الخبير المستقل سيرجي بالابا حصرياً ليوميات أورأسيا
ليس غريباً اليوم أن مسألة التصدي لتهديدات الإرهاب الدولي تصبح من أهم المواضيع لمناقشة العلاقات بين الدول. لم يتجاهلها زعماء الدول الأعضاء في رابطة الدول المستقلة الذين اجتمعواً مؤخرا في موسكو في القمة غير الرسمية. كان من المستغرب إلى حد ما بالنسبة لي أن أستمع إلى كلمة رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكا الذي في كل فرصة، يبين نفسه كصانع السلام. وبطبيعة الحال، فإن اتفاقات مينسك نفسها بشأن دونباس يمكن أن تكون مؤشراً في هذا الصدد. وهذا جيد.
فوجئت في أن السيد لوكاشينكو في تطرقه لموضوع التهديدات على جمهوريات آسيا الوسطى من أفغانستان مقتنع بسبب ما أن دول المنطقة: أوزبكستان وطاجيكستان وتركمانستان وكازاخستان وقرغيزستان "تحت مهداف الدواعش" وأن "الخطر الأفغاني سيدرج في المستقبل القريب جداً على أجندة أعمال منظمة معاهدة الأمن الجماعي.
منذ فترة طويلة، لم أسمع أو أقرأ أي تصريح للدواعش بأن منطقة "آسيا الوسطى" تحت مهدافهم. بالاعتبار أن أغلبية الدواعش من الشرق الأوسط وأنهم أكدوا أن مصالحهم تنحصر بهذه المنطقة فقط وليس من الصعب تخمين هوية القوى المستفيدة من انتقالهم إلى أفغانستان مع العلم بأن مصالح هذه القوى مركزة في أفغانستان.
يقنع اليوم العديد من البث التلفزيوني والوسائل الإعلامية والمعلومات على شبكة الإنترنت الناس على فشل البيانات الجهورية لهذا الخلافة. واضطرالمسلحون الذين كانوا في الماضي القريب يبينون أنفسهم كأنهم شجعان وأقوياء إلى الفرار من سوريا والعراق. بل إلى أين يفرون؟ وبطبيعة الحال، إلى أفغانستان. هناك عكر ومن الممكن الاختفاء والإقامة بسهولة. ولكن هذه ليست سوى بنظرة أولى وقليلة العلم بالواقع. وعلينا أن نعلم ألا أحد في أفغانستان يرحب بالضيوف غير المدعوين. وبالإضافة إلى ذلك، زرت جمهوريات آسيا الوسطى كثيراً. كما اشتغلت قليلاً في مشروع البناء في تركمانستان، وقريبا جداً من الحدود الأفغانية "الساخنة". وهناك، كما هو معروف، يعمل مئات من أبناء بلدي في إنشاء مصنع للتعدين والتجهيز منذ سنين عديدة. وأقمت العلاقات الودية مع الكثير منهم وتحدثت معهم. لكنني لم أر أبداً مخاوفهم من "تهديد" دولة أفغانستان المجاورة. يشعر البيلاروسيون أنفسهم هناك في بيوتهم مريحاً وهادئاً جدا.
يقيم السكان المحليون علاقات ودية مع الأفغان، مهما تغيرت الأحوال. في عقلية التركمان أن يعتبر الجيران أكثر قرابة. كان من الأاستغراب على هذه الخلفية، أن نسمع من لوكاشينكا عن " المذبحة الحقيقية" في هذه المنطقة،، يعني قرب حدود رابطة الدول المستقلة. وليس من السهل تفسير قلق الرئيس البيلاروسي وفهمه. هل يعتقد حقاً أن تلك "الحدود المشتركة لرابطة الدول المستقلة" التي "في خطر" لا يزعج أولئك الذين لهم مصالح حيوية في استقرارهم؟ ومن الصعب أن نتصور أن أوزبكستان التي تملك أحد أقوى الجيوش في المنطقة وواجهت الراديكاليين مرة واحدة ستسمح بتكرار شيء مماثل.
واليوم، لدى جميع دول آسيا الوسطى المجاورة لأفغانستان مشاريعها الاقتصادية الكبيرة التي تستهدف بصفة خاصة الحفاظ على الاستقرار في حدودها مع أفغانستان. وأنا واثق من أن أياً من بلدان آسيا الوسطى مع إقامة علاقات مع أفغانستان، لا يتجاهل مسألة الدفاع والأمن الحدودي. وليس من نافلة القول أن نذكر للأسف، هناك العديد من الأدلة على أنه في بلاروسيا ذاتها تم تسجيل أي تجنيد المواطنين من دول آسيا الوسطى والدول الأخرى للمشاركة في المعارك الدائرة في الشرق الأوسط على جانب المنظمات الإرهابية، بما في ذلك داعش. وأعتقد أن لوكاشينكو نفسه يدرك جيداً هذا. ولكن، يبدو هذا غريباً، أن هذه الدلائل لم تقلق لوكاشينكو. ولكن عبثا. عليه الاهتمام بالنظام في بيته أكثر من أي شخص آخر.
كما يبدو لي أنه لا مبرر للتسرع وعدم التفكير في البيانات لأي زعيم لأي دولة بخصوص القضايا الحساسة مثل مكافحة الإرهاب الدولي مع الأخذ في الاعتبار أنه وراء مثل هذه البيانات خفيفة الوزن تقع مصالح الدول الشريكة.