أنقرة تخطب ود دمشق.. الهدف كردي والثمن حلبي!

رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم

تحليلات 19:36 14.07.2016

بات واضحاً أن الهدف الملحَّ للانعطافة الأخيرة في السياسة التركية هو تقليل التكاليف الناجمة عن الصراع في سوريا.

يأتي ذلك بعد استهانة تركيا منذ البداية بحجم الأزمة السورية، ومحاولتها القيام بدور يفوق طاقتها.

"أنا واثق من أننا سنعود إلى العلاقات الطبيعية مع سوريا. نحن في حاجة إلى ذلك، ولا بد من إرساء الاستقرار في سوريا والعراق من أجل النجاح في مكافحة الإرهاب"

قالها رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم بالفم الملآن ومن دون مراوغة، في ثاني تصريح له خلال يومين، وبتواتر يعكس جدية أنقرة في العودة إلى سياسة "صفر مشكلات"، التي عصف بها "الربيع العربي"، فحولها إلى كتلة من المشكلات في وجه تركيا.

وإذا كانت "ثقة" يلديريم في محلها لجهة قبول دمشق لها "بوساطة جزائرية ودعم روسي"، فإن الاستدارة التركية تكون قد اكتملت، وخاصةً مع استمرار الحكومة التركية بإعادة وصل العلاقات المقطوعة مع العراق ومصر، وربما مع غيرهما.

ومن اللافت أن يلديريم، الذي أكد أن هدف بناء علاقات جديدة مع سوريا والعراق "ملحٌّ وضروري"، لم يذكر هو أو أي من المسؤولين الأتراك ما درجوا على ترديده طيلة خمس سنوات عن "جرائم النظام السوري"، ولم يكرروا إصرار أنقرة السابق على "ضرورة رحيل الرئيس بشار الأسد" قبل استعادة العلاقات الطبيعية مع دمشق.

التهديد الكردي أولاً

من الواضح أن عودة تركيا لتقييم سياساتها تجاه سوريا يرجع في المقام الأول إلى التهديدات الكردية، بالإضافة إلى تضرر مصالح تركيا خلال السنوات الخمس الماضية بسبب التشدد في التعامل مع قضية بقاء الرئيس الأسد.

فتركيا التي لم تخفِ انزعاجها من "استمرار الدعم الأمريكي والروسي لـ"حزب الاتحاد الديمقراطي" الكردي السوري وذراعه العسكرية "وحدات حماية الشعب" الكردية، باتت كما يبدو ترى في الأسد ضماناً لعدم تهديد الدولة التركية بقيام دولة كردية على حدودها مع سوريا تمتد إلى داخل تركيا، وتتمثل بمنظمة "حزب العمال الكردستاني"، التي تسعى للانفصال بجنوب شرق تركيا، في إطار السعي لإقامة دولة كردستان الكبرى على أراض في العراق وسوريا وتركيا وإيران.

ومن يتابع الصحافة ومراكز الدراسات التركية، وخاصةً تلك المحسوبة على "حزب العدالة والتنمية" والمقربة من أردوغان شخصياً، سيجد الكثير من المؤشرات على التغيرات المتسارعة في مواقف تركيا. لا، بل سيجد تمهيداً مكثفاً لها، ربما بغية تحضير الرأي العام في الداخل التركي، كما في الخارج للخطوات التركية المتسارعة نحو تحقيق المصالحات مع الجيران وعلى رأسهم سوريا.

ذلك أن تداعيات مصالحة محتملة بين الجارتين اللدودتين، سيكون لها وقع الصاعقة على كثيرين ممن أصيبوا بمرض "تضخم الرهانات التركية"، وهم الذين لم يستفيقوا بعد، من صدمة المصالحة التركية مع إسرائيل والاعتذار التركي لروسيا.

فهؤلاء الذين راهنوا على أردوغان منقذا أو حليفا عليهم أن يستعدوا للمشهد الجديد. ذلك أن الرجل عُرف عنه مراوغته وسرعة انقلابه حتى على أقرب حلفائه الداخليين - وأحمد داود أوغلو ما زال في الذاكرة القريبة -. ورغم تصدُّره وقتا طويلا لائحة أشد منتقدي الرئيس الأسد، فإن تغير الظروف على الأرض يمكن أن يضطره إلى التخفيف من تصريحاته، أو التواري وترك التصريحات لرئيس وزرائه ومسؤولين آخرين في الدولة، وهو ما نشهده اليوم بالفعل إذ يتسلم يلدرم زمام المبادرة في قيادة التحول الجديد.

وساطة جزائرية سرية

مع تواتر الإشارات والتصريحات القادمة من تركيا، بات أقرب إلى الحقيقة وجود وساطة  جزائرية بين البلدين، رغم عدم وجود أي تأكيد أو نفي لها من قبل البلدين.

لكن الأنباء، وجميعها من مصادر تركية، تقول إن حكومة العدالة والتنمية طلبت إلى القيادة الجزائرية، بذل مساعيها الحميدة لرأب الصدع الذي باعد ما بين دمشق وأنقرة، وإن الجزائر، التي اشتهرت دبلوماسيتها بدورها الريادي التاريخي في الوساطة وحل النزاعات، استجابت للطلب التركي، وبدأت عملية "جس نبض"، لرسم خريطة طرق معقدة وشائكة، لاستعادة العلاقات بين الجانبين وتطبيعها.  

فتركيا تعرف أن دائرة المصالحات الإقليمية والدولية التي تجهد في إتمامها، لن تكتمل من دون استحداث استدارة في الموقف من الأزمة السورية. وسبب رئيس من أسباب التوتر في علاقات تركيا الإقليمية والدولية هو موقفها من هذه الأزمة، وفي مقدمة هؤلاء موسكو التي لا تزال تنتظر حتى بعد عودة العلاقات مع أنقرة، أن تغيِّر الأخيرة من موقفها فيما يخص الأزمة السورية، وتغلق حدودها أمام تدفق الإرهابيين والأسلحة قبل أي حديث عن عودة ناجزة ومكتملة لعلاقات البلدين.  

والأهم من ذلك أن تركيا باتت تدرك، أن ثمة "مصالح مشتركة" تجمعها مع دمشق، مبنية على درء المخاوف والتهديدات الداهمة، سواء من مشروع قيام كيان كردي، يتجه إلى إعادة إنتاج تجربة كردستان العراق أو تحول "داعش" من "مشروع حليف" إلى "تهديد حقيقي"، بعد أن غادر التنظيم مربع "الغموض" في علاقته مع أنقرة، وقرر فتح النار عليها، وعلى أوسع نطاق، وتفجيرات مطار "أتاتورك" كانت إشهاراً للتوجه "الداعشي" الجديد.

إذاً، ثمة تسارع كبير في وتيرة التحولات والاستدارات في السياسة الخارجية التركية، والأبرز فيه اليوم السعي للمصالحة مع دمشق، التي لم تبدِ حتى الآن أي رد فعل على الفعل التركي المستجد. وقد يكون من الصعب عليها قبوله بسرعة، وخاصةً من دون أثمان على الأرض، وتحديداً في حلب المحطة الأبرز في الاشتباك السوري – التركي.

وإن تحقق ذلك، فإن دمشق كما أنقرة تؤمن أنه في السياسة "ليس هناك أعداء دائمون وإنما هناك مصالح دائمة".

علي حسون 

المصدر: RT Arabic

خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...

أحدث الأخبار

نضال سليم : سبب مشكلة الجفاف العالمية هي زيادة الطلب علي المياه
17:33 17.05.2024
ماذا يحدث في جنوب القوقاز؟
17:00 17.05.2024
خبير سياسي : الاتحاد الأوروبي يسعي إلي السيطرة علي المنطقة
16:00 17.05.2024
خبير سياسي : "الغرب يستخدم أرمينيا ضد روسيا"
13:00 17.05.2024
رئيس الوزراء السنغالي ينتقد تواجد القواعد العسكرية في بلاده
12:00 17.05.2024
كاليدونيا الجديدة... طوارئ ومطالب بالاستقلال عن فرنسا
11:46 17.05.2024
صندوق النقد يتوقع نمو الاقتصاد العراقي 1.4 % في 2024 و5.3 % في 2025
11:30 17.05.2024
روسيا والصين تعملان معاً من أجل خلق نظام عالمي عادل
11:15 17.05.2024
حماس ترحب بإعلان قمة البحرين وتوجه دعوة للدول العربية
11:00 17.05.2024
بطريرك القدس للاتين يزور مدينة غزة
10:45 17.05.2024
الهند المعارضة تتهم مودي بإصدار تصريحات تشهّر بالمسلمين
09:30 17.05.2024
الرئيس الموريتاني السابق يغادر السجن لتقديم ملف ترشحه للرئاسية
09:15 17.05.2024
مصر ترفض مقترحاً إسرائيلياً حول معبر رفح
09:00 17.05.2024
دبي تعتمد استراتيجية جودة الحياة في الإمارة
18:00 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في جنوب القوقاز علي أذربيجان؟
17:26 16.05.2024
خبير سياسي : الإتحاد الأوروبي لن يساعد أرمينيا
16:00 16.05.2024
خبير سياسي : الغرب يسعي إشعال حرب بين جورجيا وروسيا
15:59 16.05.2024
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
14:52 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في دول الجوار علي أذربيجان؟ أومود ميرزايف يجيب
13:52 16.05.2024
فيسبوك تحذف منشورات عن لقاء رئيس وزراء ماليزيا وإسماعيل هنية
12:45 16.05.2024
فرنسا تنشر الجيش لضمان أمن مرافئ ومطار كاليدونيا الجديدة
12:30 16.05.2024
مخيمات غزة تعاني ظروفاً مهينة للإنسانية
12:15 16.05.2024
مصر تتسلم 14 مليار دولار من الإمارات قيمة الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة
12:00 16.05.2024
مقتل 12 جندياً إسرائيلياً في عملية بمخيم جباليا
11:45 16.05.2024
طهران تعلن تسوية نصف القضايا العالقة مع الذرية الدولية
11:30 16.05.2024
زيلينسكي يلغي زيارته لأسبانيا والبرتغال بسبب تدهور الوضع في خاركيف
11:15 16.05.2024
فارض اسماعيل زاده: مشكلة المياه واحدة من أخطر المشاكل في أذربيجان
10:53 16.05.2024
الهند تقلّل من أهمية عقوبات واشنطن إثر اتفاقها لتطوير ميناء تشابهار الإيراني
10:30 16.05.2024
أردوغان إسرائيل قد تضع عينها على الأناضول بعد غزة
10:15 16.05.2024
العالم عند مفترق طرق
10:00 16.05.2024
الرئيس الفرنسي يعلن حالة الطورائ في كاليدونيا الجديدة
09:45 16.05.2024
الحكومة التركية تبذل قصارى جهدها لخفض معدل التضخم
09:30 16.05.2024
إطلاق نار على رئيس وزراء سلوفاكيا ونقله إلى المستشفى
09:15 16.05.2024
أردوغان يتهم حركة جولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة
09:00 16.05.2024
الأمم المتحدة تفتح تحقيقاً بمقتل أول موظف دولي في رفح
17:30 15.05.2024
خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...
16:45 15.05.2024
علييف : فرنسا تربك المجتمع الدولي
16:00 15.05.2024
خبير سياسي : أرمينيا لن تنضم للاتحاد الأوروبي
15:00 15.05.2024
بوريل: عملية رفح ستؤثر بقوة على علاقات أوروبا مع إسرائيل
14:00 15.05.2024
طائرة ترامب تتعرض لحادث في فلوريدا
13:00 15.05.2024
جميع الأخبار