كما ذكرت البوابة Eurasia Diary في وقت سابق أنه حسب مراجعة الاتحاد الأوروبي لا تزال أوكرانيا أكثر الدول فسادا في أوروبا. خاطبت البوابة Eurasia Diary منسق مؤسسة فريدريش ناومان في أوكرانيا، فلاديمير أولينيك بطلب التعليق على الفساد في البلاد، وتحليل أسبابها في أوكرانيا ومحاولات لمكافحة هذه الظاهرة.
أكد الخبير أنه "في السنوات الأخيرة وفي مختلف المنظمات الدولية المتخصة يتم تحديد مستوى الفساد في أوكرانيا، كأعلى مؤشرات الفساد في أوروبا وعلاوة على ذلك، وفقا لتقديرات مختلفة، أوكرانيا تقع بين البلدان الأكثر فسادا في العالم".
ويعرف السكان داخل البلد نفسه هذه الحقيقة تمام المعرفة. والأكثر من هذا، فإن كلا من الاحتجاجين الحاشدين للأوكرانيين ضد الحكومة في عام 2004 وعامي2013-2014 والمعروفين باسم "ميدان" (أو بمطابقة "الثورة البرتقالية" و"ثورة الكرامة") كانت لهما مكونات من الاحتجاج على الفساد.
والآن، وفي ظروف عندما يرى معظم الناس في الفساد ظاهرة مماثلة للعدوان الخارجي (الروسي)، وغالبا ما يسمى الفساد خطر متساو، إن لم يكن أكبر، من هذه الحرب، على وجود دولة الأوكرانية المستقلة.
لم يظهر الفساد كظاهرة في أوكرانيا مع الاستقلال بل له مكانة على مدى قرون عديدة. لا يمكن استبعاد هذه الظاهرة كوسيلة للبقاء على قيد الحياة في ظروف القهر وانعدام الاستقلالية. لم تكن هذه الحالة فريدة من نوعها في التاريخ. المافيا الإيطالية، على سبيل المثال، تفسر أيضا كرد فعل على الهيمنة الخارجية وانعدام استقلال.
كان العهد السوفياتي أشد أزمنة قهراً. يعتقد أنه كان قاسياً خاصة في أوكرانيا (المجاعة الكبرى، القمع، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية في أوكرانيا الغربية، بما في ذلك تواصل المواجهات المسلحة حتى منتصف الخمسينات من القرن الماضي).
منذ استقلال أوكرانيا أعلن قادتها والحكومة رسمياً الكفاح ضد الفساد. ولكن لم يتم اتخاذ التدابير الحقيقية والمنتظمة والفعالة إلا بعد حادث "ميدان" في 2013-2014 وإلى حد كبير تحت ضغوط شديدة من المجتمع المدني والشركاء الأجانب (المقرضين). على وجه الخصوص، إلى حد كبير كانت مطالب الاتحاد الأوروبي المطروحة على أوكرانيا كشرط لمنحها النظام بدون التأشيرة حافزاً لاتخاذ تدابير مكافحة الفساد.
وقد تم خلق الجهات الجديدة المعنية بمكافحة الفساد مثل المكتب الوطني لمكافحة الفساد والوكالة الوطنية للوقاية من الفساد والنيابة العامة المتخصة بمكافحة الفساد. والخطوة التالية هي إنشاء محكمة مكافحة الفساد.
يجري إصلاح الشرطة وغيرها من وكالات إنفاذ القانون. واعتمد البرلمان سلسلة من القوانين الفعالة لمكافحة الفساد، بما في ذلك القانون عن بيانات الأرباح الإلكترونية للموظفين العاملين مع الجمهور والموظفين الحكوميين والخ. والنقاشات في موضوع مكافحة الفساد أصبحت عاملاً قوياً في الحياة السياسية الداخلية. وتساهم التعددية الإعلامية في أوكرانيا في إنجاز هذه المهمة. أقر البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية رسمياً أن أوكرانيا قد استوفت جميع الشروط اللازمة لمنحها النظام بدون التأشيرة.
ونظرا لفترة ديمومة الممارسات الفاسدة وعمق تغلغلها في المجتمع الأوكراني، أن مكافحة الفساد لا يمكن أن تكون سريعة. إنها تزيد تعقيداً أيضا بسبب طبيعة نظام الطغمة المالية الحاكمة في أوكرانيا، وبالتالي عدم وجود الإرادة السياسية لقيادة البلاد في هذه المعركة. ولكن بعد عام 2014 لم تعد السلطات قادرة على تجاهل مطالب المجتمع. وأنها تتمكن فقط إلى حد ما من تأخير عمليات التطهير والتحول.
أوضح السيد فلاديمير أولينيك في الختام أنه :"مع ذلك، فإن التطورات الملاحظة في الآونة الأخير تمكن لنا من إظهار عن التفاؤل الحذر والأمل في إحراز تقدم كبير في أوكرانيا في القضاء على الفساد. على الأقل، يمكن تقدم المجتمع في السنوات عقب ثورة الكرامة من الإيمان للنتائج الإيجابية في المستقبل. وفي أوائل عام 1991، كان عدد قليل من الناس يتوقع أنه إلى نهاية السنة ستصبح أوكرانيا دولة مستقلة، وتبدأ عملية الاعتراف باستقلالها على المستوى الدولي" .