نصف طن من الأسرار الإيرانية من نتنياهو

تحليلات 14:00 06.05.2018

إيغور بانكراتينكو، المستشرق والدكتور في العلوم التاريخية حصرياً ل Eurasia Diary

لا يتوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الهائج عن إعجاب الجمهور المحترم وانذهاله بنهجه الخلاق في تنظيم العروض المعادية لإيران. منذ فترة طويلة، كما كان يبدو، هز من منبر الأمم المتحدة صورة على نمط "روضة الأطفال من مجموعة الأطفال الكبار"، مدعياً أنه لديه أدلة دامغة على تطوير طهران القنبلة النووية؟ تلهى الحضور ولكن عدد قليل جدا من الناس صدقه.

ولو كان أي شخص آخر قد يسدلي يديه ، ويقع في حالة كساد ويغادر عموماً فن اللغة الدارجة للمعاداة لإيران. ولكن هذا يجوز للكل إلا نتنياهو. "لم تقنعكم الورقة مع صورة؟ هل تريدون شيئًا أكثر قياساً؟ هذا أيضاً عندي! "وقرر رئيس الوزراء الإسرائيلي الكادح لايعرب للتعب معنى أن يقدم العرض الأول لبرنامج جديد، تحت عنوان "نصف طن من الوثائق الإيرانية السرية" في 30 أبريل من هذا العام، بالضبط بعد أن حطمت مقاتلات سلاح الجو الإسرائيلي مستودع الصواريخ الإيرانية في سوريا.

كل شيء بالتوافق التام مع الفنون الكلاسيكية، أعتقد أن العديد من المخرجين أنّوا بحسد في هذه اللحظة. في البداية رويت قصة ساحرة جداً وتبين  أن القيادة الإيرانية لم تدمر جميع الوثائق السرية حول البرنامج  النووي الإيراني بعد التوقيع على خطة العمل المشتركة  الشاملة   (JPOA)  في عام 2015، بل أخفتها. وليس في مكان ما، في قاعدة سرية، كما هو حاله عادة، ولكن في حي شوراباد للعاصمة، في أحد المستودعات المهجورة، ودون أي حماية خطيرة.

لم تتوقف الرواية على هذا الحد وتذهب إلى الأبعد. ويروى أن أحداً من محبي الخير لإسرائيل مجهول الهوية (لا أشك في أنه، بعد مرور الزمن، سيعرف كأحد أنصار جماعة خفية لمجاهدي الخلق المناهضين للجمهورية الإسلامية والموالين أقصى ولاءاً لإسرائيل) عثر صدفة على هذا المستودع وفتح الخزائن الموجودة هناك بدافع الفضول، وقرأ بضعة أوراق وهرع على الفور للإبلاغ عبر قنوات التجسس السرية الخاصة به حول الكشف السوبير.

ألا يدوخ رأسكم من هذه الفانتازماغورية الوهمية؟ إذن، استمعوا إلى الأكثر من ذلك. سرعان ما وصلت مجموعة من "الحمالين في ملابس مدنية" إلى المخزن، وكلهم من المختارين كأفضل طاقم لسيارة الأجرة الخاصة لموساد. تم تحميل نصف طن من المواد، التي تتكون من 55 ألف صفحة وملف آخر على 183 قرصاً مضغوطاً، ونقلها عبر أنحاء البلاد وإلى حين تفريغها بالفعل في إسرائيل.

أوصل  بنيامين نتنياهو جمهوره بهذه القصة إلى حالة قريب من النشوة  واقترب من الدولاب المغطى بقطعة قماش أسود، وخلعه بحزم ومهارة الفنان... ورأى الجمهور المندهش  القرطاسيات وأقراص الكمبيوتر. "كل ما تراه هو نسخة طبق الأصل للمواد الإيرانية الأصلية" ، - أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي. "وربما تريدون أن تعرفوا أين الأصليات؟" "أوه، نعم، نريد!" - صرخ الجمهور دفعة واحدة. وقال نتنياهو بكل كبرياء "أستطيع أن أقول إنهم الآن في مكان آمن للغاية". وهذا هو، في الترجمة من لغة العروض السياسية إلى لغة الإنسان يعني: عندنا [عند إسرائيل] موجودة، ولكن لا يمكن أن نعرضها لكم، واكتفوا بنسخ. لا أفهم لماذا.

تليق قصة التجسس حول الأرشيف المسروق والتي فيها التناقضات الأسطورية من الناحية العددية أن تكون سيناريو لأفلام هوليوود. غيرت العبارة غير الناجحة عن النسخ وغير الواضحة بشكل خطير نشوة الجمهور المحترم في عرض نتنياهو. إدراكًا لذلك، بدأ الجانب الإسرائيلي "بنحت" تفاصيل إضافية على عجل. أولاً ، قام رئيس الموساد بتوبيخ رئيس الوزراء بحقيقة أنه قام، مع قصته، بخلق تهديدات معينة لقدرات الوكالة الإسرائيلية، ووضع الإيرانيين المتورطين في هذه العملية تحت الضربة.

صحيح أن الانتقادات الموجهة على نتنياهو من الاستخبارات الإسرائيلية تميزت بتواطؤ صريح. من جهة، انزعجوا من أن رئيس الوزراء قد يكشف عن هوية عميل ما. ولكن من ناحية أخرى ، لم يفوتوا الفرصة لإبلاغ العالم كله مرة أخرى بأنه هناك "عملية معقدة ومثيرة ، لذلك لا يمكن أخذها من نصوص بعض أفلام هوليوود الخيالية ... أحد أعظم إنجازات الاستخبارات الإسرائيلية في كل الأزمنة".

كان ظهور "موساد" غي المسرح جزءاً من العرض أيضًا. ولكن، خلافاً لتوقعات الجانب الإسرائيلي، لم يضف هذا الحادث الصدق إلى ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي في 30 أبريل.

وبعد ما تم التعرف على موجز الوثائق الأساسية في "الأرشيف السري" في واشنطن والعواصم الأوروبية وإدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أصبح من الواضح أن عرض نتنياهو قد يتحول إلى إحراج.

ومن الواضح تماماً، أنه  في تلك المجلدات والأقراص التي عرضها رئيس الوزراء الإسرائيلي ، لا توجد وثيقة واحدة تثبت أن إيران عملت بجدية على صنع أسلحة نووية بعد ... 2009 (!).

ما يدحض تماماً الادعاءات عن "الأرشيف المسروق" ويعيدنا مرة أخرى إلى عام 2007 البعيد بالفعل، إلى الرواية الغامضة عندما وضعت الوثائق من الكمبيوتر المحمول الخاص بالجنرال أصغاري تحت تصرف المخابرات الإسرائيلية. على ما يبدو أن هذه الوثائق هي نوة مجموعة الوثائق التي عرضها نتنياهو يوم 30 أبريل، بحماس وفن، للجمهور الموقر. وهذه النوة التي أضيفت إليها الكمية الكومة من شتى أنواع من النفايات الورقية، بحد أقصى  مع إشارة "للاستخدام الرسمي فقط".

ولكن، لو كانت هذه الوثائق "قديمة" بصراحة فإذن ما الهدف من هذا السيرك؟ ليخبر العالم بأنه في أوائل عام 2000، كانت طهران تعمل على المرحلة العسكرية في برنامجها النووي؟ وهذا ليس سراً لأحد، ولم ينكر الإيرانيون أنفسهم ذلك. وعلاوة على ذلك، وفي وقت واحد تقريبا ، في 2006-2007 ، أعدت أجهزة الاستخبارات في روسيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا تقارير للقيادة والتي تنص على أنه، أوقف إيران جميع الأعمال المتعلقة بالأسلحة النووية بعد عام 2003، واحتفظ فقط بمجموعة صغيرة من العلماء الذين عملوا حصراً في المجال النظري. وفي عام 2009، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تم حلها أيضا، وبعد ذلك لم يقم أي من المخابرات ولا الخبراء الدوليين بتثبيت علامات تطوير قنبلة نووية في إيران.

من الواضح تماماً أن  نتنياهو بعرضه حول "أرشيف سري"، سعى ليلعب جنب ترامب في معركته مع JPOA. لكن في الحقيقة، رئيس الوزراء المُلزم أكثر خطورة من العدو. في محاولته لفضح كذب القيادة الإيرانية وتقديمها "كذاباً كبيراً".

 عرض نتنياهو "الغاضب" عجزه  للعالم في إثبات انتهاكات القيادة الإيرانية في عام 2015، فيعام التوقيع على الاتفاق.  في محاولة منح الحجج لصالح ترك JPOA، عزز نتنياهو، في المقابل، موقف المدافعين في المجتمع الدولي عن أهمية الاتفاق مع إيران ضماناً لمنع تطوير أسلحتها النووية.

باختصار، تصرف رئيس الوزراء الإسرائيلي بالتوافق التام مع الصيغة المتقنة للسياسي الروسي: "أردنا الأفضل، لكن حصل كالمعتاد". تحولت رواية "المحفوظات السرية" من أفلام هوليوود إلى طبعة جديدة من حكاية "سندريلا" (زولوشكا): دقت الساعة منتصف الليل، ونصف طن من الوثائق السرية أصبحت الكومة الضخمة من المادة غير المفهومة مع رائحة كريهة.

 

 

 

خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...

أحدث الأخبار

رئيس الوزراء السنغالي ينتقد تواجد القواعد العسكرية في بلاده
12:00 17.05.2024
كاليدونيا الجديدة... طوارئ ومطالب بالاستقلال عن فرنسا
11:46 17.05.2024
صندوق النقد يتوقع نمو الاقتصاد العراقي 1.4 % في 2024 و5.3 % في 2025
11:30 17.05.2024
روسيا والصين تعملان معاً من أجل خلق نظام عالمي عادل
11:15 17.05.2024
حماس ترحب بإعلان قمة البحرين وتوجه دعوة للدول العربية
11:00 17.05.2024
بطريرك القدس للاتين يزور مدينة غزة
10:45 17.05.2024
الهند المعارضة تتهم مودي بإصدار تصريحات تشهّر بالمسلمين
09:30 17.05.2024
الرئيس الموريتاني السابق يغادر السجن لتقديم ملف ترشحه للرئاسية
09:15 17.05.2024
مصر ترفض مقترحاً إسرائيلياً حول معبر رفح
09:00 17.05.2024
دبي تعتمد استراتيجية جودة الحياة في الإمارة
18:00 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في جنوب القوقاز علي أذربيجان؟
17:26 16.05.2024
خبير سياسي : الإتحاد الأوروبي لن يساعد أرمينيا
16:00 16.05.2024
خبير سياسي : الغرب يسعي إشعال حرب بين جورجيا وروسيا
15:59 16.05.2024
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
14:52 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في دول الجوار علي أذربيجان؟ أومود ميرزايف يجيب
13:52 16.05.2024
فيسبوك تحذف منشورات عن لقاء رئيس وزراء ماليزيا وإسماعيل هنية
12:45 16.05.2024
فرنسا تنشر الجيش لضمان أمن مرافئ ومطار كاليدونيا الجديدة
12:30 16.05.2024
مخيمات غزة تعاني ظروفاً مهينة للإنسانية
12:15 16.05.2024
مصر تتسلم 14 مليار دولار من الإمارات قيمة الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة
12:00 16.05.2024
مقتل 12 جندياً إسرائيلياً في عملية بمخيم جباليا
11:45 16.05.2024
طهران تعلن تسوية نصف القضايا العالقة مع الذرية الدولية
11:30 16.05.2024
زيلينسكي يلغي زيارته لأسبانيا والبرتغال بسبب تدهور الوضع في خاركيف
11:15 16.05.2024
فارض اسماعيل زاده: مشكلة المياه واحدة من أخطر المشاكل في أذربيجان
10:53 16.05.2024
الهند تقلّل من أهمية عقوبات واشنطن إثر اتفاقها لتطوير ميناء تشابهار الإيراني
10:30 16.05.2024
أردوغان إسرائيل قد تضع عينها على الأناضول بعد غزة
10:15 16.05.2024
العالم عند مفترق طرق
10:00 16.05.2024
الرئيس الفرنسي يعلن حالة الطورائ في كاليدونيا الجديدة
09:45 16.05.2024
الحكومة التركية تبذل قصارى جهدها لخفض معدل التضخم
09:30 16.05.2024
إطلاق نار على رئيس وزراء سلوفاكيا ونقله إلى المستشفى
09:15 16.05.2024
أردوغان يتهم حركة جولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة
09:00 16.05.2024
الأمم المتحدة تفتح تحقيقاً بمقتل أول موظف دولي في رفح
17:30 15.05.2024
خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...
16:45 15.05.2024
علييف : فرنسا تربك المجتمع الدولي
16:00 15.05.2024
خبير سياسي : أرمينيا لن تنضم للاتحاد الأوروبي
15:00 15.05.2024
بوريل: عملية رفح ستؤثر بقوة على علاقات أوروبا مع إسرائيل
14:00 15.05.2024
طائرة ترامب تتعرض لحادث في فلوريدا
13:00 15.05.2024
هل منطقة جنوب القوقاز علي مشارف حرب أوكرانية ثانية؟
12:19 15.05.2024
تحذيرات إسرائيلية من انسحاب مصر من الوساطة في مفاوضات غزة
12:00 15.05.2024
بوتين العلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا والصين تتطور بسرعة
11:30 15.05.2024
قبيل استضافتها للقمة العربية.. كيف تعاملت البحرين مع الحرب في غزة؟
11:15 15.05.2024
جميع الأخبار