبط بالمئذنة في القرن الرابع عشر. تم بناء هذا النصب بأمر هولاكو خان لتكريم زوجته غوتي خاتين في الشكل البيضاوي وضعت على رأس المئذنة الكتابة باللغة العربية: "هذه العلامة للرب هي غوتي خاتين التركمانية ".
تم بناء الجدران التي تشكل هيكلاً من اثني عشر زاوية فوق الأرض من الحجارة والقبة لها، بنيت من الطوب المخبوزة محلياً. وقد زينت الطبقات الخارجية من جدران ضريح قاراباغلار بنقوش وزخارف هندسية مغطاة بالقرميد الأحمر والفيروز المزجج. ويتوقع هذا الأثر التأريخ إعجاب الزوار الدوليين تقديرهم لأعماق الثقافة الناخشيفانية التي تعتبر حجر الزاوية الهام في التراث الأذربيجاني فيما يخص للحوار بين الحضارات المتعددة والتسامح الديني.
تعني محتوى هذه النقوش "لا إله إلا الله ومحمد رسول لله "، وهذه العبارة مكتوبة في شكل عمودي وعدة مرات داخل هذا النصب التذكاري المكون من أربعة أقواس رأسية (مغطاة بطيلة زجاجية زرقاء ومزينة برسوم هندسية ونباتية) ويحتوي الضريح على عدة عبارات المكتوبة بالخط النسخي. تم بناء هذا النصب الثقافي من قبل أحمد أيوب الحافظ الناخشيفاني، مصمم مقبرة باردا، التي أثرت في مدرسة الهندسة المعمارية الفرنسية في القرن الحادي عشر.
تعتبر ناخشيفان مسقط الرأس للنبي نوح الذي هو من أبرز السخصيات للحضارة الإسلامية. كان هذا النبي يحتل مكانة مرموقة في أدب بلاد ما بين النهرين والسومرية والكتب الدينية اليونانية القديمة.
تعتبر مفبرة يوسف ابن قصير أثراً فريداً آخراً ، وهو مشهد معماري في مدينة ناخشيفان. ويقع في شارع خياباني، ويعرف محلياً باسم قبة أتابابا. تم ترميم هذا النصب التذكاري في بداية القرن العشرين. ويتكون النصب من قبو تحت الأروأنه محفوظ بشكل جيد وبرج فوق الأرض.
للبرج الواقع فوق الأرض شكل مثمن من الداخل والخارج. يبلغ سمك الجدران 80 سم، وقد بني من الطوب المخبوزة (مقاييسه 2020 x 4،5 x سم). وله شكل المنشور مع الشكل الهرمي في الخارج والقبة الكروية في الداخل. إنه حقاً هيكل نادر للقبة المزدوجة التي وصلت إلى عصرنا. قبر يوسيف ابن قصير أثر وحيد في منطقة القوقاز وذلك بفضل شكل برجه المميز والسمات المعمارية التي تتشابك مع المؤثرات الثقافية والأعمال الفنية الدينية.
لا شك في أن الوفود الدولية في المنتدى العالمي الرابع للحوار الدولي ستجد مصدراً للإلهام وزيادة معارفها في الحوار بين الحضارات من خلال شعورهم بنبض التاريخ الأذربيجاني في ناخشيفان
بيتر تيس (Peter Tase)