"عرب ترمب" ماذا يقولون الآن؟!

وفي ظل صمت الآخرين يبدو أردوغان صوتاً مختلفاً في الدفاع عن قضايا المسلمين من القدس في فلسطين إلى الأقلية المضطهدة في ميانمار.

تحليلات 13:30 17.12.2017

في الوزاري العربي الطارئ الذي عُقد بعد يومين من القرار الوقح للرئيس الأمريكي ترمب بشأن القدس المحتلة، استمعنا إلى كلمات جيدة قليلة، وأخرى تحصيل حاصل، ونوع ثالث تعكس سطوره التخاذل تجاه أمريكا وإسرائيل طرفي الغطرسة الدائمة على العرب.

هذا فقط هو التحرك السياسي الوحيد خلال عشرة أيام حتى الآن بشأن القرار العدواني، لا قمة استثنائية تتخذ قراراً جريئاً ولو لمرة واحدة يتناسب مع قيمة ومكانة ورمزية وخصوصية القدس، ويأبى النظام الرسمي العربي إلا أن يكون متسقاً مع نفسه في العجز المستديم، والتبعية المهينة، والانهزامية المرضية.

وحتى في القمة الإسلامية الطارئة في إسطنبول كان التمثيل العربي دون المستوى اللائق، فلم يحضر من القادة إلا عدد قليل، ولهذا كان الرئيس التركي أردوغان الصوت الأقوى الذي يصفع إسرائيل بوصفها "دولة احتلال وإرهاب"، ويفضح ترمب قائلاً إنه يفكر بعقلية صهيونية إنجيلية، وفي ظل صمت الآخرين يبدو أردوغان صوتاً مختلفاً في الدفاع عن قضايا المسلمين من القدس في فلسطين إلى الأقلية المضطهدة في ميانمار.

في الوزاري العربي كانت كلمة الوزير اللبناني جبران باسيل الأقوى والأفضل في رأيي، تُشَخِّص الحالة العربية الرسمية المهينة ضعفاً وانكساراً وخنوعاً وتبعيةً ممجوجةً لخصوم وأعداء صرحاء يجاهرون بالعداوة للقضايا العربية العادلة والمشروعة، ولا يقيمون وزناً لمن يقفون على أعتابهم، ويطرقون أبوابهم ورؤوسهم، ويقدمون إليهم ما لم يقدمه أحد من قبل في الولاء السياسي، والصفقات المالية، والتجارية، والعسكرية.

بلا أي مقابل

ما حصل عليه ترمب من دول عربية  خلال أقل من عام واحد من رئاسته لم يحصل عليه الرؤساء السابقون في أمريكا، ومع ذلك لم يقدم لها أي مقابل، ولا مثقال ذرة، بل ساهم في إشعال أزمات غير مسبوقة بينها "الأزمة الخليجية"، وصب مزيداً من الزيت على النار الطائفية والمذهبية المشتعلة بين بعض عواصم العرب وبين إيران، وفي مسألة القدس لم يحفظ ماء وجه حكام عرب أمام شعوبهم، إنما اقترف جريمة لم يقترب منها رئيس سابق باعترافه أنها عاصمة أبدية موحدة لدولة الاحتلال، ووقع في مشهد احتفالي على قرار نقل السفارة إليها، ما رأيكم في رئيس كهذا؟، وفي عرب كهؤلاء؟، يبايعون رئيساً يتخذه اليمين المتطرف والجماعات العنصرية  والنازية في أمريكا وعموم أوربا رمزاً لهم، وتعتبره إسرائيل الأشد إخلاصاً لها وأنه دخل تاريخها وتاريخ القدس.

 عقل وتفكير ونهج وبرنامج وشخص ترمب معروف من قبل أن يترشح للرئاسة، وازداد وضوحاً خلال حملته الانتخابية، والقدس في صلب برنامجه للسياسة الخارجية، وكل ما كان يقوله ينفذه تدريجياً منذ دخل البيت الأبيض، قد يتعثر أو يتأخر في تنفيذ قضية، لكنه ماضٍ في إنجاز كل وعد قطعه على نفسه لناخبيه، ولا ندري كيف انجرف بعض العرب إليه؟ وكيف رأوه؟ وماذا كان تقييمهم له، وسر تفاؤلهم به، ورغبتهم في فوزه بالرئاسة، وهزيمة منافسته هيلاري كلينتون؟ وماذا يقولون اليوم عن أوباما، الذي كرهوه، مقارنة بسياسات ترمب العدوانية المثيرة للتوتر العام في الشرق الأوسط والعالم؟ وكيف يلقون في حجر "محتال محنك" كل أوراقهم وأموالهم، ويعولون عليه في أنه سيكون الصديق الوفي، والحليف الوثيق؟ ماذا يقولون اليوم بعد قضية القدس؟ ألا يزالون يأملون منه خيراً، أم يراجعون أنفسهم بعقل وضمير وطني عربي قومي إسلامي يستيقظ بعد غفوة، أم أن أنفسهم مكسورة، ويعضون أصابعهم من الندم والخديعة، وهم ماهرون في السقوط في شِرَاكِها؟

صفاقة ترمب

هل هناك دليل على صفاقة ترمب وعدم اعتداده بأصدقائه وحلفائه، وممولي اقتصاد بلاده، ومصانع أسلحته، وتوفير الوظائف لمواطنيه أكثر من اتصاله بعدد من الحكام عشية توقيع قراره لإبلاغهم أنه سينفذ رغبة إسرائيل الوطيدة بالاعتراف بالقدس عاصمة لها، ونقل سفارة بلاده إليها؟ إنها العنجهية، والنظر من أعلى لداعميه الذين قالوا في بياناتهم إنهم حذروه، فما قيمة التحذيرات؟ وماذا فعلت؟

في تفسير ذلك أن المتماهين مع ترمب بالكامل إما كانوا طيبين أكثر من اللازم رغم أنه في رسم سياسات الدول، وطبيعة علاقاتها وتعاملاتها الخارجية، وسبر شخصيات القادة، لا مجال لمعاني الطيبة، وحسن النوايا. والتفسير الآخر أنهم لا يمانعون فيما يجري، ولا يرونه مزعجاً لهم، ويوافقون عليه، ويسلمون به، ويراهنون على أن الضجيج سيكون وقتياً ثم تعود الأوضاع إلى طبيعتها في التسليم القدري بحالة الضعف، والتبرير أن موازين القوى ليست في صالحنا، إنه الإخلاص لحقيقة العجز الرسمي، ومحاولة فرض هذه الحالة على الشعوب حتى يتساوى الرأس مع القاعدة في الهزال والاستسلام.

الممانعة اللبنانية

من لبنان البلد الصغير مساحةً وسكاناً وموارد خرجت مقاومة شعبية لإسرائيل عبر حزب الله المدعوم من مكونات الشعب اللبناني، ومختلف قواه السياسية قبل أن ينحرف الحزب عن طريق المقاومة الصحيح باتجاه إسرائيل إلى الداخل اللبناني والخارج العربي فيخفت ألقه، وتتآكل مشروعيته ودعمه الواسع لبنانياً وعربياً وإسلامياً. لكن لبنان المسكون بروح المقاومة في كل جنباته يقدم ممانعة سياسية تستحق التقدير عبر موقفه في الجامعة العربية من قضية القدس، ومن التشخيص الدقيق لجذور الأزمة العربية، والحلول التقدمية التي يطرحها للخروج منها، ونصرة القدس وإنقاذها، وقبل ذلك بأيام كان موقفه وتحركه بشأن قضية رئيس حكومته سعد الحريري حيث قدم فيه معنىً مهماً للمقاومة السياسية الناجحة لتحرير أحد قادته من احتجاز قسري في بلد آخر.

فكرة الدول الكبرى، ودول الثراء المالي، ودول التضخم الذاتي، تتراجع بشكل غير لائق بتاريخها، ووضعياتها، ومراكزها التي اكتسبتها لأسباب موضوعية، لكنها لم تعد تقوم بتكاليفها واستحقاقاتها، كما يتراجع ما كان مأمولاً منها، ومتوقعاً أن يصدر عنها في القضايا القومية الكبرى بسب التسليم، أو الاستسلام لأقدار سلبية هي من تصنعها لنفسها بنفسها، ولا يستطيع أحد أن يفرضها عليها إذا أرادت رفضها، وعدم القبول بها.

لبنان العربي نموذج في روح المقاومة المتجددة، وفلسطين والفلسطينيون جميعاً هم وطن المقاومة، وأصلها الشامخ، وهم في غنى عن أي حديث أو إطراء، وتركيا تواجه، ولا تتوارى بعيداً رغم علاقاتها الوثيقة مع الأمريكي والإسرائيلي، وكوريا الشمالية غير العربية نموذج بعيد عنا في المقاومة الصريحة لأمريكا، وصناعة القدر الذي تريده لنفسها، رغم أنه لا مقارنة بين قدرات قوة عظمى هائلة، وقدرات دولة صغيرة فقيرة تريد أن يكون لها كينونة، رغم رفضنا لديكتاتورية نظام الحكم فيها.

ما استحق أن يعيش يوماً من يحيا في مذلةٍ ساعةً.

طه خليفة
كاتب وصحفي مصري، وعضو نقابة الصحفيين المصريين، وكاتب بالعديد من الصحف والمواقع الإلكترونية، وشغل موقع مدير تحرير جريدة "الأحرار" المصرية.

 

خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...

أحدث الأخبار

خبير سياسي : "الغرب يستخدم أرمينيا ضد روسيا"
13:00 17.05.2024
رئيس الوزراء السنغالي ينتقد تواجد القواعد العسكرية في بلاده
12:00 17.05.2024
كاليدونيا الجديدة... طوارئ ومطالب بالاستقلال عن فرنسا
11:46 17.05.2024
صندوق النقد يتوقع نمو الاقتصاد العراقي 1.4 % في 2024 و5.3 % في 2025
11:30 17.05.2024
روسيا والصين تعملان معاً من أجل خلق نظام عالمي عادل
11:15 17.05.2024
حماس ترحب بإعلان قمة البحرين وتوجه دعوة للدول العربية
11:00 17.05.2024
بطريرك القدس للاتين يزور مدينة غزة
10:45 17.05.2024
الهند المعارضة تتهم مودي بإصدار تصريحات تشهّر بالمسلمين
09:30 17.05.2024
الرئيس الموريتاني السابق يغادر السجن لتقديم ملف ترشحه للرئاسية
09:15 17.05.2024
مصر ترفض مقترحاً إسرائيلياً حول معبر رفح
09:00 17.05.2024
دبي تعتمد استراتيجية جودة الحياة في الإمارة
18:00 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في جنوب القوقاز علي أذربيجان؟
17:26 16.05.2024
خبير سياسي : الإتحاد الأوروبي لن يساعد أرمينيا
16:00 16.05.2024
خبير سياسي : الغرب يسعي إشعال حرب بين جورجيا وروسيا
15:59 16.05.2024
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
14:52 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في دول الجوار علي أذربيجان؟ أومود ميرزايف يجيب
13:52 16.05.2024
فيسبوك تحذف منشورات عن لقاء رئيس وزراء ماليزيا وإسماعيل هنية
12:45 16.05.2024
فرنسا تنشر الجيش لضمان أمن مرافئ ومطار كاليدونيا الجديدة
12:30 16.05.2024
مخيمات غزة تعاني ظروفاً مهينة للإنسانية
12:15 16.05.2024
مصر تتسلم 14 مليار دولار من الإمارات قيمة الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة
12:00 16.05.2024
مقتل 12 جندياً إسرائيلياً في عملية بمخيم جباليا
11:45 16.05.2024
طهران تعلن تسوية نصف القضايا العالقة مع الذرية الدولية
11:30 16.05.2024
زيلينسكي يلغي زيارته لأسبانيا والبرتغال بسبب تدهور الوضع في خاركيف
11:15 16.05.2024
فارض اسماعيل زاده: مشكلة المياه واحدة من أخطر المشاكل في أذربيجان
10:53 16.05.2024
الهند تقلّل من أهمية عقوبات واشنطن إثر اتفاقها لتطوير ميناء تشابهار الإيراني
10:30 16.05.2024
أردوغان إسرائيل قد تضع عينها على الأناضول بعد غزة
10:15 16.05.2024
العالم عند مفترق طرق
10:00 16.05.2024
الرئيس الفرنسي يعلن حالة الطورائ في كاليدونيا الجديدة
09:45 16.05.2024
الحكومة التركية تبذل قصارى جهدها لخفض معدل التضخم
09:30 16.05.2024
إطلاق نار على رئيس وزراء سلوفاكيا ونقله إلى المستشفى
09:15 16.05.2024
أردوغان يتهم حركة جولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة
09:00 16.05.2024
الأمم المتحدة تفتح تحقيقاً بمقتل أول موظف دولي في رفح
17:30 15.05.2024
خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...
16:45 15.05.2024
علييف : فرنسا تربك المجتمع الدولي
16:00 15.05.2024
خبير سياسي : أرمينيا لن تنضم للاتحاد الأوروبي
15:00 15.05.2024
بوريل: عملية رفح ستؤثر بقوة على علاقات أوروبا مع إسرائيل
14:00 15.05.2024
طائرة ترامب تتعرض لحادث في فلوريدا
13:00 15.05.2024
هل منطقة جنوب القوقاز علي مشارف حرب أوكرانية ثانية؟
12:19 15.05.2024
تحذيرات إسرائيلية من انسحاب مصر من الوساطة في مفاوضات غزة
12:00 15.05.2024
بوتين العلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا والصين تتطور بسرعة
11:30 15.05.2024
جميع الأخبار