"موسم" الاحتجاجات بتونس.. هل يخرج عن السيطرة؟ رأي

أجمع خبراء تونسيون على أن الأوضاع الاقتصادية بالبلاد قد تدفع فئات عديدة إلى الاحتجاج تنديدا بغلاء الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية للطبقات الوسطى والفقراء

تحليلات 12:00 23.12.2018

خبراء تونسيون في قراءات منفصلة لـ"الأناضول" عن الاحتجاجات الاجتماعية بالبلاد:
- صعوبة الأوضاع الاجتماعية قد تخلق أرضية ملائمة للاحتجاجات
- قللوا من احتمال التصعيد الخارج عن السيطرة دون نفيه
- "السترات الحمراء" لا تمتلك أرضية مشتركة مع التحركات الاجتماعية
- هناك إمكانية لـ"توظيف" الاحتجاجات من قبل أطراف لـ"ضرب" الحكومة

أجمع خبراء تونسيون على أن الأوضاع الاقتصادية بالبلاد قد تدفع فئات عديدة إلى الاحتجاج تنديدا بغلاء الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية للطبقات الوسطى والفقراء.

غير أنهم قللوا، في المقابل، من إمكانية خروج تلك الاحتجاجات عن السيطرة رغم محاولات "توظيفها" سياسيا، دون استبعاد حدوث سيناريوهات غير متوقعة بهذا الصدد.

** اتحاد العمال يصعّد اللهجة 

منذ الربيع الماضي، صعد الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في تونس) من لهجته تجاه حكومة تجد نفسها في مواجهة معضلة عجز موازنتها، وشروط المؤسسات المالية الدولية بالتحكم في كتلة الأجور.

ففي 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، نفذ الموظفون الحكوميون إضرابا عاما، بدعوة من المركزية العمالية، للمطالبة بالزيادة في الأجور. 

وبعد يومين من الإضراب، أصدر الاتحاد قرارا بالدعوة إلى إضراب عام ثان يوم 17 يناير/ كانون الثاني المقبل، حال لم تستجب الحكومة لمطالبه.

والأربعاء الماضي، قال أمين العام الاتحاد، نور الدين الطبوبي، في تصريحات إعلامية: "أنصح الحكومة بأن تبادر، في الساعات القادمة، وتبرم الاتفاق المتعلق بالوظيفة العمومية (الحكومية)".

واعتبر الطبوبي أن إبرام الاتفاق سيكون "من أجل الاستقرار الاجتماعي؛ لأن الوضع الاجتماعي لم يعد يطاق وينبئ بكل المخاطر وهي مخاطر حقيقية".

ولوّح الطبوبي بالتصعيد قائلا: "نحن لا نضمن نفس التنظيم في إضراب 17 يناير"، في إشارة إلى الأجواء السلمية التي رافقت إضراب يوم 22 نوفمبر الماضي. 

كما رأى أن "ما حدث في فرنسا (في إشارة إلى احتجاجات السترات الصفراء) وفي تونس، يؤكد أن الوضع لا يمكن أن يتحكم فيه أي إنسان، خصوصا في ظل التجاذبات السياسية وقانون المالية الجديد، وما حام حوله من اتهامات متبادلة".

وفي سياق التوترات الاجتماعية، ينفذ أساتذة التعليم الثانوي والإعدادي تحركات بلغت أوجها، الأربعاء الماضي، عندما نزل الآلاف منهم في شوارع العاصمة وبقية المدن التونسية للمطالبة بالزيادة في الأجور. 

** "السترات الحمراء" 

والجمعة الماضي، قال مؤسسو حملة "السترات الحمراء" في تونس، التي أُعلن عن تأسيسها، في وقت سابق من الشهر الجاري، إنهم سينفذون تحركات سلمية في الأيام القادمة؛ احتجاجا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الصعب الذي تعيشه البلاد. 

رياض جراد، وهو أحد مؤسسي الحملة، أوضح، خلال مؤتمر صحفي عقد في حينه، بالعاصمة تونس، أن حملة السترات الحمراء نتاج لتأثر الشباب التونسي بحملة السترات الصفراء في فرنسا".

ولفت إلى أن "الحملة ترفع مطالب اقتصادية واجتماعية بالأساس، وقد جاءت لتعبّر عن المهمّشين والمفقّرين، وأنه لا يقف وراءها أي حزب سياسي أو جمعية أو أي طرف داخلي أو خارجي".

وأضاف: "نعتبر أن الحكومة الحالية والمنظومة السياسية القائمة فاشلة بأكملها".

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، قال رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، إن حكومته "تمكّنت منذ توليها الحكم (2016) من تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية على غرار الترفيع في نسبة النمو والتخفيض في نسبة العجز".

واعتبر أنه "كان من الممكن تحقيق نتائج أفضل لو لقيت الحكومة دعما سياسيا حقيقيا".

** الأوضاع الاجتماعية 

لكن مسعود الرمضاني، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (مستقل)، رأى أن "الحكومة الحالية والحكومات التي سبقتها منذ الثورة (يناير 2011)، لم تستطع حلّ القضية الاجتماعية، والناس في حاجة إلى تحسين وضعهم الاجتماعي".

واعتبر الرمضاني، في حديث للأناضول، أن المنوال (النموذج المعتمد) التنموي الذي كان سائدا قبل الثورة لم يتغيّر".

بدوره، أشار أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية، منير السعيداني، إلى وجود "مشكل في السياسات الاقتصادية للحكومة؛ فجزء من التحركات يتعلق بالميزانية التي تدل على سياسة الحكومة وتوجهاتها التنموية".

وشدد السعيداني، للأناضول، على أن "تونس دخلت دورة احتجاج اجتماعي واسع نسبيا، بمشاركة أجسام (هيئات) اجتماعية لا تتحرك عادة إلا عندما يكون الضرر كبيرا".

ولفت الخبير إلى أن "الاتحاد العام التونسي للشغل غير راض على الأوضاع في الشركات والقطاعات العمومية (الحكومية)، بل غير راض بصفة عامة على السياسات الاجتماعية". 

أما الصحبي بن فرج، العضو البارز في كتلة الائتلاف الوطني بمجلس نواب الشعب، القريبة من رئيس الحكومة يوسف الشاهد (ثالث كتلة برلمانية بعد "النهضة" و"نداء تونس" بـ 44 نائبا / 217)، فيقرّ أيضا بـ"صعوبة" الأوضاع الاجتماعية.

وبالنسبة له، فإن "من أسباب الأزمة الاجتماعية أن الأزمة الاقتصادية طالت وجعلت الدولة على أبواب الإفلاس في 2016، ما دفع إلى إقالة حكومة الحبيب الصيد (صيف 2016)".

وأضاف بن فرج، للأناضول، أن "الحكومة الحالية وجدت المالية العمومية (العامة) في أتعس حالاتها وقامت ببعض الإصلاحات".

وتابع أن تحسّن المؤشرات الاقتصادية جاء على حساب المواطن وارتفاع التضخم وانخرام التوازنات الاجتماعية، مشيرا أن الاتفاقات مع صندوق النقد الدولي جرت منذ 2016، أي قبل مجيء هذه الحكومة، وتفرض تحديد كتلة الأجور في مستوى معين. 
ودعا صندوق النقد الدولي تونس إلى ضرورة الإبقاء على فاتورة أجور القطاع العام (الحكومي) تحت السيطرة، لتجنب مشاكل خطيرة متعلقة بالديون، بعد أن اتفقت الحكومة، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على زيادة أجور نحو 150 ألف موظف بالشركات الحكومية.

ويعتبر الصندوق أنّ التحكم في فاتورة الأجور، سيسمح لتونس بتحقيق الأهداف المالية المحددة للعام 2019، وسيخفف أيضا الضغط الإضافي الذي ستفرضه زيادة الإنفاق على دافعي الضرائب.

وحسب بيانات حكومية، تقدّر كلفة أجور القطاع الحكومي بتونس، بنحو 16.485 مليار دينار (5.887 مليار دولار)، أي ما يعادل 14.1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. 

** "التوظيف السياسي"

ورأى بن فرج أن "هناك من يستثمر الاحتجاجات، ويقوم بتجييش الرأي العام بالكذب أحيانا وبالحق الذي يراد منه باطلا".

وأضاف بن فرج أن "هؤلاء (لم يسم أطرافا معينة) يحلمون بأن تكون الاحتجاجات قاصمة للحكومة، وربما قاصمة حتى للتجربة الديمقراطية"، في إشارة إلى الانتقادات التي وجهها حزب "نداء تونس" لمشروع موازنة 2019.

وأبدى بن فرج ثقته في أن يكون الغاضبون من الميزانية ومن الاجراءات الأخيرة وسياسة الحكومة، على درجة من الوعي تمكنهم من عدم الانجرار وراء دعوات العنف.

وفي معرض تفسيره للتحوّل في خطاب "نداء تونس" ( ليبرالي/ 46 نائبا)، أوضح بن فرج أن "التحول من الحكم إلى المعارضة يُحدِثُ أحيانا انتقالا ذهنيا وإيديولوجيا وأخلاقيا في صفوف البعض، فيصبحون من أباطرة اليسار ودعاة الاقتصاد الاشتراكي ودكتاتورية البروليتاريا" .

ورأى أن "أوراق هؤلاء مكشوفة وتحالفاتهم واضحة وغاياتهم أيضا، ولا أتوقّع أن ينجحوا في خداع الشعب التونسي".

بدوره، لم ينف مسعود الرمضاني، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (مستقل)، إمكانية "توظيف" التحركات الاجتماعية من قبل بعض القوى السياسية.

وقال إن "المشاكل الاجتماعية يمكن توظيفها من قبل بعض الأشخاص، لكن الأسباب العميقة للاحتجاج موجودة".

وموضحا: "يبدو أن السلطات والسياسيين لا يستمعون إلى مشاكل الناس وحلها"، معبرا عن خشيته من أن يكون رد فعل الناس هو العنف والتخريب.

في المقابل، قلل أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية، منير السعيداني، من احتمال توظيف الاحتجاجات الاجتماعية من قبل أطراف تسعى إلى العنف، رغم إقراره بأن كل وضع يتسم بعدم استقرار اجتماعي قابل للتوظيف.

واعتبر السعيداني أن تصريحات الطبوبي "أقرب للتهديد منها إلى التطبيق"، معتبرا أن الأخير يحذّر من خطورة الوضع.

وقال إن "السترات الحمراء" لا تمتلك قدرة في حدّ ذاتها لاستغلال الوضع لتنظيم الناس، وليست لها أرضية مشتركة مع التحركات الاجتماعية".

كما أن "الاتحاد العام التونسي للشغل لا يترك من يوظف تحركاته، وكذلك نفس الأمر بالنسبة للمحامين الذين لهم غيرة على تحركاتهم ولن يسمحوا بتوظيفها".

 

خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...

أحدث الأخبار

خبير سياسي : "الغرب يستخدم أرمينيا ضد روسيا"
13:00 17.05.2024
رئيس الوزراء السنغالي ينتقد تواجد القواعد العسكرية في بلاده
12:00 17.05.2024
كاليدونيا الجديدة... طوارئ ومطالب بالاستقلال عن فرنسا
11:46 17.05.2024
صندوق النقد يتوقع نمو الاقتصاد العراقي 1.4 % في 2024 و5.3 % في 2025
11:30 17.05.2024
روسيا والصين تعملان معاً من أجل خلق نظام عالمي عادل
11:15 17.05.2024
حماس ترحب بإعلان قمة البحرين وتوجه دعوة للدول العربية
11:00 17.05.2024
بطريرك القدس للاتين يزور مدينة غزة
10:45 17.05.2024
الهند المعارضة تتهم مودي بإصدار تصريحات تشهّر بالمسلمين
09:30 17.05.2024
الرئيس الموريتاني السابق يغادر السجن لتقديم ملف ترشحه للرئاسية
09:15 17.05.2024
مصر ترفض مقترحاً إسرائيلياً حول معبر رفح
09:00 17.05.2024
دبي تعتمد استراتيجية جودة الحياة في الإمارة
18:00 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في جنوب القوقاز علي أذربيجان؟
17:26 16.05.2024
خبير سياسي : الإتحاد الأوروبي لن يساعد أرمينيا
16:00 16.05.2024
خبير سياسي : الغرب يسعي إشعال حرب بين جورجيا وروسيا
15:59 16.05.2024
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
14:52 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في دول الجوار علي أذربيجان؟ أومود ميرزايف يجيب
13:52 16.05.2024
فيسبوك تحذف منشورات عن لقاء رئيس وزراء ماليزيا وإسماعيل هنية
12:45 16.05.2024
فرنسا تنشر الجيش لضمان أمن مرافئ ومطار كاليدونيا الجديدة
12:30 16.05.2024
مخيمات غزة تعاني ظروفاً مهينة للإنسانية
12:15 16.05.2024
مصر تتسلم 14 مليار دولار من الإمارات قيمة الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة
12:00 16.05.2024
مقتل 12 جندياً إسرائيلياً في عملية بمخيم جباليا
11:45 16.05.2024
طهران تعلن تسوية نصف القضايا العالقة مع الذرية الدولية
11:30 16.05.2024
زيلينسكي يلغي زيارته لأسبانيا والبرتغال بسبب تدهور الوضع في خاركيف
11:15 16.05.2024
فارض اسماعيل زاده: مشكلة المياه واحدة من أخطر المشاكل في أذربيجان
10:53 16.05.2024
الهند تقلّل من أهمية عقوبات واشنطن إثر اتفاقها لتطوير ميناء تشابهار الإيراني
10:30 16.05.2024
أردوغان إسرائيل قد تضع عينها على الأناضول بعد غزة
10:15 16.05.2024
العالم عند مفترق طرق
10:00 16.05.2024
الرئيس الفرنسي يعلن حالة الطورائ في كاليدونيا الجديدة
09:45 16.05.2024
الحكومة التركية تبذل قصارى جهدها لخفض معدل التضخم
09:30 16.05.2024
إطلاق نار على رئيس وزراء سلوفاكيا ونقله إلى المستشفى
09:15 16.05.2024
أردوغان يتهم حركة جولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة
09:00 16.05.2024
الأمم المتحدة تفتح تحقيقاً بمقتل أول موظف دولي في رفح
17:30 15.05.2024
خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...
16:45 15.05.2024
علييف : فرنسا تربك المجتمع الدولي
16:00 15.05.2024
خبير سياسي : أرمينيا لن تنضم للاتحاد الأوروبي
15:00 15.05.2024
بوريل: عملية رفح ستؤثر بقوة على علاقات أوروبا مع إسرائيل
14:00 15.05.2024
طائرة ترامب تتعرض لحادث في فلوريدا
13:00 15.05.2024
هل منطقة جنوب القوقاز علي مشارف حرب أوكرانية ثانية؟
12:19 15.05.2024
تحذيرات إسرائيلية من انسحاب مصر من الوساطة في مفاوضات غزة
12:00 15.05.2024
بوتين العلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا والصين تتطور بسرعة
11:30 15.05.2024
جميع الأخبار