طريق الحرير .. ماضي العراق الاقتصادي المشرق مع جمهورية الصين الشعبية

مقالات 11:55 24.09.2021
أجنادين نيوز  / ANN
العلاقات العراقية الصينية في ظل طريق الحرير … الماضي والحاضر ( الجزء الثاني )
 
باسم حسين غلب
كاتب وصحفي ، عضو نقابة الصحفيين العراقيين، مدير تحرير صحيفة البصرة الثقافية، معاون مدير قصر الثقافة والفنون أحد تشكيلات وزارة الثقافة العراقية
 
في الجزء الأول من المقال، تطرقنا إلى ما وصفناها بـ (المحاولات الجادة) التي تقوم بها حالياً، جمهورية الصين الشعبية ، لإعادة احياء طريق الحرير القديم ، وكيف انها بدأت عام 2004 ، بخطوات عملية جادة ، للاستفادة من ذلك الطريق التجاري الذي كان يربط الشرق بالغرب قبل أكثر من 2000 سنة تقريباً، وكيف ان تلك الخطوات، اثمرت بعد جهود حثيثة من اللقاءات والمشاورات المكثفة، بذلتها القيادة الصينية مع عدد من الدول العربية، عن تأسيس (منتدى التعاون الصيني العربي) ، وكيف استطاعت في العاشر من تموز عام 2018م ، من عقد مؤتمر شاركت فيه 21 دولة عربية ، إلا دليل على جدية الصين في تعزيز العلاقة التجارية مع الجانب العربي . وايضاً تطرقنا في المقال نفسه، إلى رغبة الجانبين (العربي والصيني) في تطوير العلاقات التجارية فيما بينهما ، عبر صندوق طريق الحرير والبنك الاسيوي للأستثمار في البنية التحتية للإستثمار في الدول العربية .
في هذه السطور لابد أن نتوقف عند حضارة العراق القديمة ودورها الاقتصادي، وتحديداً من
مملكة ميسان(*) وعلاقة تلك المملكة بطريق الحرير.
كما هو معلوم، إن الإنسان، إهتم كثيراً ومنذ القدم بالنشاط التجاري، وكان للمدن المتشاطئة دور في ازدهار ذلك النشاط مع دول العالم المختلفة، لما لها (اي المدن المتشاطئة)، من دور بالغ الأهمية في نموها وازدهارها . العراق القديم ، خاصة جنوبه نشأت على أرضه أعرق المدن واقدمها . من بينها حضارة مملكة ميسان، تشير المصادر ” أن الإسكندر المقدوني هو من بنى هذه المدينة في عام 324 ق .م ، على مرتفع اصطناعي، عند ملتقى نهر الكارون بنهر شط العرب الحالي، بعد عودته من الهند لإدراكه أهمية دور الخليج العربي التجاري والملاحي بين الشرق والغرب الذي يربط بين الهند ومدينة بابل، وأسمى هذه المدينة الجديدة (الإسكندرية) ، وكان قصد الإسكندر المقدوني أن يكون الميناء الرئيسي والمخزون المهم لتجارة الشرق، لاسيما أنه قد لمس عظم التجارة التي كانت تمر عبر الخليج العربي بين الشرق والغرب ” (1)
 
اما فيما يخص موقع تلك المملكة، فقد ” اختلفت الآراء في تحديده، فمنهم من استطاع تحديد موقع مدينة الكرخة بتلال تعرف محلياً بأسم (جبل الخيابر) الذي يقع جنوب مدينة القرنة الحالية ، عند قرية السويب في محل التقاء القناة القديمة التي تربط نهر الكرخة بشط العرب ، وتبعد حوالي 5 كم عن شاطئه الأيسر “. (2) ، الموقع (جبل خيابر) حالياً ، موضع بحث وتحري ، من قبل بعثات استكشافية وفرق عمل تابعة إلى مفتشية آثار البصرة ، بالتعاون مع بعثات إستكشاف دولية، ومن المؤمل ان تتوصل تلك البعثات إلى نتائج مذهلة ، تتعلق بتاريخ هذه المملكة ، وطبيعة تكوينها وعلاقاتها مع العالم الخارجي ، ودورها في إزدها الحضارة العربية والإنسانية، مع الصين خاصة، على مدى قرون من الزمن .
قديماً كان للبصرة دور كبير ومميز في حماية السفن التجارية القادمة إليها والمغادرة منها ، إذ ” اهتم العباسيون بتقوية الأسطول البحري لحماية التجارة القادمة من الصين والهند . وهكذا ارسل العباسيون سنة 210 هجرية / 825 م قوة كبيرة من البصرة لتطارد القراصنة الذين كانوا يتعرضون للسفن التجارية القادمة من الشرق الأقصى . إلا ان هذا النشاط التجاري من ميناء كانتون – على مايقول ابو زيد السيرافي – اصيب بنهاية عنيفة سنة 264 هجرية / 878 م عندما حاصر احد المتمردين واسمه هوانج جاو المدينة وعمل فيها النهب والسلب وقتل ذلك العدد الضخم من التجار الغرباء من ضمنهم الجالية العربية . وكان عدد من قتل من غير الصينيين 120,000 رجل ويقول ان هذا العدد معروف على وجه الدقة لأن الصينيين كانوا يحصون افراد الجالية الأجنبية من اجل الضرائب ” (3) ، بالرغم من تشكيل تلك القوة العسكرية الضاربة التي كلفت بحماية السفن ، إلا ان تعرض ميناء (كانتون) ، إلى اعمال سلب ونهب ، أثر إلى حد ما من استمرار العلاقة التجارية العربية الصينية في ذلك الوقت.
أما فيما يخص العلاقات التجارية الصينية الهندية، وتأثير تلك العلاقة على الاقتصاد العربي، يرى البعض: إن اهتمام العرب المسلمين بالعلاقة مع الهند ، يأتي من اهتمامهم بنشر الثقافة والعلوم العربية الاسلامية من جهة ، ولتوسيع مجرى العلاقات التجارية العربية مع المحيط الخارجي . ففي ” القرن الثاني الهجري كان العرب يزاولون تجارة التوابل والعاج والأحجار الكريمة بنشاط خارق وقد ادى ذلك إلى امتداد الإسلام على طول الساحل الغربي من الهند الجنوبية . وقد قامت علاقات طيبة بين التجار العرب والحكام الهنود . ولم يكن العرب الذين وصلوا إلى سواحل الهند تجاراً فحسب فقد كان فيهم ادباء وعلماء ، فهم الذين عرفوا هذه البلاد للعالم ، وكذلك الهنود انفسهم يعتمدون على التراث العربي اعتماداً واسعاً. وهم الذين قاموا بمحاولات جادة لرسم خريطة الهند وكتابة تأريخها . ” (4) . ومن هنا ، يمكن ان ندرك قيمة ودور الثقافة والأدب في العلاقة مع الهند ، ولولا تمتع الثقافة العربية بعوامل القوة ، لما جعل الهند تعتمد على التراث العربي ((اعتماداً واسعاً)) ، بحسب ما ذكر في المصادر التاريخية . ومن بين ” اعظم الرحالة العرب الذين زاروا الهند في العصور الوسطى المؤرخ العراقي والجغرافي الفذ المسعودي (ت346 هجرية / 956 م) وهو رجل عرف بحبه للإستطلاع وقضى خمسة وعشرين عاماً من حياته يسيح في مختلف الأقطار الآسيوية بما فيها الهند . ويعتبر مؤلفه العظيم (مروج الذهب ومعادن الجوهر) مصدراً غنياً عن الهند وطبيعتها وتأريخها وحضارة شعوبها . انتقل العلم العربي وخاصة علم الحديث إلى السند حيث يذكر لنا ابن سعد ان ابا حفص محدث البصرة الذي كان أول مسلم يصنف كتاباً في البصرة ذهب إلى السند في الأيام الأولى للفتح العربي وقد كان ابو حفص المذكور من تابعي التابعين ، وهو بحق يعد المرجع الرئيسي في عصره لرواية الحديث . ويرجح ان تكون مدن السند مثل ديبل وملتان والمنصورة اوائل مدن الهند التي صارت معاقل للتعليم العربي . ” (5)
إن البحث والتحري عن الامتداد التاريخي لطريق الحرير، يعد من أولويات المرحلة الاقتصادية التي يمر بها العالم، والعراق في مقدمة تلك الدول، لما له من دور مستقبلي في نمو وإزدهار العراق إقتصادياً. كما ان الطريق التجاري، موضع البحث، ليس كونه
من اقدم واعرق الطرق التجارية فحسب، بل لدور في نمو وازدهار و تطوير الجوانب الثقافية والأدبية بين حضارتين عريقتين (الصينية والعربية) ، وما تسعى له الصين حالياً ، وتحديداً من عام 2004م ، من خلال اتصالاتها ومشاوراتها ، وتبادلها التجاري والعلمي ، وبناء علاقات تجارية رصينة مع العرب وتحديداً مع دول الخليج العربي يؤكد حاجة الجانبين إلى اعادة احياء طريق الحرير وان كان بأسلوب أكثر تطوراً واعم فائدة على الجانبين، وربما هذا التحرك قد يلقي بضلاله على مجمل العلاقات الدولية (السياسية والاقتصادية والأمنية) ، وهو ما يثير حفيظة بعض الدول الكبرى التي تحاول بشكل أو بآخر ، عدم افساح المجال لهذه العلاقة ان تنمو وتتطور .
 
 
 
المصادر:
(1) المصدر مجلة سومر المجلد (53) ص 132.
(2) مملكة ميسان دولة وحضارة / د . حميد محمد حسن / دائرة الآثار والتراث / مجلة سومر – المجلد الثالث والخمسون – 2005 – 2006م . ص519
(3) المصدر السابق مملكة ميسان دولة وحضارة / د . حميد محمد حسن / دائرة الآثار والتراث / مجلة سومر – المجلد الثالث والخمسون – 2005 – 2006م .ص 521 و ص 522 .
(4) المصدر السابق مملكة ميسان دولة وحضارة / د . حميد محمد حسن / دائرة الآثار والتراث / مجلة سومر – المجلد الثالث والخمسون – 2005 – 2006م .ص 523
(5) الصدر السابق مملكة ميسان دولة وحضارة / د . حميد محمد حسن / دائرة الآثار والتراث / مجلة سومر – المجلد الثالث والخمسون – 2005 – 2006م .ص 524 وص 525
 
(*) دولة عربية الأصل نشات في الربع الأخير من القرن الثالث ق.م 225 – 220ق.م ، ودام حكمها (450) سنة ، وامتد سلطانها في بعض مراحل تأريخها من نهر الكارون حتى فم الصلح قرب مدينة الكوت ، وهذا يعني علمياً انها سيطرت على جنوب العراق كله
سامي الحاج: "أذربيجان ستكون إحدى الدول الرائدة في العالم"

أحدث الأخبار

بيان صحفي: ديمقراطية من؟ برلمان الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة ينظم فعالية في مكتب الأمم المتحدة
16:15 10.10.2024
تركيا تعلن توقيف عميل للموساد
19:00 04.09.2024
منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع تاريخية في السودان
18:00 04.09.2024
ممر زانجازور يعكر صفو التحالف الروسي ــ الإيراني
17:30 04.09.2024
فيلادلفيا... رد مصري حاد يزيد الضغط على نتنياهو
17:00 04.09.2024
بزشكيان يتحدث عن حاجة إيران إلى جراحات كثيرة
15:00 04.09.2024
رئاسة كوب 29 تطلق منصة للشفافية لدعم الدول النامية في مواجهة تغير المناخ
14:00 04.09.2024
تضامن خليجي مع مصر ضد استفزازات إسرائيل
13:00 04.09.2024
استقالات بالجملة في أوكرانيا تمهيداً لتعديل وزاري واسع
12:00 04.09.2024
بوتين في منغوليا متحديًا الجنائية الدولية
11:00 04.09.2024
السيسي يزور تركيا في أول زيارة له منذ توليه الحكم في مصر
10:00 04.09.2024
طالبان تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية
20:30 03.09.2024
زعماء أفارقة إلى الصين بحثاً عن استثمارات
20:00 03.09.2024
أونروا: تطعيم 87 ألف طفل ضد شلل الأطفال في مخيمات وسط غزة
19:30 03.09.2024
اليابان تحتج بعد دخول سفينة صينية مياهها الإقليمية
19:00 03.09.2024
الشيخة حسينة من رئيسة وزراء بنغلادش الى معضلة دبلوماسية للهند
18:30 03.09.2024
السعودية وقبرص تبحثان تعزيز التعاون في النقل والخدمات اللوجيستية
18:00 03.09.2024
التضخم السنوي في تركيا يسجل تراجعاً كبيراً في أغسطس
17:00 03.09.2024
الأمم المتحدة ستواصل التعامل مع طالبان في أفغانستان
17:00 03.09.2024
فنزويلا تفرج عن عشرات المراهقين الذين اعتقلوا خلال مظاهرات
16:00 03.09.2024
لماذا تشكل مدينة بوكروفسك الأوكرانية أهمية استراتيجية؟
15:00 03.09.2024
ماليزيا ونيوزيلندا تدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
14:00 03.09.2024
إصابة سفينتين تجاريتين بهجومين قبالة سواحل اليمن
13:00 03.09.2024
ارتفاع بورصات الخليج الرئيسية بفضل آمال خفض الفائدة
12:00 03.09.2024
اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين سوريا وإيران
11:00 03.09.2024
بوتاش التركية اتفقت مع شل على توريد الغاز المسال لمدة 10 سنوات
10:00 03.09.2024
مصر تؤكد لمجلس الأمن رفض السياسات الأحادية الإثيوبية حول سد النهضة
09:16 03.09.2024
روسيا تحيي ذكرى مرور 20 عاما على مجزرة بيسلان
19:00 02.09.2024
بولندا إحياء الذكرى 85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية
18:00 02.09.2024
الجيش الصومالي يعلن سيطرته على منطقة هلجن الحدودية مع إثيوبيا
17:30 02.09.2024
إسرائيل تشهد إضراباً شاملاً تضامناً مع أهالي المحتجزين في غزة
17:00 02.09.2024
إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز معاهدة حظر الانتشار
16:30 02.09.2024
قطر للطاقة تشيد مجمعا عالميا لإنتاج سماد اليوريا
16:00 02.09.2024
تأكيد سعودي- قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب
15:30 02.09.2024
خمسة مشاريع ضمن طرق الحرير الجديدة في أفريقيا
15:00 02.09.2024
الرئيس المكسيكي يختتم ولايته بإصلاح قضائي يثير التوتر مع واشنطن
14:00 02.09.2024
التحقيق النهائي في مروحية رئيسي يؤكد سقوطها لسوء الأحوال الجوية
13:00 02.09.2024
الإمارات تهنئ أوزبكستان بذكرى استقلالها
12:00 02.09.2024
مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن سد النهضة
10:00 02.09.2024
أردوغان يؤكد مضي تركيا قدما في تطوير مشروع القبة الفولاذية
21:00 01.09.2024
جميع الأخبار