اعتقالات الريتز: إعلان حرب على الفساد أم "حصان طروادة"؟

صورة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان في خلفية القاعة الرئيسية لمؤتمر للشباب استضافته الرياض في نوفمبر/تشرين الثاني.

تحليلات 19:00 03.12.2017

قبل أيام قليلة من حملة الاعتقالات التي طالت رجال أعمال وأمراء، كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستضيف في فندق "ريتز-كارلتون" بالرياض، المئات من رؤساء المصارف الدولية، وكبرى الشركات العالمية، وأسواق المال في لندن، ونيويورك، وهونغ كونغ، في مؤتمر اقتصادي وصف على أنه "دافوس في الصحراء".

فرؤية الأمير الشاب،32 عاما، لمستقبل المملكة تتمحور حول اعتماد البلد على اقتصاد متنوع بعد عقود طويلة من الاعتماد على النفظ كمصدر رئيس للدخل.

وتستمد المملكة والعائلة المالكة ثروتها من احتياطي النفط، إذ توفر مبيعاته عشرات المليارات سنويا (128 مليار دولا للعام الجاري).

لكن أسعار النفط هوت خلال العامين الماضيين، فضلا عن خوض المملكة حربا باهظة الكلفة في اليمن منذ العام 2015، وهو ما أدى إلى نشوب أزمة اقتصادية دفعت السلطات إلى تخفيض الدعم، والاقتراض، ورفع الأسعار. علاوة على ذلك، تعتزم السعودية طرح نسبة من أسهم شركة "أرامكو"، أكبر شركة نفطية في العالم، في اكتتاب عام في النصف الثاني من العام المقبل، لتوفير سيولة تساعدها على مواجهة عجز كبير في الموازنة العامة.

وتتزامن الأزمة الاقتصادية مع صدور أمر ملكي في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني باعتقال عشرات الأمراء والوزراء ورجال الأعمال النافذين للاشتباه في ضلوعهم بقضايا فساد. وتحتجز السلطات أغلب المشتبه فيهم في نفس الفندق الذي استضاف فيه الأمير محمد المؤتمر الاقتصادي العالمي الأخير.

"لا أحد فوق القانون"

من بين   

 من بين "معتقلي الريتز" الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود ، الذي يعد أحد أكبر المستثمرين في العالم.

ويقول بدر الشويعر، المحامي والمستشار القانوني السعودي، إن الإجراءات الأخيرة تدل على أنه "لا أحد فوق القانون"، وإنه حان الوقت لكي تسترد الدولة "تلك الأموال المنهوبة" سواء عن طريق تسويات أو عبر المحاكم المختصة.

وفي تصريحات لبي بي سي عربي، أشار الشويعر إلى أن الامر الملكي "أعطى اللجنة العليا صلاحيات استثنائية" وأن الحرب على الفساد يجب أن تكون في قائمة اهتمامات الدولة، "ويجب أن تتحول هذه الحرب إلى قيمة وطنية بأن يكون المواطن أول من يحارب الفساد بالإبلاغ عنه."

وقد تحدثت مصادر مسؤولة سعودية في الأيام الأخيرة عن قيام السلطات بالتفاوض أولا مع "معتقلي الريتز" للتنازل عن جزء كبير من ثرواتهم وأموالهم في أرصدة مصرفية خارج البلاد مقابل حريتهم.

وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن المفاوضات تهدف إلى جمع قرابة 300 مليار دولار من المعتقلين.

وفي 28 نوفمبر/تشرين الثاني، نقلت "رويترز" عن مسؤول سعودي قوله إنه تم إطلاق سراح الأمير متعب بن عبد الله القائد السابق للحرس الوطني في السعودية بعد أن دفع أكثر من مليار دولار "لتسوية قضايا فساد."

ولم تصدر الجهات الرسمية حتى الآن قائمة بأسماء المعتقلين، لكن سربت بعض الأسماء للصحافة، وبين تلك الأسماء الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود، الذي يعد أحد أغنى أغنياء العالم.

كما لم تذكر جهات التحقيق أسبابا محددة لاحتجاز العشرات على نحو مفاجئ. وانتقدت منظمات حقوقية، مثل هيومان رايتس واتش، ما وصفته بـ "الاحتجاز القسري الجماعي" وطالبت السلطات السعودية بأن تضمن للمشتبه بهم حق الطعن بقانونية احتجازهم أمام قاضٍ مستقل ومحايد، وأن يُتاح لهم مقابلة محامين.

ويقول عمر عاشور، مدير برنامج الدراسات العليا في سياسة الشرق الأوسط بجامعة إكستر البريطانية، لبي بي سي عربي إنه من الصعب ضمان محاكمة نزيهة للمعتقلين في بلد في يسود فيه نظام حكم مطلق لأن "النظام القضائي في السعودية غير مستقل عن القيادة السياسية".

ويضيف أن السعودية "ما زالت تُحكم بنظام تتركز فيه سلطات الدولة الثلاث في شخص الملك، لذا فإن ضمانات المحاكمة العادلة وآليات الشفافية والمساءلة والمراجعة غير موجودة، سواء في هذه الاعتقالات أو في غيرها."

ولم نحصل على تعليق من الجهات الرسمية السعودية، فقد حاولنا الاتصال بثلاثة مسؤولين في وزارتي الداخلية والعدل، وتركنا رسائل لهم على هواتفهم النقالة، لتفسير المسوغات القانونية للاعتقالات الأخيرة، وعلى أي أساس يتم تمديد احتجاز المشتبه بهم، وهل صدر أمر قضائي للاعتقالات، ولماذا تم اعتقالهم في فندق فخم.

"حصان طروادة"

تحتجز السلطات السعودية أغلب المشتبه بهم في فندق "ريتز-كارلتون" الفخم بالعاصمة الرياض.

 تحتجز السلطات السعودية أغلب المشتبه بهم في فندق "ريتز-كارلتون" الفخم بالعاصمة الرياض.

أقرّ مسؤولون سعوديون صراحة بأن الفساد استشرى في المملكة وأنه حان وقت اجتثاثه بهذه الطريقة التي فاجأت الكثيرين داخل وخارج المملكة.

ويقولون إن حملة الاعتقالات الأخيرة جاءت إثر تحقيقات سرية بدأها النائب العام منذ عامين ونصف، وإكمالا لعمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، المعروفة اختصارا باسم (نزاهة)، والتي أنشأت بأمر ملكي عام ٢٠١١.

يقول وزير الخارجية عادل الجبير في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية بعد خمسة أيام من الاعتقالات، إن النائب العام اكتشف "سرقة جزء كبير من موازنتنا، ولا يمكن السكوت على هذا الفساد، فعندما يحل الفساد، لا يمكن أن نحقق العدالة، أو نجذب الاستثمارات".

ويتصدر جذب الاستثمارات الأجنبية سلم أولويات رؤية ولي العهد لمستقبل الاقتصاد في المملكة، لخلق فرص عمل في بلد يمثل الشباب فيه قرابة 70 في المئة من تعداد سكانه.

لكن لم تخف جهات دولية قلقها من أن الاعتقالات قد يكون من وراءها دوافع أخرى غير المعلن عنها.

فظاهرة الفساد في المملكة، كما تقول المستشارة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة الشفافة الدولية، مروة فطافطة، "معقدة للغاية بسبب طبيعة النظام الحاكم هناك".

وتضيف في تصريحات لبي بي سي عربي: "النظام الحاكم في السعودية يتألف أساسا من شخصيات في العائلة المالكة، تترأس وزارات، وإدارات حكومية، ومشاريع تجارية، وهو ما يخلق شبكات معقدة من السماسرة والعملاء، تتسم بالمحاباة والمحسوبية. ومن ثم، لا توجد قواعد محددة تضمن عدم تعارض المصالح، أو تفصل بين المصالح الخاصة والعامة، ناهيك عن عدم الإعلان بشفافية عن أصول وممتلكات العائلة المالكة والمسؤولين الحكوميين".

وتصدر المنظمة تقريرا سنويا لمؤشر مدركات الفساد في العالم، إذ يقوم بترتيب 176 دولة حول العالم حسب درجة مدى ملاحظة وجود الفساد في القطاع العام وبين السياسيين. واحتلت السعودية المرتبة رقم 62 في تقرير المنظمة العام الماضي.

وتعتقد فطافطة إن شعار محاربة الفساد في السعودية يستخدم "كحصان طروادة لتحقيق مآرب سياسية" واستخدام تهم الفساد هو أسلوب قديم للزج بالمنافسين السياسيين المحتملين في السجن.

وتقول: "هناك هالة من التعتيم والسرية حول الشؤون المالية للمملكة. فلا تخضع موازنة الدولة لرقابة ومراجعة مجلس تشريعي أو هيئات مسؤولة أمام الشعب."

خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...

أحدث الأخبار

رئيس الوزراء السنغالي ينتقد تواجد القواعد العسكرية في بلاده
12:00 17.05.2024
كاليدونيا الجديدة... طوارئ ومطالب بالاستقلال عن فرنسا
11:46 17.05.2024
صندوق النقد يتوقع نمو الاقتصاد العراقي 1.4 % في 2024 و5.3 % في 2025
11:30 17.05.2024
روسيا والصين تعملان معاً من أجل خلق نظام عالمي عادل
11:15 17.05.2024
حماس ترحب بإعلان قمة البحرين وتوجه دعوة للدول العربية
11:00 17.05.2024
بطريرك القدس للاتين يزور مدينة غزة
10:45 17.05.2024
الهند المعارضة تتهم مودي بإصدار تصريحات تشهّر بالمسلمين
09:30 17.05.2024
الرئيس الموريتاني السابق يغادر السجن لتقديم ملف ترشحه للرئاسية
09:15 17.05.2024
مصر ترفض مقترحاً إسرائيلياً حول معبر رفح
09:00 17.05.2024
دبي تعتمد استراتيجية جودة الحياة في الإمارة
18:00 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في جنوب القوقاز علي أذربيجان؟
17:26 16.05.2024
خبير سياسي : الإتحاد الأوروبي لن يساعد أرمينيا
16:00 16.05.2024
خبير سياسي : الغرب يسعي إشعال حرب بين جورجيا وروسيا
15:59 16.05.2024
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
14:52 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في دول الجوار علي أذربيجان؟ أومود ميرزايف يجيب
13:52 16.05.2024
فيسبوك تحذف منشورات عن لقاء رئيس وزراء ماليزيا وإسماعيل هنية
12:45 16.05.2024
فرنسا تنشر الجيش لضمان أمن مرافئ ومطار كاليدونيا الجديدة
12:30 16.05.2024
مخيمات غزة تعاني ظروفاً مهينة للإنسانية
12:15 16.05.2024
مصر تتسلم 14 مليار دولار من الإمارات قيمة الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة
12:00 16.05.2024
مقتل 12 جندياً إسرائيلياً في عملية بمخيم جباليا
11:45 16.05.2024
طهران تعلن تسوية نصف القضايا العالقة مع الذرية الدولية
11:30 16.05.2024
زيلينسكي يلغي زيارته لأسبانيا والبرتغال بسبب تدهور الوضع في خاركيف
11:15 16.05.2024
فارض اسماعيل زاده: مشكلة المياه واحدة من أخطر المشاكل في أذربيجان
10:53 16.05.2024
الهند تقلّل من أهمية عقوبات واشنطن إثر اتفاقها لتطوير ميناء تشابهار الإيراني
10:30 16.05.2024
أردوغان إسرائيل قد تضع عينها على الأناضول بعد غزة
10:15 16.05.2024
العالم عند مفترق طرق
10:00 16.05.2024
الرئيس الفرنسي يعلن حالة الطورائ في كاليدونيا الجديدة
09:45 16.05.2024
الحكومة التركية تبذل قصارى جهدها لخفض معدل التضخم
09:30 16.05.2024
إطلاق نار على رئيس وزراء سلوفاكيا ونقله إلى المستشفى
09:15 16.05.2024
أردوغان يتهم حركة جولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة
09:00 16.05.2024
الأمم المتحدة تفتح تحقيقاً بمقتل أول موظف دولي في رفح
17:30 15.05.2024
خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...
16:45 15.05.2024
علييف : فرنسا تربك المجتمع الدولي
16:00 15.05.2024
خبير سياسي : أرمينيا لن تنضم للاتحاد الأوروبي
15:00 15.05.2024
بوريل: عملية رفح ستؤثر بقوة على علاقات أوروبا مع إسرائيل
14:00 15.05.2024
طائرة ترامب تتعرض لحادث في فلوريدا
13:00 15.05.2024
هل منطقة جنوب القوقاز علي مشارف حرب أوكرانية ثانية؟
12:19 15.05.2024
تحذيرات إسرائيلية من انسحاب مصر من الوساطة في مفاوضات غزة
12:00 15.05.2024
بوتين العلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا والصين تتطور بسرعة
11:30 15.05.2024
قبيل استضافتها للقمة العربية.. كيف تعاملت البحرين مع الحرب في غزة؟
11:15 15.05.2024
جميع الأخبار