هزيمة مشروعهم وانتصار مشروعنا بثينة شعبان:

تحليلات 14:24 22.08.2017

 لماذا قلت إنّ هزيمة مشروعهم لا تعني آلياً انتصار مشروعنا؟ ذلك لأن انتصار مشروعنا يتجاوز بآفاقه وأهدافه ومضامينه وطموحاته هزيمة مشروعهم.

إن مشروعهم الظلامي قائم على القتل والتدمير والتفتيت وسحق كرامة الإنسان في سبيل أهداف خططّ لها أسيادهم واستخدموهم كأدوات إرهابية بعد أن سحقوا إرادتهم ورؤاهم وسلبوا قدرتهم على التفكير والقرار، فتحولوا إلى مجرد خونة وعملاء ومرتزقة.

ولأنّ مشروعهم كذلك فإن هزيمته تتطلب أولاً مراجعة البيئات والظروف والعوامل التي مكّنت مثل هذا المشروع من رؤية النور على أرضنا الطاهرة الطيبة ومراجعة كلّ آليات العمل والواقع الاجتماعي والاقتصادي والخدمي، الذي مكّن البعض من أن يجد في أبناء هذه البيئات حطباً جاهزاً لإحراق الوطن.

أي إنّ دحر الإرهاب والتكفيريين عسكرياً وميدانياً، ليس كافياً لضمان عدم عودة مثل هذه الأحداث مرة أخرى عاجلاً أو آجلاً، بل لا بدّ من دراسة كل الظروف التي تركت خواصر رخوة في البلاد مكّنت الأعداء وأدواتهم من النفاذ منها وتوقع إمكانية إسقاط الدولة من خلال هذه الخواصر، وإلحاق بالغ الأذى بالبلاد رافعين شعارات الحرية والإسلام الكاذبة المخّادعة لتمرير تدميرهم الممنهج الذي تشهد عليه بلدان شتى.

بل إن ضمان عدم عودة مثل هذه الحرب المؤلمة إلى ديارنا تتطلب مكاشفة جريئة لعشرات السنوات التي سبقت هذه الأحداث مع جردة حساب دقيقة حول الواقع الخدمي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي، على امتداد الوطن وخاصة البقع الجغرافية التي انطلقت منها شرارة الأحداث، أو التي شكلت حاضناً اجتماعياً لما تمّ تسويغه من نظريات ومقولات.

في هذا خدمة مهمة ليس فقط لمنع أسباب أي حرب مشابهة في المستقبل وإنما لمعالجة مواطن الضعف التي كان يشير إليها بعض المواطنين الخلّص من دون أن يلقوا آذاناً مصغية لدى من يريد أن تبدو الأمور مشرقة ليسجّل قصة نجاح تنسب إليه وتزيد من سلطته أو تأثيره، وفي هذا أيضاً خدمة لجميع أبناء الشعب السوري في مختلف أنحاء البلاد لأنه يعني مسحاً تربوياً واقتصادياً واجتماعياً، ومحاولة التعرّف على أي مسبب للمعاناة التي قد تتحول إلى غضب إذا ما تركت من دون معالجة.

هذا لا يعني طبعاً أننا نقللّ هنا من حجم الاحتضان الإقليمي والدولي لاستهداف سورية، أو من حجم التمويل والتسليح وتمرير الإرهابيين واستقطابهم من كل أنحاء الأرض، ولكننّا نركّز في هذه الجزئية على العوامل الداخلية المساعدة بعد أن بذل جيشنا وشعبنا، تضحياتٍ أسطوريةً لدحر هذا الإرهاب من ربوع بلادنا.

في هذه المراجعة استئصال للجذور التي يمكن أن تعود إلى الحياة إذا ما عادت وتوافرت لها الرعاية ذاتها والإمكانات ذاتها، وكلّ هذا مازال يصبّ في هزيمة مشروعهم، ولكن في هزيمته مرّة وإلى الأبد بحيث لا يجد خلال قرن قادم متنفساً أو موطئ قدم أو سمّ إبرة يستطيع أن ينفذ منها إلى جسد البلاد.

أما انتصار مشروعنا فهو أهمّ من ذلك بكثير، وأبعدُ من ذلك بكثير، لأنه يهدف إلى إعادة بناء الدولة والمشروع العربي الكبير على أسس تختلف جذرياً عن الأسس التي وضعتها معاهدة سايكس وبيكو ووعد بلفور، ولأنه يهدف إلى مراجعة كل الانتكاسات والهنات والتقصير والسذاجة والتواطؤ التي شابت مسيرة العرب خلال قرن مضى، والتي أوصلتهم إلى هذا المصير الذي أودى بخيرة شبابهم إلى أماكن اللجوء وأصبح العرب يمثلون أكبر نسبة من اللاجئين في العالم مع أنهم يعيشون في قلب العالم وفي أجمل وأغنى بقعة جغرافية تعتبر محطّ أنظار وحسد العالم بأسره.

إن انتصار مشروعنا يتطلّب إعادة الاعتبار إلى النخب العربية وتكليف هذه النخب بوضع رؤى وإستراتيجيات مستقبلية في جميع الاختصاصات والميادين ومن ثمّ وضع هذه الرؤى والإستراتيجيات موضع التنفيذ من خلال آليات عمل تحاكي آخر ما توصل إليه البشر من آليات عمل وتوطنّها وتموضعها في بلداننا وحسب حاجاتنا.

هنا علينا تصحيح إشكالية تاريخية يعاني منها معظم العرب وهي العلاقة بالغرب والعلاقة مع الأعداء، والعلاقة مع الغرب تاريخياً هي علاقة انبهار من دون استفادة من طرق البحث والإنتاج، وبناء المؤسسات، والعلاقة مع العدو هي في إدانته وتجاهله من دون دراسة الوسائل التي مكنتّه من ربح معركة هنا وأخرى هناك، وسبب هذا الخلل هو عدم متانة الشعور بالمواطنة والوقوع إما في فخ الكره للآخر كتعبير عن الانتماء الخالص، وإما في فخ تجاهله تعبيراً عن القدرة الجوفاء. لقد بلغت الجمهورية الإسلامية الإيرانية وماليزيا، ما بلغتا من قوة من خلال إرسال مئات الآلاف من الطلبة إلى الغرب للتخصص في مختلف العلوم ولكن بعد تحصينهم وتوفير بيئة ومستوى حياة لهم مماثل لما تقدمه لهم أي دولة غربية، وبعد عودتهم أحدثوا نهضة في الجامعات والبحث والسياسة والاقتصاد وبناء الدولة.

اليوم علينا أن نعكف على دراسة تجارب الآخرين، والاستفادة من الناجح منها وأقلمة مضمونها على واقعنا العربي واعتماد مقاييس عالمية في البحث والعمل والتكنولوجيا وبناء الدول.

انتصار مشروعنا يحتاج إلى عشرات السنين من العمل الدؤوب والهادف لأنه يستهدف إعادة بناء بلداننا على أسس علمية ومؤسساتية ثابتة وصلبة لا يمكن لأحد النفاذ إليها مهما كانت المخططات والمقدرات الداعمة لها.

إن هزيمة مشروعهم شرط أساسي للبدء بتجهيز الأرض لانتصار مشروعنا ولكنه ليس شرطاً وحيداً ولا كافياً لانتصار وعزّة دولنا في المستقبل وضمان تطورها وازدهارها كما نريد لها أن تكون.

خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...

أحدث الأخبار

رئيس الوزراء السنغالي ينتقد تواجد القواعد العسكرية في بلاده
12:00 17.05.2024
كاليدونيا الجديدة... طوارئ ومطالب بالاستقلال عن فرنسا
11:46 17.05.2024
صندوق النقد يتوقع نمو الاقتصاد العراقي 1.4 % في 2024 و5.3 % في 2025
11:30 17.05.2024
روسيا والصين تعملان معاً من أجل خلق نظام عالمي عادل
11:15 17.05.2024
حماس ترحب بإعلان قمة البحرين وتوجه دعوة للدول العربية
11:00 17.05.2024
بطريرك القدس للاتين يزور مدينة غزة
10:45 17.05.2024
الهند المعارضة تتهم مودي بإصدار تصريحات تشهّر بالمسلمين
09:30 17.05.2024
الرئيس الموريتاني السابق يغادر السجن لتقديم ملف ترشحه للرئاسية
09:15 17.05.2024
مصر ترفض مقترحاً إسرائيلياً حول معبر رفح
09:00 17.05.2024
دبي تعتمد استراتيجية جودة الحياة في الإمارة
18:00 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في جنوب القوقاز علي أذربيجان؟
17:26 16.05.2024
خبير سياسي : الإتحاد الأوروبي لن يساعد أرمينيا
16:00 16.05.2024
خبير سياسي : الغرب يسعي إشعال حرب بين جورجيا وروسيا
15:59 16.05.2024
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
14:52 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في دول الجوار علي أذربيجان؟ أومود ميرزايف يجيب
13:52 16.05.2024
فيسبوك تحذف منشورات عن لقاء رئيس وزراء ماليزيا وإسماعيل هنية
12:45 16.05.2024
فرنسا تنشر الجيش لضمان أمن مرافئ ومطار كاليدونيا الجديدة
12:30 16.05.2024
مخيمات غزة تعاني ظروفاً مهينة للإنسانية
12:15 16.05.2024
مصر تتسلم 14 مليار دولار من الإمارات قيمة الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة
12:00 16.05.2024
مقتل 12 جندياً إسرائيلياً في عملية بمخيم جباليا
11:45 16.05.2024
طهران تعلن تسوية نصف القضايا العالقة مع الذرية الدولية
11:30 16.05.2024
زيلينسكي يلغي زيارته لأسبانيا والبرتغال بسبب تدهور الوضع في خاركيف
11:15 16.05.2024
فارض اسماعيل زاده: مشكلة المياه واحدة من أخطر المشاكل في أذربيجان
10:53 16.05.2024
الهند تقلّل من أهمية عقوبات واشنطن إثر اتفاقها لتطوير ميناء تشابهار الإيراني
10:30 16.05.2024
أردوغان إسرائيل قد تضع عينها على الأناضول بعد غزة
10:15 16.05.2024
العالم عند مفترق طرق
10:00 16.05.2024
الرئيس الفرنسي يعلن حالة الطورائ في كاليدونيا الجديدة
09:45 16.05.2024
الحكومة التركية تبذل قصارى جهدها لخفض معدل التضخم
09:30 16.05.2024
إطلاق نار على رئيس وزراء سلوفاكيا ونقله إلى المستشفى
09:15 16.05.2024
أردوغان يتهم حركة جولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة
09:00 16.05.2024
الأمم المتحدة تفتح تحقيقاً بمقتل أول موظف دولي في رفح
17:30 15.05.2024
خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...
16:45 15.05.2024
علييف : فرنسا تربك المجتمع الدولي
16:00 15.05.2024
خبير سياسي : أرمينيا لن تنضم للاتحاد الأوروبي
15:00 15.05.2024
بوريل: عملية رفح ستؤثر بقوة على علاقات أوروبا مع إسرائيل
14:00 15.05.2024
طائرة ترامب تتعرض لحادث في فلوريدا
13:00 15.05.2024
هل منطقة جنوب القوقاز علي مشارف حرب أوكرانية ثانية؟
12:19 15.05.2024
تحذيرات إسرائيلية من انسحاب مصر من الوساطة في مفاوضات غزة
12:00 15.05.2024
بوتين العلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا والصين تتطور بسرعة
11:30 15.05.2024
قبيل استضافتها للقمة العربية.. كيف تعاملت البحرين مع الحرب في غزة؟
11:15 15.05.2024
جميع الأخبار