السيدة لين تونغ طالبة ويتنامية وممثلة المؤسسة الأورأسيوية الدولية في هنغاريا سجلت انطباعاتها عن زيارة مناطقة قريبة من خطوط المواجهة في أذربيجان.
نقدم مقالها للتعرف عليه
"أذربيجان هي وطني الثاني حيث قضيت شبابي مع الكثير من الذكريات، وهناك أصدقائي، وهناك" العائلة الثانية "، أتمكن من العودة دائما إلى هنا، وأنا أشعر دائما بالرغبة في العودة إلى بلد النارالفريد هذا، لأنه هناك شخص ما على الدوام تسره عودتي، وكما نشأت هنا أيضا، وأصبحت شخصاً أكثر نضوجاً ومعرفة مع خبرة واسعة، وشخصاً يفتح عيونه على الكثير من الوقائع، وأود أن أروي بالتفصيل اليوم القصة عن زيارتي لمناطق على خط المواجهة.
بتاريخ 12 فبراير 2017 قمت بزيارة إقليم ترتر بناء على دعوة رئيس المؤسسة الأورأسيوية الدولية للصحافة السيد اومود ميرزاييف (Umud Mirzaev) . وكوني متدربة في المؤسسة الأورأسيوية أعمل على إعداد مشروع البزنيس الزراعي في المناطق المعرضة للحرب، وكان علي القيام برحلة لأتعلق بالواقعة. أنا منزعجة جدا، لأنه بالنسبة لي شرف كبير أن أزور منطقة على خط المواجهة واشاهد نتائج الحرب التي تزعج كل مواطن أذربيجاني. قمنا بزيارة قريتي حسن كايا وشيخ أرخ، التان تقعان على مسافة قريبة جدا من خط التماس.
وقريباً من القريتين تقع خزامة سرسنك للميله في الأراضي المحتلة حيث قام الجيش الأذربيجاني بعمليات عسكرية خلال المعارك في أبريل الماضي. سألت السيد ميرزاييف عن كثرة الأراضي الزراعية المهجورة في هذه المنطقة. ويبدو، أن الجانب الأرمني يقطع إمدادات المياه للزراعة ولذلك يعاني المزارعون الأذربيجانون من نقص المياه لزراعة المحاصيل الغذائية. وعلى الفور ربطت هذه الاستجابة بنظرية "السياسة المائية"، التي تمنع الصين بموجبها عمدا لتدفق المياه في نهر ميكونغ، مما أدى إلى أن الدلتا الجنوبية لفيتنام تعاني من القحط في كل موسم جاف. عند سماع هذا، زاد عطفي على الشعب الأذربيجاني.
حالما وصل كلنا، بمن فيهم الجنود الذين كانوا يحرسون هذه المنطقة، لقينا ترحيبا حارا، لأن السيد أومود ميرزاييف يحظى باحترام كبير في المنطقة، على كل ما قام به هناك. من الصعب أن أجد أي شخص آخر قد يتحدث بمثل هذا الحماس عن نزاع قره باغ الجبلية والمشردين ، مثل السيد ميرزاييف. وهو نفسه لاجئ، ولديه ذكريات حية. وقد عمل دون كلل يومياً لنشر كلمة الحق عن معانات النازحين من قره باغ الجبلية إلى أي مكان كان.
وإنه أول من يأتي المكتب صباحاً، وآخر من يغادره مساءاً. وكثيرا ما يزورمناطق في خطوط المواجهة للاطلاع على إنجاز عدد من المشاريع في هذه المناطق. وهو يسعى لتشجيع الشباب، من أمثالي، للنضال من أجل السلام وحقوق الإنسان. علمني السيد ميرزاييف أهمية تكريس الحياة والمساعي لأهداف خيرة.
كان مرافقنا من المحليين والذي كان يعرف كل شبر من الأرض عن ظهر القلب، على الرغم من الفراغ بعدة سنوات وتعرض المنطقة للدمار. في الطريق أخبرنا هذا الرجل عن المصانع والجامعات وحقول العنب التي مدمرة الآن. تذكرت أفلام وثائقية حول حرب فيتنام وتصورت بغير قصد كيف كان الناس عندنا يتحملون الصعوبات المماثلة. وهكذا، ازداد عطفي على هذه المنطقة الممزقة في الحرب، وخصوصا عندما مررنا أمام بيوت مدمرة والتقينا الناس الذين يعيشون في هذه الظروف الخطرة. قال السيد ميرزاييف لي إنه إذا زرت المنطقة قبل شهر، وكان من المكن أن الرصاص من الجانب الأرميني يصبني أو اللغم بفجرني بمجرد تجاولي في المنطقة. هذه الكلمات أدهشتني حقا، ولكن في نفس الوقت جعلتني فخورة بنفسي لشجاعة زيارة هذا المكان لرؤية وقائع الصراع وتحملها في تجربتي.
على الرغم من أن ظروف الحياة في تلك الأماكن لا تطاق، وكان الناس يبتسمون. أدهشتني خاصة الإيجابية البرئة للولد الصغير الذي كانت ملابسه البالية ممزقة، على الرغم من البرد الشديد، حيث أن هذا الشتاء كان من أكثر الأشتية برودة في أذربيجان. عند رؤية هذا الطفل الصغير، أتذكرت العديد من الأطفال الفيتناميين الآخرين المعانين من العامل البرتقالي الديوكسين والذي كان الأميركيون يشيعوه والناس الذين يعيشون في المناطق الجبلية، والذين تكاد أن حياتهم تتفق مع أدنى حد للمعايير. وهذا أجبرنى على البكاء. أهديت قبعتي له، لأنني شعرت بألم في قلبي للشعب الأذربيجاني والشعب الفيتنامي كليهما. هناك الكثير من القواسم المشتركة لكلا الشعبين، على الرغم من أنمها يقعان على بعد بآلاف الأميال بعضهما عن البعض. لماذا الناس الأبرياء يجب أن يعانوا من الحروب؟
ثم قضينا الليلة في المركز الإقليمي للتدريب المهني في ترتر والتابع للمؤسسة الأورأسيوية الدولية للصحافة. في صباح اليوم التالي عندما استيقظت، كانت المنطقة بأكملها مغطاة بالثلج الأبيض. بعد الإفطار الأذربيجاني التقليدي بالشاي والحليب زرنا الوكالة الوطنية لإزالة الألغام (ANAMA). ومرة أخرى، عندما رأيت الرجل الذي كان ساقه مبتوراً، تأثرت جداً. ولكن هذه المرة، حاولت السيطرة على دموعي. جعلتني الرحلة أدرك كم كنت محظوظا أن ولدت وكبرت في العالم، فضلا عن واجباتي لدعم أولئك الذين ليس لديهم هذه الامتيازات.
يوجد الظلم والصعوبات في كل العالم. ولكن حتى الآن تم الكشف عن بعضها على نطاق واسع، والبعض الآخر لم تكشف عنها. ولهذا الغرض هناك الهدف الي يوجب أن تظل الأسباب المخفية للنزاع دون حل. الصراع الأرميني الأذربيجاني في قاره باغ الجبلية من صراعات من هذا القبيل. واستمر هذا الصراع أكثر من 25 عاما، ولكن لم يكن هناك دعم جدي من أجل حل الصراع. بكوني طالبة في فسم العلاقات الدولية، رأيت حالة تجمد الصراع كحل وسط بين القوى الكبرى.
وهذا، للأسف، المصير المشترك للدول الصغيرة في الفوضى العالمية. من الصعب بما فيه الكفاية، على الدول الصغيرة تحمل تأثيرات الدول الكبرى المجاورة (كما تتبين حالة الدول التي على الحدود مع الصين وروسيا) بالفعل، ناهيك عن حقيقة أن أذربيجان وقعت في وسط الدول الأربع المتنافسة بصورة معقدة للغاية وهي إيران وتركيا والغرب (الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة) وروسيا. يغنى موقع أذربيجان في هذا التقاطع من الناحية الثقافية بطبقاتها ونكهاتها المتعددة، لكنه يعرض الشعب الأذربيجاني أيضا لمعانات الحرب المستمرة.
فضلاً عن ذلك اضطر ملايين من الناس إلى ترك أراضيهم الأصلية، يجب على الدولة أن تنفق أيضا جزءا كبيرا من الميزانية على السلاح والعسكرة، بدلا من الاستثمار في قطاعات أخرى بغية التنمية. بالنسبة لي، وترافق المشاعر القوية الكفاح العنيد في هذا الصراع ، وليس الاعتبارات الباردة أمام مصالح الدولة. أجد أنه من المضحك عندما يسأل شخص ما هذا، انها مجرد قطعة أرض، لماذا القتال؟
إن هؤلاء المتخلفون لا يدركون أن الأرض التي يمكن أن تترك بسهولة، كانت موطنا لملايين من الناس لقرون عديدة. وبعبارة أخرى، لا نتحدث عن المعادن والموارد الطبيعية، بل عن الأسر والثقافة والناس. من قره باغ الجبلية أفضل المطربين في أداء المقامات وأفضل حياكات للسجاجيد، وهما كنزان للثقافة الأذربيجانية.
قدمت إلى هنا باعتباري فتاة فيتنامية، ولكن غادرت هذا البلد مع الجزء المضاف للهوية الأذربيجانية في داخلي. وجدت لنفسي واجباً جديداً لتقديم هذا البلد مع وطني فيتنام، بالتحدث عن روائعا المخبأة في ثقافتها الفاتنة، والناس المحبين للضيوف والحيويين وكذلك نضالهم من أجل إعادة الأراضي المحتلة وعن معاناة الناس الذين يعيشون هناك ".