كان حيدر جمتال الذي توفى توفى قبل أن يبلغ 70 عاماً من العمر رائداً في الفكر العلني الروسي الذي دافع عن موقف الإسلام السياسي المعتدل.
في عام 1965، التحق حيدر جمال معهد اللغات الشرقية في جامعة موسكو الحكومية، لكنه سرعان ما أخرج منه.
في عام 1995، أسس الحركة الإقليمة الاجتماعية "الحركة الإسلامية" وترأسها.
كان حيدر جمال يقدم البرامج حول الإسلام في التلفزيون وكان أحد ابرزعلماء الإلهايات والفلاسفة الإسلاميين في روسيا.
يتذكره الذين كانوا يعرفونه جيداً وغالباً ما يجادلونه - الأخصاء والمعلقون الروس.
بوريس كاغارليتسكي، مدير معهد العولمة والحركات الاجتماعية: كان واحداً من أكثر الناس تناقضاً وغرابة وقع لي أن أعاشره. لا أستطيع أن أحدد له موقفاً ما: من الذي كان يسارياً راديكالياً أو يمينياً متطرفاً أو اسلاميأ أو اشتراكياً أو فوضوياً أو محافظاً؟ هل كان رجلاً منتمياً إلى الثقافة الشرقية أو الغربية.
أنه كان رجلاً لتناقضات ممتدة، ودائماً يظل بالنسبة لي لغزاً، ولكن لغزاً مثيراً للاهتمام.
ماكسيم شيفتشينكو، رئيس مركزالدراسات الإستراتيجية للدين والسياسة في العالم المعاصر: وكان حيدر أعظم رجل للفكر في عصرناً، وانه سيبقى في ذاكرة بانه كان يتبع دائما دروب الحقيقة في كل مكان.
وكان مسلماً حتى النخاع. بالنسبة له، كان الإسلام هواءاً كان يتنفس به، ودماً كان يتحرك عبر جسده، وكان يوفق جميع أفكاره بالإسلام على قدرفهمه.
في الوقت نفسه، كان حيدر مفتوحاً للثقافات العالمية. كان يجيد عدة لغات - الإنجليزية، الفرنسية، الإيطالية، الفارسية، التركية، العربية، الالمانية. كان يتقن اللغة الروسية منتهى الاتقان، وهو شاعر رائع وكان مفكراً لامعاً وستبقى مؤلفاته الفلسفية ومؤلفاته في العلوم السياسية في خزانة الفكر باللغة الروسية.
وكان حيدر معارضاً صارماً للأنظمة القمعية وانتهاكات حقوق الإنسان، والنظام الذي يعتبر فيه الفرد لؤلباً في أيدي الدولة. وكان يقول علناً في وجه الدولة ما رأيه في تصرفاتها الخاطئة والظالمة. كان يؤيد علنا النضال ضد الاستعمار.
لم يخف أحداً إلا الله.
اليكسي مالاشينكو، عضو المجلس العلمي لمركز كارنيغي في موسكو: إنه كان شخصاً بدأ بإحياء الإسلام.
مهما يكون الموقف منه - أنه كان في بداية التسعينات فعالاً جداً وكان أحد مؤسسي حزب النهضة الإسلامية في العهد السوفياتي في عام 1989. كان شخصاً منيراً. كما كان له خصوم ومعارضون وأنصار. وأنه شخص منير حقا.
يري الكثير في حيدر جمال فيلاسوفاً وسياسياً شخصية اجتماعية. من كان هو – فيلاسوفاً أو شخصية اجتماعية أو سياسياً؟
بوريس كاغارليتسكي: من المستبعد أن يكون سياسياً لأنه تغيب السياسة في روسيا حتى الآن. وعلى الأرجح كان شخصية فكرية اجتماعية.
مكسيم شيفتشينكو: وكان حيدر مفكراً. أنه شخصية منيرة فريدة في نوعها، لا يمكن إدراجه في أي من المجاري. وكان سياسياً وكاتباً وشاعراً وناشطاً جتماعياً وكاتباً اجتماعياً وصحفياً حسب الضرورة.
وأنه كان شخصية فريدة من نوعها. يولد أمثاله نادراً جداً. وكان رجلاً للعالم وكان ينتمي إلى الله وليس إلى أي بلد، على الرغم من أنه كان يفكر ويكتب أساساً باللغة الروسية.
أعتقد مساهمته في الخزينة الفكرية باللغة الروسية لا ثمن لها ببساطة.
اليكسي مالاشينكو: إني كنت أضع في المكان الأول أنه شخصية اجتماعية.
بطبيعة الحال، فإنه يمكن أن نرى فيه سياسياً ولكن مكانته كسياسي كانت محدودة. وفيما يخص لفلسفته - كان يدرس الإسلام. انه لم يكن لاهوتياً ولكن ما الذي كان يحاول أن يفهم هو ما يسمى بالإسلام الجديد وأنه حاول أن يوحده بالسياسة وهذا دون أي شك.
وكان طموحاً وكان يثير الاهتمام. يمكن أن يكون اهتماماً إيجابياً، كما قد يكون اهتماماً سلبياً، ولكن، على أي حال من الأحوال من الخطأ الحديث عن الصحوة الإسلامية في روسيا من دونه. وهو من أبرز الشخصيات.
وأنه شخصية روسية قبل كل شيء وتأثيره يتبين هنا بشكل ملحوظ.
يدعي الكثير أنه من القلائل الذين تمكنوا من توفيق المبادئ الفلسفية للإسلام بالماركسية...
بوريس كاغارليتسكي: نعم، وكان شخصية عجيبة في هذا المعنى. فيما أنه حاول الجمع بين الإسلام والماركسية، في رأيي، ليس في هذه المحاولة شيء غير عادي. لأنه كان يحاول القيام به في إطار الإسلام ما كانت لاهوتية التحرير تقوم به في إطار المسيحية الغربية.
لم يعد الأمر إلى أن أي نوع من لاهوتية التحرير كان يريد إدراجه في البيئة إسلامية، بل إلى أنه كان شخصية لا يمكن التنبؤ بها على الإطلاق وكان دائماً لغزاً كبيراً في معرفة الاستنتاجاته التي سيتوصل إليها من خلال تصاميمه النظرية.
طبعاً، على المستوى النظري، أنها كانت لاهوتية التحرير ببعض الظلال الإسلامية، والتي في رأيي لم تكن أساسية وإني كنت على دراية تامة عنها.
مكسيم شيفتشينكو: أنه لم يكن ماركسياً. فلسفته تتبين في التغلب على المدارس الكلاسيكية في الفلسفة.
كان يستفيد من المدارس الفلسفية: من الماركسية وهيغل وكانط وهايدغر وفيتجنشتاين ... وكان على علم جيد بالمصادر الأولية والكثير منها في نصها الأصلي. هو، بطبيعة الحال، لم يكن ماركسياً.
وكان مسلماً. كان يعمل على مفهوم الإسلام السياسي، ويوفق بين مزيج عقلي من الفلسفة الأوروبية؛ الجدلية والأخلاق، الفلسفة الوضعية والفلسفة الوضعية الحديثة وبين مبدأ التوحيد أي وحدة وصمود وغير الجدلية لمصدر الإسلام.
وهذه الفكرة مثيرة للاهتمام لدرجة كافية وأصيلة وأنها ابتكار فلسفي مدهش.
اليكسي مالاشينكو: الأفكار اليسارية - نعم، ولكن الأفكار اليسارية لم تكن ماركسية. وأنه أيضا كان يرتقي. بدأ باعتباره داعياً للصحوة الإسلامية البحتة. وبعد ذلك، بالطبع، كان يأخذ بعين الاعتبار الأوضاع التي تكونت هنا في روسيا.
وحقيقة أنه كان معارضاً للغرب، هذا ما لا شك فيه. وأي معارض للغرب فيه على أية حال، شيء من اليسارية.
من المميز أن تتفق الاحتجاجات الاجتماعية مع الإسلام.
انه كان أصولياً إسلامياً صادقاً وبالمعنى الإيجابي للكلمة، وليس في المعنى السلبي الذي نستعمله. كان يريد العودة إلى الأصول، كان يريد أن يفهم ما هو الإسلام، وكيف يمكن أن يكون في عصرنا.
وكان رجل غير بسيط جداً مع طموحات كبيرة، وتحت هذه الطموحات كانت قاعدة ثقيلة بما فيه الكفاية.
الترجمة من الروسية: الدكتور في الفلسفة ذاكر قاسموف