مع افتتاح مشروع "تاناب".. مرحلة جديدة في معادلة الطاقة العالمية

المشروع ينقل الغاز الطبيعي الأذري إلى أوروبا عبر الأراضي التركية، ويمثل خطوة استراتيجية مهمة للغاية بالنسبة إلى أنقرة.

تحليلات 20:30 16.06.2018

يمثل افتتاح مشروع "تاناب" لنقل الغاز الطبيعي الأذري إلى أوروبا عبر الأراضي التركية، الثلاثاء الماضي، خطوة استراتيجية مهمة للغاية بالنسبة إلى تركيا، حيث سيلعب دورا حساسا من حيث تأمين أنقرة لأمن إمدادات الطاقة لنفسها ولأوروبا.

بفضل "تاناب" سيتم الاعتراف بتركيا على أنها نقطة مرجعية في أسواق الطاقة العالمية، إذ سيفتح المشروع المجال أمام إمكانية نقل الدول المالكة لاحتياطي واسع من الغاز الطبيعي، وعلى رأسها دول منطقة بحر قزوين، لمصادر الطاقة إلى الأسواق العالمية عبر الأراضي التركية.

كما ستزداد الثقة تجاه تركيا بشأن نقل احتياطي النفط والغاز الطبيعي المستكشف في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط إلى القارة الأوروبية.

ومنذ توقيع تركيا وأذربيجان مشروع "تاناب" عام 2012، واجه المشروع عراقيل سياسية.

لكن التوافق والثقة المتبادلة بين البلدين ساهم في إنجاز المشروع دون مشاكل، بفضل الإدارة الجيدة لهذه المرحلة من الناحيتين السياسية والدبلوماسية.

وأبطلت أنقرة ادعاءات بأن "تاناب" سيكون منافسا لمشروع نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا المعروف بـ "السيل التركي"، حيث أكدت أن المشروعين يدعمان بعضهما بعضا من ناحية تأمين أمن إمدادات الطاقة.

ومع بدء تشغيل مشروع "السيل التركي"، من المتوقع أن يدخل الغاز الروسي والأذري في منافسة من حيث الأسعار.

وستساهم هذه المنافسة في تخفيض أسعار الغاز الطبيعي الذي تشتريه أوروبا من روسيا، وكذلك الحال بالنسبة إلى تركيا، حيث ستشهد أسعار الطاقة فيها انخفاضا مع مرور الغاز الروسي والأذري من أراضيها.

** إعادة تنظيم سياسة المنطقة

لا شك أن مشروع "تاناب" سيساهم في إعادة تنظيم سياسة المنطقة.

يبدو واضحا أن المشروع سيلعب دورا في حل الخلافات السياسية والعسكرية في منطقتنا، وتأسيس علاقات تعاون اقتصادي جديدة بين دول المنطقة، فضلا عن دوره في إعادة الاستقرار في مناطق الشرق الأوسط، وآسيا، والقوقاز.

من حيث موازين الطاقة الدولية، يمكن القول إن الأسواق الأوروبية خاصة تتابع هذا المشروع عن كثب، إذ تهدف القارة العجوز التي تستهلك سنويا أكثر من 450 مليار متر مكعب من الغاز، إلى دعم "تاناب" لتأمين مصادر طاقة آمنة ومستدامة.

بناء على ما سبق، تحمل مشاريع مثل "تاناب" و"السيل التركي" أهمية مصيرية بالنسبة إلى أوروبا.

فبفضل هذا النوع من المشاريع ستزداد فرص بحث القارة عن دول مصدرة للطاقة، ومسارات متنوعة للطاقة، وستلعب تلك المشاريع دورا استراتيجيا من حيث تأمين أمن إمدادات الطاقة بالنسبة إلى تركيا.

** مركز للطاقة

مع افتتاح مشروع "تاناب"، اقتربت تركيا من تحقيق هدفها بأن تصبح مركزا للطاقة.

ويجب على أنقرة لتحقيق هذا الهدف بالكامل أن توسع من سعتها التخزينية للغاز الطبيعي، وأن تزيد من منشآت الغاز الطبيعي المسال، وتشكيل سوق للطاقة.

ومن المتوقع أن ترفع تركيا من سعة مخازن الغاز الطبيعي في كل من "سيليفري"، "شمال مرمرة" و"ديغرمنكوي" إلى 5 مليارات متر مكعب، وسعة مركز تخزين بحيرة الملح إلى 5.4 مليارات متر مكعب.

إلى جانب استمرار العمل على توسيع سعة مخزن الغاز الطبيعي المسال في كل من "إزمير" و"هطاي"، وبناء منشأة جديدة في "خليج ساروس" في شمال بحر إيجة.

وبدأت تركيا عام 2015 السعي إلى افتتاح بورصة خاصة بالطاقة، ما أدى إلى فتح الطريق أمام عمل المؤسسات الناشطة بهذا المجال سويا.

إن هذ النوع من الأنشطة سيتطور ويزداد مع مشاريع الطاقة الدولية، مثل "تاناب"، ضمن أهداف تركيا للعب دور لاعب فاعل في أسواق الطاقة العالمية، والتحول إلى دولة مركزية في قطاع الطاقة.

بفضل مشروع "تاناب" ستنخفض كلفة إنتاج الطاقة، وستتمكن تركيا من تأمين الغاز دون انقطاع، حيث ستبلغ حصتها ضمن المرحلة الأولى من المشروع ملياري متر مكعب، على أن تصل لاحقا إلى 6 مليارات متر مكعب.

وبهذا ستتضاعف كمية الغاز الأذري المصدر إلى تركيا، ما سيؤدي إلى انخفاض نسبة اعتمادها على الغاز الروسي، وبالتالي تقليص المخاطر السياسية والاقتصادية الناجمة عن هذا الأمر.

** زيادة الاستثمارات الأجنبية

ولمشروع "تاناب" أهمية كبرى لتركيا من ناحية أخرى، وهي المساهمات التي سيقدمها للاقتصاد.

فقد عزز المشروع من فرص العمل في الولايات التركية التي يمر بها، فضلا عن الفوائد التي قدمها لكل من مجالات الخدمات والنقل والحديد والصلب.

إن وجود علاقات شراكة بين الشركات التركية، مثل "بوتاش" و"تباو"، في حقل "بحر شاه" بأذربيجان، ضمن مشروع "تاناب"، يمثل أهمية كبرى من حيث زيادة فعالية تركيا في أسواق الطاقة.

كما يساهم المشروع في تحضير الأرضية اللازمة لجذب تركيا للاستثمارات الأجنبية، حيث تبرز في هذا السياق شركة "سوكار" الأذرية، بحجم استثمارات يبلغ حوالي عشرين مليار دولار.

وبهذا لا يقدم مشروع "تاناب" فرصا مهمة لتركيا في مجال الطاقة فحسب، بل من حيث دعم الاقتصاد التركي أيضا.

يعد امتلاك دولة لمصادر الطاقة وتصديرها إلى الأسواق الخارجية بتكلفة منخفضة، من المقومات الأساسية التي تحدد شكل سياسة الطاقة الدولية.

بفضل موقعها الجغرافي المهم، ستحصل تركيا على دور فاعل في أسواق الطاقة الدولية مستفيدة من مزايا مشاريع الطاقة، مثل مشروع "تاناب"، المعروف أيضا بـ "طريق الحرير الخاص بالطاقة".

بذلك، ستصبح تركيا مسارا استراتيجيا لنقل الغاز، تماما كما كانت بفضل طريق الحرير التاريخي.

من جهة أخرى، ستتخذ أنقرة خطوات من شأنها أن تحولها إلى مركز لتجارة الطاقة، بدلا من كونها دولة يمر عبر أراضيها الغاز الأذري إلى أوروبا.

تعتبر تركيا مركز جذب لمشاريع الطاقة الدولية، بفضل عوامل عديدة، أبرزها: موقعها الجغرافي، واستقرارها السياسي، واقتصادها الديناميكي وسوقها القوية.

وبفضل سياساتها الواقعية في مجال الطاقة، تمنح تركيا الثقة لأسواق الطاقة الدولية، ما سيؤدي إلى احتضانها في المستقبل مشاريع أخرى على غرار "تاناب".

 
خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...

أحدث الأخبار

تواصل أعمال الشغب في كاليدونيا الجديدة
17:00 19.05.2024
انسحاب البعثة العسكرية الأوروبية من مالي
16:00 19.05.2024
النمسا ستستأنف تمويل الأونروا
15:00 19.05.2024
الحزب الشيوعي الفيتنامي يختار تاو لام ليصبح رئيسا جديدا للبلاد
14:00 19.05.2024
الأونروا عدم فتح المعابر ينذر باستمرار الظروف الكارثية في غزة
13:00 19.05.2024
مئات الآلاف أجبروا على الفرار من رفح
12:00 19.05.2024
عشرات القتلى في فيضانات جديدة ضربت أفغانستان
11:00 19.05.2024
4.4 مليار دولار فائض الميزان التجاري لسلطنة عمان بنهاية فبراير
10:00 19.05.2024
إسطنبول تستضيف قمة تركية عربية اقتصادية في يونيو
09:00 19.05.2024
كتائب القسام تعلن قتلها 15 جندياً إسرائيلياً شرق رفح
15:00 18.05.2024
جنوب إفريقيا نرفض الاتهامات الإسرائيلية للمؤسسات الأممية
14:00 18.05.2024
أرمينيا تؤكد التزامها بالسلام الدائم والمستقر في القوقاز
13:00 18.05.2024
تشاد تحديات عديدة أمام ديبي بعد انتخابه رئيسا للبلاد
12:00 18.05.2024
بوتين يسعى إلى تعاون أكبر في مجال الطاقة مع الصين
11:00 18.05.2024
المركزي التركي يتوقع تراجع التضخم وسعر الصرف
10:00 18.05.2024
أردوغان يصدر عفواً صحياً عن جنرالات انقلاب 28 فبراير
09:00 18.05.2024
نضال سليم : سبب مشكلة الجفاف العالمية هي زيادة الطلب علي المياه
17:33 17.05.2024
ماذا يحدث في جنوب القوقاز؟
17:00 17.05.2024
خبير سياسي : الاتحاد الأوروبي يسعي إلي السيطرة علي المنطقة
16:00 17.05.2024
خبير سياسي : "الغرب يستخدم أرمينيا ضد روسيا"
13:00 17.05.2024
رئيس الوزراء السنغالي ينتقد تواجد القواعد العسكرية في بلاده
12:00 17.05.2024
كاليدونيا الجديدة... طوارئ ومطالب بالاستقلال عن فرنسا
11:46 17.05.2024
صندوق النقد يتوقع نمو الاقتصاد العراقي 1.4 % في 2024 و5.3 % في 2025
11:30 17.05.2024
روسيا والصين تعملان معاً من أجل خلق نظام عالمي عادل
11:15 17.05.2024
حماس ترحب بإعلان قمة البحرين وتوجه دعوة للدول العربية
11:00 17.05.2024
بطريرك القدس للاتين يزور مدينة غزة
10:45 17.05.2024
الهند المعارضة تتهم مودي بإصدار تصريحات تشهّر بالمسلمين
09:30 17.05.2024
الرئيس الموريتاني السابق يغادر السجن لتقديم ملف ترشحه للرئاسية
09:15 17.05.2024
مصر ترفض مقترحاً إسرائيلياً حول معبر رفح
09:00 17.05.2024
دبي تعتمد استراتيجية جودة الحياة في الإمارة
18:00 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في جنوب القوقاز علي أذربيجان؟
17:26 16.05.2024
خبير سياسي : الإتحاد الأوروبي لن يساعد أرمينيا
16:00 16.05.2024
خبير سياسي : الغرب يسعي إشعال حرب بين جورجيا وروسيا
15:59 16.05.2024
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
14:52 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في دول الجوار علي أذربيجان؟ أومود ميرزايف يجيب
13:52 16.05.2024
فيسبوك تحذف منشورات عن لقاء رئيس وزراء ماليزيا وإسماعيل هنية
12:45 16.05.2024
فرنسا تنشر الجيش لضمان أمن مرافئ ومطار كاليدونيا الجديدة
12:30 16.05.2024
مخيمات غزة تعاني ظروفاً مهينة للإنسانية
12:15 16.05.2024
مصر تتسلم 14 مليار دولار من الإمارات قيمة الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة
12:00 16.05.2024
مقتل 12 جندياً إسرائيلياً في عملية بمخيم جباليا
11:45 16.05.2024
جميع الأخبار